بناء المجتمعات الجديدة
يشير مصطلح تخطيط المدن عادة إلى محاولة تحسين الأوضاع الراهنة للمجتعات. كما قد يشير أيضًا إلى تنمية مجتمعات حضرية جديدة، تقوم بها الحكومات والشركات الخاصة. هذه المجتمعات الجديدة تختلف عن الضَّواحي. فمعظم الضواحي مصممة بصورة رئيسية، مناطق سكنية للناس الذين يعملون في المدن المجاورة. أما المجتمعات الجديدة فتخطط على أساس أنها مكتفية ذاتيًا، إما بصورة كلية أو جزئية، أي أنها توفر لساكنها أماكن للعمل أيضًا.
وتختلف المدن الجديدة من حيث درجة الاكتفاء الذاتي ومن حيث الموقع. ويحاول مخططو المدن الجديدة الكبيرة أن يضمنوا توفر العدد الكافي من المرافق والخدمات والفرص الوظيفية لكل سكانها. ولهذا فهي تبنى على مسافة بعيدة من المدن الموجودة. وعلى هذا الأساس، بنت الحكومة البرازيلية مدينة برازيليا في منتصف القرن العشرين بعيدًا عن مركز الثقل السكاني للدولة. والمدن الجديدة مشاريع باهظة التكاليف. ولهذا تعد كل من مدينتي برازيليا وكانبرا في أستراليا، من بين مدن قليلة شيدت بالكامل.
أما المدن الجديدة الصغيرة أو البلدات ،فإنها توفر وظائف لمعظم سكانها. ولكنها أيضًا تعتمد على المدن المجاورة في كثير من الوظائف. ولهذا بُنيت معظم هذه المدن على مسافة قريبة من مدن كبرى، بل إن بعضها يعدُ جزءًا من هذه المدن الكبرى.
وتعد بريطانيا والدول الأسكندنافية من بين الدول الرائدة في بناء المدن الجديدة. وتوفر حكومات هذه الدول المعونات اللازمة لتنمية المدن الجديدة، بما في ذلك الأموال والسلطة، لشراء ما تحتاجه من الأراضي. وفي بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية، يعدُ القطاع التجاري الخاص الممول الرئيسي لتنمية المدن الجديدة. وبما أن تنمية المدن الجديدة عملية بطيئة ومكلفة، فكثير من رجال التنمية في القطاع الخاص لا يرغبون في الدخول في مثل هذه المشاريع. إضافة إلى عدم تمكنهم من الحصول على الأراضي لإنشاء المدن الجديدة بصفة دائمة.
النقد الموجّه لتخطيط المدن
مع أن الكثير من الناس يعجبون بأهداف تخطيط المدن، إلا أن البعض ينتقد الأساليب المستخدمة لتحقيق هذه الأهداف. ومن الانتقادات الرئيسية الموجهة لتخطيط المدن النفقات الباهظة، وسيطرة الحكومة على تخطيط المدن، والتركيز الخاطئ على بعض الأهداف.
النفقات الباهظة:
تعد النفقات الباهظة أكثر الانتقادات الموجهّه لتخطيط المدن شيوعًا. ففي الدول التي يدفع فيها الناس الضرائب يدّعي المنتقدون أن نفقات تنفيذ الخطة التوجيهية للمدن الجديدة، تضع عبئًا كبيرًا على المواطنين، وأن مخططي المدن يحاولون تحقيق أكثر مما ينبغي في آن واحد.
سيطرة الحكومة:
يعترض بعض الناس على استخدام الحكومة سلطتها لإجبار الأفراد على بيع ملكياتهم وتجديد استخدامها. فهم يرون في استخدام هذه السلطة مخالفة لحق المالك في التصرف في ملكه. وفي الأنظمة الديمقراطية يعترض البعض الآخر على دور مخطط المدن بصفته صانع قرار لم ينتخب رسميًا.
التركيز الخاطئ:
يشكو بعض النقاد من أن المخططين يهتمون بتجميل المدن، ومساعدة أصحاب الأعمال التجارية، أكثر من اهتمامهم بحل المشاكل الاجتماعية كالازدحام السكاني وانتشار ظاهرة التلوث مثلا. ويتهم هؤلاء النقاد التغيرات، التي أحدثت في البنية العمرانية بأنها قد تزيد من المشاكل الاجتماعية، كما أنها لاتأخذ في الاعتبار احتياجات الناس. فمثلاً إقامة مباني الشقق الفاخرة محل المباني المتداعية، ينتج عنه فقدان للمساكن الرخيصة الثمن.
يعتقد بعض الناس أن مخططي المدن يولون اهتمامًا كبيرًا بمستقبل المدن واهتمامًا غير كافٍ بالمشاكل الحالية. ومع ذلك، فإن هناك من ينتقدون مخططي المدن، لمحاولتهم المساعدة في حل المشاكل اليومية. ويعتقد هؤلاء الناس أن على المخطط أن يهتم بالبرامج طويلة المدى ؛ لأنه المسؤول المباشر عن مستقبل تنمية المجتمعات.
تقليل النقد:
يحتاج مخططو المدن إلى الدعم الشعبي، ولهذا فهم يعملون على التقليل من النقد الموجه لأساليبهم. فكثير من المدن تُجَدْوِلُ مشاريعها التخطيطية على فترات زمنية متباعدة، لتخفف من العبء المالي لدافعي الضرائب. ويأمل مخططو المدن في أن زيادة التخطيط الموجَّه ـ الذي يعطي الجمهور دورًا أكبر في العملية التخطيطة ـ تساعد على التقليل من النقد. كما أنهم يأملون في أن الكثير من الناس، سوف يقتنعون بقيمة تخطيط المدن، عندما يشاهدون المشاريع التي تمَّ إنجازها.
نبذة تاريخية
هذا الجزء من المقالة يلقي الضوء على بعض الجوانب المهمة لتطور تخطيط المدن عبر التاريخ، منذ نشأتها عام 3500 ق.م تقريبًا.
وللإلمام بتفصيل أكثر عن المدن ونموها خلال العصور، ★ تَصَفح: المدينة.
العصور القديمة:
حدد سكان المدن القديمة مناطق للقاءات ومناطق للترويح، ومناطق للتجارة، وأخرى للعبادة. كما بنى الكثير منهم أسوارًا حول مستوطناتهم لحمايتها من الغزاة. وتعدُ مجموعات المباني العامة والتذكارية من بين أبرز الشواهد على تخطيط المدن في العصور القديمة. ولقد كانت أَثينَا ورُوما مشهورتين بصفة خاصة بمبانيهما العامة التذكارية. ★ تَصَفح: أثينا ؛ روما.
ويعتقد المؤرخون أن هبودامُوس وهو معماري إغريقي قديم، طوّر أول النظريات المنظِّمة لتخطيط المدن. ويشتمل عمله على خطط لاستعمالات الأراضي ومواقع الطرق والمباني في مدينتي ميليتوس وبِيرس.
يشير مصطلح تخطيط المدن عادة إلى محاولة تحسين الأوضاع الراهنة للمجتعات. كما قد يشير أيضًا إلى تنمية مجتمعات حضرية جديدة، تقوم بها الحكومات والشركات الخاصة. هذه المجتمعات الجديدة تختلف عن الضَّواحي. فمعظم الضواحي مصممة بصورة رئيسية، مناطق سكنية للناس الذين يعملون في المدن المجاورة. أما المجتمعات الجديدة فتخطط على أساس أنها مكتفية ذاتيًا، إما بصورة كلية أو جزئية، أي أنها توفر لساكنها أماكن للعمل أيضًا.
وتختلف المدن الجديدة من حيث درجة الاكتفاء الذاتي ومن حيث الموقع. ويحاول مخططو المدن الجديدة الكبيرة أن يضمنوا توفر العدد الكافي من المرافق والخدمات والفرص الوظيفية لكل سكانها. ولهذا فهي تبنى على مسافة بعيدة من المدن الموجودة. وعلى هذا الأساس، بنت الحكومة البرازيلية مدينة برازيليا في منتصف القرن العشرين بعيدًا عن مركز الثقل السكاني للدولة. والمدن الجديدة مشاريع باهظة التكاليف. ولهذا تعد كل من مدينتي برازيليا وكانبرا في أستراليا، من بين مدن قليلة شيدت بالكامل.
أما المدن الجديدة الصغيرة أو البلدات ،فإنها توفر وظائف لمعظم سكانها. ولكنها أيضًا تعتمد على المدن المجاورة في كثير من الوظائف. ولهذا بُنيت معظم هذه المدن على مسافة قريبة من مدن كبرى، بل إن بعضها يعدُ جزءًا من هذه المدن الكبرى.
وتعد بريطانيا والدول الأسكندنافية من بين الدول الرائدة في بناء المدن الجديدة. وتوفر حكومات هذه الدول المعونات اللازمة لتنمية المدن الجديدة، بما في ذلك الأموال والسلطة، لشراء ما تحتاجه من الأراضي. وفي بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية، يعدُ القطاع التجاري الخاص الممول الرئيسي لتنمية المدن الجديدة. وبما أن تنمية المدن الجديدة عملية بطيئة ومكلفة، فكثير من رجال التنمية في القطاع الخاص لا يرغبون في الدخول في مثل هذه المشاريع. إضافة إلى عدم تمكنهم من الحصول على الأراضي لإنشاء المدن الجديدة بصفة دائمة.
النقد الموجّه لتخطيط المدن
مع أن الكثير من الناس يعجبون بأهداف تخطيط المدن، إلا أن البعض ينتقد الأساليب المستخدمة لتحقيق هذه الأهداف. ومن الانتقادات الرئيسية الموجهة لتخطيط المدن النفقات الباهظة، وسيطرة الحكومة على تخطيط المدن، والتركيز الخاطئ على بعض الأهداف.
النفقات الباهظة:
تعد النفقات الباهظة أكثر الانتقادات الموجهّه لتخطيط المدن شيوعًا. ففي الدول التي يدفع فيها الناس الضرائب يدّعي المنتقدون أن نفقات تنفيذ الخطة التوجيهية للمدن الجديدة، تضع عبئًا كبيرًا على المواطنين، وأن مخططي المدن يحاولون تحقيق أكثر مما ينبغي في آن واحد.
سيطرة الحكومة:
يعترض بعض الناس على استخدام الحكومة سلطتها لإجبار الأفراد على بيع ملكياتهم وتجديد استخدامها. فهم يرون في استخدام هذه السلطة مخالفة لحق المالك في التصرف في ملكه. وفي الأنظمة الديمقراطية يعترض البعض الآخر على دور مخطط المدن بصفته صانع قرار لم ينتخب رسميًا.
التركيز الخاطئ:
يشكو بعض النقاد من أن المخططين يهتمون بتجميل المدن، ومساعدة أصحاب الأعمال التجارية، أكثر من اهتمامهم بحل المشاكل الاجتماعية كالازدحام السكاني وانتشار ظاهرة التلوث مثلا. ويتهم هؤلاء النقاد التغيرات، التي أحدثت في البنية العمرانية بأنها قد تزيد من المشاكل الاجتماعية، كما أنها لاتأخذ في الاعتبار احتياجات الناس. فمثلاً إقامة مباني الشقق الفاخرة محل المباني المتداعية، ينتج عنه فقدان للمساكن الرخيصة الثمن.
يعتقد بعض الناس أن مخططي المدن يولون اهتمامًا كبيرًا بمستقبل المدن واهتمامًا غير كافٍ بالمشاكل الحالية. ومع ذلك، فإن هناك من ينتقدون مخططي المدن، لمحاولتهم المساعدة في حل المشاكل اليومية. ويعتقد هؤلاء الناس أن على المخطط أن يهتم بالبرامج طويلة المدى ؛ لأنه المسؤول المباشر عن مستقبل تنمية المجتمعات.
تقليل النقد:
يحتاج مخططو المدن إلى الدعم الشعبي، ولهذا فهم يعملون على التقليل من النقد الموجه لأساليبهم. فكثير من المدن تُجَدْوِلُ مشاريعها التخطيطية على فترات زمنية متباعدة، لتخفف من العبء المالي لدافعي الضرائب. ويأمل مخططو المدن في أن زيادة التخطيط الموجَّه ـ الذي يعطي الجمهور دورًا أكبر في العملية التخطيطة ـ تساعد على التقليل من النقد. كما أنهم يأملون في أن الكثير من الناس، سوف يقتنعون بقيمة تخطيط المدن، عندما يشاهدون المشاريع التي تمَّ إنجازها.
نبذة تاريخية
هذا الجزء من المقالة يلقي الضوء على بعض الجوانب المهمة لتطور تخطيط المدن عبر التاريخ، منذ نشأتها عام 3500 ق.م تقريبًا.
وللإلمام بتفصيل أكثر عن المدن ونموها خلال العصور، ★ تَصَفح: المدينة.
ميلتس مستعمرة يونانية قديمة، واحدة من المدن الأولى التي سيطر نظام الخطة الشبكية على شوارعها التي تقطع الحيز الحضري بشكل منتظم. ويدعى مخططها هبوداموس أبو تخطيط المدن. |
حدد سكان المدن القديمة مناطق للقاءات ومناطق للترويح، ومناطق للتجارة، وأخرى للعبادة. كما بنى الكثير منهم أسوارًا حول مستوطناتهم لحمايتها من الغزاة. وتعدُ مجموعات المباني العامة والتذكارية من بين أبرز الشواهد على تخطيط المدن في العصور القديمة. ولقد كانت أَثينَا ورُوما مشهورتين بصفة خاصة بمبانيهما العامة التذكارية. ★ تَصَفح: أثينا ؛ روما.
ويعتقد المؤرخون أن هبودامُوس وهو معماري إغريقي قديم، طوّر أول النظريات المنظِّمة لتخطيط المدن. ويشتمل عمله على خطط لاستعمالات الأراضي ومواقع الطرق والمباني في مدينتي ميليتوس وبِيرس.