أدنوك تسبق منافسيها في المنطقة بإنشاء أكبر مشروع لاحتجاز الكربون
أبوظبي - أعلنت شركة أدنوك النفطية الإماراتية الأربعاء أنها ستطوّر مشروعا جديدًا لالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه قدّمته على أنه من بين الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على أن يعزز قدراتها على احتجاز الغاز الضارّ ثلاثة أضعاف.
ويأتي مشروع “حبشان” الذي سيكون بمقدوره التقاط 1.5 مليون طن سنوياً من غاز ثاني أكسيد الكربون وحقنها وتخزينها بشكلٍ دائم في تكوينات جيولوجية عميقة قبل نحو ثلاثة أشهر من استضافة دبي مؤتمر “كوب 28” حول المناخ.
وتوازيا مع استثمارها عشرات المليارات من الدولارات في قطاع النفط والغاز، تروّج الإمارات، أحد أكبر منتجي النفط في العالم، لتقنية احتجاز الكربون قبل انتقاله إلى الغلاف الجوّيّ كحلّ للاحترار المناخي بدون أن يؤثر ذلك على إنتاج النفط.
مصبح الكعبي: المشروع يشكل إحدى المبادرات لتسريع الحدّ من الانبعاثات
لكن خبراء المناخ ينتقدون هذه التقنية معتبرين أنها قد تشتت الانتباه عن الهدف الأساسي المتمثل بخفض الانبعاثات التي يتسبّب بها الوقود الأحفوري.
ويأتي قرار تطوير مشروع “حبشان” تماشيا مع هدف شركة الطاقة المملوكة لحكومة أبوظبي والذي أعلنته مؤخرًا، بتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2045 بدلًا من العام 2050 المعلن سابقاً.
وأكدت شركة أدنوك الحكومية ومقرّها أبوظبي في بيان أنها اتخذت “قرار الاستثمار النهائي لتطوير أحد أكبر مشاريع التقاط الكربون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” وأطلقت عليه تسمية مشروع “حبشان”.
وأوضحت أن قدرة المشروع على التقاط غاز ثاني أكسيد الكربون ستعزز قدرات الشركة على احتجاز الكربون ثلاثة أضعاف لتصل إلى 2.3 مليون طن سنوياً.
ولم يذكر البيان كلفة المشروع الذي ستتولى شركة أدنوك للغاز التابعة للمجموعة الإماراتية بناءه وتشغيله وصيانته.
ولكنها أشارت إلى أنه سيتضمّن “وحدات لالتقاط الكربون في مصنع حبشان لمعالجة الغاز، وبنية تحتية متكاملة لخطوط الأنابيب، وشبكة آبار لحقن غاز ثاني أكسيد الكربون”.
ونسبت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية إلى مصبح الكعبي الرئيس التنفيذي لقطاع الحلول منخفضة الكربون والنمو الدولي في أدنوك قوله إن “المشروع الرائد يشكل إحدى المبادرات الإستراتيجية لتسريع جهود الحدّ من الانبعاثات وتحقيق هدف للحياد المناخي بحلول 2045”.
وأضاف “بحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، يعد التقاط الكربون وتخزينه مُمكّناً رئيساً لتحقيق الحياد المناخي العالمي بحلول منتصف القرن الحالي”.
وتشكل الاستدامة ركيزة أساسية ضمن إستراتيجية أدنوك طويلة المدى الهادفة إلى خفض الانبعاثات من عملياتها، والاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة والوقود منخفض الانبعاثات.
كما تعمل على إنشاء سلسلة قيمة عالمية لإنتاج الهيدروجين، ونشر تقنيات وحلول مناخية مبتكرة، وتطوير حلول قائمة على الطبيعة مثل زراعة أشجار القرم في دولة الإمارات.
وأوضح الكعبي أنه ضمن التزام أدنوك بمواصلة النقلة النوعية التي تشهدها لتحقيق مستقبل منخفض الانبعاثات، تستمر الشركة في الاستثمار في تنفيذ المزيد من المشاريع للحد من انبعاثات عملياتها بشكل كبير، بما في ذلك مشاريع حلول وتقنيات إدارة الكربون.
وأكد أن الشركة ملتزمة برفع سقف الطموحات، وكذلك ترسيخ التعاون مع شركائها في مجالات الابتكار والتكنولوجيا من أجل تعزيز إنجازاتها المتعددة وريادتها العالمية في مجال إدارة الكربون.
وفي عام 2016، افتتحت الشركة مشروع “الريادة”، وهو أول منشأة في المنطقة لالتقاط الكربون وتخزينه وتبلغ قدرتها على احتجاز الكربون 800 ألف طن سنويًّا.
وفي العالم، هناك فقط 35 منشأة تجارية تستخدم تقنية التقاط الكربون وتخزينه، بحسب وكالة الطاقة الدولية التي تشير إلى أن حتى تلك التي من المقرر إنشاؤها بحلول عام 2030، لن تلتقط سوى جزء صغير من الانبعاثات.
وفي حين تخطط الإمارات لرفع طاقتها الإنتاجية من النفط إلى خمسة ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2027، أعلنت في يوليو الماضي أنّها تعتزم خلال السنوات السبع المقبلة زيادة إنتاجها من الطاقة المتجدّدة ثلاث مرّات.
1.5
مليون طن سنويا سعة التقاط المشروع للكربون، ما يعزز قدرة الشركة ثلاثة أضعاف
ولتعزيز مسارها نحو مسح بصمتها الكربونية، طرحت الحكومة إستراتيجية وطنية لصناعة وإنتاج الهيدروجين، كما أطلقت سياسة دعم للسيارات الكهربائية.
واستناداً إلى الخبرات التي تم اكتسابها في منشأة “الريادة”، سيساهم مشروع “حبشان” لالتقاط الكربون من خلال الاستفادة منه في تعزيز عمليات استخلاص النفط في توفير الخام الأقل من حيث مستويات كثافة الانبعاثات وإنتاج مواد أولية نظيفة مثل الهيدروجين.
كما تعمل أدنوك مع شركة أوكسيدنتال على تقييم فرص الاستثمار المحتملة في مراكز التقاط ثاني أكسيد الكربون وتخزينه في دولة الإمارات والولايات المتحدة في مجالات “التقاط الكربون وتخزينه” و”الالتقاط المباشر للهواء”.
وضمن جهودها المستمرة وطويلة الأمد لخفض الانبعاثات، تحصل الشركة، ثاني أكبر منتج للطاقة في منطقة الخليج بعد أرامكو السعودية، حالياً على 100 في المئة من احتياجات شبكتها للكهرباء من مصادر الطاقة الشمسية النظيفة والنووية التابعة لشركة مياه وكهرباء الإمارات.
وأصبحت بذلك أول شركة في قطاع الوقود الأحفوري على مستوى العالم تُؤمّن احتياجات عملياتها من الكهرباء الخالية من الانبعاث من خلال اتفاقية للطاقة النظيفة.
وإضافة إلى ذلك، تواصل أدنوك العمل على تنفيذ صفقة تمويل مشروع بكلفة قدرها 3.8 مليار دولار لإنشاء أول شبكة لنقل الكهرباء تحت سطح البحر.
وقالت الشركة الإماراتية التي تهدف إلى توسيع إنتاجها من النفط والغاز في الأعوام المقبلة إن “إجمالي انبعاثاتها من النطاقين الأول والثاني في 2022 كان حوالي 24 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون”، وذلك في أول إفصاح من نوعه.
ولا تغطي الأهداف انبعاثات النطاق الثالث التي تحسب الكربون الذي يأتي من العملاء الذين يستخدمون منتجات شركة النفط.
إقرأ أيضا
موانئ دبي تلتحق بموجة الديون الخضراء
وكانت أدنوك قد أعلنت في السابق أنها تهدف إلى خفض كثافة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بواقع 25 في المئة، وكذلك تعزيز عمليات احتجاز الكربون وسعة تخزينه 500 في المئة بحلول عام 2030.
وتقيس الأهداف المستندة إلى الكثافة مقدار انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لكل وحدة طاقة أو برميل من النفط والغاز المنتج.
وحددت الشركة هدفا لخفض كثافة انبعاثات غاز الميثان من عملياتها إلى 0.15 في المئة بحلول عام 2025.
وتتعرّض الإمارات ودول منتجة للنفط والغاز لانتقادات من نشطاء البيئة بسبب مقاربتها لمسائل المناخ. وبدأ الجدل بين ما إذا كان ينبغي تقليص استخدام الوقود الأحفوري أم الانبعاثات يتحوّل إلى نقطة تجاذب أساسية حتى قبل مؤتمر المناخ.
وتضخ إمارة أبوظبي معظم النفط الخام في دولة الإمارات التي تعدّ ثالث أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بعد السعودية والعراق، وهي تستثمر المليارات لزيادة طاقتها الإنتاجية.