الفصل الثاني
كيف كانت تستقي حمص
كان لدى سكان حمص مصدران أساسيان للمياه المصدر الأول الابار التي كانت تحفر داخل البيوت والمصدر الثاني مياه نهر العاصي .
آ - الابار :
تعتمد على المياه الجوفية، وتتوقف غزارتها على كمية الأمطـ الهاطلة في الأشهر الباردة من السنة وهي تشرين الثاني وكانون الأول وكانون الثاني، اذ يساعد انخفاض درجات الحرارة وارتفاع كمية الأمطار على تغلغل المياه في الطبقات الجوفية وارتفاع منسوبها فوق الطبقة الكتيمة التي تستند عليها، ومستوى المياه الجوفية في حمص قريب من سطح الأرض وبخاصة في الناحية الغربية حيث يبلغ عمق البئر حوالي أربعة أمتار ، أما في الحارات الشرقية : باب الدريب وباب تدمر التي كان السكان يطلقون عليها لفظ ( مشرق ) فآبارها أعمق وأغزر من آبار المدينة الأخرى ويبلغ عمق البئر فيها اكثر من ثمانية أمتار، مما لا يجعلها تجف في سنوات الجفاف نظرا لعمقها ولكن معظمها لا تصلح مياهه للشرب لارتفاع نسبة ملوحتها ، وتجرثمها لقربها من الجور التي تنتهي البها مراحيض الدور، وقد يكــ ون البئر مشتركا بين عقارين متجاورين، نتيجة لاقتسام الورثة أو بيع بعضه : النصف أو الثلث أو الربع وفي هذه الحالة يكون البئر جزءا من الجدار الفاصل بينهما، وعلى الغالب يكون من الخشب، ويعلو البئر قوس أو فتحة تؤدي الى كل من العقارين، ويعلق بهذه الفتحة أو القوس جهاز النضح وهو على نوعين :
١ - جهاز البكرة والحبل ، والبكرة حلقة من الحديد مثقوبة الوسط يمر في هذا الثقب المحور المعدني الذي تدور حوله، أما محيطها ففرضة لها حافتان يجري الحبل بينهما ويكون للحبل طرفان الأول يربط به الدلو والثاني سائب يشد به الدلو لرفعه من قاع البئر بعد أن يمتلىء ماء .
۲ ـ جهاز السربس : وهو اسطوانه أو متوازي المستطيلات من الخشب لــه محور يخترقه من نهايتيه ليستند على دعامتين وتنتهي كل من نهايتيه بأربعة أذرع من الخشب صغيرة تدعى كل منها قبضة وبربط بهذه الانرع عوارض خشبية موازية لمحور السربس وفي احداها يربط الطرف السائب للحبل وفي الطرف الآخر للحبل يربط الدلو، يشد الانسان بيده اليمني القبضة المقابل لها وعندما تصبح يده اليمنى في مستوى خصره تكون القبضة المقابلة ليده اليسرى أصبحت في متناولها ، فيشدهـــــــا وهكذا تتعاون اليدان على ادارة السربس وفي خلال ذلك يلتف الجبل على محيط السربس فيرتفع الدلو وعندما يصبح في مستوى اليد يتناوله باحدى يديه ويفرغه في الوعاء المعد للملا: جزة كان أو تنكة أو طنجــوة أو أي شيء آخر .
وكان للبئر استعمال آخر غير نضح الماء، فالبعض كان يضع الطبيخ الزائد عن وجبة العشاء في الدلو وهو فارغ ثمّ يدلى مقدار قامة الرجل ويثبت فيحفظ من الحشرات والذر والصراصير والفيران طوال الليل . وكان له أيضا مشاكله وأهمها أن يسقط الدلو في البئر، نتيجة لانقطاع الحبل 6 وعندئذ لابد من التفتيش عن رجل يمتهن هذه الحرفة ويعرف بـ ( أبـ الكلاليب) لأن الجهاز الذي كان يستعمله دائرة كاملة من الحديد علقت على محيطها عدة خطاطيف معدنية متدلية وللدائرة حلقة في وسطها بربط بها حبل ، فيدلي أ أبو الكلاليب جهازه المربوط بالحبل حتى يغطس فــــــي ماء البئر ثم يبدأ بتحريكه يمنة ويسرة أو بشكل دائري حتى تعلـ ـق الكلاليب بالدلو فينتشله .
أما اذا كان الفريق جربوعا أو قطــة فلا يكتفى بسحبه من البئر بـــــــك لابد من نضح كمية من المياه يحددها الشيخ وقد تصل الأربعين دلوا أو أكثر، حتى يطهر البئر ويصبح صالحا للاستعمال وكانت مهمة النضح تقوم بها النساء .
ب - مياه العاصي :
وتقسم الى قسمين :
١ - مياه مجرى النهر وسنتعرض لها في سياق الحديث .
۲ - مياه الساقية : ونقصد بها مجرى الماء الذي كان يخرج من جنوب سد البحرة القديم، ويسير متعرجا ، حتى حمص فيسقي البساتين الواقعة على الضفة اليمنى للنهر بين البحرة وبين حمص ليس لدينا أي وثيقة قبل النصف الأول من القرن السادس الهجري ، النصف
تعليق