الشّناوي ومصطفى قمر.. النّاقد ضدّ الفنّان!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشّناوي ومصطفى قمر.. النّاقد ضدّ الفنّان!

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	IMG_٢٠٢٣٠٩١١_١٢٣٩٥٣.jpg 
مشاهدات:	5 
الحجم:	36.4 كيلوبايت 
الهوية:	157624 شريف صالح
    يُعرض للفنان مصطفى قمر حاليًا فيلم "أولاد حريم كريم" بعد 18 سنة على عرض الجزء الأول عام 2005 بعنوان "حريم كريم" تأليف زينب عزيز وإخراج علي إدريس. واضح أن الفكرة تستند إلى تتبع مصائر الأبطال، وتنتقل بالرومانسية الكوميدية من كريم نفسه إلى ابنته "رنا رئيس".
    واستأثر السجال المتعلق بالفيلم بالاهتمام، وتحول إلى ترند بعد تصريحات للناقد طارق الشناوي التي وصف فيها الفيلم بأنه "فاشل" ومن "أسوأ الأفلام"، وأن مصطفى قمر انطفأت نجوميته في الغناء، وبالتالي لم يعد يصلح لتقديم فيلم سينمائي ناجح.
    رفض قمر كلام الشناوي واعتبره هجومًا عليه وليس نقدًا بناءً على مشاهدة الفيلم، ودعاه لعدم التطرق إلى أعماله الفنية في أحاديثه مستخدمًا تعبيرات عنيفة، كما طالب جمهوره بالرد عليه، وبطبيعة الحال خرجت الردود عن السيطرة.

    مؤيّدو الشناوي
    انقسمت الآراء والمواقف بين مؤيد للشناوي ضد هجوم قمر عليه، والعكس صحيح أيضًا، فثمة من رأى أن تجارب قمر في السينما والتلفزيون في السنوات الأخيرة لم تقدم أي إضافة، وغالبًا لم ينتبه لها أحد، كما افتقد الفيلم في نسخته الجديدة نجميه الأساسيين وهما ياسمين عبد العزيز والراحل طلعت زكريا.
    ورد قمر على غياب ياسمين بأنه كان مقصودًا أن يصبح البطل أرمل كي يتم التركيز على قصص الأبناء.
    الكاتب الصحافي محمد الباز كان أحد المعلقين على "الترند" ووصف ردود قمر بأنها تستوجب المحاكمة بتهمة السب والقذف، ودعاه للاعتذار عنها.
    مؤيدو قمر
    بطبيعة الحال كان أبرز مؤيدي قمر هم زملاء الفيلم، فالمؤلفة زينب عزيز دخلت على خط الترند، وصرحت بأن الشناوي لم يشاهد الفيلم ولم يقدم رؤية نقدية واضحة بناءة، واكتفى بالهجوم على مصطفى قمر، وطالبته بالفرجة أولًا وتقديم رؤية نقدية يمكن الرد عليها. ولمّحت إلى أن كلامه ليس سوى عداء شخصي ضد مصطفى قمر.
    أيضًا انتقدت الفنانة بشرى ـ بطلة الفيلم ـ كلام الشناوي لأنه يهدر جهود 12 ممثلًا وممثلة، إضافة إلى مجموعة كبيرة من الشباب منهم ستة وجوه جديدة.
    تراث من معارك
    ليست هذه المعركة الأولى ولن تكون الأخيرة بين نقاد وفنانين، وهذا يعود تاريخه إلى أيام الزمن الماضي. ففي مرة، هاجم نقاد مسرحيات فرقة رمسيس الشهيرة، فهدد مؤسسها يوسف وهبي باللجوء إلى القضاء، وقيل إنه موّل إحدى المجلات لصد الهجمات، ومع استمرار خصومه استأجر بعض البلطجية لضرب النقاد، حيث اعتادوا الجلوس في أحد مقاهي شارع عماد الدين، وأسفر الضرب بالعصي عن إصابة اثنين من النقاد! ونفى يوسف وهبي علاقته بما حدث واعتذر للنقاد وزار المصابين.
    وفي بداية شهرتها تعرضت أم كلثوم لحملة "صفراء" كانت على الأرجح بإيعاز من منافستها منيرة المهدية، كان بطل الحملة صحافياً يُدعى محمد عبد المجيد حلمي، اشتهر بأن أسلوبه "أقوى من المدفع الرشاش"، وادعى حلمي أن أم كلثوم تقدمت بشكوى عندما كانت في قريتها ضد شاب اغتصبها! ومما قاله عنها إنها "ليست على شيء من الجمال ولا خفة الروح ولا سلامة الطبع" وإن "نجمها قد غرب"، وكتب هذا الكلام عام 1927.
    أيضًا اشتهر الناقد السينمائي الراحل سامي السلاموني بنقده الجريء واللاذع، خصوصًا ضد أعمال المخرج حسام الدين مصطفى، وعلق على ذلك بقوله: "الحمد لله مصطفى إنسان متحضر ولم يرسل بلطجية لضربي أو يجعل راقصة تحدد لي موعدًا للقائها كما فعل مخرجون آخرون". وغمز بأن المخرج الراحل كان يستعمل اسمه "السلاموني" في الأفلام للقتلة والأشرار!
    تأخذنا هذه الأمثلة الشهيرة إلى أن علاقات النقاد بالفنانين ليست على ما يرام دائمًا، بل تستعمل فيها أحيانًا البلطجية والعصي ودسائس الراقصات وتشويه السمعة وسائر الأسلحة الفاسدة.
    يُفسر ذلك كله في إطار المنافسات غير الحميدة بين الفنانين وشركات الإنتاج والصراع على شباك التذاكر، فالجانب التجاري أكثر حضورًا من موضوعية النقد، لذلك تأخذ التعليقات والتقييمات شكل الدعاية، والدعاية المضادة.
    من ثم ينظر المبدع من أيام يوسف وهبي إلى مصطفى قمر إلى أي تقييم سلبي، بأنه محاولة من خصومه للنيل منه، وإفشاله في شباك التذاكر لمصلحة آخرين.
    لذلك بعض من انتقد الشناوي ليس من قبيل إعجابه بفيلم قمر بل بمنطق أنه لا يختلف كثيرًا عما يقدمه تامر حسني أو محمد رمضان، فلماذا هذا النقد العنيف ضده والتغاضي عن آخرين؟ ما يوحي بأن الأمر خاضع لحسابات تجارية ومجاملات وعلاقات وتحاشي أصحاب النفوذ أو من لديهم "ألتراس" لا يُستهان به.
    تجاوز متبادل
    ثمة نقطة ضعف أخرى في نقد الشناوي، أنه لا يرقى حتى لما يسمى "النقد الانطباعي" القائم على العفوية وهوى النفس، لأنه كما يتضح من تعليقاته لم يتطرق إلى مشاهد بعينها ولا أسلوب الإخراج ولا أداء الممثلين، مكتفيًا بانطباع عام مسبق عن بطله، ومتجاهلًا أن الفيلم يبلى بلاءً حسنًا في شباك التذاكر.
    لا يعني ذلك أن رد مصطفى قمر كان جيدًا بل انطوت تعبيراته على سب وقذف، ما يخصم من رصيده كفنان معروف قبل أن يمثل إهانة لناقد.
    ربما الفارق فقط بين كلام قمر والمعارك الفنية القديمة أن مثل هذه الردود كانت تحدث في جلسات أو مواجهات على نطاق ضيق، أما الآن فيجري تثبيتها وتداولها ملايين المرات عبر السوشيال ميديا.
    أي أن هناك درجة تجاوز وشخصنة من الطرفين، بعيدة من روح النقد، والاستجابة له. ويتوقف التصعيد أو قبول التجاوز على مرونة الطرفين ومساحة الحرية المتاحة.
    وإذا طبقنا المعايير المثالية لمفهوم الفيلم السينمائي وما يقدم في دول كثيرة، فإن معظم النتاج المصري لا تنطبق عليه قواعد وتقاليد السينما الحقيقية، مع ذلك لا بد من الاحتراز من إطلاق الأحكام، وفرض معايير مثالية على منتج غير مثالي أساسًا. لأن ذلك سينتهي بالناقد إلى إطلاق أحكام صارمة وصادمة مثل قاضي قاس يوجه أصابع اتهام إلى مجرمين. بينما يفترض بالناقد أن ينطلق من التجربة ذاتها، ويتفهمها ويفسرها، ويستكشف ممكنات الجمال فيها، وعناصر الإخفاق، مع الأخذ في الاعتبار نجاحها في شباك التذاكر وإعجاب الجمهور بها، حيث نُشرت تقارير عن تحقيق الفيلم حوالي ثلاثة ملايين جنيه خلال ثمانية أيام من عرضه، ما يعني أنه ليس فاشلًا بالمعنى التجاري على الأقل.
    مهمة الناقد
    حذر فيلسوف مثل جون ديوي من "نفوذ الناقد" وأحكام الإدانة الجاهزة، علمًا بأنه ليس الشناوي وحده الذي توسع في استعمال سلطته، لأن قمر نفسه فعل ذلك بعبارات التجريح واستنفار الألتراس الخاص به.
    ما أثاره الشناوي لا يتعلق فقط بسؤال النقد ومنهجيته وموضوعيته، بل يطرح السؤال الأزلي عن مهمة الناقد.. ولماذا تختزل في تلك الحدة على طرف نقيض، إما بكيل المديح المجاني وإما الهجاء اللاذع؟
    فليست مهمة الناقد المدح ولا القدح بل أن يستوعب الخلق الفني ويتلمس مواطن الجمال ويفسرها للمتلقي، ولماذا هو قبيح وأين مكان القبح فيه؟ على ألا ينطلق في ذلك من ذوقه الشخصي بل من العمل الفني نفسه.

يعمل...
X