ابن قَسِيَ
(…ـ 546هـ/… ـ 1152م)
أبو القاسم أحمد بن الحسين المعروف بابن قسي، ولد بالقرب من مدينة شلب بغرب الأندلس، وهو من أصل رومي. عمل ردحاً من الزمن في الإدارة العامة في عصر المرابطين، ثم ترك عمله لينصرف إلى التصوف الذي كان قد انتشر في الأندلس على نحو لافت، فلقى ابن العريف أحمد بن محمد الصنهاجي الذي كان له مركز للتصوف بمدينة المرية جنوبي الأندلس فصار من مريديه.
تعود الحركة الصوفية التي قادها ابن العريف ومريدوه بجذورها إلى مدرسة ابن مَسَّرة، والتي ظهرت في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي، بقرطبة، وانتعشت في عهد المرابطين في المرية. وتقوم هذه الحركة على ممارسات معينة مثل التوبة، والفقر، والتوكل، والانقباض والانبساط، وهي تريد أن تصل بأتباعها إلى حالة الفناء بالشهود أي أن تصل إلى حال لا يحضر في شهوده إلا الله، وبذلك يكون أتباع هذه الحركة، ومنهم ابن قسي، قد تحولوا إلى أشخاص يشبهون في أعمالهم الأئمة من رجال الدين، وبالتالي تحوِّل أتباعهم إلى الولاء لهم بدلاً من الولاء للمرابطين، فاصطدم أتباع ابن العريف بجمهرة الفقهاء الذين كانت لهم الكلمة العليا في عصر المرابطين في شؤون الدولة والمجتمع، فلاحقتهم السلطة المرابطية بتهمة الهرطقة وسجن ابن العريف واثنان من مريديه وهما الميورقي وابن برجان، فتوفي الأخير في السجن ويقال إن ابن العريف مات مسموماً بعد خروجه من السجن، فقام ابن قَسي بعد وفاة ابن العريف بنقل حركة المريدين الصوفية إلى مدينة شلب، وأشرف بنفسه على أتباعه متظاهراً بالانكباب على قراءة كتب أبي حامد الغزالي، ثم ادّعى الهداية وتسمّى بالإمام، وفي سنة 539هـ/1145م، أمر أصحابه من المريدين، أن يسيروا مع محمد بن يحيى الشلطيشي المعروف بابن القابلة، وكان يسميه المصطفى لاختصاصه الكلي بكتابته واطلاعه على أموره، ويهاجموا قلعة ميرتلة، من أعمال مدينة باجه بالبرتغال اليوم، إلى الغرب من قرطبة، وقد تمكّن المريدون من السيطرة على القلعة سابقة الذكر، وأيّدهم أهل يابره ثم أهل شلب، وخُلع ابن قَسِيّ وأُعيد إلى حكم ميرتلة مرات عدة، حتى أُجبر على مغادرة الأندلس، فتوجّه إلى مدينة سلا بالمغرب الأقصى (المملكة المغربية اليوم)، وتبرأ أَمامَ الموحدين من كل ما كان يدعيه ويعمل لأجله، واشترك معهم في السيطرة على الجزيرة الخضراء وطرد المرابطين منها، ثم عاد بعد ذلك إلى شلب بمساعدة الموحدين، ومنها اتصل بألفونسو هنريك المعروف بابن الريق ملك البرتغال، وكانت البرتغال إذ ذاك مملكة حديثة الانفصال عن مملكة قشتالة وليون، واتفق الاثنان على التعاون، لكن أهل شلب أنكروا عليه هذا التعاون المشين، فقتلوه سنة 546هـ/1152م، ونصبوا مكانه أبا الوليد محمد بن المنذر.
استطاع ابن قَسِيّ، أن يتابع مسيرة ابن العريف في نشر مبادئ حركة المريدين الصوفية، عبر الكتب التي ألفها وبمساعدة أسلوب الجدية والحسم، الذي اتبعه مع الأتباع، فانتشرت مبادئ هذه الحركة على نطاق واسع، إلى درجة أن ولي عهد المرابطين تاشفين بن علي، كان متأثراً بهذه المبادئ، وقيل إنه كان يقرأ كتب المريدين.
علي أحمد
(…ـ 546هـ/… ـ 1152م)
أبو القاسم أحمد بن الحسين المعروف بابن قسي، ولد بالقرب من مدينة شلب بغرب الأندلس، وهو من أصل رومي. عمل ردحاً من الزمن في الإدارة العامة في عصر المرابطين، ثم ترك عمله لينصرف إلى التصوف الذي كان قد انتشر في الأندلس على نحو لافت، فلقى ابن العريف أحمد بن محمد الصنهاجي الذي كان له مركز للتصوف بمدينة المرية جنوبي الأندلس فصار من مريديه.
تعود الحركة الصوفية التي قادها ابن العريف ومريدوه بجذورها إلى مدرسة ابن مَسَّرة، والتي ظهرت في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي، بقرطبة، وانتعشت في عهد المرابطين في المرية. وتقوم هذه الحركة على ممارسات معينة مثل التوبة، والفقر، والتوكل، والانقباض والانبساط، وهي تريد أن تصل بأتباعها إلى حالة الفناء بالشهود أي أن تصل إلى حال لا يحضر في شهوده إلا الله، وبذلك يكون أتباع هذه الحركة، ومنهم ابن قسي، قد تحولوا إلى أشخاص يشبهون في أعمالهم الأئمة من رجال الدين، وبالتالي تحوِّل أتباعهم إلى الولاء لهم بدلاً من الولاء للمرابطين، فاصطدم أتباع ابن العريف بجمهرة الفقهاء الذين كانت لهم الكلمة العليا في عصر المرابطين في شؤون الدولة والمجتمع، فلاحقتهم السلطة المرابطية بتهمة الهرطقة وسجن ابن العريف واثنان من مريديه وهما الميورقي وابن برجان، فتوفي الأخير في السجن ويقال إن ابن العريف مات مسموماً بعد خروجه من السجن، فقام ابن قَسي بعد وفاة ابن العريف بنقل حركة المريدين الصوفية إلى مدينة شلب، وأشرف بنفسه على أتباعه متظاهراً بالانكباب على قراءة كتب أبي حامد الغزالي، ثم ادّعى الهداية وتسمّى بالإمام، وفي سنة 539هـ/1145م، أمر أصحابه من المريدين، أن يسيروا مع محمد بن يحيى الشلطيشي المعروف بابن القابلة، وكان يسميه المصطفى لاختصاصه الكلي بكتابته واطلاعه على أموره، ويهاجموا قلعة ميرتلة، من أعمال مدينة باجه بالبرتغال اليوم، إلى الغرب من قرطبة، وقد تمكّن المريدون من السيطرة على القلعة سابقة الذكر، وأيّدهم أهل يابره ثم أهل شلب، وخُلع ابن قَسِيّ وأُعيد إلى حكم ميرتلة مرات عدة، حتى أُجبر على مغادرة الأندلس، فتوجّه إلى مدينة سلا بالمغرب الأقصى (المملكة المغربية اليوم)، وتبرأ أَمامَ الموحدين من كل ما كان يدعيه ويعمل لأجله، واشترك معهم في السيطرة على الجزيرة الخضراء وطرد المرابطين منها، ثم عاد بعد ذلك إلى شلب بمساعدة الموحدين، ومنها اتصل بألفونسو هنريك المعروف بابن الريق ملك البرتغال، وكانت البرتغال إذ ذاك مملكة حديثة الانفصال عن مملكة قشتالة وليون، واتفق الاثنان على التعاون، لكن أهل شلب أنكروا عليه هذا التعاون المشين، فقتلوه سنة 546هـ/1152م، ونصبوا مكانه أبا الوليد محمد بن المنذر.
استطاع ابن قَسِيّ، أن يتابع مسيرة ابن العريف في نشر مبادئ حركة المريدين الصوفية، عبر الكتب التي ألفها وبمساعدة أسلوب الجدية والحسم، الذي اتبعه مع الأتباع، فانتشرت مبادئ هذه الحركة على نطاق واسع، إلى درجة أن ولي عهد المرابطين تاشفين بن علي، كان متأثراً بهذه المبادئ، وقيل إنه كان يقرأ كتب المريدين.
علي أحمد