الفن التشكيلي العربي المعاصر
الفن التشكيلي العربي ( Arabic plastic art )
الفن التشكيلي العربي المعاصر
بعد أن بلغت الدولة الإسلامية شأنًا عظيمًا، جاءت عصور الانحطاط فتفرَّق العرب، وتفرَّق المسلمون وتتالت عصور الضعف، وتزامن هذا مع نهضة أوروبا وقوتها، فطمعت في البلاد العربية، واستعمرت عددًا لا يُستهان به منها.
وكان طبيعيًا أن يحاول المستعمر نشر ثقافته وفنه ؛ فانتشرت أساليب الفن الغربي في البلاد العربية، وأنشئت المدارس والكليات لتدريس الفنون التشكيلية بالطريقة الغربية.
وعملت الدول الأوروبية على إرسال الفنانين التشكيليين البارزين في الأقطار العربية التي كانت تستعمرها، ليدرسوا الفنون هناك بتعمّق. وعاد هؤلاء ليقوموا بالتدريس في مدارس الفنون وكلياتها وأكاديمياتها.
وكان لهذا أثر كبير في تغيير ملامح الفن التشكيلي العربي المعاصر ؛ فقد ترك الفن الأوروبي المعاصر بَصَمات واضحة على الفن العربي الذي أنتج في هذا العصر الحديث.
وانقسم الفنانون التشكيليون في الوطن العربي إلى ثلاثة أقسام:
رأى الفريق الأول أن الفن العربي المعاصر ينبغي أن ينتهج نهج الفن الأوروبي المعاصر، وأن يَعُدَّ الفنان التشكيلي العربي المعاصر الفن الأوروبي المثال الذي ينبغي أن يُحْتذى، فهو فن عريق مُؤصَّل، له وسائله وتقنياته وأساليبه المنظمة. وهو يعبر عن روح العصر بهذه الصَّرْعات الفنية، والمدارس المتجددة المتلاحقة اللاهثة.
ورفض آخرون هذا الفن كما رفضوا أصحابه المستعمرين، وأبعدوهم عن البلاد العربية، وطالبوا بأن يعودوا لفنونهم العربية وإرثهم الشعبيّ، يستلهمونه ويُنتجون فنًا عربيًا أصيلاً مبنيًا على تراثهم العربي الإسلامي التليد.
وتوسط فريق ثالث بين الرأيين السابقين، ورأى أن يدرس الفن الغربي وأساليبه وتقنياته ووسائله المتقدمة، ويتخيَّر منها ما يُلائمه ويُساعده على إحياء تراثه العربي الإسلامي.
وظلَّت هذه الآراء الثلاثة تتصارع منذ بداية القرن العشرين في أغلب البلاد العربية. وأصبح الفن التشكيلي العربي المعاصر متنوعًا من حيث المحتوى والشكل. فمن حيث المحتوى يُلاحَظ أن الفنانين التشكيليين المعاصرين في البلاد العربية أصبحوا يُعالجون موضوعات متنوعة تندرج من المستوى المحلي إلى المستوى الإقليمي إلى المستوى العالمي. ومن حيث الشكل فقد وجدت كل المدارس الفنية الأوروبية الحديثة والمعاصرة طريقها إلى الفنانين التشكيليين العرب، فظهرت المدارس الانطباعية والتكعيبية والتعبيرية والتجريدية، بل وحتى المفاهيمية والواقعية المغالية، السائدة في العقد الأخير من القرن العشرين، في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. ومن الملاحظ أن المدرسة السيريالية قد انتشرت أكثر من غيرها. ونرى آثارها في أعمال كثير من الفنانين التشكيليين العرب المعاصرين.
واستطاع كثير من الفنانين التشكيلين العرب أن يُثبتوا وجودهم، وأن يُنافسوا على المستوى العالمي، ويُحققوا نجاحًا ملموسًا.
وعلى هذا فإن الفن التشكيلي العربي المعاصر يعيش فترة حرجة من عمره. ومن الصعب جدًا أن نجد سِمات مشتركة في إنتاج الفنانين التشكيليين العرب تُميزهم عن فنَّاني العالم. بل من الصعب أن نجد سِمات مشتركة بين فنّاني البلد الواحد في هذه الأيام. ومما زاد الأمر التباسًا أن بعض الفنانين الأوروبيين المعاصرين أمثال هنري ماتيس وبول كلي وغيرهم، قد زاروا بعض البلاد العربية، وأنتجوا أعمالا تُعَبِّر عنها. واشتهرت أعمالهم في الغرب ؛ لأنها استطاعت أن تُعبِّر عن روح البيئة العربية. وقد اختلف هؤلاء الفنانون الأوروبيون عن أسلافهم الفنانين المستشرقين الذين صوَّروا بعض الأقطار العربية في القرن الماضي بطريقة واقعية أو رومانسية.
وعلى كل، فهناك محاولات جادة من بعض الفنانين التشكيليين العرب المعاصرين لإيجاد جامع يجمعهم، وأسلوب يُمَيِّزهم عن غيرهم، ويحقق نوعًا من الوحدة والترابط بين الفنانين التشكيليين العرب.
الفن التشكيلي العربي ( Arabic plastic art )
الفن التشكيلي العربي المعاصر
أحد المجسمات الجمالية المنتشرة في مدينة جدة. |
وكان طبيعيًا أن يحاول المستعمر نشر ثقافته وفنه ؛ فانتشرت أساليب الفن الغربي في البلاد العربية، وأنشئت المدارس والكليات لتدريس الفنون التشكيلية بالطريقة الغربية.
وعملت الدول الأوروبية على إرسال الفنانين التشكيليين البارزين في الأقطار العربية التي كانت تستعمرها، ليدرسوا الفنون هناك بتعمّق. وعاد هؤلاء ليقوموا بالتدريس في مدارس الفنون وكلياتها وأكاديمياتها.
وكان لهذا أثر كبير في تغيير ملامح الفن التشكيلي العربي المعاصر ؛ فقد ترك الفن الأوروبي المعاصر بَصَمات واضحة على الفن العربي الذي أنتج في هذا العصر الحديث.
وانقسم الفنانون التشكيليون في الوطن العربي إلى ثلاثة أقسام:
المكبس، (جبس) الفنان سامي محمد 100×80×35سم، عام 1979م. |
ورفض آخرون هذا الفن كما رفضوا أصحابه المستعمرين، وأبعدوهم عن البلاد العربية، وطالبوا بأن يعودوا لفنونهم العربية وإرثهم الشعبيّ، يستلهمونه ويُنتجون فنًا عربيًا أصيلاً مبنيًا على تراثهم العربي الإسلامي التليد.
وتوسط فريق ثالث بين الرأيين السابقين، ورأى أن يدرس الفن الغربي وأساليبه وتقنياته ووسائله المتقدمة، ويتخيَّر منها ما يُلائمه ويُساعده على إحياء تراثه العربي الإسلامي.
وظلَّت هذه الآراء الثلاثة تتصارع منذ بداية القرن العشرين في أغلب البلاد العربية. وأصبح الفن التشكيلي العربي المعاصر متنوعًا من حيث المحتوى والشكل. فمن حيث المحتوى يُلاحَظ أن الفنانين التشكيليين المعاصرين في البلاد العربية أصبحوا يُعالجون موضوعات متنوعة تندرج من المستوى المحلي إلى المستوى الإقليمي إلى المستوى العالمي. ومن حيث الشكل فقد وجدت كل المدارس الفنية الأوروبية الحديثة والمعاصرة طريقها إلى الفنانين التشكيليين العرب، فظهرت المدارس الانطباعية والتكعيبية والتعبيرية والتجريدية، بل وحتى المفاهيمية والواقعية المغالية، السائدة في العقد الأخير من القرن العشرين، في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. ومن الملاحظ أن المدرسة السيريالية قد انتشرت أكثر من غيرها. ونرى آثارها في أعمال كثير من الفنانين التشكيليين العرب المعاصرين.
من مجموعة صدى الذكرى للفنان راشد دياب، أكرليك على القماش 61×50سم، 1996م. |
وعلى هذا فإن الفن التشكيلي العربي المعاصر يعيش فترة حرجة من عمره. ومن الصعب جدًا أن نجد سِمات مشتركة في إنتاج الفنانين التشكيليين العرب تُميزهم عن فنَّاني العالم. بل من الصعب أن نجد سِمات مشتركة بين فنّاني البلد الواحد في هذه الأيام. ومما زاد الأمر التباسًا أن بعض الفنانين الأوروبيين المعاصرين أمثال هنري ماتيس وبول كلي وغيرهم، قد زاروا بعض البلاد العربية، وأنتجوا أعمالا تُعَبِّر عنها. واشتهرت أعمالهم في الغرب ؛ لأنها استطاعت أن تُعبِّر عن روح البيئة العربية. وقد اختلف هؤلاء الفنانون الأوروبيون عن أسلافهم الفنانين المستشرقين الذين صوَّروا بعض الأقطار العربية في القرن الماضي بطريقة واقعية أو رومانسية.
وعلى كل، فهناك محاولات جادة من بعض الفنانين التشكيليين العرب المعاصرين لإيجاد جامع يجمعهم، وأسلوب يُمَيِّزهم عن غيرهم، ويحقق نوعًا من الوحدة والترابط بين الفنانين التشكيليين العرب.