سعيد عبدالله الوايل المسكون بالعمارة التراثية السعودية والخليجية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سعيد عبدالله الوايل المسكون بالعمارة التراثية السعودية والخليجية

    سعيد عبدالله الوايل المسكون بالعمارة التراثية السعودية والخليجية


    الناشط السعودي في مجال صون وتوثيق التراث المعماري يعيد قراءة المباني على ضوء القيم الدينية والاجتماعية.
    اWhatsAppTwitterFacebook

    مولع بفن العمارة

    سعيد عبدالله الوايل، ناشط سعودي في مجال صون وتوثيق التراث المعماري، وفنان تشكيلي مسكون بالعمارة التراثية في الجزيرة العربية وشتى بلدان الخليج العربي، حصل على شهائد مختلفة فنال الدكتوراه في العمارة الداخلية والماجستير في الفنون الجميلة والبكالوريوس في اللغة والأدب الإنجليزيين ودبلوم في التربية الفنية.

    تفرغ الوايل للبحث في مجالات العمارة والفنون التشكيلية والزخارف والنقوش الإسلامية، وهو يتمتع بعضوية عدة هيئات وجمعيات محلية ودولية، وقد شارك في العديد من المؤتمرات والمناسبات والملتقيات العلمية والورش المصاحبة، وأنجز خلال العقود الأخيرة عدة مشاريع تختص بالتوثيق والحفاظ العمراني والتاريخي للمباني التاريخية في الأحساء والخليج العربي، وما يرتبط بها من جماليات وزخارف ونقوش في كافة مناطق الخليج.

    كما أنه باحث معتمد ضمن فريق العمل لتوثيق وحصر التراث الثقافي غير المادي الوطني في محافظة الأحساء، الذي تقوم به الجمعية السعودية للمحافظة على التراث، وقد أشرف على ترميم العديد من المباني التاريخية الرسمية والخاصة بالتعاون مع وزارة الثقافة.
    مؤلفات ثرية




    أفرزت البحوث والدراسات المتنوعة التي خاضها الوايل العديد من الكتب الهامة، فنجد كتاب “الأبواب والنقوش الخشبية في عمارة الشارقة التقليدية” (2003)، “الأبواب والنقوش الخشبية في عمارة المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية” (2011)، “الأبواب والنقوش الخشبية الإسلامية في المباني التاريخية في الخليج العربي” (2014)، “النقوش الجصية الإحسائية” (2015)، “أبواب دبي التاريخية” (2020).

    كما له تحت الطبع معجم “الأثنوغرافي للمصطلحات الدارجة المستخدمة في البيئة العمرانية التقليدية في الأحساء” ويصدر عن دارة الملك عبدالعزيز الرياض، ومخطوط بعنوان “المسكن في عمارة الأحساء التراثية.. تاريخ وهوية”، و”القهوة السعودية” مع الباحث أحمد البقشي وستطبعه مكتبة الملك عبدالعزيز، وكتاب “البوابات والواجهات وزخارفها في مباني الأحساء التاريخية” وهو مازل تحت أنظار المحكمين في مكتبة الملك عبدالعزيز.

    في أحدث دراساته سلّط الوايل الضوء على تاريخ منطقة الأحساء، الواقعة في المنطقة الشرقية بالمملكة، ومدارسها الفكرية والمذهبية وعلاقتها بالمباني المعمارية الدينية حسب المذهب، من مساجد ومدارس دينية وحسينيات، وأسلوب عمارتها وطرق تخطيطها والممارسات الدينية فيها.

    الدراسة التي أشرف على إعدادها الدكتور مخلد نصير الزيودي، الأكاديمي بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بالدمام، ركّزت على أتباع المذهب الشيعي الجعفري، وحملت عنوان “القيم الدينية والاجتماعية وتأثيرها على تصميم المباني السكنية في محافظة الأحساء بالمملكة العربية السعودية: الحُسينيات والمآتم الشيعية أنموذجا”.
    تراث ثقافي ضخم



    التكوين العمراني ليس مجرد بناء


    بحسب الدكتور سعيد عبدالله الوايل، فإن الدراسة لا تدخل في إطار تصنيف مذهبي أو طائفي لمجتمع الدراسة وهو منطقة الأحساء، وإنما تتجه نحو معايشة وفهم الوضع القائم والواقع الذي يعيشه المجتمع ووجوده، حيث تعتبر المباني الدينية التي ترجع لأتباع المذهب الشيعي في الأحساء تراثاً ثقافياً كبيراً وضخماً، لم يتم تناوله بشكل مفصل ولم يدون عنه إلا القليل ولم يدرس بشكل علمي رغم كثرة الكتابات التي تناولت جوانب تاريخية ودينية في العقائد والأصول والفقه وسير العلماء ورجال الدين.

    ويرى أن التاريخ يتصل بشكل مباشر بتاريخ المجتمع وحياة الناس ومعتقداتهم والأعراف والتقاليد التي درجوا عليها، وهو موضوع في ذات الوقت يتداخل بشكل جذري من ناحية تاريخية مع مختلف التطورات في الحياة السياسية والاجتماعية، والدول والممالك التي كان لها وجود في هذه المنطقة، حيث عمل الشيعة على الحفاظ على هويتهم ومعتقداتهم واستمراريتها من خلال هذه المباني، التي شكلت الحاضنة الرئيسة لممارسة معتقداتهم وشعائرهم في المناسبات الدينية والاجتماعية.


    تاريخ المجتمع وحياة الناس


    وأكد الوايل أن استقرار الوضع الأمني والسياسي والاجتماعي في ظل حكومة المملكة العربية السعودية، منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود، كان له الدور الكبير في بناء المجتمع السعودي المعاصر بكافة أطيافه ومذاهبه كمجتمع مدني متحضر تسوده الألفة والمحبة والتعايش السلمي، وممارسة الشيعة لمعتقداتهم وشعائرهم الدينية بحرية في وسهولة.

    ووفقا للدراسة، فقد كان للنواحي الدينية وما يرتبط بها من معتقدات وشعائر وطقوس دينية تأثيرها الواضح على العمارة الأحسائية، وبخاصة ما يتعلق بعمارة المسكن عند أتباع المذهب الشيعي.

    وقد استعرض الوايل مختلف الجوانب المتعلقة ببناء المسكن وعمارته وتصميمه الداخلي واستعداد المجتمع الشيعي وبذله الكثير من الطاقات من أجل تحقيق أهداف وغايات اعتقادية تتعدى مفهوم وجود بناء مادي إلى ما هو أبعد من ذلك، وهو تحقيق هذا المبنى وتكييفه كي يتناسب مع أداء مختلف الشعائر والطقوس التعبدية، وهو ما يتضح من خلال ما تمت دراسته من شواهد ونماذج وأدلة تؤكد هذا الارتباط.

    كما لفتت الدراسة إلى وجود تنوع ديموغرافي في بيئة واحة الأحساء بين المدينة والقرية، وبين الأحياء التاريخية وسط المدينة وبين الأحياء والمخططات الحديثة، حاول الباحث من خلال العينات المختارة التنويع بين مختلف هذه البيئات، والتنويع كذلك في ما يتعلق بالجوانب العمرانية والاجتماعية، من ناحية تاريخ وعمر المبنى والتكوين المعماري ومساحته وأسلوب تصميمه والمواد المستخدمة في تشييده، كذلك نوع المجلس (للرجال – للنساء) ومستوى العوائل والأسر من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، من أجل تكوين صورة شاملة تعزز فرضية البحث والإجابة بشكل واف عن التساؤلات التي طرحها الباحث في مقدمة الدراسة.

    يهتم سعيد عبدالله الوايل، في سياق دراسته العام بالمباني الدينية وبيوت العبادة في واحة الأحساء، التي تُعد من بين أحد أهم المناطق التاريخية التي كانت مركزا لعيش البشر على أرضها منذ الآلاف من السنين، والتي شهدت بزوغ شمس الكثير من الحضارات، ثم كانت واحدة من منارات الدين الإسلامي في عصوره الأولى، ثم كان ذلك العصر الذي شهد الكثير من الانقسامات في مختلف الدول والأمصار الإسلامية ومنها الأحساء، مما أدى إلى نشوء الفرق والمذاهب الإسلامية، بعقائدها الدينية واتجاهاتها ومدارسها الفكرية والفقهية والتي تعددت معها بيوت العبادة ومسمياتها والشعائر والطقوس التي تمارس فيها.

    ويستعرض الوايل تاريخ بيوت العبادة والمباني الدينية عند مختلف الحضارات والشعوب، وتناول السمات والخصائص التي كانت معروفة في تلك المباني وارتباطها بالعبادات والمعبودات التي عرفها الإنسان منذ القدم.
    علاقة جدلية



    تأثير الفكر الديني على العمارة


    يعتبر الوايل أن الممارسات العبادية والشعائر الدينية وارتباطها بالعمارة تمثل علاقة جدلية على مر الأزمنة والعصور، وأن ذلك ظهر من خلاله تأثير الفكر الديني على العمارة، حيث بنى الإنسان المباني الدينية ودور العبادة وخصها بعقيدة وأسبغ عليها روحانية خاصة، وأتحفها بالرموز الدينية التي تشير إلى قداسة ذلك المبنى أو مكان العبادة، ويؤرخ لأكثر المباني التي عرفتها البشرية تميزا والبوابات العظيمة التي كانت ترمز من قريب أو من بعيد إلى معتقد وأساس ديني، واختصت تلك المباني بهندسة معمارية ميزتها عن باقي المباني الحضرية ببواباتها ورموزها التي كانت تصاحبها، “فبوابة عشتار على سبيل المثال في حضارة بلاد الرافدين كانت تحف بها أشكال الأسود التي كانت ترمز للآلهة عشتار”.

    ويرجح الباحث السعودي أن تكون المباني الدينية في الغالب تشير إلى تجمعات ومراكز عمرانية رئيسة تحيط بها بقية مباني المدن والقرى والتجمعات السكنية، وهي شواهد حية تعكس أهمية العمران وعلاقته الروحية بالإنسان الذي بنى هذه العمارة.

    مفهوم العمارة الدينية ينطبق على المباني التي شيدت لتكون أماكن عبادة تتم فيها ممارسة الشعائر أو العبادات والطقوس

    ووفقا لفصول الدراسة، فإن مفهوم العمارة الدينية ينطبق على المباني التي شيدت كأماكن خاصة للعبادة من أجل ممارسة الشعائر أو العبادات أو الطقوس الدينية، وقد عرف الإنسان هذا النوع من المباني منذ أقدم العصور بل كانت من أهم المباني وأكبرها والأكثر ديمومة لاهتمام الإنسان بعمارتها ورعايتها ومحافظته عليها، والأمثلة كثيرة عند مختلف الشعوب والديانات، والتي سوف نتعرض لأمثلة منها.

    يؤكد الوايل أن الدراسات العمرانية المتعلقة بالمباني الدينية وبيوت العبادة حقل هام في مجال الدراسات العمرانية وما يرتبط بها من أساليب عمرانية وقيم إنسانية وروحية، وهو أمر يرتبط في سياقه العام بالبحث الاجتماعي والثقافي والعمراني.

    ويؤمن بأن للعمارة دورا حيويا وكبيرا في ترجمة الكثير من المعاني الإنسانية عبر إبداع الإنسان المستمر في بحثه عما يلائم متطلباته ويحقق رغباته، فالتكوين العمراني ليس مجرد بناء أو وجود مادي على مساحة من الأرض، إنما هو إبداع مستمر يواكب تطلعات الإنسان وتطور أدواته التي يستخدمها في تحقيق ذاته من خلال العمارة، وبخاصة عندما يتعلق الموضوع ببقعة جغرافية هامة من أرض الجزيرة العربية، مثل الأحساء بثقلها وعمقها التاريخي والاجتماعي والثقافي الكبير، والتي كانت ولا تزال حافلة بأنماطها وطرزها العمرانية، وبخاصة ما يرتبط بمبانيها الدينية وبيوت العبادة لكافة أفراد المجتمع من الشيعة والسنة، والتي عبرت عن عظمة الإنسان الذي يعيش على هذه الأرض.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    حجاج سلامة
    كاتب مصري
يعمل...
X