القفلة (في الموسيقى)
القفلة أو القفل في الغناء العربي، اصطلاحاً، مقطع لحني يتخلل مقاطع الأغنية أو يُنبئ بنهايتها، وله خصوصية لايستطيع أي مغنٍ أو مطرب أن يؤدي القفلة إلا إذا كان يملك قدرات فنية عالية. وملحن القفلة الوحيد الذي يرجع إليه سائر المشتغلين بصناعة الطرب هو رياض السنباطي. وكما يقول محمد عبد الوهاب في أوراقه الخاصة جداً التي نشرت بعد وفاته «لا يمكن للسنباطي أن يلحن جملة غنائية من غير أن ينهيها بقفلة ساخنة، معقدة تحتاج لصوت فيه ذبذبات معينة، لتكون القفلة مثيرة وحارة»، وهذه القفلات من الصعب كتابتها وتدوينها بالنوطة الموسيقية؛ لأن الإحساس الشخصي لكل مؤدٍ له دور كبير في أدائها فتختلف من شخص إلى آخر.
والقفلة هي سمة خاصة في الغناء العربي، وستظل بعيدة عن الألوان الغنائية الجديدة والأصوات التي تؤديها؛ لأن أداء القفلات يحتاج إلى خبرة وتجربة وممارسة طويلة، وإذا ظلت الأصوات الجديدة عاجزة عن أدائها فإنها ستختفي وتغدو شكلاً من أشكال الأداء القديم-التراثي- وسيحل محلها قفلات أخرى لاعلاقة لها بالقفل التطريبي الذي يهز المشاعر.
السنباطي أقدر ملحن على تجهيز لحنه وتحضير مستمعيه للقفل، فهو يحضر للقفلة تحضيراً محكماً ومنطقياً، حيث إن المستمع إليها يبدو وكأنه يعرفها قبلاً أو كأنه هو لحنها. وهو في ألحانه لأم كلثوم نجد الجمهور يصفق قبل أن تقفل لأن السنباطي جهزها وحبكها ومنطقها حيث يعتقد السامع إنه قد سمعها قبل أن يسمعها... سمعها في إحساسه وتفكيره، فهو يصفق لما ستؤديه ويعلمه مسبقاً. هناك مطربون ومطربات يسيئون التعبير، والجمهور صامت، فيصفق مجاملةً لا شعوراً بالنهاية الجميلة أو السعيدة.
لاتوجد قاعدة ما للقفلة يمكن اتباعها لأنها خاصة، تنبع من الملحن ومن رؤيته لما يلحن، فحينما يلحن ملحن ما بسلاسة ومنطق يكون فعلاً قد لحن قفلة وربح تصفيق الجمهور. أبرع من لحن القفل بإبداع كبير: رياض السنباطي وزكريا أحمد ومحمد عبد الوهاب، وبليغ حمدي وزكي محمد وصفوان بهلوان.
أما القفلة (كادنس) Cadence أو (كادنتسا) cadenza، في الموسيقى الغربية، فهي مصطلح موسيقي يختلف كلياً عن القفلة في الموسيقى العربية، فهو محط آلي (للآلات الموسيقية) أو غنائي، وهو في نوعين: انسجامي (هارموني)، ولحني؛ فالمحط الانسجامي (كادنس) يتشكل من اتفاقات عدة [ر. الانسجام] متسلسلة تنبئ بختام عمل موسيقي ما أو مقطع منه، وهو في أنواع عدة مثل التام والناقص والوهمي plagale وغيره، ومن أهمه: المحط التام، وهو يتشكل من اتفاقي الخامسة والأولى (في السلم الموسيقي) المتواليين. أما المحط اللحني (كادنتسا- وهي المقابل الإيطالي المفضل له) فهو فاصل موسيقي، يؤديه مغنٍ في الأوبرا[ر] مثلاً أو عازف منفرد solo، يندرج في بعض حركات الحوارية[ر] (الكونشرتو) concerto، وغالباً ما يتخلل هذا الفاصل في الحركة[ر. السوناتا] الأولى من الحوارية، فينطلق العازف أو المغني في أداء منفرد، على غرار التقاسيم في الموسيقى الشرقية، فيبتكر (إذا كان عازفاً) من ألحان حركة الحوارية التي تؤديها الأوركسترا مزيداً من الألحان، فيصول ويجول في عزفه من دون أن يخرج عن جو هذه الحركة، فيظهر براعته ومهارته، وخاصة في الانتقالات المقامية[ر.الموسيقى]. ويشترط في عازف الكادنتسا أن يبدأها من الدرجة الخامسة لمقام الحوارية، فإذا فرضنا أن مقامها هو دو الكبير Major، فإن على العازف المنفرد أن يبدأ المحط من الدرجة الخامسة أي من درجة صول، وأن يسلم الأوركسترا عند انتهائه من الأداء من درجة المقام دو، حيث ينهيان (العازف المنفرد والأوركسترا) أو يتابعان معاً الأداء حتى النهاية.
ظلت الكادنتسا رهناً بقدرات العازفين البارعين الذين كانوا في ثقافتهم وفكرهم الموسيقي يقلون كثيراً عن براعتهم في العزف، لذا نجد مؤلفين من أمثال موتسارت[ر] Mozart، وبتهوفن[ر] Beethoven، وليست[ر] Liszt، وشوبان[ر] Chopin وغيرهم يكتبون الكادنتسا لمقطوعاتهم خوفاً من إساءة العازفين لفكرهم الموسيقي. وكان العازفون البارعون من الذين يملكون فكراً خلاقاً لا يعبؤون بالمحط اللحني المكتوب لهم، فيظهرون براعتهم وقدراتهم بما يبتكرونه من ارتجالات تتفق والفكر الذي تحمله ألحان الحركة التي يمارسون الأداء فيها، وذلك على نحو ما فعل العازف الهنغاري يواكيم J.Joachim في حوارية الكمان والأوركسترا لبرامز[ر] Brahms التي تعد واحدة من أهم مؤلفات الحوارية، وكما فعل العازف هوبرمان B.Hubermann في حوارية بتهوفن للكمان، والإنكليزي جون ليل J.Lill في حوارية البيانو والأوركسترا لغريغ[ر] Grieg والنمسوي باكهاوس W.Backhaus في الحوارية الثانية للبيانو والأوركسترا لبرامز.
صميم الشريف
القفلة أو القفل في الغناء العربي، اصطلاحاً، مقطع لحني يتخلل مقاطع الأغنية أو يُنبئ بنهايتها، وله خصوصية لايستطيع أي مغنٍ أو مطرب أن يؤدي القفلة إلا إذا كان يملك قدرات فنية عالية. وملحن القفلة الوحيد الذي يرجع إليه سائر المشتغلين بصناعة الطرب هو رياض السنباطي. وكما يقول محمد عبد الوهاب في أوراقه الخاصة جداً التي نشرت بعد وفاته «لا يمكن للسنباطي أن يلحن جملة غنائية من غير أن ينهيها بقفلة ساخنة، معقدة تحتاج لصوت فيه ذبذبات معينة، لتكون القفلة مثيرة وحارة»، وهذه القفلات من الصعب كتابتها وتدوينها بالنوطة الموسيقية؛ لأن الإحساس الشخصي لكل مؤدٍ له دور كبير في أدائها فتختلف من شخص إلى آخر.
والقفلة هي سمة خاصة في الغناء العربي، وستظل بعيدة عن الألوان الغنائية الجديدة والأصوات التي تؤديها؛ لأن أداء القفلات يحتاج إلى خبرة وتجربة وممارسة طويلة، وإذا ظلت الأصوات الجديدة عاجزة عن أدائها فإنها ستختفي وتغدو شكلاً من أشكال الأداء القديم-التراثي- وسيحل محلها قفلات أخرى لاعلاقة لها بالقفل التطريبي الذي يهز المشاعر.
السنباطي أقدر ملحن على تجهيز لحنه وتحضير مستمعيه للقفل، فهو يحضر للقفلة تحضيراً محكماً ومنطقياً، حيث إن المستمع إليها يبدو وكأنه يعرفها قبلاً أو كأنه هو لحنها. وهو في ألحانه لأم كلثوم نجد الجمهور يصفق قبل أن تقفل لأن السنباطي جهزها وحبكها ومنطقها حيث يعتقد السامع إنه قد سمعها قبل أن يسمعها... سمعها في إحساسه وتفكيره، فهو يصفق لما ستؤديه ويعلمه مسبقاً. هناك مطربون ومطربات يسيئون التعبير، والجمهور صامت، فيصفق مجاملةً لا شعوراً بالنهاية الجميلة أو السعيدة.
لاتوجد قاعدة ما للقفلة يمكن اتباعها لأنها خاصة، تنبع من الملحن ومن رؤيته لما يلحن، فحينما يلحن ملحن ما بسلاسة ومنطق يكون فعلاً قد لحن قفلة وربح تصفيق الجمهور. أبرع من لحن القفل بإبداع كبير: رياض السنباطي وزكريا أحمد ومحمد عبد الوهاب، وبليغ حمدي وزكي محمد وصفوان بهلوان.
أما القفلة (كادنس) Cadence أو (كادنتسا) cadenza، في الموسيقى الغربية، فهي مصطلح موسيقي يختلف كلياً عن القفلة في الموسيقى العربية، فهو محط آلي (للآلات الموسيقية) أو غنائي، وهو في نوعين: انسجامي (هارموني)، ولحني؛ فالمحط الانسجامي (كادنس) يتشكل من اتفاقات عدة [ر. الانسجام] متسلسلة تنبئ بختام عمل موسيقي ما أو مقطع منه، وهو في أنواع عدة مثل التام والناقص والوهمي plagale وغيره، ومن أهمه: المحط التام، وهو يتشكل من اتفاقي الخامسة والأولى (في السلم الموسيقي) المتواليين. أما المحط اللحني (كادنتسا- وهي المقابل الإيطالي المفضل له) فهو فاصل موسيقي، يؤديه مغنٍ في الأوبرا[ر] مثلاً أو عازف منفرد solo، يندرج في بعض حركات الحوارية[ر] (الكونشرتو) concerto، وغالباً ما يتخلل هذا الفاصل في الحركة[ر. السوناتا] الأولى من الحوارية، فينطلق العازف أو المغني في أداء منفرد، على غرار التقاسيم في الموسيقى الشرقية، فيبتكر (إذا كان عازفاً) من ألحان حركة الحوارية التي تؤديها الأوركسترا مزيداً من الألحان، فيصول ويجول في عزفه من دون أن يخرج عن جو هذه الحركة، فيظهر براعته ومهارته، وخاصة في الانتقالات المقامية[ر.الموسيقى]. ويشترط في عازف الكادنتسا أن يبدأها من الدرجة الخامسة لمقام الحوارية، فإذا فرضنا أن مقامها هو دو الكبير Major، فإن على العازف المنفرد أن يبدأ المحط من الدرجة الخامسة أي من درجة صول، وأن يسلم الأوركسترا عند انتهائه من الأداء من درجة المقام دو، حيث ينهيان (العازف المنفرد والأوركسترا) أو يتابعان معاً الأداء حتى النهاية.
ظلت الكادنتسا رهناً بقدرات العازفين البارعين الذين كانوا في ثقافتهم وفكرهم الموسيقي يقلون كثيراً عن براعتهم في العزف، لذا نجد مؤلفين من أمثال موتسارت[ر] Mozart، وبتهوفن[ر] Beethoven، وليست[ر] Liszt، وشوبان[ر] Chopin وغيرهم يكتبون الكادنتسا لمقطوعاتهم خوفاً من إساءة العازفين لفكرهم الموسيقي. وكان العازفون البارعون من الذين يملكون فكراً خلاقاً لا يعبؤون بالمحط اللحني المكتوب لهم، فيظهرون براعتهم وقدراتهم بما يبتكرونه من ارتجالات تتفق والفكر الذي تحمله ألحان الحركة التي يمارسون الأداء فيها، وذلك على نحو ما فعل العازف الهنغاري يواكيم J.Joachim في حوارية الكمان والأوركسترا لبرامز[ر] Brahms التي تعد واحدة من أهم مؤلفات الحوارية، وكما فعل العازف هوبرمان B.Hubermann في حوارية بتهوفن للكمان، والإنكليزي جون ليل J.Lill في حوارية البيانو والأوركسترا لغريغ[ر] Grieg والنمسوي باكهاوس W.Backhaus في الحوارية الثانية للبيانو والأوركسترا لبرامز.
صميم الشريف