ب صفات الظواهر النفسية
B Characteristics of psychological phenomena
۱ - الحادث النفسي حادث داخلي ذاتي لا يدركه مباشرة إلا شخص واحد .
وهذا على عكس الظواهر الطبيعية ، فامتداد الحديد بتأثير الحرارة ) فيزياء ) ، و اختلاط حمض الكبريت بالنحاس ) كيمياء ) ، وتقلص عضلات اليد (منافع الاعضاء) وظهور أزمة اقتصادية ( اجتماع ) ، كل ذلك يمكن ان يشترك في ادراكه عدة أشخاص ؛ لانه موجود في العالم الخارجي الذي يختلف فيه الشخص المشاهد عن الشيء المشاهد . أما الظواهر النفسية فهي على عكس ذلك ، لأنها داخلية شخصية وذاتية ندركها بالحدس النفسي. وهل يستطيع الانسان أن يسمع المه، وأن يلمس ذكرياته، ويذوق طعم أحكامه؟ نعم أن هذه الاصطلاحات قد تستعمل مجازاً فيقال : اسمع في قلبي دبيب المني ، وأرى الشبهة في خاطري ؛ الا ان المجاز غير الحقيقة .
الشخص المشاهد لا يختلف في إدراك الحوادث النفسية عن الشيء المشاهد ؛ لان المشاهد النفسي انما يشاهد نفسه لا نفس غيره ، والرائي هو عين المرئي . وعلى ذلك فان الحادثة النفسية الواحدة لا توجد إلا في نفس واحدة ، ولا يدركها مباشرة بالحدس النفسي إلا شخص واحد . وكيف يكون خوفي مساوياً للخوف الذي حصل عند غيري ، وهل يستطيع أحد غيري أن يعرف حقيقة الحب الذي أشعر به في داخلي ؟
قال ماخ ( ) ( الحادث النفسي هو الحادث الذي لا يدركه مباشرة إلا شخص واحد ) (۲) كأن عالم النفس عالم مغلق لا ينفذ إلى داخله ناظر خارجي ، و كأن كل إنسان عالم قائم بنفسه . لا استطيع ان أعرف ما يجري في نفس غيري إلا ببعض الاشارات الخارجية التي أفسرها بالمماثلة ، فأقابل ما أراه من الملائم الظاهرة على غيري بما أشعر به خلال حدوث مثل هذه الظواهر في ، فلا أدرك ما عند غيري من الحوادث النفسية إلا إذا كان لي به سابق علم .
ملاحظة : أحسن مثال يدل على ذلك حالة الاكمه ، فانه لا يدرك الألوان بل يتصورها بالنسبة إلى معلومات الحواس الاخرى ، والدليل على ذلك قول ( لور ابریشمان - Laura Brigh man ) (۳) انها تود لو أن لها عينين ورديتين وشعراً أزرق ، وقول ( هيلن كيللر - Helene Keller ) ، أنا أفهم كيف يختلف الارجواني عن القرمزي لاني أعلم أن رائحة البرتقال ليست كرائحة الليمون ، واستطيع أيضاً أن أتصور للالوان أنواعاً مختلفة، لان للشم أو الذوق اختلافات كثيرة ليست ظاهرة تماماً ، . وهذا القول يدل على ان الأعمى لا يدرك اختلاف الالوان الا بالنسبة إلى اختلاف الروائح والطعوم وغير ذلك (٤) (
وقصارى القول أن الظواهر النفسية ظواهر داخلية لا يدركها الناس جميعاً ، بل يدركها صاحبها فقط، فكما أن البيوت من الداخل لا يراها المارة بالطريق ، بل يدركها أصحابها ، كذلك ادراك الإنسان لظواهر نفسه وقف عليه . قد اجهل دوران الدم كما جهله الناس زماناً طويلاً ، وقد أجهل حركات الأعصاب وتأثير أشعة الشمس في الطبقة الشبكية، ولكن اني لي افكار الألم الذي أشعر به في داخلي . فالدليل على وجود الألم هو الشعور به ، وما دمت أشعر به فهو موجود لا بل أن وجوده و شعوري به هما شيء واحد.
٢ - الظواهر النفسية زمانية لا مكانية :
و معنى ذلك أنه لا محل للعواطف والأفكار والذكريات ، أي ليس لها حجم ، ولا يمكن ارجاعها إلى نقاط وأشكال هندسية . فأين توجد عاطفة الحب ، هل هي على يمين اليأس، أم على يسار الأمل ؟ هل هي فوق الرغائب أم تحتها ؟ ليس ثمة مكان تقيم به الظواهر النفسية لأنها تجري في الزمان، فإذا قيل إن الظواهر متصلة بالجسد قلنا إن العلم لا يسمح لنا اليوم بوضع قانون دقيق للمقارنة بين الظواهر النفسية والظواهر الفيسيولوجية، وسيتضح لك ذلك عند البحث في علاقة الفكر بالدماغ ، ومع ذلك فاننا لا ننكر أن بين الدماغ والفكر علاقة أساسية. بل نقول كما قال ليبنز ( يوجد في نفس قيصر شيء مطابق لما في دماغ قيصر» . غير أن هذه العلاقة ليست علاقة تضمّن فلا تدل على أن الحوادث النفسية مرصوفة في الخلايا الدماغية ، كالحروف في علب المطابع . وإذا كنا نضطر في بعض الأحيان إلى استعمال الفاظ تدل على المكان كأن نقول أن الفرح موجود في النفس فلفظة (في) لا تدل هنا على المكان . وقولنا كذلك أن الحوادث النفسية داخلية لا يدل على أن لها موضعاً .
٣ - الظواهر النفسية كيفيات لا كميات. ذلك أنها لا تقاس مباشرة . لا معنى للقياس المباشر إلا بالمطابقة بين شيئين . فقياس طول الخط ( ب ) يكون بالمطابقة بينه وبين الواحد القياسي ( ق ) فيكون طوله و معنى عند ذلك بالنسبة إلى ق: مساويال فالظواهر النفسية لا تقاس كما تقاس الخطوط أو السطوح أو الحركات ، لأنها تجري في
الزمان لا في المكان ؛ ولكن قد يقال : أفلا نقيس الحرارة وشدة التيار الكهربائي ؟ أفلا نقيس الزمان ؟ فنجيب عن ذلك إن الحرارة لا تقاس مباشرة ، بل يقاس ارتفاع الزئبق في ميزان الحرارة ، ولا تقاس شدة التيار الكهربائي مباشرة ، بل تقاس حركة عقرب الغالفانومتر ولا نغالي إذا قلنا إن الزمان لا يقاس أيضاً بل تقاس المسافة التي قطعها المتحرك، فإذا اردنا أن نقيس الزمان اعتمدنا في قياسه على حركة عقرب الساعة ، حيث تكون المسافات المتساوية مقطوعة في أزمنة متساوية ، فنحن في هذا القياس نستعيض عن الزمان بالمكان ؛ إلا أن هذا الزمان الذي نقيسه على هذه الصورة ليس الزمان الحقيقي وانما هو الزمان الميكانيكي. إن الزمان الحقيقي الذي نشعر به في داخلنا لا يمكن قياسه ؛ لأنه ملازم لأنغام حياتنا الداخلية و انسجامها ، فتارة تجده طويلا، وأخرى تجده قصيراً، لأنه جريان داخلي يختلف انسجامه باختلاف جريان الشعور ، فما أطول ساعات الإنتظار ، وما أقصر ساعات الفرح ! السعيد يتعجب من سرعة الزمان فيرغب في إيقافه، والتمس يستبطى، جريان الحوادث فيستعجل أيامه
فقد يكون جريان الظواهر النفسية سريعاً ، وقد يكون بطناً ، ولكنك إذا نظرت اليها نظراً ذاتياً داخلياً امتنع عليك قياسها .
B Characteristics of psychological phenomena
۱ - الحادث النفسي حادث داخلي ذاتي لا يدركه مباشرة إلا شخص واحد .
وهذا على عكس الظواهر الطبيعية ، فامتداد الحديد بتأثير الحرارة ) فيزياء ) ، و اختلاط حمض الكبريت بالنحاس ) كيمياء ) ، وتقلص عضلات اليد (منافع الاعضاء) وظهور أزمة اقتصادية ( اجتماع ) ، كل ذلك يمكن ان يشترك في ادراكه عدة أشخاص ؛ لانه موجود في العالم الخارجي الذي يختلف فيه الشخص المشاهد عن الشيء المشاهد . أما الظواهر النفسية فهي على عكس ذلك ، لأنها داخلية شخصية وذاتية ندركها بالحدس النفسي. وهل يستطيع الانسان أن يسمع المه، وأن يلمس ذكرياته، ويذوق طعم أحكامه؟ نعم أن هذه الاصطلاحات قد تستعمل مجازاً فيقال : اسمع في قلبي دبيب المني ، وأرى الشبهة في خاطري ؛ الا ان المجاز غير الحقيقة .
الشخص المشاهد لا يختلف في إدراك الحوادث النفسية عن الشيء المشاهد ؛ لان المشاهد النفسي انما يشاهد نفسه لا نفس غيره ، والرائي هو عين المرئي . وعلى ذلك فان الحادثة النفسية الواحدة لا توجد إلا في نفس واحدة ، ولا يدركها مباشرة بالحدس النفسي إلا شخص واحد . وكيف يكون خوفي مساوياً للخوف الذي حصل عند غيري ، وهل يستطيع أحد غيري أن يعرف حقيقة الحب الذي أشعر به في داخلي ؟
قال ماخ ( ) ( الحادث النفسي هو الحادث الذي لا يدركه مباشرة إلا شخص واحد ) (۲) كأن عالم النفس عالم مغلق لا ينفذ إلى داخله ناظر خارجي ، و كأن كل إنسان عالم قائم بنفسه . لا استطيع ان أعرف ما يجري في نفس غيري إلا ببعض الاشارات الخارجية التي أفسرها بالمماثلة ، فأقابل ما أراه من الملائم الظاهرة على غيري بما أشعر به خلال حدوث مثل هذه الظواهر في ، فلا أدرك ما عند غيري من الحوادث النفسية إلا إذا كان لي به سابق علم .
ملاحظة : أحسن مثال يدل على ذلك حالة الاكمه ، فانه لا يدرك الألوان بل يتصورها بالنسبة إلى معلومات الحواس الاخرى ، والدليل على ذلك قول ( لور ابریشمان - Laura Brigh man ) (۳) انها تود لو أن لها عينين ورديتين وشعراً أزرق ، وقول ( هيلن كيللر - Helene Keller ) ، أنا أفهم كيف يختلف الارجواني عن القرمزي لاني أعلم أن رائحة البرتقال ليست كرائحة الليمون ، واستطيع أيضاً أن أتصور للالوان أنواعاً مختلفة، لان للشم أو الذوق اختلافات كثيرة ليست ظاهرة تماماً ، . وهذا القول يدل على ان الأعمى لا يدرك اختلاف الالوان الا بالنسبة إلى اختلاف الروائح والطعوم وغير ذلك (٤) (
وقصارى القول أن الظواهر النفسية ظواهر داخلية لا يدركها الناس جميعاً ، بل يدركها صاحبها فقط، فكما أن البيوت من الداخل لا يراها المارة بالطريق ، بل يدركها أصحابها ، كذلك ادراك الإنسان لظواهر نفسه وقف عليه . قد اجهل دوران الدم كما جهله الناس زماناً طويلاً ، وقد أجهل حركات الأعصاب وتأثير أشعة الشمس في الطبقة الشبكية، ولكن اني لي افكار الألم الذي أشعر به في داخلي . فالدليل على وجود الألم هو الشعور به ، وما دمت أشعر به فهو موجود لا بل أن وجوده و شعوري به هما شيء واحد.
٢ - الظواهر النفسية زمانية لا مكانية :
و معنى ذلك أنه لا محل للعواطف والأفكار والذكريات ، أي ليس لها حجم ، ولا يمكن ارجاعها إلى نقاط وأشكال هندسية . فأين توجد عاطفة الحب ، هل هي على يمين اليأس، أم على يسار الأمل ؟ هل هي فوق الرغائب أم تحتها ؟ ليس ثمة مكان تقيم به الظواهر النفسية لأنها تجري في الزمان، فإذا قيل إن الظواهر متصلة بالجسد قلنا إن العلم لا يسمح لنا اليوم بوضع قانون دقيق للمقارنة بين الظواهر النفسية والظواهر الفيسيولوجية، وسيتضح لك ذلك عند البحث في علاقة الفكر بالدماغ ، ومع ذلك فاننا لا ننكر أن بين الدماغ والفكر علاقة أساسية. بل نقول كما قال ليبنز ( يوجد في نفس قيصر شيء مطابق لما في دماغ قيصر» . غير أن هذه العلاقة ليست علاقة تضمّن فلا تدل على أن الحوادث النفسية مرصوفة في الخلايا الدماغية ، كالحروف في علب المطابع . وإذا كنا نضطر في بعض الأحيان إلى استعمال الفاظ تدل على المكان كأن نقول أن الفرح موجود في النفس فلفظة (في) لا تدل هنا على المكان . وقولنا كذلك أن الحوادث النفسية داخلية لا يدل على أن لها موضعاً .
٣ - الظواهر النفسية كيفيات لا كميات. ذلك أنها لا تقاس مباشرة . لا معنى للقياس المباشر إلا بالمطابقة بين شيئين . فقياس طول الخط ( ب ) يكون بالمطابقة بينه وبين الواحد القياسي ( ق ) فيكون طوله و معنى عند ذلك بالنسبة إلى ق: مساويال فالظواهر النفسية لا تقاس كما تقاس الخطوط أو السطوح أو الحركات ، لأنها تجري في
الزمان لا في المكان ؛ ولكن قد يقال : أفلا نقيس الحرارة وشدة التيار الكهربائي ؟ أفلا نقيس الزمان ؟ فنجيب عن ذلك إن الحرارة لا تقاس مباشرة ، بل يقاس ارتفاع الزئبق في ميزان الحرارة ، ولا تقاس شدة التيار الكهربائي مباشرة ، بل تقاس حركة عقرب الغالفانومتر ولا نغالي إذا قلنا إن الزمان لا يقاس أيضاً بل تقاس المسافة التي قطعها المتحرك، فإذا اردنا أن نقيس الزمان اعتمدنا في قياسه على حركة عقرب الساعة ، حيث تكون المسافات المتساوية مقطوعة في أزمنة متساوية ، فنحن في هذا القياس نستعيض عن الزمان بالمكان ؛ إلا أن هذا الزمان الذي نقيسه على هذه الصورة ليس الزمان الحقيقي وانما هو الزمان الميكانيكي. إن الزمان الحقيقي الذي نشعر به في داخلنا لا يمكن قياسه ؛ لأنه ملازم لأنغام حياتنا الداخلية و انسجامها ، فتارة تجده طويلا، وأخرى تجده قصيراً، لأنه جريان داخلي يختلف انسجامه باختلاف جريان الشعور ، فما أطول ساعات الإنتظار ، وما أقصر ساعات الفرح ! السعيد يتعجب من سرعة الزمان فيرغب في إيقافه، والتمس يستبطى، جريان الحوادث فيستعجل أيامه
فقد يكون جريان الظواهر النفسية سريعاً ، وقد يكون بطناً ، ولكنك إذا نظرت اليها نظراً ذاتياً داخلياً امتنع عليك قياسها .
تعليق