الكنيسة المسيحية القبطية Coptic Church إحدى الكنائس الأرثوذكسية الشرقية اللاخلقيدونية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكنيسة المسيحية القبطية Coptic Church إحدى الكنائس الأرثوذكسية الشرقية اللاخلقيدونية

    القبطية (الكنيسة ـ)

    الكنيسة المسيحية القبطية Coptic Church إحدى الكنائس الأرثوذكسية الشرقية اللاخلقيدونية، وتمثلها بطريركية الإسكندرية وسائر الكرازة المرقصية للأقباط الأرثوذكس، ومقرها القاهرة،في مصر، وتقدر رعيتها بنحو ثمانية ملايين نسمة.
    بنيت الكنيسة القبطية على تعاليم القديس مرقص Markus، أحد الإنجيليين الذي كتب أول إنجيل[ر]، وبشَّر بالمسيحية في مصر، في أثناء حكم «نيرون» في القرن الأول للميلاد. ويقدر عمرها بأكثر من تسعة عشر قرناً.
    قامت الكنيسة القبطية بدور مهم في اللاهوت المسيحي[ر]، خاصة في الدفاع عن الإيمان والعقيدة المسيحية، وحمايتها من الهرطقات الغنوصية[ر]. فقد كتب قانون مجمع نيقية 325مNicaea ، الذي تقرِّهُ كنائس العالم أجمع، أحد أبناء الكنيسة القبطية أثناسيوس Athanasius بابا الإسكندرية، الذي استمر على كرسيه مدة 46 عاماً (327ـ373م).
    وأسهمت الكنيسة القبطية في الحفاظ على آلاف النصوص، والدراسات اللاهوتية والإنجيلية، التي كانت من أهم المصادر في علم الآثار، وعملت على ترجمة الكتاب المقدس[ر] إلى اللغة القبطية في القرن الثاني الميلادي. وتوجد اليوم مئات الآلاف من المخطوطات القبطية في مكتبات العالم أجمع ومتاحفها وجامعاتها.
    كما أسهمت مدرسة الإسكندرية المسيحية، التي تأسست نحو عام 190م، في نشر التعليم الديني المسيحي. فكثير من الأساقفة وآباء الكنيسة الأوائل، من شتى أنحاء العالم، قد نهل من تعاليم هذه المدرسة، أمثال أثناغورَس Athanagoras، وكليمنت Clement، وأوريجين Origen. وقد تم إحياء المدرسة اللاهوتية لمدرسة الإسكندرية المسيحية عام 1893م. ولديها اليوم مبانٍ جامعية في الإسكندرية والقاهرة ونيوجرسي، ولوس أنجلوس، حيث يدرس بها المُرَشَّحون لنوال سِرّ الكهنوت، والرجال والسيدات المؤهلون لعديد من العلوم المسيحية كاللاهوت والتاريخ واللغة القبطية والفن القبطي، إضافة إلى الترنيم والأيقنة (صنع الأيقونات) والموسيقى.
    وكان لنشأة الرهبنة[ر] في مصر، في مطلع القرن الرابع، تأثير مهم في تكوين شخصية الكنيسة القبطية في الاتضاع والطاعة، ويعود الفضل في هذا إلى تعاليم وكِتابات آباء برية مِصر العِظام. ومما يذكر أن القديس أنطونيوس، الراهب المسيحي الأول في العالم، كان قبطياً من صعيد مصر. إضافة إلى العديد من مشاهير الآباء الأقباط، أمثال باخوميوس الذي أسَّس نظام الشركة والرهبنة، بولا، ومكاريوس، وموسى الأسود، ومامينا العجايبي. كما أدى بطارِكة وباباوات الإسكندرية دوراً بارزاً في اللاهوت المسيحي، تحت سلطة الامبراطورية الرومانية الشرقية بالقسطنطينية (ضد الامبراطورية الغربية بروما)، فقد ترأس كيرلس بابا الإسكندرية المجمع المسكوني إفسوس الأول Council of Ephesus الذي عقد بمدينة أفسوس في الأناضول سنة 431م، والذي أقر مذهب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية حول طبيعة السيد المسيح، التي تقضي بأن للمسيح طبيعة واحدة ومشيئة واحدة (المونوفيزية) monophysitism أي إن في المسيح أقنوم واحد إلهي اتحد بالطبيعة الإنسانية اتحاداً تاماً بلا اختلاط ولا امتزاج ولا استحالة، وأن السيدة مريم العذراء هي حقاً أم الإله، لأنها لم تلد إنساناً عادياً بل ابن الله المتجسد، وكان ذلك رداً على المذهب النسطوري[ر].
    وفي القرن الرابع، ظهر نزاع لاهوتي بين الأقباط والرومان الناطقين باللغة اليونانية، أو طائفة (رجال الامبراطور) في مصر، فانعكس سلباً في مجمع خلقيدونية Council of Chalcedon عام 451، واتُّهِمَت الكنيسة القبطية (ربما ظُلماً) باتباع تعاليم المونوفيزية، وعلى هذا رفض البابا في مجمع خلقيدونية مذهب أتباع الطبيعة الواحدة (المونوفيزية)، وأقرّ مذهب الطبيعتين والمشيئتين: أي إن للمسيح طبيعتين واحدة إنسانية, وأخرى إلهية - مذهب الكاثوليك (الملكاني) الذي اعتنقته كنيسة روما: أن للمسيح أقنوم إلهي بحت، لكن له ذاتين وكيانين هما الإله والإنسان، وكانت النتيجة أن رفض الأقباط وأغلبية المسيحيين الأقباط في مصر، وكذلك كثير من السوريين قرارات مجمع خلقيدونية، وصاغوا عقيدتهم بالألوهية الكاملة والبشرية الكاملة للمسيح، مثلما فعل القديس سيريل (444م) St. cyril عندما أعلن «الطبيعة الواحدة للرب المتجسد».
    ومع بداية القرن الخامس صارت القبطية هي اللغة السائدة في مصر وأصبحت لغة العلم الوحيدة، وبدأت الكنيسة المصرية تؤكد ذاتها إزاء الكنيسة الكاثوليكية، وكره المصريون اتباع الحكومة الامبراطورية (الملكانيين). وعين في عام 536 في الإسكندرية بطريرك أرثوذكسي اعترف به قسم قليل من المصريين ذوي الأصل اليوناني. أما السكان الأصليون المصريون القدماء المعروفون باسم القبط[ر]، والمتمسكون بالمونوفيزية فقد انتخبوا لأنفسهم بطريركاً عليهم المدعو القبطي، وكونوا الكنيسة القبطية المونوفيزية، ودعوا ذاتهم مسيحيين قبطيين، ودعوا الأرثوذكسيين ملكيين (المتمسكين بتعليم الإيمان الامبراطوري). وبلغ عدد الأقباط المسيحيين آنذاك نحو خمسة ملايين.
    ولم تثبت المونوفيزية بقوة في سورية وفلسطين كما في مصر، ومع ذلك فقد تمكن الأسقف السوري يعقوب البرادعي (578م)Jacob Baradai من جمع شمل جميع المونوفيزيين في سورية وما بين النهرين، وتأليف جمعية سورية كهنوتية مونوفيزية تمركزت في أنطاكية بالاشتراك مع البابا القبطي في الإسكندرية، وعُرف السوريون أصحاب الطبيعة الواحدة باسم اليعاقبة. وكانت هذه الخلافات حول طبيعة المسيح من الأسباب التي فصلت الكنيسة الشرقية عن الكنيسة الغربية.
    ويمثل الصليب الفخر الحقيقي للكنيسة القبطية، إذ يرمز للاضطهاد الذي بدأ مع استشهاد القديس مرقص الرسول (68م). وتأكيداً لحبهم للصليب، اتّخذ الأقباط تقويماً، يطلق عليه تقويم الشهداء، يبدأ عهده يوم السبت الموافق 29 آب/أغسطس 284م، إحياءً لذِكرى شهداء الإيمان في عهد الامبراطور الروماني ديوقليسيان Diocletianus، وما يزال هذا التقويم يستعمله المُزارعون في مصر، لتتبع تغيرات الفصول الزراعية وكذلك في «كتاب الفصول» الذي يُستخدم في القداسات والمناسبات الكنسيّة.
    وقد ازدهرت الكنيسة القبطية وظلَّت مصر مسيحية نحو 4 قرون، بعد الفتح العربي لمصر في القرن السابع، وكان هذا بسبب الوضع الخاص الذي تمتَّع به الأقباط، خاصة أن محمداً rـ نبي الإسلام ـ كان له زوجة مصرية هي ماريا القبطية أم ولده إبراهيم. فقد تسامح الإسلام مع الأقباط كغيرهم من أهل الكتاب ومنحهم حق ممارسة شعائرهم الدينية بحرية واستقلالية، شريطة دفع الجزية. وهكذا ازدهرت الكنيسة وتمتّعت بفترة مسالِمة، على الرغم من القوانين التي تتطلَّب دفع مبالغ إضافية، كانت قد فُرِضَت عليهم في الفترة من 133ـ254هـ/750ـ868م و293ـ324هـ/905ـ935م، تحت حكم العباسيين. وظلَّت اللغة القبطية في تلك الفترة هي اللغة الرسمية للبلاد، ولم تظهر الكتابات بكلتا اللغتين العربية والقبطية قبل منتصف القرن الحادي عشر، أي بعد نحو 500عام من الفتح العربي لمصر، ولكن كان استخدام اللغة العربية واتخاذها لغة رسمية في المُعاملات اليومية بطيئاً.
    ومع بداية القرن التاسع عشر، مع حُكم محمد علي الذي اتّسَم بالاستقرار والتسامُح، تحسنت حال الأقباط، وتمتعت الكنيسة القبطية باستقلالية ذاتية، خاصة أنها ابتعدت عن السياسة والحكم، وتمسكت بالفصل بين الدين والدولة بناءً على قول السيد المسيح: «أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله.» (متى21:22). كما أنها لم تقاوم السلطات أو الغُزاة بناءً على ماقاله السيد المسيح: «رُدّ سيفك إلى مكانه، لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون.»(متى 26: 25).
    الإيمان الكنسي القبطي: الأسرار المقدسة: تؤمن الكنيسة القبطية بسبعة أسرار، سِر المعمودية، وسر الميرون (التثبيت)، وسر التناول، وسر التوبة والاعتراف، وسر الكهنوت، وسر الزيجة، وسر مسحة المرضى.
    الطقوس الإلهية: هناك ثلاثة طقوس أو قداسات أساسية في الكنيسة القبطية: قداس القديس باسيليوس أسقف قيصرية؛ قداس القديس غريغوري نازينزي St. Gregory of Nazianzus أسقف القسطنطينية؛ وقداس البابا كيرلس الأول، البطريرك رقم 24. وتنسب كتب الخدمة المستخدمة في الصلوات إلى القديس مرقص (باللغة اليونانية وقد ترجمه للقبطية البابا كيرلس الأول)، وإلى القديس غريغوري (باللغة القبطية- لهجة الإسكندرية البحيرية). وحتى اليوم، ما تزال هذه القداسات الثلاثة تُستخدم في الصلاة، مع بعض المقاطع المُضافة (مثل الشفاعات). والجدير بالذكر أن القداس الباسيلي هو الأكثر استخداماً في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. ويستعمل في طقوس القداس القبطي بضع آلات إيقاع تشبه الآلات المصرية القديمة عرفت من النماذج الجصّية.
    الشفاعة: ترفض الكنيسة القبطية تماماً عبادة القديسين، لكنها تطلب شفاعاتهم، (كطلب شفاعة السيدة مريم العذراء[ر])، وهذا أمر ثابت في أي صلاة قبطية، وتسمى كل كنيسة قبطية باسم قديس شفيع.
    المواسم والأعياد: يحتفل الأقباط بسبعة أعياد سيدية كُبرى، وسبعة أعياد سيدية صُغرى. فالأعياد السيدية الكبرى هي عيد البشارة وعيد الميلاد (الذي يُحتفل به في 7 كانون الثاني من كل عام)، وعيد الظهور الإلهي (الغطاس)، وأحد الزعف (الشعانين) والقيامة، والصعود، وعيد العنصرة. أما عن الأعياد السيدية الصُغرى، فهي عيد الختان، ودخول السيد المسيح إلى الهيكل، ومجيئه إلى أرض مصر، وعيد عُرس قانا الجليل، والتجلي، وخميس العهد، وعيد تجديد توما. والتاريخ الكنسي القبطي حافِل بأعياد أخرى واحتفالات بذكرى استشهاد أو انتقال القديسين المشهورين (أمثال مار مرقص، مار مينا، مار جرجس، القديس تكلا هيمانوت Hymanot، والشهيدة بربارة، والملاك ميخائيل، عيد النيروز.).
    الصيام: يؤمن الأقباط بمواسم للصوم غير موجودة في أي طائفة مسيحية أخرى، إذ يصوم الأقباط أكثر من 210أيام وفي الصوم لا يُسمح بتناول أي من منتجات الحيوانات (اللحوم، الدواجن، اللبن، البيض، الزبدة.). وكذلك لا ُيسمح بتناول أي طعام أو شراب من شروق الشمس حتى غروبها. وغالباً ما تُبَسَّط قواعد الصوم الانقطاعي الصارمة هذه بصورة فردية، حسب حالة كل شخص من حيث المرض أو الضعف أو السن أو غيره. ويعد الصوم الكبير أهم صوم يهتم به الأقباط، ويبدأ بأسبوع صوم كمقدمة له، يتبعه 40 يوماً كذكرى لصوم السيِّد المسيح الأربعين يوماً على الجبل، يتبعها أسبوع الآلام (اسمه البصخة Pasqua)، الذي يعد ذروة هذا الصوم. وهو يمثل أحداث أسبوع الآلام كلها وحتى الصلب في الجمعة العظيمة، وينتهي بعيد القيامة المُفْرِح. ومن الصيام صوم مجيء السيد المسيح للعالم بالميلاد، وصوم الرسل، وصوم السيِّدة العذراء مريم، وصوم يونان.
    رئاسة الكنيسة: يرأس الكنيسة القبطية بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقصية، ومقره القاهرة، ومن دونه الآباء الأساقفة، الذين يشرفون بدورهم على الآباء الكهنة بالأبرشيات. ويجب أن يكون كل من البطريرك والأساقفة رهباناً، وجميعهم أعضاء في المجمع المقدس، يجتمعون بصورة دورية. ويوجد اليوم أكثر من 60 أسقفاً قبطياً يباشرون عمل الأبرشيات داخل مصر وخارجها. وتقع المسؤولية الرعوية الرئيسية للمجتمع القبطي في أي أبرشية على عاتق الآباء الكهنة والقساوسة، ويتوجب عليهم الدراسة في الكلية الإكليريكية قبل رسامتهم. وهناك طائفتان أخريان غير كهنوتيتين تهتمان بشؤون الكنيسة. الأولى تُنتَخَب عن طريق المجلس الملي القبطي، الذي ظهر على الساحة عام 1883م، ليصبح هو الطريق ما بين الكنيسة والحكومة، وقد ساعد ذلك الكنيسة الأرثوذكسية القبطية تطوير نظام حكومة ديمقراطي بعد عام 1890، فقد نظّمت البطريركية و12 من الأساقفة الأبرشيون، بمساعدة المجالس الجماعية، تمويل الكنائس والمدارس وإدارة القواعد المتعلّقة بالزواج والميراث، وأمور أخرى من الأمور الشخصية. والثانية هو مجلس الأوقاف القبطي، وظهر على الساحة عام 1928م. ليباشر ويُراقِب إدارة أوقاف الكنيسة القبطية من خلال القانون المصري.
    وفي القرن الماضي، أدت الكنيسة القبطية دوراً مهماً في الحركة المسيحية العالمية، فالكنيسة القبطية أول من أنشأ «مجلس الكنائس العالمي»، وقد ظلّت عضواً في هذا المجلس حتى عام 1948م. وهي أيضاً عضو في «مجلس كنائس إفريقيا»، و«مجلس كنائس الشرق الأوسط». وللكنيسة القبطية دور مهم في إدارة الحوار لحل الخلافات الجوهرية بينها وبين كنائس الكاثوليك، والأرثوذكس الشرقيين، والمشيخيين، والبروتستنت.
    وتتوزع الكنائس القبطية في دول عدة بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والنمسا وهولندا والبرازيل والعديد من الدول الأخرى بآسيا وإفريقيا كمصر وأثيوبيا والنوبة والحبشة، والقدس، وهناك أسقفية قبطية في الخرطوم (في السودان). كما تتصل الكنائس الأثيوبية والأرمنية والكنائس السورية اليعقوبية بالكنيسة الأرثوذكسية القبطية. وجميعهم يصلي من أجل وحدة كل الكنائس المسيحية، ومن أجل سلام العالم، ومن أجل خير الجنس البشري كله.
    سوسن بيطار
يعمل...
X