الخطب والمناقشات :
قبل اختراع المذياع كانت الصحف هي الوسيلة الوحيدة لنقل. الخطب العامة والبيانات والمناظرات والمخابرات والاحاديث والعظات والمناقشات . والآن مع قيامه بهذه المهمة لا تزال للصحف مكانتها الى جانبه من حيث تلخيص هذه الموضوعات وتركيزها للقراء . ولذا فكل يذاع بالراديو من هذا القبيل يعتبر مادة للصحافة لا تنضب ، ويعتمد عليها المحررون كثيراً لانها أضحت تلعب دوراً هاماً في حياة الناس وفي سائر الامكنة . وقد بلغت حداً الكثرة الصحف على اختيار الاصلح منها فقط ، وترك الباقي كلياً أو الاكتفاء بالاشارة اليه . وأول ما يعني به المخبر في هذه المجالات هو أن يتحقق من الاسم الكامل للخطيب ووظيفته ومؤهلاته ، وكذلك شخصيات رئيس الاجتماع والمشرفين عليه . ويجب أن يعرف الغرض الاجتماع وعدد الحاضرين وصبغتهم . كما يجتهد للظفر بحديث خاص انتهاء محاضرته أو خطبته ، ليسأله توضيح بعض النقط التي وردت غامضة أثناء حديثه . وقد يطلب منه معلومات أو احصاءات تساعد القراء على تكوين فكرة أوضح عن الموضوع . وغالباً ما يحصل المخبر مقدماً على نسخة من الخطبة ، وتكون مهمته بعدها أن ينصت الى المحاضر ويدون بعض ملاحظات على الهامش . ولا تغنيه هذه النسخة فقد تحدث مفاجأة غير متوقعة كتغيير موعد الالقاء ، أو الخروج . في ، أو غير ذلك مما قد يكون أهم من الخطاب نفسه ، كما أنه لا يستغني عن التعرض لوضع المستمعين ووصف أثر الخطاب في نفوسهم . أما اذا لم يحصل عليها فيضطر الى تدوين الخطاب بسرعة أثناء القائه ، وحينئذ لا يستطيع أن يدون كل شيء وقد تفوته فقرات هامة ، وقد الخير له في تلك الحالة أن يصغي باهتمام ولا يدون الا ما يراه هاماً . حتى اذا انتهى الأمر أسرع بكتابة ملخص واف لما في ذاكرته مستعيناً بما دونه من ملاحظات ، فذلك أفضل من الاختزال الذي يجعل المخبر يهتم بالتفاصيل الدقيقة دون النقط الهامة .
أما في المناقشات البرلمانية فينبغي العناية التامة بالموضوع الاساسي للمناقشة ، لا سيما بالنسبة للمتكلمين البارزين فيعرض الى كيفية دخول كل منهم في الموضوع ، وطريقة الاقناع ، والرأي الذي يدافع عنه ويسوق من أجل اثباته حججه وبراهينه . ثم يسير في تقريره على النظام التي سارت فيه الجلسة ، دون أن ينسى الجو العام الذي كان يكتنفها أن يجتمع بالاعضاء الذين سيتكلمون قبل الجلسة ليتعرف مقدماً على رأيهم ونياتهم . وعليه أن يؤجل كتابة البيانات والخطب الطويلة الى نهاية التقرير الذي يكتبه ، فاذا ما وصل الى وصف نهاية الجلسة اهتم بذلك اهتماماً خاصاً ، وبين كيف وصل الاعضاء فيها الى قراراتهم ، ثم استعرض هذه القرارات بالتفصيل . وبامكانه في هذه الحالة ان يعتمد على مضبطة مجلس النواب ان أمكن ، ويدخل عليها بعض الحواشي ، ويقسمها الى فقرات ، ويجعل لها عنوانات حتى يدفع حين قراءتها الملل والسأم عن القارئين . وفي مثل هذه التقارير يتعاون عادة مندوبو الصحف المختلفة على أداء هذه المهمة ويتقاسمون وقت العمل ، وباعتبار ان كلا منهم يستعمل ورق الكربون فانه يتوفر لزملائه الآخرين عدد كاف مما نسخ في دوره من هذا الاجتماع .
أما المؤتمرات الدبلوماسية فباعتبار انها كثيراً ما تعقد بصفة سرية ، لا يتمكن الصحفيون من حضورها الا في الجلسات الافتتاحية التي تحتوي على جدول الاعمال والقاء كلمات الترحيب . ثم يمضي المؤتمر بعدها في جلساته . أن الصحف بالحضور الا في حالات خاصة ، ومن أجل هذا يصعب على الصحفي الحصول على تقارير هذه الجلسات . وحتى لو حصل عليها لا تفيده كثيرا لانه انما بالطريقة الفنية التي تعالج بها الصحف هذه المؤتمرات السياسية لا بالناحية التاريخية . لذلك فان عادة الصحف أن تكتب عنها بايجاز شديد في أول الامر ، حتى اذا تمت الجلسة الاخيرة بذلت جهودهـا لتحصل على المقررات المشتركة التي ستصدر ببيان . وفيها يعبرون عن آرائهم واتجاهاتهم وما اتفقوا عليه وما لم يتفقوا عليه من الامور . ويجب على الصحفي قبل كتابة تقريره أن يدرس موضوعه جيداً ، ثم يحرص على حضور الجلسات اذا تمكن من ذلك . فاذا لم يتمكن حضر قريباً من مكان الاجتماع ، ليتصل بمن يستطيع من المجتمعين فيتصيد منهم بعض الانباء . وبذلك . يجمع معلوماته عن . طريق الاحاديث والقرارات والبيانات حول موضوع التقرير الذي يريد كتابته . فاذا تم له ذلك بادر الى الكتابة ، مستعينا بأرشيف الجريدة اذا وجد فيه ما يفيده . مراعياً ان تكون كتابته على نسق قريب من القصة الاخبارية ، وذلك بأن يكون له صدر وجسم وصلب ، مع اعطاء التفاصيل حقها من العناية . اما القرارات والبيانات الرسمية فيوردها كما جاءت ، لانها وثائق رسمية يرجع اليها حين الضرورة ، وبامكانه أن ينشرها مستقلة عن التقرير وفي مكان مجاور له .
وهناك اعتبارات كثيرة تحدد أهمية أي خطاب أو محاضرة . أولها شخصية المتحدث ومكانته الاجتماعية ، ثم مدى اختصاصه في الموضوع، ثم المناسبة والظروف التي القي فيها الخطاب ، ثم الاثر الذي يتركه في نفوس المستمعين ، ثم الجدة لان بعض رجال السياسة خاصة يرددون خطبا قالوها من قبل في أماكن أخرى . وأدق ميزان للحكم على أهمية خطاب ما هو المستمع نفسه . فالاثر الذي يتركه الخطاب في نفس المخبر عند سماعه هو نفس الاثر الذي يتركه في نفس قارىء الصحيفة عند مطالعته . وكمية هذا الاثر التي تحدد الاهمية . وانفعال الجمهور المستمع يساعد الصحفي على التأكد من حكمه .
والصحفي المحظوظ هو الذي يقع على خطيب أو محاضر يستولي على احساس مستمعيه بعبارات قوية وتعقيبات لاذعة ونقاط هامة تصلح لجعلها مقدمات أو لوضعها في اطار مع الموضوع تأكيداً لاهميتها و ابرازاً لها وتجميلاً لعرض الموضوع . ويمكن له وهو يبدأ في صياغة ما المقدمة أهم نقط يهدف اليها المحاضر ، لان اسم الخطيب أو عنوان المخطبة أو مكانها لا ان يكون افتتاحية المقدمة . فاذا تم له وضع المقدمة جرى في صياغة بقية الخطبة كما يلي : « ملخص - عبارة منقولة - ملخص - عبارة منقولة ـ الخ ) .
تعليق