"المحمدية" الأخت الكبرى لنواعير "حماة"
================================
تعدّ النواعير سرّ محافظة "حماة" ومعلمها الأبرز في كل العصور لما كان لها من دور هام عبر تاريخ المحافظة ففي حين كانت تروي البساتين والبيوت قديماً مشكلة عصب الحياة الرئيسي، باتت اليوم أهم معلم سياحي ميّز المحافظة وجلب الملايين من السيّاح لمشاهدتها.
الناعورة هي الأثر الوحيد المتبقي في العالم والذي ينبض بالحياة، ويبلغ عدد النواعير الموجودة في محافظة "حماة" 121 ناعورة.
.
ويذكر إن "حماة" هي أول مدينة في الشرق عرفت النواعير، وقد وجدت صورة للناعورة على لوح من الفسيفساء، اكتشف في آثار "أفاميا" المجاورة لـ"حماة"، وتعود إلى القرن الخامس الميلادي، لكن المؤرخين يؤكدون أن الناعورة كانت موجودة منذ العهد الآرامي، في الألف الأول قبل الميلاد.
.
وتختلف أحجام هذه النواعير وتحمل أسماء متعددة تتعلق بالأمكنة التي تقع فيها ولعل أشهرها الناعورة "المحمدية" الأخت الكبرى بين النواعير.واكبرها حجما" واضخمها
وكانت سابقاً آخر نقطة في السور القديم من جهة باب النهر.
.
◘ ويذكرها الشيخ "أحمد الصابوني" في كتابه "تاريخ حماة": «في باب النهر ناعورة كبيرة جداً تسمى المحمدية».
وأضاف في الهوامش: «في إحدى سواري قناتها حجر قد حفر بما صورته. أنشئت هذه الناعورة الكبيرة المباركة والقوام لإيصال الماء إلى الجامع الأعلى في أيام مولانا المقر الأشراف السيفي وكان كافل المملكة الحموية في سلخ ثلاث وستين وسبعمئة».
.
◘ ويخالفه المؤرخ "راشد الكيلاني" في جانب أن ناعورة "المحمدية" قد أعيد بناؤها في سنة 763 هجرية حيث كانت موجودة سابقاً، ومما ذكره عنها:
«تقع في منطقة باب النهر وهي أكبر النواعير يبلغ قطرها /21/ متراً، وعدد صناديقها /120/ صندوقاً، وقد أعيد بناؤها أيام "ابن عبد الله" كافل المملكة الحموية، في العهد المملوكي عام /763/هـ، وهي تمدّ بمياهها حيّ المدينة والبساتين المجاورة والجامع الكبير وحمّام الذهب، ويقال أن اسمها كان الناعورة الذهبية».
.
كانت النواعير متعاقبة منذ الفترة الرومانية، وكانت تسقي بستان "النبلي" الذي أزيل وأصبح مكانه أبنية وكانت تصل مياهه إلى جامع الكبير، وإلى حمام الذهب الذي أزيل أيضاً.
وكما ارتبط اسم "حماة" باسم النواعير فعرفت باسم "أم النواعير"، قبل أن تعرف باسم مدينة "أبي الفداء"، حيث إن الملك "أبي الفداء" ذاته قام ببناء ناعورته الشهيرة، ناعورة "الدهشة" نيلاً للشهرة، فقد كان لكلّ ناعورة قصّ مختلفة عن الأخرى.
◘ عن سبب تسمية الناعورة "المحمدية"
هناك خرافة تناولت سبب التسمية، إذ يذكر أن هناك امرأة بستانية كان بستانهم مقابلاً للناعورة سمعت في منامها صوت الناعورة تنادي (يا محمد.. يا محمد... يا محمد)، وفي صباح اليوم التالي شاهدت شاباً صغيراً سألته هل اسمك "محمد"؟، قال: نعم، فطلبت منه ورجته ألا يسبح، فلم يستجب لطلبها، فسبح وتعلق بالناعورة وسقط بـ "البيب" الخاص بالناعورة فغرق ومات نتيجة ذلك، ويذكر أن كلّ عام كانوا يذبحون ذبيحة لها، لأن هذه الناعورة تطلب ضحية كل عام، وكانت هذه الخرافة سائدة .
.
وتمتلك هذه الناعورة قوة هائلة واستطاعة كبيرة في دفع الماء حيث تدور دورة كاملة كل عشرين ثانية تعطي خلالها 2400 ليتر من الماء
ويذكر ان قوة الناعورة هائلة في دفع الماء، ولا يمكن لشيء أن يقف في وجهها.
.
"المحمدية" هي أكبر النواعير التي كانت موجودة داخل سور المدينة القديم حيث يبلغ قطرها 21 متراً وسبعين سنتيمتراً، إذ يقال أن الناعورة الموجودة في بستان "أبو دردة" كانت أضخم منها ولكن لم يتبق منها سوى الحجرية وتقع شرقي "حماة".
.
للناعورة قلب واحد يحمل كل أخشابها وأضلاعها وكامل ثقلها وهو وحده من يصدر صوت أنينها المميز أما بقية الأخشاب فتدور في صمت كشكل فقط” ويتم ترميم هذه الأخشاب مع مرور الزمن ولكن عندما يتآكل قلب الناعورة يجب أن تتغير بأكملها.
ويحتاج كل قسم من أقسام الناعورة يإلى نوع معين من الأخشاب فمنها يتطلب أخشابا قاسية كالذي يدخل في صناعة قلب الناعورة وبعضها يتطلب أخشابا طويلة كوشاح الناعورة الذي يبلغ طوله 11 مترا ..كما يمكن ان تستعمل أخشاب الصنوبر والتوت والكينا في صنع وشاحها أيضا. حيث تستعمل في صناعتها 50 طنا من الأخشاب المتنوعة
.
اما المسامير المستخدمة في الناعورة فهي من الحديد ويتم صنعها بشكل يدوي في حماة على كور الحدّاد ويترواح طولها بين 40 إلى 60 سم.
، ولكل مسمار اسم مثل مسمار "توشيح"، أو "كوري" وهو مسمار صغير يدق على الصندوق،
ويبلغ وزنها حوالي /500/ كغ
.
وللناعورة، فيما سبق كان كل صندوق يحمل بحدود تنكة من الماء، إلا أنه حديثاً ولانحسار دور النواعير في إرواء البساتين، فإنه يتم استخدام الصناديق كشكل فقط
.
التحكم بكمية الماء
---------------------
تدور الناعورة دورة كاملة كل عشرين ثانية تعطي خلالها /2400/ ليتراً من الماء فهل هناك مصدر للماء يأتي من آلة يفوق هذا العطاء دون نفط أو زيت أو كهرباء أو جهد بشري؟؛ وقد تمت إشادة لوحة من قبل الجمعية الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين تشهد لها بعظمتها.
وفي السابق كان باب الناعورة يغلق بواسطة عصارات وهو أحد الوشاحات القديمة من الناعورة بطول حوالي مترين ونصف ويغلق بورق أشجار، وبهذه الطريقة يتم استخدام كمية الماء اللازمة لتدوير الناعورة، أم اليوم فيغلق باب الناعورة بباب معدني، وبسبب جفاف الماء تدور الناعورة مدة أربعة أشهر فقط في السنة، وهذا ما يؤثر على أخشاب الناعورة، حيث يصبح قسم منها فوق الماء وقسم آخر تحت الماء، فنبدل بين أطرافها لكي تظل الناعورة متوازنة.
.
من المؤكد ان الناعورة صممت بشكل آخر وتطورت حتى وصلت لهذه الدرجة وهذا الشكل الذي نراه حالياً، والعقول التي صنعت الناعورة هي عقول هندسية عظيمة، حيث تم بناء جسر حجري على طول النهر لمدّ الناعورة بحاجتها من الماء، وهناك عبقرية أيضاً في صنع توازن الناعورة
.
ويعود بناء ناعورة المحمدية التي يبلغ قطرها 22 متراً إلى العام 1361 وفقاً لمنظمة الـ"يونسكو" والتي ترجّح أن بناء النواعير عموماً يعود إلى الحقبة العربية في القرون الوسطى، إلا أن العثور على فسيفساء تعود إلى العام 469 قبل الميلاد يفترض أنّها قد بُنيت قبل وقت طويل من تلك الحقبة.
.
وتبقى النواعير لوحة فنية واثرية غاية في الجمال ما زالت تنبض بالحياة وتشكل رمزا حضاريا لمدينة حماة وأهلها.
=AZVYvLk2FGil3fVHpiv-2etQzByN74ds-oehQp73kyj70lNmudM0vYnxoFsAVN9os2qb2InK8LPj1T6-E5xeUh_TH_O3pBMK2VQ3t9sbCU9ib-LTdjMH4IbXUZU_RnUbKGNld6WpetbLSWvTxTFYHdLAtrLAqB1x AR-o6tmOGhlTkmXrpljNCKzUNZuXhCZ8TXU&__tn__=*bH-R]
=AZVYvLk2FGil3fVHpiv-2etQzByN74ds-oehQp73kyj70lNmudM0vYnxoFsAVN9os2qb2InK8LPj1T6-E5xeUh_TH_O3pBMK2VQ3t9sbCU9ib-LTdjMH4IbXUZU_RnUbKGNld6WpetbLSWvTxTFYHdLAtrLAqB1x AR-o6tmOGhlTkmXrpljNCKzUNZuXhCZ8TXU&__tn__=*bH-R]
=AZVYvLk2FGil3fVHpiv-2etQzByN74ds-oehQp73kyj70lNmudM0vYnxoFsAVN9os2qb2InK8LPj1T6-E5xeUh_TH_O3pBMK2VQ3t9sbCU9ib-LTdjMH4IbXUZU_RnUbKGNld6WpetbLSWvTxTFYHdLAtrLAqB1x AR-o6tmOGhlTkmXrpljNCKzUNZuXhCZ8TXU&__tn__=*bH-R]
=AZVYvLk2FGil3fVHpiv-2etQzByN74ds-oehQp73kyj70lNmudM0vYnxoFsAVN9os2qb2InK8LPj1T6-E5xeUh_TH_O3pBMK2VQ3t9sbCU9ib-LTdjMH4IbXUZU_RnUbKGNld6WpetbLSWvTxTFYHdLAtrLAqB1x AR-o6tmOGhlTkmXrpljNCKzUNZuXhCZ8TXU&__tn__=*bH-R]
=AZVYvLk2FGil3fVHpiv-2etQzByN74ds-oehQp73kyj70lNmudM0vYnxoFsAVN9os2qb2InK8LPj1T6-E5xeUh_TH_O3pBMK2VQ3t9sbCU9ib-LTdjMH4IbXUZU_RnUbKGNld6WpetbLSWvTxTFYHdLAtrLAqB1x AR-o6tmOGhlTkmXrpljNCKzUNZuXhCZ8TXU&__tn__=*bH-R]