التحقيق الدائم لرغبات الآخرين يجهد الشخص ويؤثر سلبا على نفسيته
الرغبة في إرضاء الجميع مكلفة
كولن (ألمانيا) - ربما يكون المرء شخصا مستعدا دائما لتلبية طلبات الآخرين من حوله، أو لمساعدتهم في الحالات الطارئة، حتى دون أن يُطلب منه ذلك. وربما يكون لطيفا بشكل خاص ومراعيا لشعور الآخرين ويقظا ومضحيا بنفسه وحاضرا دائما لمساعدتهم. أو قد يكون هذا ما يصفه به من حوله.
وبينما قد يعتقد المرء أن ذلك يعد تقييما إيجابيا للغاية له، فإنه ليس بالضرورة أن تكون هذه الصفات جيدة لصحته العقلية، على الأقل إذا كانت مدفوعة بالرغبة في إرضاء الجميع.
ويقول المؤلف والمستشار المهني الألماني مارتن فيرله “إذا كان المرء دائما ما ينحني أمام رغبات الآخرين، فإنه بذلك يهمل احتياجاته الخاصة”.
مخزون الطاقة المستنفد باستمرار يعد ضارا بالصحة العقلية، إنها علامة على أن المرء يتجاهل ما يقوله له جسده وعقله
فهناك قدر محدود من الوقت والطاقة لدى كل شخص منا. ففي حال وافق المرء على القيام بعمل إضافي عندما يطلب منه رئيسه في العمل ذلك، أو وافق على طلب جار له لمساعدته في إنجاز عمل ما في منزله، فإنه يستنفد من وقته ومن مخزون الطاقة المتاح لديه.
يشار إلى أن مخزون الطاقة المستنفد باستمرار يعد ضارا بالصحة العقلية. إنها علامة على أن المرء يتجاهل ما يقوله له جسده وعقله، كما أنه يزيد من خطر إصابته بالأمراض العقلية.
وبالتالي، فإن الأشخاص غير الأنانيين والمطيعين دائما لطلبات الآخرين يعانون بالتالي من الإرهاق بشكل غير متناسب في الغالب، بحسب ما يشير إليه الطبيب والمعالج النفسي الدكتور أندرياس هاجيمان المدير الطبي لعيادات “هاكو” الخاصة في ألمانيا للطب النفسي .
وكون المرء لطيفا ليس أمرا سيئا بصورة دائمة بالنسبة إليه. ويشير فيرله إلى ما يسميه بالـ”مفهوم اللطف الصحي”، المستوحى من المبدأ الأمثل للكفاءة الاقتصادية الخاص بالموسوعي الإيطالي فيلفريدو باريتو (الذي ولد في عام 1848، وتوفي في عام 1923). ويعد “تحسين باريتو” إجراء يجعل شخصا واحدا على الأقل في حال أفضل، دون أن يجعل أحدا أسوأ حالا.
ويوضح فيرله “إذا قدم المرء معروفا لشخص ما وجعله ذلك يشعر بحالة من الرضا، فليست هناك مشكلة.. ولكن إذا شعر بالسوء فيما بعد لأنه تجاوز حدوده، فإن ما قام به لم يؤدِ إلى النتيجة المرجوة”.
ويقول إن “هؤلاء الذين يكرسون أنفسهم من أجل إرضاء الآخرين، الذين يحاولون أن يقدموا كل شيء لجميع الأفراد ولا يرغبون في الإساءة إلى أيّ شخص، عادة ما يفعلون ذلك ليكونوا محبوبين”. وبحسب ما ورد في دراسات نشرت بالولايات المتحدة يقول فيرله إن الأشخاص الذين يُنظر إليهم بوصفهم لطفاء ومتعاونين بشكل خاص، غالبا ما لا يكونون محبوبين كثيرا.
ويعد أحد الأسباب وراء ذلك هو أن أولئك الذين ليسوا لطفاء للغاية يمكن أن يشعروا بالضغط بسببهم. ويوضح فيرله ذلك من خلال مثال، حيث يقول “إذا تخيّل المرء أنه يصطف في طابور داخل أحد متاجر السوبرماركت، فعندما يسمح الشخص الذي يقف خلفه مباشرة لشخص آخر أن يقف أمامه، قد يشعر هو بنوع من الضغط للقيام بنفس الشيء.”
الأشخاص الذين يُنظر إليهم بوصفهم لطفاء ومتعاونين بشكل خاص، غالبا ما لا يكونون محبوبين كثيرا
أما بالحديث عن مكان العمل والوظيفة، يشير هاجيمان إلى أنه غالبا ما يتم تكليف الموظفين المطيعين بشكل مبالغ فيه، بكمية لا تحتمل من المهام “ففي حال رغب أحد الأشخاص في القيام بشيء ما، فإنه سيذهب أولا إلى الموظف الذي يتوقع منه أن يقول له ‘حسنا’ ويزيد قول ‘حسنا’ من ضغط التوقعات المفترضة من هذا الشخص، مما يؤدي إلى حدوث دوامة ذاتية الدفع”. بمعنى آخر، كلما قال المرء “حسنا”، كلما كان من الصعب أن يقول “لا”.
وتعد الصيغة السحرية هي أن يضع المرء حدودا، كما أنه عليه أن يبقِ احتياجاته في ذهنه، وأن يقول “لا” للأمور التي قد تتعدى على حقوقه. ويتطلب ذلك ممارسة مستمرة.
ومن المهم أيضا أن يقلل المرء من توقعاته الذاتية وألا يطلب الكثير من نفسه. ويقول هاجيمان إذا كان المرء غير قادر على القيام بذلك، فإن العلاج النفسي يعد خيارا.
وينصح فيرله بضرورة “أن يمنح المرء نفسه وقتا للتفكير في الأمر دائما”، سواء كان ذلك في قبول القيام بعمل إضافي، أو في مساعدة صديق على الانتقال للعيش في مكان آخر أو في قبول دعوة لحضور حفل، موضحا أن هذا سيجنبه الموافقة بصورة انعكاسية سريعة على شيء ما، ثم الندم عليه فيما بعد.
ويقول فيرله إنه بينما يفكر المرء في قبول الأمر أو رفضه، عليه أن يترك شعوره الغريزي يرشده، موضحا أن “الرفض الصادق أفضل من القبول غير الصادق”.
الرغبة في إرضاء الجميع مكلفة
كولن (ألمانيا) - ربما يكون المرء شخصا مستعدا دائما لتلبية طلبات الآخرين من حوله، أو لمساعدتهم في الحالات الطارئة، حتى دون أن يُطلب منه ذلك. وربما يكون لطيفا بشكل خاص ومراعيا لشعور الآخرين ويقظا ومضحيا بنفسه وحاضرا دائما لمساعدتهم. أو قد يكون هذا ما يصفه به من حوله.
وبينما قد يعتقد المرء أن ذلك يعد تقييما إيجابيا للغاية له، فإنه ليس بالضرورة أن تكون هذه الصفات جيدة لصحته العقلية، على الأقل إذا كانت مدفوعة بالرغبة في إرضاء الجميع.
ويقول المؤلف والمستشار المهني الألماني مارتن فيرله “إذا كان المرء دائما ما ينحني أمام رغبات الآخرين، فإنه بذلك يهمل احتياجاته الخاصة”.
مخزون الطاقة المستنفد باستمرار يعد ضارا بالصحة العقلية، إنها علامة على أن المرء يتجاهل ما يقوله له جسده وعقله
فهناك قدر محدود من الوقت والطاقة لدى كل شخص منا. ففي حال وافق المرء على القيام بعمل إضافي عندما يطلب منه رئيسه في العمل ذلك، أو وافق على طلب جار له لمساعدته في إنجاز عمل ما في منزله، فإنه يستنفد من وقته ومن مخزون الطاقة المتاح لديه.
يشار إلى أن مخزون الطاقة المستنفد باستمرار يعد ضارا بالصحة العقلية. إنها علامة على أن المرء يتجاهل ما يقوله له جسده وعقله، كما أنه يزيد من خطر إصابته بالأمراض العقلية.
وبالتالي، فإن الأشخاص غير الأنانيين والمطيعين دائما لطلبات الآخرين يعانون بالتالي من الإرهاق بشكل غير متناسب في الغالب، بحسب ما يشير إليه الطبيب والمعالج النفسي الدكتور أندرياس هاجيمان المدير الطبي لعيادات “هاكو” الخاصة في ألمانيا للطب النفسي .
وكون المرء لطيفا ليس أمرا سيئا بصورة دائمة بالنسبة إليه. ويشير فيرله إلى ما يسميه بالـ”مفهوم اللطف الصحي”، المستوحى من المبدأ الأمثل للكفاءة الاقتصادية الخاص بالموسوعي الإيطالي فيلفريدو باريتو (الذي ولد في عام 1848، وتوفي في عام 1923). ويعد “تحسين باريتو” إجراء يجعل شخصا واحدا على الأقل في حال أفضل، دون أن يجعل أحدا أسوأ حالا.
ويوضح فيرله “إذا قدم المرء معروفا لشخص ما وجعله ذلك يشعر بحالة من الرضا، فليست هناك مشكلة.. ولكن إذا شعر بالسوء فيما بعد لأنه تجاوز حدوده، فإن ما قام به لم يؤدِ إلى النتيجة المرجوة”.
ويقول إن “هؤلاء الذين يكرسون أنفسهم من أجل إرضاء الآخرين، الذين يحاولون أن يقدموا كل شيء لجميع الأفراد ولا يرغبون في الإساءة إلى أيّ شخص، عادة ما يفعلون ذلك ليكونوا محبوبين”. وبحسب ما ورد في دراسات نشرت بالولايات المتحدة يقول فيرله إن الأشخاص الذين يُنظر إليهم بوصفهم لطفاء ومتعاونين بشكل خاص، غالبا ما لا يكونون محبوبين كثيرا.
ويعد أحد الأسباب وراء ذلك هو أن أولئك الذين ليسوا لطفاء للغاية يمكن أن يشعروا بالضغط بسببهم. ويوضح فيرله ذلك من خلال مثال، حيث يقول “إذا تخيّل المرء أنه يصطف في طابور داخل أحد متاجر السوبرماركت، فعندما يسمح الشخص الذي يقف خلفه مباشرة لشخص آخر أن يقف أمامه، قد يشعر هو بنوع من الضغط للقيام بنفس الشيء.”
الأشخاص الذين يُنظر إليهم بوصفهم لطفاء ومتعاونين بشكل خاص، غالبا ما لا يكونون محبوبين كثيرا
أما بالحديث عن مكان العمل والوظيفة، يشير هاجيمان إلى أنه غالبا ما يتم تكليف الموظفين المطيعين بشكل مبالغ فيه، بكمية لا تحتمل من المهام “ففي حال رغب أحد الأشخاص في القيام بشيء ما، فإنه سيذهب أولا إلى الموظف الذي يتوقع منه أن يقول له ‘حسنا’ ويزيد قول ‘حسنا’ من ضغط التوقعات المفترضة من هذا الشخص، مما يؤدي إلى حدوث دوامة ذاتية الدفع”. بمعنى آخر، كلما قال المرء “حسنا”، كلما كان من الصعب أن يقول “لا”.
وتعد الصيغة السحرية هي أن يضع المرء حدودا، كما أنه عليه أن يبقِ احتياجاته في ذهنه، وأن يقول “لا” للأمور التي قد تتعدى على حقوقه. ويتطلب ذلك ممارسة مستمرة.
ومن المهم أيضا أن يقلل المرء من توقعاته الذاتية وألا يطلب الكثير من نفسه. ويقول هاجيمان إذا كان المرء غير قادر على القيام بذلك، فإن العلاج النفسي يعد خيارا.
وينصح فيرله بضرورة “أن يمنح المرء نفسه وقتا للتفكير في الأمر دائما”، سواء كان ذلك في قبول القيام بعمل إضافي، أو في مساعدة صديق على الانتقال للعيش في مكان آخر أو في قبول دعوة لحضور حفل، موضحا أن هذا سيجنبه الموافقة بصورة انعكاسية سريعة على شيء ما، ثم الندم عليه فيما بعد.
ويقول فيرله إنه بينما يفكر المرء في قبول الأمر أو رفضه، عليه أن يترك شعوره الغريزي يرشده، موضحا أن “الرفض الصادق أفضل من القبول غير الصادق”.