المخطوطات الإسلامية ( Islamic manuscripts )
☰ جدول المحتويات
أدوات المخطوط وتطورها
استخدام الورق في الكتابة والتدوين
القلم
المداد
الألوان
المخطوطات الإسلامية يقصد بها التراث الإسلامي المكتوب بخط اليد. وقد عُنِي المسلمون بالمخطوطات عناية كبيرة لكونها السبيل الوحيد للحفاظ على ما أنتجه العقل العربي والإسلامي من مصنفات ورسائل موضوعها كتاب الله الكريم وأحاديث الرسول ﷺ أو ما يتعلق بهما ويخدمهما، فجعلوا منها تحفًا فنية ثمينة وتركوا فيها تراثًا فنيًا عظيمًا. ويكفي أن نشير إلى حجم هذا التراث الإسلامي من خلال ما تحتفظ به متاحف ومكتبات العالم، إذ يوجد بمدينة إسطنبول وحدها ما يربو على مائة وأربعة وعشرين ألفًا من المخطوطات النادرة، معظمها لم يدرس من قبل، هذا بخلاف ما يوجد في مصر والمغرب وتونس والهند وإيران وسائر المتاحف والمكتبات العالمية.
تطورت صناعة المخطوط الإسلامي بشكل لم يسبق له مثيل في أي فن من الفنون السابقة على الإسلام في دقّة زخارفها المذهَّبة وجاذبية صورها وإبداع ألوانها وجمال خطها ورشاقته، إذ تشهد على ما وصل إليه فن صناعة المخطوط في العصر الإسلامي. والعناية بجودة الخط أمر طبيعي في العالم الإسلامي، فقد كان الخطاطون يتمتعون بمكانة مرموقة فيه، وبخاصة في العراق وإيران ومصر وتركيا، لاشتغالهم بكتابة مخطوطات المصاحف إلى جانب نسخ مخطوطات الأدب والشعر، ولذا تقدّم فن تحسين الخط تقدمًا كبيرًا وبخاصة بعد أن اهتمّ الأمراء والسلاطين بهذا الفن، فأقبلوا على شراء المخطوطات الكاملة أو النماذج من كتابة الخطاطين المشهورين، وكانت أكثر هذه النماذج من الآيات القرآنية أو الأدعية أو أبيات الشعر، وجمع منها الهواة المرقّعات (الألبومات) الفاخرة. وكان الخطاط يذيّل مخطوطه بتوقيعه فخرًا بخطّه، ولذا حفظت لنا المخطوطات الإسلامية أسماء كثير من الخطاطين في العصر الإسلامي. كما اهتمت كتب التراجم بشخصيات الخطاطين، وقد دفع الإقبال الكبير على اقتناء المخطوطات الإسلامية الخطاطين إلى تطوير ما تنتجه أيديهم من مخطوطات، فحرصوا على استخدام الورق في التدوين، واختيار نوع المداد، وأشركوا معهم فنانين آخرين من مُذَهِّبين ورسّامين ومصوِّرين ومجلّدين. لتتمّ بهم عناصر صناعة المخطوط الإسلامي.
أدوات المخطوط وتطورها
استعملت الأنواع المختلفة من جلود الأنعام المدبوغة في الكتابة في الجزيرة العربية قبل الإسلام وبعده، حيث سُمِّيت الجلود المستعملة في الكتابة الأديم أو الرَّق وهي مصنوعة من جلود البقر والإبل والغنم والحُمُر الوحشية والغزلان، وتُدْبَغ هذه الجلود وتُرَقّق لتصبح ناعمة رقيقة ملساء يمكن الكتابة على وجهيها، وقد اشتهر رَقُّ الغزال في كتابة المصاحف، كما استعمل الرّقّ الأبيض والأحمر والأزرق وأفضلها الرق الأبيض.
استخدام الورق في الكتابة والتدوين:
مما ساعد على تطوّر صناعة المخطوطات في العالم الإسلامي استخدام الورق في الكتابة. ويعود الفضل في اختراع مادة الورق إلى الصينيين الذين أنتجوه في القرن الأول الميلادي، مستخدمين في صناعته سيقان نبات الخيزران (البامبو) المجوفة والخرق البالية أو شباك الصيد، حيث كانت تُغْسل هذه المواد جيدًا ثم تُطْحَن في مطاحن خاصة حتى تتحوّل إلى عجينة طريّة، ثم تُضاف إليها كمية من الماء حتى تصبح شبيهة بسائل الصابون، وبعد عمليات تصفية دقيقة تؤخذ الألياف المتماسكة بعناية لتنشر فوق ألواح مسطحة لتجفف بوساطة حرارة الشمس، وبعد ذلك تُصقل صحائف الورق بوساطة خليط من النشا والدقيق، وتجفف من جديد لتصبح بعد ذلك جاهزة للاستخدام.
وقد نقل المسلمون صناعة الورق عن الصينيين، وذلك عندما تمكن المسلمون من الاستيلاء على سمرقند عام 751م واستبقوا عددًا من أهل الصين من صُنّاع الورق الذين قاموا بإطلاع العرب على أسرار صناعته. ومنذ ذلك الوقت أدخلت صناعة الورق إلى بغداد ومنها انتقلت إلى سوريا ومصر والمغرب العربي ثم إلى الأندلس التي كان لها الفضل الأول في نشر صناعة الورق في أوروبا. تطوّرت صناعة الورق في إيران بشكل أكبر عن مثيلتها في الأقطار الإسلامية الأخرى، حيث استطاع الإيرانيون في القرن التاسع الهجري، الخامس عشر الميلادي أن يصنعوا ورقًا فاخرًا من الحرير والكتّان، كما عنوا بضغطه وإكسابه بعض الألوان وتلميعه، ليليق بتدوين دواوين الشعر التي كانت تكتب عليه بالخطوط الجميلة، وتذهّب بالصورة الملوّنة، التي كانت تحلّى بها المخطوطات. وتشهد مجموعة المخطوطات الفنية التي أنتجت في إيران وتركيا والهند والعراق ومصر على ما وصلت إليه الفنون الإسلامية من تطور في التصميم، ودقة في التنفيذ، وروعة في التلوين.
القلم:
من أهم أدوات المخطوط القلم الذي عرف العرب منه أنواعًا كثيرة منها قلم السعف، وقلم العاج، وقلم القصب، والريشة المعدنية وأفضلها وأكثرها شهرة القلم المصنوع من القصب، وذلك لسهولة بري ريشته لتكون ذات سماكة معينة مسطحة الوجه وذات شق في الوسط لتسمح بانتقال الحبر من القلم إلى الورق.
المداد:
صنع العرب المداد من الدخان والعَفَص (شجر البلوط) والصمغ، وقد استعمل حبر الدخان للكتابة على الورق بينما استخدم الحبر الصيني للكتابة على الرقوق وقد نجح العرب المسلمون منذ العصر العباسي في ابتكار أنواع كثيرة من الأحبار تتناسب مع طبيعة المخطوطات والأوراق المستخدمة في ذلك الوقت.
الألوان:
استخدمت الألوان الزاهية في تحلية المخطوطات الإسلامية، وصنع العرب الألوان من مواد مختلفة، منها ما هو مصنوع من مصادر نباتية كالحنّاء والبن والأرز والورد والأزهار، ومنها ما هو مصنوع من الأحجار الكريمة. وتتميز الألوان المستخرجة من مساحيق الأحجار بأنها ألوان ثابتة لا تتغير بعامل الزمن، وكانت مساحيق هذه الأحجار تُخلط بالصمغ والماء المستخلص من الورد. ومن أهم الألوان التي كانت تُستخرج من مساحيق الأحجار اللونان الأخضر والأزرق اللذان كانا يُستخرجان من أحجار الفيروز النفيسة. أما المصدر الثالث لصناعة الألوان فهو الأتربة بعد أن تُنخل وتُصفّى وتُسحق لتصبح كالكحل ثم تخلط بالصمغ والماء حتى تصبح جاهزة لتحلية صفحات المخطوطات. أما المصدر الرابع والأخير في صناعة ألوان المخطوطات فهو التذهيب، وهناك نوعان رئيسيان في تذهيب المخطوطات هما المطفي واللماع. أولهما يتم بلصق الأوراق الذهبية الرقيقة في مواضع التحلية والثاني عن طريق التلوين المباشر بماء الذّهب.
☰ جدول المحتويات
أدوات المخطوط وتطورها
استخدام الورق في الكتابة والتدوين
القلم
المداد
الألوان
ورقة من مصحف ـ رق القيروان ـ القرن الرابع الهجري، الحادي عشر الميلادي. |
ورقة من مصحف ـ رق القيروان ـ القرن الرابع الهجري الحادي عشر الميلادي. |
تطورت صناعة المخطوط الإسلامي بشكل لم يسبق له مثيل في أي فن من الفنون السابقة على الإسلام في دقّة زخارفها المذهَّبة وجاذبية صورها وإبداع ألوانها وجمال خطها ورشاقته، إذ تشهد على ما وصل إليه فن صناعة المخطوط في العصر الإسلامي. والعناية بجودة الخط أمر طبيعي في العالم الإسلامي، فقد كان الخطاطون يتمتعون بمكانة مرموقة فيه، وبخاصة في العراق وإيران ومصر وتركيا، لاشتغالهم بكتابة مخطوطات المصاحف إلى جانب نسخ مخطوطات الأدب والشعر، ولذا تقدّم فن تحسين الخط تقدمًا كبيرًا وبخاصة بعد أن اهتمّ الأمراء والسلاطين بهذا الفن، فأقبلوا على شراء المخطوطات الكاملة أو النماذج من كتابة الخطاطين المشهورين، وكانت أكثر هذه النماذج من الآيات القرآنية أو الأدعية أو أبيات الشعر، وجمع منها الهواة المرقّعات (الألبومات) الفاخرة. وكان الخطاط يذيّل مخطوطه بتوقيعه فخرًا بخطّه، ولذا حفظت لنا المخطوطات الإسلامية أسماء كثير من الخطاطين في العصر الإسلامي. كما اهتمت كتب التراجم بشخصيات الخطاطين، وقد دفع الإقبال الكبير على اقتناء المخطوطات الإسلامية الخطاطين إلى تطوير ما تنتجه أيديهم من مخطوطات، فحرصوا على استخدام الورق في التدوين، واختيار نوع المداد، وأشركوا معهم فنانين آخرين من مُذَهِّبين ورسّامين ومصوِّرين ومجلّدين. لتتمّ بهم عناصر صناعة المخطوط الإسلامي.
أدوات المخطوط وتطورها
استعملت الأنواع المختلفة من جلود الأنعام المدبوغة في الكتابة في الجزيرة العربية قبل الإسلام وبعده، حيث سُمِّيت الجلود المستعملة في الكتابة الأديم أو الرَّق وهي مصنوعة من جلود البقر والإبل والغنم والحُمُر الوحشية والغزلان، وتُدْبَغ هذه الجلود وتُرَقّق لتصبح ناعمة رقيقة ملساء يمكن الكتابة على وجهيها، وقد اشتهر رَقُّ الغزال في كتابة المصاحف، كما استعمل الرّقّ الأبيض والأحمر والأزرق وأفضلها الرق الأبيض.
استخدام الورق في الكتابة والتدوين:
مما ساعد على تطوّر صناعة المخطوطات في العالم الإسلامي استخدام الورق في الكتابة. ويعود الفضل في اختراع مادة الورق إلى الصينيين الذين أنتجوه في القرن الأول الميلادي، مستخدمين في صناعته سيقان نبات الخيزران (البامبو) المجوفة والخرق البالية أو شباك الصيد، حيث كانت تُغْسل هذه المواد جيدًا ثم تُطْحَن في مطاحن خاصة حتى تتحوّل إلى عجينة طريّة، ثم تُضاف إليها كمية من الماء حتى تصبح شبيهة بسائل الصابون، وبعد عمليات تصفية دقيقة تؤخذ الألياف المتماسكة بعناية لتنشر فوق ألواح مسطحة لتجفف بوساطة حرارة الشمس، وبعد ذلك تُصقل صحائف الورق بوساطة خليط من النشا والدقيق، وتجفف من جديد لتصبح بعد ذلك جاهزة للاستخدام.
وقد نقل المسلمون صناعة الورق عن الصينيين، وذلك عندما تمكن المسلمون من الاستيلاء على سمرقند عام 751م واستبقوا عددًا من أهل الصين من صُنّاع الورق الذين قاموا بإطلاع العرب على أسرار صناعته. ومنذ ذلك الوقت أدخلت صناعة الورق إلى بغداد ومنها انتقلت إلى سوريا ومصر والمغرب العربي ثم إلى الأندلس التي كان لها الفضل الأول في نشر صناعة الورق في أوروبا. تطوّرت صناعة الورق في إيران بشكل أكبر عن مثيلتها في الأقطار الإسلامية الأخرى، حيث استطاع الإيرانيون في القرن التاسع الهجري، الخامس عشر الميلادي أن يصنعوا ورقًا فاخرًا من الحرير والكتّان، كما عنوا بضغطه وإكسابه بعض الألوان وتلميعه، ليليق بتدوين دواوين الشعر التي كانت تكتب عليه بالخطوط الجميلة، وتذهّب بالصورة الملوّنة، التي كانت تحلّى بها المخطوطات. وتشهد مجموعة المخطوطات الفنية التي أنتجت في إيران وتركيا والهند والعراق ومصر على ما وصلت إليه الفنون الإسلامية من تطور في التصميم، ودقة في التنفيذ، وروعة في التلوين.
القلم:
من أهم أدوات المخطوط القلم الذي عرف العرب منه أنواعًا كثيرة منها قلم السعف، وقلم العاج، وقلم القصب، والريشة المعدنية وأفضلها وأكثرها شهرة القلم المصنوع من القصب، وذلك لسهولة بري ريشته لتكون ذات سماكة معينة مسطحة الوجه وذات شق في الوسط لتسمح بانتقال الحبر من القلم إلى الورق.
المداد:
صنع العرب المداد من الدخان والعَفَص (شجر البلوط) والصمغ، وقد استعمل حبر الدخان للكتابة على الورق بينما استخدم الحبر الصيني للكتابة على الرقوق وقد نجح العرب المسلمون منذ العصر العباسي في ابتكار أنواع كثيرة من الأحبار تتناسب مع طبيعة المخطوطات والأوراق المستخدمة في ذلك الوقت.
الألوان:
استخدمت الألوان الزاهية في تحلية المخطوطات الإسلامية، وصنع العرب الألوان من مواد مختلفة، منها ما هو مصنوع من مصادر نباتية كالحنّاء والبن والأرز والورد والأزهار، ومنها ما هو مصنوع من الأحجار الكريمة. وتتميز الألوان المستخرجة من مساحيق الأحجار بأنها ألوان ثابتة لا تتغير بعامل الزمن، وكانت مساحيق هذه الأحجار تُخلط بالصمغ والماء المستخلص من الورد. ومن أهم الألوان التي كانت تُستخرج من مساحيق الأحجار اللونان الأخضر والأزرق اللذان كانا يُستخرجان من أحجار الفيروز النفيسة. أما المصدر الثالث لصناعة الألوان فهو الأتربة بعد أن تُنخل وتُصفّى وتُسحق لتصبح كالكحل ثم تخلط بالصمغ والماء حتى تصبح جاهزة لتحلية صفحات المخطوطات. أما المصدر الرابع والأخير في صناعة ألوان المخطوطات فهو التذهيب، وهناك نوعان رئيسيان في تذهيب المخطوطات هما المطفي واللماع. أولهما يتم بلصق الأوراق الذهبية الرقيقة في مواضع التحلية والثاني عن طريق التلوين المباشر بماء الذّهب.