المعنى الاصطلاحي
أما المعنى الاصطلاحي فقد نلتمسه في تعريف الدكتور محمود عزمي بانها ( وظيفة اجتماعية هي توجيه الرأي العام عن طريق نشر المعلومات ، والافكار الخيرة والناضجة مفعمة ومنسابة الى مشاعر القراء في خلال صحف دورية ) . ولعلنا نزداد وضوحاً فيما لو ذكرنا ما ذهب اليه عميد الصحافة الانجليزية والكاتب العالمي ويكهام ستيد في قوله : ( ليست الصحافة حرفة كسائر الحرف . هي أكثر من مهنة ، وهي غير هي طبيعة من طبائع الموهبة . هي شيء بين الفن والعبادة . والصحفيون خادمون عموميون غير رسميين غرضهم الاول العمل على رقي المجتمع ) .
وأما الصحيفة فقد عرفها بعضهم بأنها ( كل نشرة مطبوعة تشتمل على أخبار عمومية ومعارف عامة وسير الحوادث وملاحظات و انتقادات ، وتعد للبيع في مواعيد دورية في أجزاء أو أعداد في فترات لا تتجاوز عن شهر ) وتعرض على الجمهور لاقتنائها عن طريق الاشتراك والشراء . فهي تختلف عن الكتب من حيث مواعيدها وشمولها لشتى الموضوعات وعنايتها بالاخبار قبل ما سواها ، وهي ، تحمل من القيم المعنوية ما يؤثر في الرأي العام فيوجهه التوجيه الصالح وينير له سبيل الرقي في خضم هذه الحياة .
والرأي العام عنصر أولي من عناصر تكوين الجماعة ، وتكييف الاجيال الحالية والمقبلة . فليست تماماً كسلعة من السلع التي تعرض في الاسواق للاتجار والربح الباهظ ، بل مظهر من مظاهر نشاط الفكر وحريته ، يتأثر الى حد ما بنظام الدولة وتكييفها الفقهي للصحف والمجلات، وبالوعي الاجتماعي والسياسي واليقظة الروحية والمادية لجمهور القارئين. أداة صالحة للتجديد وتنوير الاذهان ، وهي ميدان للجدل العلمي ونشر الآراء بطريق سهل جذاب يستسيغه الكل ولا يقتصر نفعه على الحال في ا الكتب والمؤلفات .
انها كتاب دوار سيار يصيد كل ما يقع عليه شباكه ، مع حرصه على الوقت والفرص ، ثم يعرضه بايجاز ولهفة ، فيجد فيه القارىء العادي بغيته من الانباء والبحوث المركزة . ويجد التاجر ما يهمه من أنباء الأسواق التجارية ورأي الاختصاصيين في الاقتصاد ويجد العالم يصبو اليه من أخبار المخترعات الحديثة . ويحيط السياسي بتطورات السياسة المحلية والخارجية فيبني على ما يتعلمه منه خطته ويعين موقفه ، وكذا الطالب يجد فيه ما يصله بالعالم الخارج عن عالم مدرسته . وكذا الرياضي ، والعامل ، والمزارع ، وغيرهم . فكل انسان مهما كان عمله في هذه الحياة لا يعدم في الصحيفة شيئاً يمنحه الفائدة أو اللذة على الاقل ، لانها حياة كاملة تحفل بكل ما في الحياة الكاملة من نشاط .
والصحافة وان كانت قديمة التاريخ اذا سمينا بها رواية الانباء والنقوش والاعلانات والاخبار واذاعتها ، كما عرف في مصر وفي الصين وعند العرب في الجاهلية وغيرهم من الامم القديمة . بالصفات الانسانية والاجتماعية وتمس غريزة حب الاستطلاع عند البشر منذ وجدوا ، فهي بالمعنى الحديث وبالشكل الذي نعرفه لا ترجع الى أكثر من قرنين . وقد كانت الى ما قبل اختراع المطبعة تختلط بالكتابة وبالبريد . وأغلب الظن أنها بدأت في صورة الاوامر والتبليغات التي كانت الحكومات تذيعها عن طريق الرسل الى اقاليمها أو عن طريق نقشها على الحجر ، كما هو الشأن في . حجر رشيد المشهور في م تاريخها الى ما قبل المدنية اليونانية والموجودة الآن في معرض الصحافة في كولونيا بألمانيا . ولم تنفصل الصحافة كعمل مستقل بذاته الا بعد اختراع المطبعة بقليل . ويقال ان أول جريدة صدرت في العالم هي جريدة رومانية ظهرت سنة ٥٨ قبل الميلاد باسم « الاعمال الرسمية » وان الامبراطور يوليوس هو الذي أسسها مع كبار موظفيه .
تعليق