المراكز الرئيسية في الجملة العصبية
ولو قارنا بين الانسان وغيره من الحيوانات لالفينا جملته العصبية تزيد على غيرها في الاشتباك والتركيب . ونحن ذاكرون هنا شيئاً من هذه المقارنة ليتضح لك مبلغ ما وصل
اليه من الانسان من النمو بالنسبة إلى سائر الحيوانات مخ
۱ - نسبة وزن المخ إلى وزن الجسد أعظم عند الانسان منها عند الحيوان (١)
۲ - كلما ارتقى الحيوان ازداد نمو مخه بالنسبة إلى أقسام الدماغ الاخرى . ٣ - ناحية الجبهة في مخ الانسان العصري أكثر نمواً من جبهة الانسان القديم
٤ ـ كلما ارتقيت من حيوان أدنى إلى حيوان أعلى ازداد نمو قشرة المخ واتسع
سطحها (٢)
ه - ويمتاز مخ الانسان على غيره باختلاف تركيب نواحي القشرة . فقد عين العلماء اليوم في مخ الانسان اكثر من خمسين ناحية ، كل واحدة منها مختلفة عن الأخرى
بتركيبها ونسيجها . واختلاف هذه النواحي بالنسيج والتركيب أكثر قيمة في نظر علماء العصر من ازدياد تلافيف المخ .
٦ - يمتاز مخ الانسان أيضاً بكثرة الألياف التي تربط التلافيف والنواحي بعضها ببعض . فمن هذه الألياف ما هو طويل ومنها ما هو قصير ؛ الا انها تؤلف شبكة دقيقة النسج لا مثيل لها ( شكل - ٨ ) .
فها أنت ترى أن لنمو المخ علاقة كبيرة بنمو الفكر ، وان الشعور تابع للجملة العصبية . فاذا زالت الجملة العصبية والغدد الداخلية زال الشعور والتفكير كما يزول النور بزوال المصباح .
ومما يزيد هذا الأمر وضوحاً أن الفاعلية النفسية مصحوبة بالأعراض الآتية :
۱ - تزداد الدورة الدموية في المخ خلال التفكير ، دلت على ذلك تجارب العالم الايطالي ) موسو ) . فقد شاهد أدمغة أشخاص اصيبوا بمرض في الجمجمة ؛ فرأى من وراء القحف أن العمل الذهني ، والاضطراب النفسي ، والأحلام ، كل ذلك يبعث على ازدياد ضغط الدم في المخ ، حتى لقد فكر في اثبات ذلك بتجربة محسوسة ، ، فصنع ميزانا كبيراً على صورة منضدة يمكن للشخص أن ينام عليها . فكلما اجهد الشخص النائم فكره رجحت جهة الرأس من الميزان لانصباب الدم فيها . ۲ - وقد أثبت ( Schiff ) بواسطة أبر كهربائية لقياس الحرارة أدخلها في أدمغة
الكلاب أن هيجان الحيوان يزيد في درجة حرارة مخه .
- وقد دلت مباحث العلماء في الأمراض النفسية على أن لبعض هذه الأمراض علاقة بفساد بعض الخلايا العصبية ، فشاهدوا في مرض الخبل العام وفي بعض حالات العته ( Idiotic ) خللا عصبياً ظاهراً . نعم ان دراسة أمراض الذاكرة والآفاز يا ) phasic لم يوصل فيها إلى نتيجة فيسيولوجية نهائية ، إلا أن العلاقة المشتركة بين الاضطرابات النفسية والاختلالات العصبية صارت أمراً بديهيا . وليس من المنطق أن يستنتج من عدم معرفة أسباب بعض الأمراض انه لا يوجد لهذه الأمراض سبب فسيولوجي ، لأنه قد يكون لهذه الأمراض علل مجهولة ، وقد يكون لكل خلل عصبي تأثير في النفس ، وهذا ما . يرجحه علماء زماننا .
وقد فسر العلماء وظائف المخ بصور مختلفة ، فمنهم من قال : ان المخ يعمل بمجموعه في كل فعل نفسي (فلورنس ) . ومنهم من قال : ان أجزاء المخ قد توزعت الأفعال النفسية ، فكل جزء له عمل خاص . وتسمى هذه النظرية الأخيرة بنظرية الاختصاص .
١ - أما النظرية الأولى فانها لا تعين لكل جزء من المخ فعلا خاصاً به، بل تقول : إن الإنسان إذا أراد أو فكر فهو إنما يريد أو يفكر بمخه كله لا يجزء منه . ٢ - وأما النظرية الثانية فهي تحل الأفعال الذهنية بأجزاء المخ وتجمل لكل حالة أو
ظاهرة نفسية محلا خاصاً بها.
حق ومهما يكن من أمر هذا العلم الذي فقد قيمته في أيامنا هذه ، فإن رأي ( غـال ) الأساسي ليس باطلا ، لأننا لا نزال اليوم نعتقد أن بين تلافيف المخ والملكات الذهنية علاقة ؛ إلا أن ( غال ( لم يصب الهدف بملاحظاته الإبتدائية الناقصة ، لقد أبعدته قلة إلمامه بحقيقة الظواهر النفسية عن الغرض المقصود. فجاءت ملاحظاته مشوهة مغلوطة. مثال ذلك أنه يجعل للعزم والصلاح، و ، التملك، والنبوغ الشعري، مواضع خاصة ، وظواهر قحفية تدل عليها . وهذا منتهى السخف في تحليل الظواهر النفسية وحب
فمما ذهب إليه الطبيب الألماني ( غال ( منذ عام ۱۸۰۸ أن بين نمو بعض الملكات العقلية ، ونمو بعض تلافيف المخ تناسباً خاصاً ، و أن شكل القحف يتبع شكل التلافيف وأنه يمكن معرفة مزايا الأشخاص واستعداداتهم بسبر حدبات جماجمهم ونتوئها . وسمى تلميذه ) مبرزهایم Sprzheim ) هذا العلم بعلم الفرينولوجيا ( Phrenologie ) .
ولكن إحلال الظواهر النفسية بأمكنة خاصة من الدماغ شغل (بروكا) و (شاركو) أيضاً فأثبت بروكا في عام ١٨٦١ أن مرض الآفازيا ناشيء عن خلل في التلفيف الثالث من ناحية الجبهة الشمالية . وسمي هذا التلفيف بعد ذلك بتلفيف ) بروكا ) وهو مركز النطق والتلفظ . ( شكل - ٩ ) .
وقد دلت تجارب العلماء الأخيرة على أن هناك عوامل أخرى تؤثر في شخصية الإنسان وذكائه ، فمنها ما هو إنفعالي كالحساسية والهيجان . ومنها ما هو إنبعائي كالنزعات
والغرائز . وليس لهذه العوامل إتصال بقشرة المخ وانما هي متصلة بقاعدته . فهناك إذن دائرة إنفعالية في قلب الدماغ تخضع لها المجموعة الودية ، وهي مركز وحدة الجسد ونواة
شخصيته
أضف إلى ذلك أن مباحث العلماء أدت في السنوات الأخيرة إلى حرمان المخ سلطانه وسيطرته . وما دفعهم إلى ذلك إلا ما كشفوه من وظائف الجسد عامة ووظائف الغدد خاصة .
ولو قارنا بين الانسان وغيره من الحيوانات لالفينا جملته العصبية تزيد على غيرها في الاشتباك والتركيب . ونحن ذاكرون هنا شيئاً من هذه المقارنة ليتضح لك مبلغ ما وصل
اليه من الانسان من النمو بالنسبة إلى سائر الحيوانات مخ
۱ - نسبة وزن المخ إلى وزن الجسد أعظم عند الانسان منها عند الحيوان (١)
۲ - كلما ارتقى الحيوان ازداد نمو مخه بالنسبة إلى أقسام الدماغ الاخرى . ٣ - ناحية الجبهة في مخ الانسان العصري أكثر نمواً من جبهة الانسان القديم
٤ ـ كلما ارتقيت من حيوان أدنى إلى حيوان أعلى ازداد نمو قشرة المخ واتسع
سطحها (٢)
ه - ويمتاز مخ الانسان على غيره باختلاف تركيب نواحي القشرة . فقد عين العلماء اليوم في مخ الانسان اكثر من خمسين ناحية ، كل واحدة منها مختلفة عن الأخرى
بتركيبها ونسيجها . واختلاف هذه النواحي بالنسيج والتركيب أكثر قيمة في نظر علماء العصر من ازدياد تلافيف المخ .
٦ - يمتاز مخ الانسان أيضاً بكثرة الألياف التي تربط التلافيف والنواحي بعضها ببعض . فمن هذه الألياف ما هو طويل ومنها ما هو قصير ؛ الا انها تؤلف شبكة دقيقة النسج لا مثيل لها ( شكل - ٨ ) .
فها أنت ترى أن لنمو المخ علاقة كبيرة بنمو الفكر ، وان الشعور تابع للجملة العصبية . فاذا زالت الجملة العصبية والغدد الداخلية زال الشعور والتفكير كما يزول النور بزوال المصباح .
ومما يزيد هذا الأمر وضوحاً أن الفاعلية النفسية مصحوبة بالأعراض الآتية :
۱ - تزداد الدورة الدموية في المخ خلال التفكير ، دلت على ذلك تجارب العالم الايطالي ) موسو ) . فقد شاهد أدمغة أشخاص اصيبوا بمرض في الجمجمة ؛ فرأى من وراء القحف أن العمل الذهني ، والاضطراب النفسي ، والأحلام ، كل ذلك يبعث على ازدياد ضغط الدم في المخ ، حتى لقد فكر في اثبات ذلك بتجربة محسوسة ، ، فصنع ميزانا كبيراً على صورة منضدة يمكن للشخص أن ينام عليها . فكلما اجهد الشخص النائم فكره رجحت جهة الرأس من الميزان لانصباب الدم فيها . ۲ - وقد أثبت ( Schiff ) بواسطة أبر كهربائية لقياس الحرارة أدخلها في أدمغة
الكلاب أن هيجان الحيوان يزيد في درجة حرارة مخه .
- وقد دلت مباحث العلماء في الأمراض النفسية على أن لبعض هذه الأمراض علاقة بفساد بعض الخلايا العصبية ، فشاهدوا في مرض الخبل العام وفي بعض حالات العته ( Idiotic ) خللا عصبياً ظاهراً . نعم ان دراسة أمراض الذاكرة والآفاز يا ) phasic لم يوصل فيها إلى نتيجة فيسيولوجية نهائية ، إلا أن العلاقة المشتركة بين الاضطرابات النفسية والاختلالات العصبية صارت أمراً بديهيا . وليس من المنطق أن يستنتج من عدم معرفة أسباب بعض الأمراض انه لا يوجد لهذه الأمراض سبب فسيولوجي ، لأنه قد يكون لهذه الأمراض علل مجهولة ، وقد يكون لكل خلل عصبي تأثير في النفس ، وهذا ما . يرجحه علماء زماننا .
وقد فسر العلماء وظائف المخ بصور مختلفة ، فمنهم من قال : ان المخ يعمل بمجموعه في كل فعل نفسي (فلورنس ) . ومنهم من قال : ان أجزاء المخ قد توزعت الأفعال النفسية ، فكل جزء له عمل خاص . وتسمى هذه النظرية الأخيرة بنظرية الاختصاص .
١ - أما النظرية الأولى فانها لا تعين لكل جزء من المخ فعلا خاصاً به، بل تقول : إن الإنسان إذا أراد أو فكر فهو إنما يريد أو يفكر بمخه كله لا يجزء منه . ٢ - وأما النظرية الثانية فهي تحل الأفعال الذهنية بأجزاء المخ وتجمل لكل حالة أو
ظاهرة نفسية محلا خاصاً بها.
حق ومهما يكن من أمر هذا العلم الذي فقد قيمته في أيامنا هذه ، فإن رأي ( غـال ) الأساسي ليس باطلا ، لأننا لا نزال اليوم نعتقد أن بين تلافيف المخ والملكات الذهنية علاقة ؛ إلا أن ( غال ( لم يصب الهدف بملاحظاته الإبتدائية الناقصة ، لقد أبعدته قلة إلمامه بحقيقة الظواهر النفسية عن الغرض المقصود. فجاءت ملاحظاته مشوهة مغلوطة. مثال ذلك أنه يجعل للعزم والصلاح، و ، التملك، والنبوغ الشعري، مواضع خاصة ، وظواهر قحفية تدل عليها . وهذا منتهى السخف في تحليل الظواهر النفسية وحب
فمما ذهب إليه الطبيب الألماني ( غال ( منذ عام ۱۸۰۸ أن بين نمو بعض الملكات العقلية ، ونمو بعض تلافيف المخ تناسباً خاصاً ، و أن شكل القحف يتبع شكل التلافيف وأنه يمكن معرفة مزايا الأشخاص واستعداداتهم بسبر حدبات جماجمهم ونتوئها . وسمى تلميذه ) مبرزهایم Sprzheim ) هذا العلم بعلم الفرينولوجيا ( Phrenologie ) .
ولكن إحلال الظواهر النفسية بأمكنة خاصة من الدماغ شغل (بروكا) و (شاركو) أيضاً فأثبت بروكا في عام ١٨٦١ أن مرض الآفازيا ناشيء عن خلل في التلفيف الثالث من ناحية الجبهة الشمالية . وسمي هذا التلفيف بعد ذلك بتلفيف ) بروكا ) وهو مركز النطق والتلفظ . ( شكل - ٩ ) .
وقد دلت تجارب العلماء الأخيرة على أن هناك عوامل أخرى تؤثر في شخصية الإنسان وذكائه ، فمنها ما هو إنفعالي كالحساسية والهيجان . ومنها ما هو إنبعائي كالنزعات
والغرائز . وليس لهذه العوامل إتصال بقشرة المخ وانما هي متصلة بقاعدته . فهناك إذن دائرة إنفعالية في قلب الدماغ تخضع لها المجموعة الودية ، وهي مركز وحدة الجسد ونواة
شخصيته
أضف إلى ذلك أن مباحث العلماء أدت في السنوات الأخيرة إلى حرمان المخ سلطانه وسيطرته . وما دفعهم إلى ذلك إلا ما كشفوه من وظائف الجسد عامة ووظائف الغدد خاصة .
تعليق