الطاهريون في خراسان Banu Taher سلالة حكمت في خراسان والولايات التابعة لها إدارياً

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الطاهريون في خراسان Banu Taher سلالة حكمت في خراسان والولايات التابعة لها إدارياً

    الطاهريون في خراسان
    (205ـ 259هـ/820 ـ872م)

    سلالة حكمت في خراسان والولايات التابعة لها إدارياً بتعيين من خلفاء بني العباس، وتولى أفرداها مناصب رفيعة في العراق في القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي.
    ينتسب الطاهريون لمؤسس هذه السلالة طاهر بن الحسين بن مصعب، الخزاعي بالولاء قائد المأمون الفارسي، وساعده الأيمن في حربه ضد الأمين، وفي تثبيت سلطانه. ولاّه سنة 205هـ/820م خراسان والمناطق الممتدة من مدينة السلام إلى أقصى المشرق، وكان قبل ذلك قد ولاّه الجزيرة والشرط وجانبي بغداد، فلما توجه إلى خراسان ولى ابنه عبد الله بن طاهر ديار ربيعة وندبه لقتال نصر بن شبث العقيلي الثائر في منطقة الجزيرة، وكتب إليه كتاباً حفظ لنا الطبري نسخته، وقد تنازع الناس الكتاب وكتبوه وتدارسوه وشاع أمره، حتى بلغ المأمون، فدعا به وقرئ عليه فقال: «ما بقّى أبو الطيب (طاهر بن الحسين) شيئاً من أمر الدين والدنيا والتدبير والرأي والسياسة وإصلاح الملك والرعية وحفظ البيضة (حوزتهم وحماهم) وطاعة الخلفاء وتقويم الخلافة إلا وقد أحكمه»، وأوصى المأمون به وأمر أن ترسل نسخ منه إلى جميع العمال في نواحي الأعمال.
    توفى طاهر بن الحسين بعد سنتين من توليه خراسان سنة 207هـ/822م، فولى الخليفة المأمون ابنه طلحة (207ـ213هـ/822-828م)، ثم أخاه عبد الله بن طاهر، وكان المأمون قبل ذلك قد عينه سنة 206هـ، على الجزيرة والشام ومصر والمغرب، وأمره بمحاربة الثائرين فيها، فسار عبد الله إلى الرقة، وحارب نصر بن شبث العقيلي بكيسوم وما والاها من ناحية الجزيرة، وكتب إلى سائر الثائرين في النواحي من الجزيرة والشام، فكتب القوم جميعاً أنهم في الطاعة، وسألوه أن يكتب لهم الأمان، فقبل ذلك منهم، ثم توجه عبد الله بعد ذلك إلى مصر وأخمد ثورة طال أمدها فيها، وفي سنة 213هـ، ولى المأمون عبد الله بن طاهر أرمينيا وأذربيجان وكور الجبال وندبه لقتال بابك الخرّمي، فلما توفي طلحة ولاّه خراسان والمشرق.
    كان عبد الله بن طاهر (213ـ230هـ/828 ـ844م)، أعظم شخصيات السلالة الطاهرية، وقد ترك أثراً عميقاً في تاريخ عصره وحضارته، وكان أول وال ينظم إدارة خراسان ويحكم إدارتها، وقد قال عنه اليعقوبي: إنه حكم خراسان كما لم يحكمها أحد من قبله، وقد وجّه عبد الله اهتمامه إلى إصلاح حال المزارعين، وكان النزاع بين الأهالي من أجل ماء الري أمراً مألوفاً، ولما لم تكن كتب الفقه الإسلامي تحوي حلولاً لهذه القضية، فقد استدعى عبد الله بن طاهر فقهاء خراسان وكلفهم الاشتراك مع فقهاء العراق بوضع قوانين تُنظم استعمال الماء في الري، وكان «كتاب القنى» الذي وضعه هؤلاء الفقهاء هو المرشد لحل قضايا الري، وظل معمولاً به لأكثر من قرنين. ويبرز الطابع الأخلاقي لدى عبد الله بن طاهر في توجيهاته إلى عماله التي يأمرهم فيها برعاية مصالح الفلاحين، فقد جاء فيها عن الفلاحين «لأن الله عز وجل إنما يطعمنا من أيديهم ويحيينا بألسنتهم ويُحِّرم علينا أن نظلمهم» وقد ساقه اهتمامه بالطبقات الدنيا إلى فكرة نشر التعليم بين جميع الناس، وهي التي يعبر عنها بقوله: «يجب أن يكون العلم في متناول من يستحقونه ومن لايستحقونه لأن العلم نفسه أدرى من أن يبقى مع من لايستحقونه»، ومما لا شك فيه أن عبد الله بن طاهر، وقد عاش في عهد انتصار المذهب العقلي، لم يفهم من لفظ العلم علوم الدين وحدها التي كانت جذورها قد ثبتت آنذاك بخراسان وبلاد ماوراء النهر، وخاصة ببخارى، وقد نال عبد الله ومن قبله أبوه بعض الشهرة في مجال الشعر، كما أن ابن أخيه منصور بن طلحة حاكم مرو وآمل وخوارزم قد دون بعض الرسائل الفلسفية، وكان عبد الله يدعوه بحكيم آل طاهر.
    توفي عبد الله بن طاهر وإليه الحرب والشرطة والسواد وخراسان وأعمالها والري وطبرستان وما يتصل بها وكرمان، وخراج هذه الأعمال كان يوم وفاته 48 مليون درهماً، فولى الخليفة الواثق أعمال عبد الله كلها ابنه طاهر بن عبد الله (230ـ 248هـ/844 ـ862م) وكان خير خلف لأبيه، والمؤرخون يتحدثون عن أيام حكمه وعن أخلاقه الكريمة، بالقدر من الثناء الذي تحدثوا به عن والده عبد الله بن طاهر.
    كانت أخطر الثورات التي شغلت الطاهريين اثنتين؛ حركة الخوارج بسجستان وحركة الشيعة بطبرستان، غير أن العناصر المتمردة لم يشتد ساعدها إلا في عهد محمد بن طاهر، حفيد عبد الله (248ـ259هـ/862 ـ872م) الذي خلف أباه في سن الحداثة، ويصوره المؤرخون حاكماً ضعيفاً أسلم نفسه للذات، ففي سنة 250هـ/864م، حدثت ثورة شاملة في طبرستان تزعمها العلويون، وتمكن الحسن بن زيد من سلالة العلويين من جعل نفسه حاكماً على الولاية، وبقي حاكماً لها، فيما عدا فترات قصيرة، حتى عام 271هـ/884م، وفي عهد محمد بن طاهر استفحلت ثورة الخوارج في سجستان، وأخفق واليها من قبل الطاهريين في إخمادها، فتولى أمر الثورة المتطوعة وعلى رأسهم يعقوب بن الليث الصفار، مؤسس الدولة الصفارية والذي كانت نهاية الطاهريين على يده سنة 259هـ/872م.
    وإذا كان حكم الطاهريين قد انتهى في خراسان، فإن مكانتهم في العراق قد استمرت إلى نهاية القرن الثالث الهجري، فقد كان أفراد من سلالة طاهر بن الحسين وابن عمه إسحاق بن إبراهيم بن مصعب يتولون مناصب مهمة في العراق ولاة وأصحاب شرط، كما أن أبناء عبد الله بن طاهر: محمداً وسليمان وعبيد الله وإسحاق بن إبراهيم بن مصعب نالوا شهرة كبيرة، ليس كقادة عسكريين أكفّاء وحسب، وإنما كحماة للأدب والفنون كالموسيقى والغناء، وقد ألف عبيد الله بن عبد الله كتاباً عن الموسيقى والغناء.
    خدم الولاة الطاهريون الخلافة العباسية بإخلاص وقدموا لهم الولاء والطاعة، وكانوا يرسلون الفائض من الخراج بانتظام إلى العراق، وقد استمر الخلفاء بتعيين ولاة من الأسرة؛ لأنهم وجدوا فيهم خير من يستطيع ضبط الأمور وفرض النظام وإقامة حكم حازم في هذا الجزء المهم من الدولة الإسلامية.
    نجدة خماش
يعمل...
X