العمارة المبكِّرة
ظهرت أول عمارة ذات أهمية في منطقتين في الشرق الأوسط، قبل أكثر من 5000 سنة مضت. وإحدى هاتين المنطقتين هي بلاد ما بين النهرين، التي تقع بين نهري دجلة والفرات شرقي العراق حاليًا وشمال شرقي سوريا وجنوب شرقي تركيا، والمنطقة الأخرى هي مصر.
عمارة بلاد ما بين النهرين:
سيطرت أربع مجموعات ثقافية على تاريخ بلاد ما بين النهرين. وهذه المجموعات هي السومريون والأشوريون والبابليون والفرس. فقد اشتهر تاريخ المنطقة بحروب وغزوات كثيرة، لذلك شيدت الحضارات المتنوعة كثيرًا من المباني المحصَّنة.
كانت معظم المباني في بلاد ما بين النهرين مصنوعة من الطوب الطيني، وهي مواد أقل ديمومة من الحجر والخرسانة. ونتيجة لذلك لم يبق أي مثال كامل لعمارة بلاد ما بين النهرين. وبالرغم من ذلك فقد أعاد علماء الآثار إنشاء المساقط الأفقية لبعض المباني.
ازدهرت الحضارة السومرية في بلاد ما بين النهرين في القرن الحادي والثلاثين قبل الميلاد، وكانت المعابد أول المنشآت السومرية المهمة. وأقدم مثال هو المعبد الأبيض الذي بني في أواخر القرن الحادي والثلاثين قبل الميلاد في مدينة أورك. والمعبد مبني من الطوب المطلي باللون الأبيض. فقد بنى المعماريون المعبد على مصطبة عند قمة برج يشبه الهرم. وتسمى مثل هذه الأبراج الزكورات.
وخلال منتصف القرن الثامن قبل الميلاد، استعمر الأشوريون المنطقة، وبنوا قصورًا ومعابد، متأثرين بفن العمارة السومرية، ولكن بعمارة ذات تصميمات فخمة وجميلة. فقد كان حصن الملك سَرْجون الثاني الذي بُني في مدينة خورساباد في أواخر القرن الثامن قبل الميلاد واحدًا من أهم إنجازات العمارة الأشورية. ويقع الحصن في الركن الشمالي الغربي للمدينة، ويشمل قصورًا ومعابد ومباني عامة وزكورات. وقد أحاط بالمدينة جدار دفاعي.
وبعد سقوط الأشوريين في القرن السابع قبل الميلاد، جاء البابليون إلى السلطة، وبنوا زكورة مشهورة أشير إليها في التوراة ببرج بابل (أوائل القرن السادس قبل الميلاد). وضمت عاصمتهم بابل الحدائق المعلَّقة المشهورة، وبوابة عِشْتار التي كانت مزينة بالطوب الملون والمزخرف بالخزف.
وفي عام 539 ق.م، غزا الفرس بلاد ما بين النهرين. وقد كان دين الفرس، أي الزرادشتية، لا يحتاج إلى معابد. ولكنهم بنوا قصورًا كثيرة أشهرها مُجمع القصر في العاصمة الدينية برسيبوليس. ويضم هذا المُجمَّع عددًا من المباني المتصلة التي اكتملت في منتصف القرن الخامس ق.م، وتشتمل على عدة قصور بها قاعات وغرف وأفنية. وكان ملك الفُرس يستقبل زواره في حجرة ضخمة تعرف بقاعة المائة عمود. ومساحة هذه الصالة حوالي 76م²، ولها سقف ضخم محمول بجسور على أعمدة ارتفاعها قد يصل إلى 18م. ولمزيد من الإيضاح لعمارة بلاد ما بين النهرين. ★ تَصَفح: بابل، بلاد ؛ فارس القديمة.
العمارة المصرية:
كانت تتمركز حول الملك، الذي كان الحاكم الديني والسياسي لمصر القديمة. وقد اعتبر المصريون القدماء ملوكهم آلهة، وكانوا يبنون المدافن الحجرية والمعابد والقصور لتخليدهم.
وأشهر المدافن المصرية الأهرامات الضخمة التي كان يُدفن فيها الملوك. ومازالت بقايا 35 هرمًا رئيسيًا تقف إلى الآن محاذية لنهر النيل. وكان كل هرم جزءًا من مجموعة منشآت تضم عادة معبدًا كبيرًا في الجبهة الشرقية للهرم ومعبدًا أصغر بالقرب من النيل، ويربط ممر طويل المعبدين. ويبدو أن المصريين اعتقدوا أن الحجرة التي يُدفن فيها الملك أكثر أجزاء الهرم قداسة، لذلك أحكموا إغلاق المداخل التي تؤدي إلى الهرم وإلى غرفة الدفن.
وأول هرم مصري معروف بُني للملك زوسر حوالي 2650 ق.م في سقّارة. وكان الهرم يرتفع فوق سلسلة من ستة مدرجات ضخمة. وقد بُنيت ثلاثة أهرامات في الجيزة منذ حوالي 2600 إلى 2500 ق.م للملوك خوفو وخَفْرَع ومِنْقَرَع. وهي أعمال ضخمة ذات جوانب ناعمة.
بدأت الفترة العظيمة للعمارة المصرية في القرن السادس عشر قبل الميلاد، واستمرت حوالي 500 عام. فقد قام المعماريون خلالها بتصميم المعابد أساسًا وليس الأهرامات. وكانت المعابد منشآت ضخمة محمولة على أعمدة. وقد ربطت الصالات والمنحدرات مختلف أنواع الغرف. ويدخل الناس إلى معظم المعابد من خلال بوابات مكونة من برجين ضخمين يُطلق عليهما اسم أبراج البوابة. وأحد أشهر معابد تلك الفترة المعبد الذي بُني للملكة حتشبسوت في الدير البحري في حوالي عام 1480ق.م، والذي شيده رعاياها عند سفح جرف صخري ضخم في اتحاد واضح بين العمارة والطبيعة.
لمزيد من الإيضاحات عن العمارة المصرية، ★ تَصَفح: مصر القديمة ؛ الأهرامات.
العمارة الآسيوية وعمارة ما قبل الكولومبية
تشتمل العمارة الآسيوية على أربعة فروع رئيسية هي الصينية واليابانية والهندية والإسلامية. وقد لقي كل من العمارة الهندية والإسلامية انتشارًا واسعًا وتأثيرًا خاصًا. وتضم العمارة الهندية عمارة كل من بنغلادش وبورما وكمبوديا وإندونيسيا ونيبال وباكستان وسريلانكا وتايلاند والتيبت، بالإضافة إلى الهند نفسها. وترجع العمارة الإسلامية إلى المباني التي صممها المسلمون. ونجد العمارة الإسلامية منتشرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأسبانيا وآسيا. ★ تَصَفح :العمارة الإسلامية.
منذ أكثر من 20000 سنة هاجر الأجداد الأوائل للهنود الأمريكيين من آسيا إلى الأمريكتين. وبحلول عام 100 ق.م، طورت مجموعات عديدة من الهنود ـ خاصة فيما يُعرف حاليًا بأمريكا اللاتينية ـ حضارات وثقافات مشرقة، وأنتجت عمارة متميزة. ويُطلق على عمارة وفنون الهنود الأمريكيين التي نشأت قبل عام 1500 ق.م ما قبل الكولومبية، لأنها ظهرت قبل وصول كريستوفر كولمبوس إلى العالم الجديد عام 1492م.
العمارة الصينية:
بدأت العمارة الصينية في التطور منذ أزمان قديمة. وقد شيد الصينيون مجموعة مختلفة من المباني، ولكن النوع الرئيسي هو المعابد البوذية والأبراج المتعددة الطوابق التي أُطلق عليها اسم الباجودات.
وتتكون المعابد الصينية من قاعات خشبية مستطيلة تجسد الترتيب الجميل والمتقن للأعتاب الخشبية في السقف الداخلي. أما الجدران فلا تحمل السقف ولكنها ببساطة تستخدم كستائر لتحقيق الخصوصية، وللحماية من الطقس. ويحمل السقفَ قوائمُ متصلة بعوارض السقف بوساطة كتل خشبية، وهي غالبًا ما تكون منقوشة ومدهونة باللون الأحمر ومطلية بالذهب. وقد غطى الصينيون معظم السقوف ببلاط مزجَّج لونه أزرق أو أخضر أو أصفر، وقوسوا أطراف تلك السقوف إلى أعلى برشاقة. لمزيد من الإيضاحات عن العمارة الصينية. ★ تَصَفح: بكين ؛ كوريا ؛ الباجودة.
العمارة اليابانية:
تأثرت العمارة اليابانية تأثرًا كبيرًا بالعمارة الصينية. وقد اعتمدت العمارة التقليدية اليابانية على استخدام الأعتاب والأعمدة الخشبية. وتعطي مزارات شنتو المقدسة، الموجودة في مخلتف أنحاء اليابان، مثالاً ممتازًا لذلك. والشنتو هي الديانة القومية لليابان. ومزارات الشنتو منشآت من الهياكل الخشبية مبنية على قوائم ترفع المزار أعلى من مستوى الأرض. وأعتاب السقف أبعد من الجدار بحيث تعطي السقف بروزًا عميقًا.
وللمساكن التقليدية اليابانية، كبيرة كانت أم صغيرة، نفس التصميم: أعمدة رأسية تحمل السقف، وأبواب سحَّابة مبنية داخل الجدران خفيفة الوزن. وكان استخدام الجدران الداخلية لأغراض (تحقيق) الخصوصية وليس كدعامات. ومعظم المنازل كانت داخل حدائق محاطة بأسوار. لمعرفة صورة المنزل التقليدي، ★ تَصَفح: اليابان.
العمارة الهندية:
تطورت العمارة الهندية بحلول القرن الثالث قبل الميلاد. وكان أول وأهم تأثير على العمارة الهندية الديانة البوذية، وهي ديانة رئيسية في الهند. فقد أوحت البوذية ببناء معابد تُعرف بالشيتيا والأديرة والستوبا (نُصب تذكاري بوذي). والستوبا صرح مقبَّب الشكل قد يحتوي على آثار لبوذا منشئ الديانة البوذية في القرن السادس قبل الميلاد. وقد تم نحت معظم المعابد من الصخور الصماء.
وقد أثَّرت الهندوسية، والإسلام كذلك، على العمارة الهندية. ويحتوي المعبد الهندوسي على صفوف من الأعمدة والزخارف المنحوتة في الخارج، ومداخل مسقوفة مدببة. وقد فتح المسلمون الهند في القرن السادس عشر الميلادي، وأدخلوا طرازهم المعماري. وأشهر مبنى إسلامي في الهند هو تاج محل (1630-1650م) في أكْرا. وتُظهر مجموعة معابد أنجكور وات في القرن الثاني عشر الميلادي، وفي مدينة مهجورة في كمبوديا، تأثير العمارة الهندوسية خارج الهند.
وللمزيد من الإيضاحات عن العمارة الهندية، ★ تَصَفح: النحت ؛ الهندي، الفن ؛ تايلاند.
العمارة الإسلامية:
تُعَدُّ المساجد أكثر المباني الإسلامية أهمية. وتختلف طرز المساجد بين البلاد الإسلامية، غير أن معظم المساجد يحتوي على صحن كبير محاط بممرات أو أروقة. والممر صف من الأعمدة، والرُّواق صف من العقود المبنية على أعمدة. وتبنى جدران المسجد بالطوب الملون والبلاط وملاط الجبس. وتعلو القباب معظم المساجد، ويكون للمسجد برج واحد أو أكثر يُعرف بالمئذنة.
وقد صمم المعماريون المسلمون، بالإضافة إلى المساجد، القصور والمدارس الدينية. والمدرسة الدينية النموذجية مبنى رباعي الأضلاع يحيط بصحن، وفي معظم الأحيان يوجد في منتصف كل ضلع من أضلاع المبنى قاعة هي عقد كبير تُسمّى الإيوان، ويتلقى الطلاب محاضراتهم في هذا الإيوان.
لمزيد من الإيضاحات عن العمارة الإسلامية. ★ تَصَفح: الفنون الإسلامية ؛ أسبانيا ؛ القدس ؛ العمارة الإسلامية ؛ المسجد.
عمارة ما قبل الكولومبية:
طوّر الأزتك والتولتيك والمايا والإنكا معظم الثقافات الهندية الأمريكية المهمة فيما يعرف الآن بأمريكا اللاتينية. وازدهرت حضارات الأزتك والتولتيك في وسط المكسيك، بينما عاش المايا في المكسيك وأمريكا الوسطى، وبنى الإنكا إمبراطورية مهمة في غربي أمريكا الجنوبية.
وكانت معظم منشآت الأزتك والتولتيك والمايا المتبقية لأغراض دينية، وكانت أكثر هذه المنشآت إثارة للإعجاب هي تلك الأهرامات الحجرية التي تعلوها معابد صغيرة. فهذه الأهرامات تمثل جزءًا من مراكز الطقوس، وتضم مذابح وقصورًا وساحات. وبنى الإنكا معابد كبيرة وحصونًا ومباني عامة على سفوح الجبال. وتقع أطلال واحدة من أشهر مدنهم، وهي ماشو بيكشو، في جبال الأنديز، على ارتفاع حوالي 2400م فوق مستوى سطح البحر.
تطوّر عدد من الثقافات الهندية في أمريكا الشمالية، فابتكر سكان الجُرُف، فيما هو الآن في الجنوب الغربي للولايات المتحدة الأمريكية عمارة تعد الأكثر أهمية. وتكونت عمارتهم بشكل رئيسى من مبان سكنية. وارتفعت المباني بجوار الجُرُف مثل الشقق السكنية. وقد بنى الهنود منازل الجرف من الحجر أو الطين أو الخشب. وكانت الطقوس الدينية تتم في غرف دائرية تسمى الواحدة منها الكيفا، وشيدت معظمها تحت الأرض.
لمزيد من الإيضاحات عن عمارة ما قبل الكولومبية، ★ تَصَفح : الأزتك ؛ المدينة ؛ المايا، شعب ؛ الأهرامات ؛ المكسيك.
ظهرت أول عمارة ذات أهمية في منطقتين في الشرق الأوسط، قبل أكثر من 5000 سنة مضت. وإحدى هاتين المنطقتين هي بلاد ما بين النهرين، التي تقع بين نهري دجلة والفرات شرقي العراق حاليًا وشمال شرقي سوريا وجنوب شرقي تركيا، والمنطقة الأخرى هي مصر.
عمارة بلاد ما بين النهرين:
سيطرت أربع مجموعات ثقافية على تاريخ بلاد ما بين النهرين. وهذه المجموعات هي السومريون والأشوريون والبابليون والفرس. فقد اشتهر تاريخ المنطقة بحروب وغزوات كثيرة، لذلك شيدت الحضارات المتنوعة كثيرًا من المباني المحصَّنة.
كانت معظم المباني في بلاد ما بين النهرين مصنوعة من الطوب الطيني، وهي مواد أقل ديمومة من الحجر والخرسانة. ونتيجة لذلك لم يبق أي مثال كامل لعمارة بلاد ما بين النهرين. وبالرغم من ذلك فقد أعاد علماء الآثار إنشاء المساقط الأفقية لبعض المباني.
ازدهرت الحضارة السومرية في بلاد ما بين النهرين في القرن الحادي والثلاثين قبل الميلاد، وكانت المعابد أول المنشآت السومرية المهمة. وأقدم مثال هو المعبد الأبيض الذي بني في أواخر القرن الحادي والثلاثين قبل الميلاد في مدينة أورك. والمعبد مبني من الطوب المطلي باللون الأبيض. فقد بنى المعماريون المعبد على مصطبة عند قمة برج يشبه الهرم. وتسمى مثل هذه الأبراج الزكورات.
وخلال منتصف القرن الثامن قبل الميلاد، استعمر الأشوريون المنطقة، وبنوا قصورًا ومعابد، متأثرين بفن العمارة السومرية، ولكن بعمارة ذات تصميمات فخمة وجميلة. فقد كان حصن الملك سَرْجون الثاني الذي بُني في مدينة خورساباد في أواخر القرن الثامن قبل الميلاد واحدًا من أهم إنجازات العمارة الأشورية. ويقع الحصن في الركن الشمالي الغربي للمدينة، ويشمل قصورًا ومعابد ومباني عامة وزكورات. وقد أحاط بالمدينة جدار دفاعي.
وبعد سقوط الأشوريين في القرن السابع قبل الميلاد، جاء البابليون إلى السلطة، وبنوا زكورة مشهورة أشير إليها في التوراة ببرج بابل (أوائل القرن السادس قبل الميلاد). وضمت عاصمتهم بابل الحدائق المعلَّقة المشهورة، وبوابة عِشْتار التي كانت مزينة بالطوب الملون والمزخرف بالخزف.
وفي عام 539 ق.م، غزا الفرس بلاد ما بين النهرين. وقد كان دين الفرس، أي الزرادشتية، لا يحتاج إلى معابد. ولكنهم بنوا قصورًا كثيرة أشهرها مُجمع القصر في العاصمة الدينية برسيبوليس. ويضم هذا المُجمَّع عددًا من المباني المتصلة التي اكتملت في منتصف القرن الخامس ق.م، وتشتمل على عدة قصور بها قاعات وغرف وأفنية. وكان ملك الفُرس يستقبل زواره في حجرة ضخمة تعرف بقاعة المائة عمود. ومساحة هذه الصالة حوالي 76م²، ولها سقف ضخم محمول بجسور على أعمدة ارتفاعها قد يصل إلى 18م. ولمزيد من الإيضاح لعمارة بلاد ما بين النهرين. ★ تَصَفح: بابل، بلاد ؛ فارس القديمة.
معبد خونس بني في الكرنك في مصر في القرن الثاني عشر ق.م. يحمي المدخل برجان ضخمان يطلق عليهما المسلتان (إلى اليسار). ويظهر الرسم المقطوع الأعمدة داخل المعبد التي تحمل السقف. وإلى اليمين الحجرة المقدسة المخصصة لإله القمر خونس. |
كانت تتمركز حول الملك، الذي كان الحاكم الديني والسياسي لمصر القديمة. وقد اعتبر المصريون القدماء ملوكهم آلهة، وكانوا يبنون المدافن الحجرية والمعابد والقصور لتخليدهم.
وأشهر المدافن المصرية الأهرامات الضخمة التي كان يُدفن فيها الملوك. ومازالت بقايا 35 هرمًا رئيسيًا تقف إلى الآن محاذية لنهر النيل. وكان كل هرم جزءًا من مجموعة منشآت تضم عادة معبدًا كبيرًا في الجبهة الشرقية للهرم ومعبدًا أصغر بالقرب من النيل، ويربط ممر طويل المعبدين. ويبدو أن المصريين اعتقدوا أن الحجرة التي يُدفن فيها الملك أكثر أجزاء الهرم قداسة، لذلك أحكموا إغلاق المداخل التي تؤدي إلى الهرم وإلى غرفة الدفن.
وأول هرم مصري معروف بُني للملك زوسر حوالي 2650 ق.م في سقّارة. وكان الهرم يرتفع فوق سلسلة من ستة مدرجات ضخمة. وقد بُنيت ثلاثة أهرامات في الجيزة منذ حوالي 2600 إلى 2500 ق.م للملوك خوفو وخَفْرَع ومِنْقَرَع. وهي أعمال ضخمة ذات جوانب ناعمة.
بدأت الفترة العظيمة للعمارة المصرية في القرن السادس عشر قبل الميلاد، واستمرت حوالي 500 عام. فقد قام المعماريون خلالها بتصميم المعابد أساسًا وليس الأهرامات. وكانت المعابد منشآت ضخمة محمولة على أعمدة. وقد ربطت الصالات والمنحدرات مختلف أنواع الغرف. ويدخل الناس إلى معظم المعابد من خلال بوابات مكونة من برجين ضخمين يُطلق عليهما اسم أبراج البوابة. وأحد أشهر معابد تلك الفترة المعبد الذي بُني للملكة حتشبسوت في الدير البحري في حوالي عام 1480ق.م، والذي شيده رعاياها عند سفح جرف صخري ضخم في اتحاد واضح بين العمارة والطبيعة.
لمزيد من الإيضاحات عن العمارة المصرية، ★ تَصَفح: مصر القديمة ؛ الأهرامات.
العمارة الآسيوية وعمارة ما قبل الكولومبية
تشتمل العمارة الآسيوية على أربعة فروع رئيسية هي الصينية واليابانية والهندية والإسلامية. وقد لقي كل من العمارة الهندية والإسلامية انتشارًا واسعًا وتأثيرًا خاصًا. وتضم العمارة الهندية عمارة كل من بنغلادش وبورما وكمبوديا وإندونيسيا ونيبال وباكستان وسريلانكا وتايلاند والتيبت، بالإضافة إلى الهند نفسها. وترجع العمارة الإسلامية إلى المباني التي صممها المسلمون. ونجد العمارة الإسلامية منتشرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأسبانيا وآسيا. ★ تَصَفح :العمارة الإسلامية.
منذ أكثر من 20000 سنة هاجر الأجداد الأوائل للهنود الأمريكيين من آسيا إلى الأمريكتين. وبحلول عام 100 ق.م، طورت مجموعات عديدة من الهنود ـ خاصة فيما يُعرف حاليًا بأمريكا اللاتينية ـ حضارات وثقافات مشرقة، وأنتجت عمارة متميزة. ويُطلق على عمارة وفنون الهنود الأمريكيين التي نشأت قبل عام 1500 ق.م ما قبل الكولومبية، لأنها ظهرت قبل وصول كريستوفر كولمبوس إلى العالم الجديد عام 1492م.
العمارة الصينية التقليدية تمثلها السقوف المنحنية إلى أعلى عند النهاية . والسقوف محمولة على أعمدة خشبية متصلة بأعتاب السقف بوساطة عوارض خشبية. والفناء أعلاه جزء من المدينة الممنوعة في بكين. |
بدأت العمارة الصينية في التطور منذ أزمان قديمة. وقد شيد الصينيون مجموعة مختلفة من المباني، ولكن النوع الرئيسي هو المعابد البوذية والأبراج المتعددة الطوابق التي أُطلق عليها اسم الباجودات.
وتتكون المعابد الصينية من قاعات خشبية مستطيلة تجسد الترتيب الجميل والمتقن للأعتاب الخشبية في السقف الداخلي. أما الجدران فلا تحمل السقف ولكنها ببساطة تستخدم كستائر لتحقيق الخصوصية، وللحماية من الطقس. ويحمل السقفَ قوائمُ متصلة بعوارض السقف بوساطة كتل خشبية، وهي غالبًا ما تكون منقوشة ومدهونة باللون الأحمر ومطلية بالذهب. وقد غطى الصينيون معظم السقوف ببلاط مزجَّج لونه أزرق أو أخضر أو أصفر، وقوسوا أطراف تلك السقوف إلى أعلى برشاقة. لمزيد من الإيضاحات عن العمارة الصينية. ★ تَصَفح: بكين ؛ كوريا ؛ الباجودة.
العمارة اليابانية:
تأثرت العمارة اليابانية تأثرًا كبيرًا بالعمارة الصينية. وقد اعتمدت العمارة التقليدية اليابانية على استخدام الأعتاب والأعمدة الخشبية. وتعطي مزارات شنتو المقدسة، الموجودة في مخلتف أنحاء اليابان، مثالاً ممتازًا لذلك. والشنتو هي الديانة القومية لليابان. ومزارات الشنتو منشآت من الهياكل الخشبية مبنية على قوائم ترفع المزار أعلى من مستوى الأرض. وأعتاب السقف أبعد من الجدار بحيث تعطي السقف بروزًا عميقًا.
وللمساكن التقليدية اليابانية، كبيرة كانت أم صغيرة، نفس التصميم: أعمدة رأسية تحمل السقف، وأبواب سحَّابة مبنية داخل الجدران خفيفة الوزن. وكان استخدام الجدران الداخلية لأغراض (تحقيق) الخصوصية وليس كدعامات. ومعظم المنازل كانت داخل حدائق محاطة بأسوار. لمعرفة صورة المنزل التقليدي، ★ تَصَفح: اليابان.
العمارة الهندية. أول وأكثر ما تأثرت به العمارة الهندية الديانة البوذية. ومبنى المعبد (أعلاه) الذي يُطلق عليه الستوبا الكبير، بدأ العمل به في القرن الرابع قبل الميلاد. وهذا الستوبا موجود في سانشي في مدهيا برادش. |
تطورت العمارة الهندية بحلول القرن الثالث قبل الميلاد. وكان أول وأهم تأثير على العمارة الهندية الديانة البوذية، وهي ديانة رئيسية في الهند. فقد أوحت البوذية ببناء معابد تُعرف بالشيتيا والأديرة والستوبا (نُصب تذكاري بوذي). والستوبا صرح مقبَّب الشكل قد يحتوي على آثار لبوذا منشئ الديانة البوذية في القرن السادس قبل الميلاد. وقد تم نحت معظم المعابد من الصخور الصماء.
وقد أثَّرت الهندوسية، والإسلام كذلك، على العمارة الهندية. ويحتوي المعبد الهندوسي على صفوف من الأعمدة والزخارف المنحوتة في الخارج، ومداخل مسقوفة مدببة. وقد فتح المسلمون الهند في القرن السادس عشر الميلادي، وأدخلوا طرازهم المعماري. وأشهر مبنى إسلامي في الهند هو تاج محل (1630-1650م) في أكْرا. وتُظهر مجموعة معابد أنجكور وات في القرن الثاني عشر الميلادي، وفي مدينة مهجورة في كمبوديا، تأثير العمارة الهندوسية خارج الهند.
وللمزيد من الإيضاحات عن العمارة الهندية، ★ تَصَفح: النحت ؛ الهندي، الفن ؛ تايلاند.
العمارة الإسلامية أفرزت عددًا من المساجد الجميلة. والرسم إلى اليمين يبين المسجد الإمبراطوري في أصفهان بإيران. وتظهر القبة أعلى المحراب مع أربعة إيوانات (قاعات) بمداخل معقودة السُّقوف تحيط بالصحن. وتظهر في الشكل ثلاث مآذن (منارات). |
تُعَدُّ المساجد أكثر المباني الإسلامية أهمية. وتختلف طرز المساجد بين البلاد الإسلامية، غير أن معظم المساجد يحتوي على صحن كبير محاط بممرات أو أروقة. والممر صف من الأعمدة، والرُّواق صف من العقود المبنية على أعمدة. وتبنى جدران المسجد بالطوب الملون والبلاط وملاط الجبس. وتعلو القباب معظم المساجد، ويكون للمسجد برج واحد أو أكثر يُعرف بالمئذنة.
وقد صمم المعماريون المسلمون، بالإضافة إلى المساجد، القصور والمدارس الدينية. والمدرسة الدينية النموذجية مبنى رباعي الأضلاع يحيط بصحن، وفي معظم الأحيان يوجد في منتصف كل ضلع من أضلاع المبنى قاعة هي عقد كبير تُسمّى الإيوان، ويتلقى الطلاب محاضراتهم في هذا الإيوان.
لمزيد من الإيضاحات عن العمارة الإسلامية. ★ تَصَفح: الفنون الإسلامية ؛ أسبانيا ؛ القدس ؛ العمارة الإسلامية ؛ المسجد.
عمارة ما قبل الكولومبية:
طوّر الأزتك والتولتيك والمايا والإنكا معظم الثقافات الهندية الأمريكية المهمة فيما يعرف الآن بأمريكا اللاتينية. وازدهرت حضارات الأزتك والتولتيك في وسط المكسيك، بينما عاش المايا في المكسيك وأمريكا الوسطى، وبنى الإنكا إمبراطورية مهمة في غربي أمريكا الجنوبية.
وكانت معظم منشآت الأزتك والتولتيك والمايا المتبقية لأغراض دينية، وكانت أكثر هذه المنشآت إثارة للإعجاب هي تلك الأهرامات الحجرية التي تعلوها معابد صغيرة. فهذه الأهرامات تمثل جزءًا من مراكز الطقوس، وتضم مذابح وقصورًا وساحات. وبنى الإنكا معابد كبيرة وحصونًا ومباني عامة على سفوح الجبال. وتقع أطلال واحدة من أشهر مدنهم، وهي ماشو بيكشو، في جبال الأنديز، على ارتفاع حوالي 2400م فوق مستوى سطح البحر.
تطوّر عدد من الثقافات الهندية في أمريكا الشمالية، فابتكر سكان الجُرُف، فيما هو الآن في الجنوب الغربي للولايات المتحدة الأمريكية عمارة تعد الأكثر أهمية. وتكونت عمارتهم بشكل رئيسى من مبان سكنية. وارتفعت المباني بجوار الجُرُف مثل الشقق السكنية. وقد بنى الهنود منازل الجرف من الحجر أو الطين أو الخشب. وكانت الطقوس الدينية تتم في غرف دائرية تسمى الواحدة منها الكيفا، وشيدت معظمها تحت الأرض.
لمزيد من الإيضاحات عن عمارة ما قبل الكولومبية، ★ تَصَفح : الأزتك ؛ المدينة ؛ المايا، شعب ؛ الأهرامات ؛ المكسيك.