قانون العمل Labour law مجموعة القواعد القانونية التي تحكم الروابط الخاصة الناشئة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قانون العمل Labour law مجموعة القواعد القانونية التي تحكم الروابط الخاصة الناشئة

    قانون العمل

    التعريف بقانون العمل
    الإنسان كائن اجتماعي لايستطيع أن يعيش إلا في جماعة، واستمرار حياة الإنسان الاجتماعية على الأرض يرتبط بمدى نجاحه في إشباع حاجاته. وقد بدأ عمل الإنسان متخذاً صورة بذل المجهود الشخصي الذي يكفي لسد حاجاته وتأمينها، ثم أصبح بعد ذلك، وبفعل التطور، عملاً يشبع حاجات الغير، فنشأ مايسمى بالعمل التابع المأجور، أو بعبارة أخرى نشأت علاقات العمل الفردية وكانت الحاجة من ثم إلى إيجاد قواعد تنظم هذه العلاقات، فكان قانون العمل.
    وعلى هذا يعرّف قانون العمل droit du travail بأنه «مجموعة القواعد القانونية التي تحكم الروابط الخاصة الناشئة عن القيام بعمل مقابل أجر لحساب أشخاص آخرين وتحت توجيههم وسلطتهم وإشرافهم».
    أهمية قانون العمل
    يقوم قانون العمل بدور مهم في المجتمع الحديث، وترجع هذه الأهمية إلى مالهذا القانون من آثار اجتماعية واقتصادية.
    ـ فعلى الصعيد الاجتماعي تظهر أهمية قانون العمل في أنه ينظم العلاقات بين أصحاب العمل والعمال الذي يمثلون أكثرية طوائف المجتمع عدداً؛ ذلك أن السواد الأعظم من أفراد المجتمع إنما يقومون بعمل تابع لحساب الغير، ويعتمدون في رزقهم غالباً على هذا العمل؛ مما يجعل قانون العمل بالنسبة إليهم في المقام الأول لا بل إنه يتدخل في تفاصيل حياتهم اليومية، وينعكس على حياتهم العائلية. فهو الذي يتولى تحديد ساعات العمل وأوقاته وأيام الراحة الأسبوعية والإجازات السنوية والمرضية كما ينظم أهم شيء في حياة العمال وأسرهم وهو الأجر. كما تظهر الأهمية الاجتماعية لقانون العمل في تحقيق الأمن الاجتماعي وتحقيق الانسجام والوئام داخل الدولة؛ ذلك أنه كلما ازداد تقدم هذا القانون بما يوفره للعمال من مزايا، كلما وقف حائلاً دون سخطهم وتذمرهم ضد أصحاب العمل، فيَشيع في المجتمع نوع من العدالة الاجتماعية تتمثل في إقامة التوازن بين مصالح العمال ومصالح أرباب العمل مما يحقق الاستقرار في المجتمع.
    ـ أما على الصعيد الاقتصادي فتظهر الأهمية الاقتصادية لقانون العمل في أنه يَبْسُط حماية كبيرة لمصلحة العمل ضد استغلال أصحاب العمل خاصة فيما يتعلق بالأجور؛ وذلك بهدف تمكين العمال من الحصول على أجور عادلة توفر لهم مستوى لائقاً من المعيشة. وسياسة حماية الأجور والارتفاع المستمر لها تزيد في مقدرة العمال الشرائية مما يترتب عليه زيادة في الطلب على السلع والخدمات المختلفة، فتتسع بذلك حركة الاستهلاك ويزيد الإنتاج تبعاً لهذه الحركة وهو مايؤثر في نمو الاقتصاد القومي وازدهاره.
    التطور التاريخي لقانون العمل
    مر نظام العمل عبر التاريخ بمراحل عدة:
    ـ نظام العمل في الجماعات القديمة: قام اقتصاد الجماعات القديمة في مجمله على نظام الرق، فكان العبيد يعملون لحساب سادتهم ويخضعون لهم خضوعاً مطلقاً؛ ولذلك لم يكن من شأن هذا الواقع أن يعمل على خلق نظام أو تشريع ينظم العلاقات القائمة بين هاتين الطبقتين.
    ـ نظام العمل في العصور الوسطى: مع أن نظام العمل في القرون الوسطى قد تغير عما كانت عليه الحال في المجتمعات القديمة، إلا أن هذا التغير لم يؤد إلى ظهور علاقات عمل تابعٍ بالمفهوم الحديث. فقد ساد في نطاق الزراعة نظام الإقطاع وبمقتضاه كان العمال الزراعيون تابعين بصفة دائمة للإقطاعية التي يمتلكها صاحب الأرض؛ فقضت هذه التبعية الدائمة على حق العمال في اختيار العمل الذي يريدونه وعلى حريتهم في تركه. وفي الصناعة ساد نظام الطوائف، حيث عمد أرباب كل حرفة إلى تكوين طائفة فيما بينهم لتنظيم شؤونها وتحديد مراتب المشتغلين بها وقواعد الترقي بين أفرادها.
    ـ نظام العمل في عهد الرأسمالية الحرة: أدى قيام الثورة الفرنسية إلى انقضاء عهدي الإقطاع والطوائف، وإطلاق مبدأ الحريات العامة، ومنها حرية العمل؛ وساد نتيجة لذلك مبدأ سلطة الإرادة، وأصبحت علاقات العمل محكومة بعقد العمل المبرم بين العامل ورب العمل، وما على الدولة إلا أن تكفل احترام إرادة الطرفين من دون تدخل في تنظيم هذه العلاقات. إلا أن إطلاق الحريات العامة وسيادة مبدأ سلطان الإرادة أدى إلى ظهور مساوئ كثيرة في مجال العمل الذي أصبح سلعة تخضع كغيرها من السلع لقانون العرض والطلب. ولما كان عرض العمالة كبيراً دائماً فقد استغل أرباب العمل حاجة العمال إلى الأجر فأملوا شروطهم عليهم، وساءت من ثم أحوال العمال المادية والصحية؛ الأمر الذي جعل من الواجب أن يتدخل المشرع لتنظيم علاقات هؤلاء العمال بأرباب العمل بما يكفل الاستقرار والسلام في المجتمع.
    ـ تدخل المشرع ونشوء قانون العمل: إزاء ماترتب على المذهب الحر من آثار، وأمام الحالة السيئة التي وجد فيها العمال، والظلم الذي حلّ بهم؛ كان لابد من تدخل المشرع في مجال علاقات العمل ليحد من حرية الطرفين، وخاصة من تحكم أصحاب العمل؛ ومن هنا كانت نشأة قانون العمل. وتجدر الإشارة إلى أن تدخل المشرع في تنظيم المسائل الخاصة بعلاقة العمل يرجع إلى عوامل متعددة ومنها: الضغط العمالي نتيجة تكتلهم وانتسابهم إلى النقابات والأحزاب السياسية، وظهور المذاهب الاشتراكية.
    خصائص قانون العمل
    يتميز قانون العمل بخصائص كثيرة أهمها:
    ـ الطابع الواقعي لقانون العمل: ترجع نشأة قانون العمل إلى ضرورة رعاية مصالح العمال في ظروف معيشتهم، ولهذا كان لابد لقانون العمل من أن يتميز بطابع واقعي؛ حتى يستطيع أن يقترب قدر الإمكان من كل فئة من فئات العمال. ويقصد بالطابع الواقعي أن موجبات قانون العمل تقتضي عدم المغالاة في التجريد والتعميم حتى يمكن التنويع في الأحكام لمواجهة جميع الظروف المتصلة بعلاقات العمل. فالمشرع لاينظر إلى العمل في ذاته ليضع قواعد عامة تطبق من دون حسبان لنوع العمل أو لصفة القائم به، فهو يحرص على أن يأخذ في الحسبان تحقيق التلاؤم بين طبيعة العمل وظروف كل من العامل وصاحب العمل. وظروف العمل في الصناعة تختلف عما هي عليه في الزراعة. وظروف العمل بالنسبة للرجل العامل تختلف عن ظروف المرأة العاملة أو ظروف الحدث العامل.
    ـ الصفة الآمرة لقانون العمل: لما كان هدف المشرع من تدخله لتنظيم علاقات العمل هو حماية العامل بقصد إقرار السلم الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية. فإن هذه الحماية لن تتحقق إلا بغرض تنظيم آمر لهذه العلاقات، ومن دون هذه الصفة الآمرة لقواعد قانون العمل فإن رب العمل يستطيع بحكم مركزه الاقتصادي القوي أن يفرض شروط العمل التي يراها على العامل، ولن يكون أمام العامل لحاجته للأجر إلا القبول بهذه الشروط ولو تضمنت انتقاصاً مما يقرره القانون له من ضمانات؛ من هنا جاءت معظم التشريعات في العالم لتقر إعلان بطلان كل شرط يخالف أحكام قانون العمل فيما لو جاءت تلك الشروط في عقود العمل المبرمة بين العامل وصاحب العمل تنتقص من مزايا وحقوق العامل المقررة قانوناً.
    موضوعات قانون العمل
    صدر قانون العمل النافذ بسورية بموجب قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 91 لعام 1959.
    وقد وزعت الأحكام على سبعة أبواب:
    ـ الباب الأول: تضمن تعريفات وأحكاماً عامة، وعرض موضوعات توظيف وتخديم العاملين، والتأهيل المهني وتنظيم عمل الأجانب.
    ـ الباب الثاني: خصّص لأحكام التدرج والتدريب المهني، وعقد العمل الفردي وعقد العمل المشترك.
    ـ الباب الثالث: بحث في تنظيم العمل لجهة تحديد ساعاته،و تشغيل الأحداث،و تشغيل النساء،و تشغيل العمال في المناجم والمحاجر.
    ـ الباب الرابع: وقد عالج موضوع نقابات العمال.
    ـ الباب الخامس: وقد تناول التوفيق والتحكيم في منازعات العمل.
    ـ الباب السادس: وقد نظم في تفتيش العمل.
    ـ الباب السابع: وقد أورد العقوبات الممكن تطبيقها على مخالفات العمل.
    ثم صدر المرسوم التشريعي رقم 49 لعام 1962 المتعلق بأصول تسريح العمال.
    إلياس حداد
يعمل...
X