قادري (محمد ـ)
(1615ـ 1658)
ولد محمد قادري (داراشكوه) وهو الابن الأكبر لشاهجنان جهانكير الملك الكوركاني وولي العهد في مدينة أجمير الهندية، وكانت أمه أرجمند بانو إيرانية الأصل. صار قادري قائداً للجيش، وفي عام 1654م هُزِم أخو أورنك زيب في محاولة لاستعادة مدينة قندهار من إيران، فحاصرها محمد لكنه لم يستطع أن يفتحها؛ ممّا أوهن من مكانته السياسية والعسكرية، وتسبب في بروز خلافات كثيرة مع إخوته، خصوصاً أورنك زيب الذي كان محنكاً وذا خبرة سياسية وعسكرية. أدى توجهه نحو العرفان والتصوف الإسلامي، واطلاعه على الديانات الهندية وترجمة آثارها إلى الفارسية إلى اتهامه بالإلحاد من قبل أخيه أورنك زيب الذي اتفق مع إخوته واحتلّوا مدينة دلهي، وفي حرب ضروس هُزِم فيها قادري وقُبِض عليه بعد محاولته اللجوء إلى إيران، وقُطِع رأسه بأمر أورنك زيب بتهمة الكفر والإلحاد.
اهتمّ قادري بالتحصيل العلمي منذ السادسة فتتلمذ على يد أساتذة كبار كالميرزا أبو القاسم فندرسكي أستاذ الفلسفة والعرفان الإسلامي آنذاك، كما أتقن الرسم والخط على يد الفنانين الكبار في البلاط؛ فمن أولئك الأساتذة الكبار في الهند الشيخ ميرك إذ تعلم قادري منه العلوم الدينية والأدبية والعرفانية، وكان له تأثير بالغ في توجه قادري نحو العرفان والتصوف، واختار لنفسه لقب «قادري» في الشعر.
اطلع قادري على الفلسفة الهندوسية عميقاً؛ فأسس مدرسة المقارنة بين التصوف والعرفان الإسلامي وديانات الهندوس، فبيّن من خلال مدرسته أنه بالرغم من إلحاد الهندوس الظاهري إلا أنه توجد بعض التشابهات لديهم مع نظرية وحدة الوجود في الفلسفة الإسلامية. وطالع التوراة والإنجيل وكان يقول: «تنبع جميع الأديان من أصل واحد وتتشابه أفكار الهندوس والمتصوفة الإسلاميين بشكل كبير». وكان يهدف من وراء ذلك إلى توحيد المسلمين والهندوس سلمياً، كما فعل جدّه أكبر شاه الكوركاني، فخالفه علماء عصره وكذلك أخوه أورنك زيب ممّا أدى إلى قتله.
كانت الفارسية عند قادري اللغة الأم، فكان على اطّلاع واسع بالشعر والأدب الفارسي وخصوصاً الأدب العرفاني منه، أما شعره فَوَفْق الطريقة الصوفية وعلى منهج أخلاقي تعليمي يحتوي مضامين إسلامية، لكن يمكن القول إن مشاعر وأحاسيس الشاعر ليست قوية، ولم يطّلع عليها الناس حينذاك، فبقيت طيّ النسيان حتى القرن العشرين. ثم طُبِع له في جامعة بنجاب لاهور عام 1969ديوان مؤلَّف من 216بيتاً في الغزل و148رباعية.
ألف وترجم قادري كتباً كثيرة في مجال العرفان الإسلامي والفلسفة الهندية وكان من أهمها: «سفينة الأولياء» عن النبيr والخلفاء الراشدين والأئمة الإثني عشر ومشايخ الصوفية، و«سكينة الأولياء» في أحوال الشيخ عبد القادر الجيلاني ومشايخ سلسلة القادرية، و«اوبانيشاد» أو «التعاليم الهندوسية السرية» وترجمه في خمسين جزءاً عن النص السنسكريتي إلى اللغة الفارسية، بمساعدة علماء الهندوس، و«الرسائل العرفانية» و«الإكسير الأعظم» وهو ديوانه الشعري، وترجمة كتاب «بهاغاڤات غيتا» أو «الأناشيد الإلهية» (1068) Bhagavat gita و«طريقة الحقيقة» وهو رسالة في المعارف.
علي أنصاريان
(1615ـ 1658)
ولد محمد قادري (داراشكوه) وهو الابن الأكبر لشاهجنان جهانكير الملك الكوركاني وولي العهد في مدينة أجمير الهندية، وكانت أمه أرجمند بانو إيرانية الأصل. صار قادري قائداً للجيش، وفي عام 1654م هُزِم أخو أورنك زيب في محاولة لاستعادة مدينة قندهار من إيران، فحاصرها محمد لكنه لم يستطع أن يفتحها؛ ممّا أوهن من مكانته السياسية والعسكرية، وتسبب في بروز خلافات كثيرة مع إخوته، خصوصاً أورنك زيب الذي كان محنكاً وذا خبرة سياسية وعسكرية. أدى توجهه نحو العرفان والتصوف الإسلامي، واطلاعه على الديانات الهندية وترجمة آثارها إلى الفارسية إلى اتهامه بالإلحاد من قبل أخيه أورنك زيب الذي اتفق مع إخوته واحتلّوا مدينة دلهي، وفي حرب ضروس هُزِم فيها قادري وقُبِض عليه بعد محاولته اللجوء إلى إيران، وقُطِع رأسه بأمر أورنك زيب بتهمة الكفر والإلحاد.
اهتمّ قادري بالتحصيل العلمي منذ السادسة فتتلمذ على يد أساتذة كبار كالميرزا أبو القاسم فندرسكي أستاذ الفلسفة والعرفان الإسلامي آنذاك، كما أتقن الرسم والخط على يد الفنانين الكبار في البلاط؛ فمن أولئك الأساتذة الكبار في الهند الشيخ ميرك إذ تعلم قادري منه العلوم الدينية والأدبية والعرفانية، وكان له تأثير بالغ في توجه قادري نحو العرفان والتصوف، واختار لنفسه لقب «قادري» في الشعر.
اطلع قادري على الفلسفة الهندوسية عميقاً؛ فأسس مدرسة المقارنة بين التصوف والعرفان الإسلامي وديانات الهندوس، فبيّن من خلال مدرسته أنه بالرغم من إلحاد الهندوس الظاهري إلا أنه توجد بعض التشابهات لديهم مع نظرية وحدة الوجود في الفلسفة الإسلامية. وطالع التوراة والإنجيل وكان يقول: «تنبع جميع الأديان من أصل واحد وتتشابه أفكار الهندوس والمتصوفة الإسلاميين بشكل كبير». وكان يهدف من وراء ذلك إلى توحيد المسلمين والهندوس سلمياً، كما فعل جدّه أكبر شاه الكوركاني، فخالفه علماء عصره وكذلك أخوه أورنك زيب ممّا أدى إلى قتله.
كانت الفارسية عند قادري اللغة الأم، فكان على اطّلاع واسع بالشعر والأدب الفارسي وخصوصاً الأدب العرفاني منه، أما شعره فَوَفْق الطريقة الصوفية وعلى منهج أخلاقي تعليمي يحتوي مضامين إسلامية، لكن يمكن القول إن مشاعر وأحاسيس الشاعر ليست قوية، ولم يطّلع عليها الناس حينذاك، فبقيت طيّ النسيان حتى القرن العشرين. ثم طُبِع له في جامعة بنجاب لاهور عام 1969ديوان مؤلَّف من 216بيتاً في الغزل و148رباعية.
ألف وترجم قادري كتباً كثيرة في مجال العرفان الإسلامي والفلسفة الهندية وكان من أهمها: «سفينة الأولياء» عن النبيr والخلفاء الراشدين والأئمة الإثني عشر ومشايخ الصوفية، و«سكينة الأولياء» في أحوال الشيخ عبد القادر الجيلاني ومشايخ سلسلة القادرية، و«اوبانيشاد» أو «التعاليم الهندوسية السرية» وترجمه في خمسين جزءاً عن النص السنسكريتي إلى اللغة الفارسية، بمساعدة علماء الهندوس، و«الرسائل العرفانية» و«الإكسير الأعظم» وهو ديوانه الشعري، وترجمة كتاب «بهاغاڤات غيتا» أو «الأناشيد الإلهية» (1068) Bhagavat gita و«طريقة الحقيقة» وهو رسالة في المعارف.
علي أنصاريان