قواعد المعطيات
قاعدة المعطيات database هي مجموعة من المعطيات المهيكلة غير المتكررة، المسجلة على وسط تخزين يسمح بالوصول إليها من قبل برامج تطبيقية عدة.
كان هذا التعريف عاماً في بداية ظهور قواعد المعطيات فرعاً مستقلاً من فروع المعلوماتية وانبثقت منه مجموعة واسعة من الأهداف التي سعى العاملون في هذا المجال إلى تحقيقها بتطوير نظم إدارة قواعد المعطيات.
ولدى الحديث عن قواعد المعطيات لابد من ذكر نظام إدارة قواعد المعطيات database management system (DBMS) لأنها الأداة الأساسية لتعريف قواعد المعطيات وإدارتها، والذي يتألف من تجمع من المعطيات المرتبطة فيما بينها، ومجموعة من البرامج التي تقدم إمكانات إجراء العمليات الأساسية على هذه المعطيات مثل الإدخال، والحذف، والتعديل.
لمحة تاريخية
بدأ استخدام الأنظمة الحاسوبية في الأعمال الإدارية والمالية في منتصف الستينيات من القرن العشرين نتيجة تطور في مجالات عدة أهمها:
ـ ظهور وسائط التخزين المغنطيسية ذات النفاذ المباشر (الأقراص المغنطيسية) والذي ترافق مع تطور مفهوم الملفات الحاسوبية
ـ أنظمة التشغيل المتعددة المهام والمستثمرين
ـ لغات البرمجة الموجهة إلى التطبيقات الإدارية والمالية مثل لغة كوبول Cobol.
ـ مفهوم البرمجة المهيكلة structured programming.
وقد جرى في هذه الفترة البدء بتعريف هياكل للمعطيات تعتمد المبدأ الهرمي أو الشبكي باعتبارهما الأقرب إلى تمثيل معطيات المؤسسات.
جرى في عقد السبعينيات من القرن العشرين تعريف الأسس النظرية للنموذج العلاقاتي الذي يستند إلى الجبر العلاقاتي relational algebra في تعريف العمليات الأساسية التي تجرى على المعطيات. وقد ظهرت أولى أنظمة إدارة قواعد المعطيات التي تعتمد النموذج العلاقاتي في بداية الثمانينيات، ومازال هذا النوع من أنظمة إدارة قواعد المعطيات الأكثر انتشاراً بسبب بساطته ودقته.
شهد عقد التسعينيات تطور قواعد المعطيات غرضية التوجه ـ object oriented databases التي تدمج بين مبادئ قواعد المعطيات ومبادئ البرمجة غرضية التوجه.
أهداف قواعد المعطيات
تحوي قاعدة المعطيات عادة المعطيات الخاصة بمؤسسة ما، وللأهمية البالغة لهذه المعطيات فقد برزت الحاجة إلى تطوير مفاهيم ومنهجيات وتقانات عدة لإدارة هذه المعطيات إدارة فعالة.
إن الهدف الأساسي لنظم إدارة قواعد المعطيات هو توفير محيط عمل ملائم وفعال يمكّن من تخزين المعطيات ضمن قاعدة المعطيات واسترجاعها لاحقاً. وقد صُمِّمت هذه النظم لإدارة كميات ضخمة من المعطيات. وتشمل إدارة المعطيات المهام الرئيسية الآتية:
ـ تعريف بنى تخزين المعطيات.
ـ إيجاد التقانات الملائمة للتعامل مع المعطيات المُخزنة.
ـ تقديم نظم أمان لحماية المعطيات المخزنة من الوصول غير المشروع.
ـ تجنب التضارب في المعطيات المخزنة نتيجة تشارك مستثمرين عدة في الوصول إليها.
وقد جرى تطوير نظم إدارة قواعد المعطيات باعتبارها أنظمة برمجية عامة تحقق الأهداف الآتية:
مركزية المعلومات
تهدف قواعد المعطيات إلى تجميع كل المعطيات المتعلقة بمؤسسة ما ضمن نظام واحد، يقوم بإدارة هذه المعطيات إدارةً قياسية، ويوفر جميع حاجات التطبيقات منها. ويوفر نظام المعلومات المركزي في أي مؤسسة مزايا عدة أهمها إلغاء التكرار، وتوفير سهولة إدخال المعلومات وتحديثها، ومركزية التحكم والمراقبة.
استقلال المعطيات
تتضمن نظم إدارة قواعد المعطيات الوسائل الكفيلة بجعل المعطيات مستقلة عن طريقة التخزين، وعن البرامج التي تقوم بالتعامل مع هذه المعطيات، ويجري تحقيق هذه الغاية بجعل التعامل مع المعطيات بوساطة برامج تقوم بالوصول إلى هذه المعطيات من مستوى عالٍ من التجريد، لا يظهر الطريقة الفعلية للتخزين، ولا يحتاج إلى معرفة جميع التفاصيل المتعلقة ببنية القاعدة ومحتوياتها الشاملة.
إن تحقيق هذا الهدف بوساطة البرامج التي يتضمنها نظام إدارة قواعد المعطيات يخفف الأعباء الملقاة على عاتق المبرمجين، والمتمثلة في ضرورة تعديل البرامج التطبيقية لدى كل تعديل في بنى تخزين المعطيات، سواء في بنية الملفات أم في طريقة تنظيمها أم في وسائط التخزين. تتيح نظم إدارة قواعد المعطيات إمكانية التعامل مع المعطيات بغض النظر عن بنيتها الداخلية، وتُمكِّن البرامج التطبيقية من متابعة العمل على المعطيات في حال حدوث تغير في بنى التسجيلات لا يتناقض مع البنى التي كانت تستخدمها، ولا تتأثر البرامج التطبيقية بتغير طرق الوصول. فإذا أُضيف فهرسindex، أو دُمج ملفان في ملف واحد، فإن ذلك لا يستدعي تغيير البرامج التي تدير المعطيات.
معالجة المعطيات بوساطة لغات غير إجرائية
معظم مستثمري نظم إدارة قواعد المعطيات مستثمرون عاديون ليس لديهم فكرة سابقة عن لغات البرمجة؛ لذلك يجب توفير لغة يستطيع المستثمر بوساطتها أن يسأل قاعدة المعطيات، أو يعدّل تلك المعطيات من دون تحديد خوارزمية الوصول إلى تلك المعطيات، بل فقط يصف المعطيات التي يريد المستثمر التعامل معها، ويسمى هذا النوع من اللغات لغات غير إجرائية.
تعد هذه النقطة من أهم الأهداف التي يجب أن يحققها نظام إدارة قواعد المعطيات، فوجود لغة غير إجرائية عالية المستوى يسمح لأي مستثمر بأن يستفيد من إمكانات النظام بفعالية و سهولة.
التسهيلات الخاصة بإدارة المعطيات
توفر نظم إدارة قواعد المعطيات الوسائل اللازمة للتعبير عن المعطيات (طريقة تعريفها وتخزينها) والوصول إليها وعرضها. تسمى هذه الوسائل أدوات إدارة قواعد المعطيات. وللحصول على إدارة فعالة وجيدة للمعطيات يجري عادة حصر بعض هذه الأدوات بشخص واحد يدعى مدير النظام أو بأشخاص عدة يملكون امتيازات خاصة.
الوصول إلى المعطيات بفعالية
تسعى أنظمة إدارة قواعد المعطيات إلى زيادة عدد الإجراءات التي تنفذ في ثانية واحدة. وذلك بزيادة عدد المستخدمين الذين يستطيعون الوصول إلى المعطيات بآن واحد، وإنقاص زمن الاستجابة (الزمن اللازم للحصول على جواب طلب ما). لتحقيق ذلك تتضمن هذه الأنظمة خوارزميات وطرقاً خاصة لتقسيم الموارد (الوحدة المركزية، وحدات الدخل/الخرج) بين المستثمرين تقسيماً عادلاً.
التحكم في تكرار المعطيات
يمكِّن وجود إدارة مركزية للمعطيات من حل مشكلة تكرار المعطيات، وذلك بإعطاء الانطباع بأن كل مستخدم من مستخدمي قاعدة المعطيات يتعامل مع نسخة مستقلة من هذه القاعدة، وتوفير الأدوات التي تنسق بين العمليات التي يجريها المستخدمون على النسخة الوحيدة من المعطيات.
تكامل المعطيات
يسمح نظام إدارة قواعد المعطيات بتحقيق أنواع عديدة من شروط التكامل، أهمها :
ـ تكامل وحدات المعطيات. مثلاً، لا يمكن فتح حساب مصرفي لزبون من دون معرفة عنوانه.
ـ التكامل المرجعي. مثلاً، لا يمكن إجراء عمليات مصرفية على حساب قبل فتح الحساب.
ـ شروط التكامل المعرَّفة من قبل المستخدم: مثلاً، الرصيد أكبر من 250 ل.س.
لتحقيق ذلك يوفر نظام إدارة قواعد المعطيات الإمكانات اللازمة لتعريف هذه الشروط من جهة، ولكشف وإيقاف جميع العمليات التي قد تؤدي إلى الإخلال بها من جهة أخرى.
تقسيم المعطيات
يُقصد بتقسيم المعطيات السماح بتقسيم معطيات قاعدة ما بين تطبيقات عدة، حيث يستطيع كل منها الوصول إلى المعطيات من دون أن ينتظر تطبيقاً آخر.
أمن المعطيات
توفر أنظمة إدارة قواعد المعطيات إمكان حماية بعض المعطيات الخاصة، حيث إن مجموعة محددة هي فقط التي تستطيع الوصول إلى تلك المعطيات. فمثلاً يستطيع مدير قسم معين أن يطلع على المعطيات التي تتعلق بالعاملين في قسمه فقط، ولا يستطيع الاطلاع على المعطيات التي تتعلق بالعاملين في الأقسام الأخرى.
تصميم قواعد المعطيات ونمذجة المعطيات
من وجهة النظر البرمجية، تتألف قاعدة المعطيات من تجمع من الملفات المترابطة، ومجموعة من البرامج التي تسمح بالوصول إلى المعطيات المخزنة فيها واسترجاعها وتعديلها. وتهدف نظم قواعد المعطيات إلى تقديم إمكانية التعامل مع جزء من المعطيات واستخدامها بطريقة فعالة تجعلها بمتناول عدد كبير من المستخدمين.
تقود هذه الاعتبارات إلى تصميم بنى معطيات معقدة لتمثيل المعطيات، مع ضرورة إخفاء هذا التعقيد للسماح لأكبر عدد من المستخدمين الذين لا يملكون خبرة واسعة في البرمجة بالوصول إلى المعطيات. ولتحقيق ذلك، ولما كان مستخدمو قاعدة المعطيات ليسوا بالضرورة خبراء في استخدام الحواسيب والبرمجة، فإنه يجب إخفاء التعقيد الموجود في تلك البنى بتحقيق وجود مستويات عدة للتصميم تتوافق مع مستوى التفصيل الذي يمكن لكل فئة من المستخدمين التعامل معه.
لتحقيق هذه الأهداف جرى تحديد ثلاثة مستويات من التجريد تسمى مخططات schema لتوصيف أي قاعدة معطيات يبينها الشكل (1). يجري في كل مستوى توصيف القاعدة ببعض التفصيل الإضافي عن المستوى الأعلى، كما يقدم نظام إدارة قواعد المعطيات الوسائل الكفيلة بإيجاد الترابط بين هذه المستويات المختلفة. تهدف هذه النماذج إلى تبسيط تعامل المستخدمين مع المعطيات.
المخطط المفاهيمي conceptual schema: يعد المخطط المفاهيمي تجريداً للواقع يظهر عناصر المعلومات التي ستقوم قاعدة المعطيات بإدارتها. ويجري من خلاله توصيف المحتوى المعلوماتي للقاعدة من دون التعرض لأساليب النمذجة اللاحقة أو للاستفسارات التي سيجريها المستخدمون. يسمح هذا الفصل بترجمة المخطط المفاهيمي إلى أنواع مختلفة من المخططات المنطقية تتناسب مع نظام إدارة قواعد المعطيات المُستخدم.
يجري التعبير عن المخطط المفاهيمي بأشكال عديدة، وتعد مخططات الكيانات والارتباطات entity-relationship diagrams (ERD) أحد أهم الطرق المتبعة في إنشاء المخطط المفاهيمي. يسمح هذا النموذج بتوصيف قاعدة المعطيات بشكل مخططات بيانية تتضمن الكيانات الداخلة في بنية النظام والارتباطات بينها.
المخطط المنطقي logical schema: وهو وصف لمحتوى قاعدة المعطيات بلغة قياسية تمكن مطوري التطبيقات ومستخدمي القاعدة من التعامل مع المعطيات على مستوى عالٍ من التجريد، يجنبهم الخوض في التفاصيل المتعلقة ببنية الملفات وطرق الوصول إليها. يعد المخطط المنطقي نواة قاعدة المعطيات، وتمثيلاً معيارياً لمعطيات المؤسسة يظهر طبيعة المعطيات وخصائصها وارتباطاتها. يجري في هذا المستوى من التجريد تحديد مايأتي:
ـ أنماط المعطيات البسيطة والمركبة المستخدمة.
ـ ارتباطات هذه الأنماط بعضها ببعض، بما يظهر واقع عمل المؤسسة.
ـ قواعد تكامل المعطيات: الخصائص التي يجب أن تحققها المعطيات المخزنة في القاعدة.
يوفر كل نظام إدارة قواعد معطيات على الأقل نموذجاً للمعطيات، يسمح للمستخدمين بالتعامل مع المعطيات بأسلوب أقرب ما يكون إلى الواقع الذي أتت منه هذه المعطيات. يتضمن أي نموذج مفهومين أساسيين:
ـ طريقة تعريف المعطيات.
ـ العمليات التي يمكن تطبيقها على المعطيات.
في النموذج العلاقاتي relational model، مثلاً، يمكن تعريف المعطيات بأنها مجموعة من العلاقات، وكل علاقة هي جدول يحوي عدداً من الأسطر والأعمدة، ويحوي كل عمود قيماً تنتمي إلى مجال معين.
توفر هذه النماذج إمكانية النظر إلى المعطيات من مستوى أعلى من دون الخوض في طريقة التخزين الفيزيائي أو طرائق الفهرسة. وتترك هذه المهام لنظام إدارة قواعد المعطيات الذي يقوم بإيجاد مايقابل هذه البنى في المستوى الفيزيائي. في نظم إدارة قواعد المعطيات، يجري التعبير عن بنية قاعدة المعطيات بوساطة لغة عالية المستوى تسمى لغة تعريف المعطيات data definition language (DDL). تسمح هذه اللغة إضافةً إلى ماسبق بتعريف شروط تكامل المعطيات.
المخطط الفيزيائي (الداخلي) :physical schema وهو المستوى الأدنى في تجريد المعطيات، ويصف الطريقة الفعلية لتخزين المعطيات. يتعلق المستوى الداخلي ببنية التخزين التي ستحوي المعطيات فعلياً، ويسمح بوصف المعطيات حسب الطريقة المتبعة في التخزين:
ـ توصيف ملفات قاعدة المعطيات (أنماط الحقول و أطوالها، الحقول المركبة، وغير ذلك).
ـ طرائق التعامل مع وسط التخزين (segments, blocks, buffers,،... وغير ذلك).
ـ طرائق الوصول إلى التسجيلات (الفهرسة، ربط التسجيلات،... وغير ذلك).
غالباً لايحتاج القائمون على إدارة قواعد المعطيات إلى التدخل على هذا المستوى، ويتركون هذه المهمة لنظام إدارة قواعد المعطيات الذي يقوم بترجمة النموذج المنطقي إلى نموذج فيزيائي مكافئ.
في معظم الأحيان يجري تعريف مجموعات جزئية من المعطيات، يتضمن كل منها الجزء الذي يهم مستثمراً معيناً أو فئة من المستثمرين. تسمى كل مجموعة من هذه المجموعات مخططاً خارجياً.
تطبيقات قواعد المعطيات
يمكن القول إن تطبيقات قواعد المعطيات تشمل معظم تطبيقات المعلوماتية الإدارية والمالية والعلمية؛ لأن معظم التطبيقات المعلوماتية تحتاج إلى تخزين المعطيات واسترجاعها والتشارك في الوصول إليها مع تطبيقات أخرى. ويمكن أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر التطبيقات الآتية لقواعد المعطيات:
ـ الأنظمة المصرفية.
ـ أنظمة الأتمتة الإدارية والمالية: شؤون العاملين، الرواتب والأجور، المستودعات، العقود، وغيرها.
ـ أنظمة إدارة المستشفيات.
ـ أنظمة الحجز في شركات الطيران والسكك الحديدية والحافلات والفنادق.
ـ قواعد البيانات المرجعية مثل التصنيف المرجعي للكتب أو المجلات أو السلع أو الأدوية أو التجهيزات.
الآفاق المستقبلية
يشمل تطوير قواعد المعطيات البحث في وسائل إدارة أنماط جديدة من المعطيات وزيادة الإمكانات التي تقدمها نظم إدارة قواعد المعطيات في إدارة هذه الأنماط الجديدة. جرى التركيز في السنوات الأخيرة على المحاور الآتية:
ـ قواعد المعطيات متعددة الوسائط multimedia: وهي قواعد المعطيات التي تتضمن معطيات متعددة الوسائط تشمل الصور والأصوات والأفلام.
ـ قواعد المعطيات المكانية spatial databases: تهتم بإدارة المعطيات المكانية مثل الخرائط الطبوغرافية ومخططات المدن.
ـ قواعد المعطيات الزمانية temporal databases: تضيف بعد الزمن إلى عناصر المعطيات التي تديرها حيث تستطيع إعطاء إجابات عن قيمة معينة في زمن معين (مثلاً: من كان رئيس قسم التسويق في المعمل في بداية السنة الحالية).
ـ قواعد المعطيات الفعالة active databases: هي قواعد معطيات تستطيع أن تجري عمليات معينة عند تحقق شرط معين (مثلاً: عندما ينقص رصيد المعمل من مادة معينة عن حد إعادة الطلب يصدر النظام تلقائياً طلب شراء بهذه المادة).
ـ قواعد المعطيات الذكية intelligent databases: لديها القدرة على التحليل والاستنتاج.
ـ مخازن المعطيات data warehouses: تعنى بإدارة تجمع ضخم من المعطيات المتراكمة في فترة حياة المؤسسة.
ـ التنقيب في المعطيات data mining: تحليل حجم كبير من المعطيات لاستنتاج مؤشرات تفيد المؤسسة في اتخاذ القرار (مثلاً: ماهو المنتج الذي تنتجه شركة معينة وكان الأكثر رواجاً في منطقة معينة في الصيف الماضي).
راكان رزوق
قاعدة المعطيات database هي مجموعة من المعطيات المهيكلة غير المتكررة، المسجلة على وسط تخزين يسمح بالوصول إليها من قبل برامج تطبيقية عدة.
كان هذا التعريف عاماً في بداية ظهور قواعد المعطيات فرعاً مستقلاً من فروع المعلوماتية وانبثقت منه مجموعة واسعة من الأهداف التي سعى العاملون في هذا المجال إلى تحقيقها بتطوير نظم إدارة قواعد المعطيات.
ولدى الحديث عن قواعد المعطيات لابد من ذكر نظام إدارة قواعد المعطيات database management system (DBMS) لأنها الأداة الأساسية لتعريف قواعد المعطيات وإدارتها، والذي يتألف من تجمع من المعطيات المرتبطة فيما بينها، ومجموعة من البرامج التي تقدم إمكانات إجراء العمليات الأساسية على هذه المعطيات مثل الإدخال، والحذف، والتعديل.
لمحة تاريخية
بدأ استخدام الأنظمة الحاسوبية في الأعمال الإدارية والمالية في منتصف الستينيات من القرن العشرين نتيجة تطور في مجالات عدة أهمها:
ـ ظهور وسائط التخزين المغنطيسية ذات النفاذ المباشر (الأقراص المغنطيسية) والذي ترافق مع تطور مفهوم الملفات الحاسوبية
ـ أنظمة التشغيل المتعددة المهام والمستثمرين
ـ لغات البرمجة الموجهة إلى التطبيقات الإدارية والمالية مثل لغة كوبول Cobol.
ـ مفهوم البرمجة المهيكلة structured programming.
وقد جرى في هذه الفترة البدء بتعريف هياكل للمعطيات تعتمد المبدأ الهرمي أو الشبكي باعتبارهما الأقرب إلى تمثيل معطيات المؤسسات.
جرى في عقد السبعينيات من القرن العشرين تعريف الأسس النظرية للنموذج العلاقاتي الذي يستند إلى الجبر العلاقاتي relational algebra في تعريف العمليات الأساسية التي تجرى على المعطيات. وقد ظهرت أولى أنظمة إدارة قواعد المعطيات التي تعتمد النموذج العلاقاتي في بداية الثمانينيات، ومازال هذا النوع من أنظمة إدارة قواعد المعطيات الأكثر انتشاراً بسبب بساطته ودقته.
شهد عقد التسعينيات تطور قواعد المعطيات غرضية التوجه ـ object oriented databases التي تدمج بين مبادئ قواعد المعطيات ومبادئ البرمجة غرضية التوجه.
أهداف قواعد المعطيات
تحوي قاعدة المعطيات عادة المعطيات الخاصة بمؤسسة ما، وللأهمية البالغة لهذه المعطيات فقد برزت الحاجة إلى تطوير مفاهيم ومنهجيات وتقانات عدة لإدارة هذه المعطيات إدارة فعالة.
إن الهدف الأساسي لنظم إدارة قواعد المعطيات هو توفير محيط عمل ملائم وفعال يمكّن من تخزين المعطيات ضمن قاعدة المعطيات واسترجاعها لاحقاً. وقد صُمِّمت هذه النظم لإدارة كميات ضخمة من المعطيات. وتشمل إدارة المعطيات المهام الرئيسية الآتية:
ـ تعريف بنى تخزين المعطيات.
ـ إيجاد التقانات الملائمة للتعامل مع المعطيات المُخزنة.
ـ تقديم نظم أمان لحماية المعطيات المخزنة من الوصول غير المشروع.
ـ تجنب التضارب في المعطيات المخزنة نتيجة تشارك مستثمرين عدة في الوصول إليها.
وقد جرى تطوير نظم إدارة قواعد المعطيات باعتبارها أنظمة برمجية عامة تحقق الأهداف الآتية:
مركزية المعلومات
تهدف قواعد المعطيات إلى تجميع كل المعطيات المتعلقة بمؤسسة ما ضمن نظام واحد، يقوم بإدارة هذه المعطيات إدارةً قياسية، ويوفر جميع حاجات التطبيقات منها. ويوفر نظام المعلومات المركزي في أي مؤسسة مزايا عدة أهمها إلغاء التكرار، وتوفير سهولة إدخال المعلومات وتحديثها، ومركزية التحكم والمراقبة.
استقلال المعطيات
تتضمن نظم إدارة قواعد المعطيات الوسائل الكفيلة بجعل المعطيات مستقلة عن طريقة التخزين، وعن البرامج التي تقوم بالتعامل مع هذه المعطيات، ويجري تحقيق هذه الغاية بجعل التعامل مع المعطيات بوساطة برامج تقوم بالوصول إلى هذه المعطيات من مستوى عالٍ من التجريد، لا يظهر الطريقة الفعلية للتخزين، ولا يحتاج إلى معرفة جميع التفاصيل المتعلقة ببنية القاعدة ومحتوياتها الشاملة.
إن تحقيق هذا الهدف بوساطة البرامج التي يتضمنها نظام إدارة قواعد المعطيات يخفف الأعباء الملقاة على عاتق المبرمجين، والمتمثلة في ضرورة تعديل البرامج التطبيقية لدى كل تعديل في بنى تخزين المعطيات، سواء في بنية الملفات أم في طريقة تنظيمها أم في وسائط التخزين. تتيح نظم إدارة قواعد المعطيات إمكانية التعامل مع المعطيات بغض النظر عن بنيتها الداخلية، وتُمكِّن البرامج التطبيقية من متابعة العمل على المعطيات في حال حدوث تغير في بنى التسجيلات لا يتناقض مع البنى التي كانت تستخدمها، ولا تتأثر البرامج التطبيقية بتغير طرق الوصول. فإذا أُضيف فهرسindex، أو دُمج ملفان في ملف واحد، فإن ذلك لا يستدعي تغيير البرامج التي تدير المعطيات.
معالجة المعطيات بوساطة لغات غير إجرائية
معظم مستثمري نظم إدارة قواعد المعطيات مستثمرون عاديون ليس لديهم فكرة سابقة عن لغات البرمجة؛ لذلك يجب توفير لغة يستطيع المستثمر بوساطتها أن يسأل قاعدة المعطيات، أو يعدّل تلك المعطيات من دون تحديد خوارزمية الوصول إلى تلك المعطيات، بل فقط يصف المعطيات التي يريد المستثمر التعامل معها، ويسمى هذا النوع من اللغات لغات غير إجرائية.
تعد هذه النقطة من أهم الأهداف التي يجب أن يحققها نظام إدارة قواعد المعطيات، فوجود لغة غير إجرائية عالية المستوى يسمح لأي مستثمر بأن يستفيد من إمكانات النظام بفعالية و سهولة.
التسهيلات الخاصة بإدارة المعطيات
توفر نظم إدارة قواعد المعطيات الوسائل اللازمة للتعبير عن المعطيات (طريقة تعريفها وتخزينها) والوصول إليها وعرضها. تسمى هذه الوسائل أدوات إدارة قواعد المعطيات. وللحصول على إدارة فعالة وجيدة للمعطيات يجري عادة حصر بعض هذه الأدوات بشخص واحد يدعى مدير النظام أو بأشخاص عدة يملكون امتيازات خاصة.
الوصول إلى المعطيات بفعالية
تسعى أنظمة إدارة قواعد المعطيات إلى زيادة عدد الإجراءات التي تنفذ في ثانية واحدة. وذلك بزيادة عدد المستخدمين الذين يستطيعون الوصول إلى المعطيات بآن واحد، وإنقاص زمن الاستجابة (الزمن اللازم للحصول على جواب طلب ما). لتحقيق ذلك تتضمن هذه الأنظمة خوارزميات وطرقاً خاصة لتقسيم الموارد (الوحدة المركزية، وحدات الدخل/الخرج) بين المستثمرين تقسيماً عادلاً.
التحكم في تكرار المعطيات
يمكِّن وجود إدارة مركزية للمعطيات من حل مشكلة تكرار المعطيات، وذلك بإعطاء الانطباع بأن كل مستخدم من مستخدمي قاعدة المعطيات يتعامل مع نسخة مستقلة من هذه القاعدة، وتوفير الأدوات التي تنسق بين العمليات التي يجريها المستخدمون على النسخة الوحيدة من المعطيات.
تكامل المعطيات
يسمح نظام إدارة قواعد المعطيات بتحقيق أنواع عديدة من شروط التكامل، أهمها :
ـ تكامل وحدات المعطيات. مثلاً، لا يمكن فتح حساب مصرفي لزبون من دون معرفة عنوانه.
ـ التكامل المرجعي. مثلاً، لا يمكن إجراء عمليات مصرفية على حساب قبل فتح الحساب.
ـ شروط التكامل المعرَّفة من قبل المستخدم: مثلاً، الرصيد أكبر من 250 ل.س.
لتحقيق ذلك يوفر نظام إدارة قواعد المعطيات الإمكانات اللازمة لتعريف هذه الشروط من جهة، ولكشف وإيقاف جميع العمليات التي قد تؤدي إلى الإخلال بها من جهة أخرى.
تقسيم المعطيات
يُقصد بتقسيم المعطيات السماح بتقسيم معطيات قاعدة ما بين تطبيقات عدة، حيث يستطيع كل منها الوصول إلى المعطيات من دون أن ينتظر تطبيقاً آخر.
أمن المعطيات
توفر أنظمة إدارة قواعد المعطيات إمكان حماية بعض المعطيات الخاصة، حيث إن مجموعة محددة هي فقط التي تستطيع الوصول إلى تلك المعطيات. فمثلاً يستطيع مدير قسم معين أن يطلع على المعطيات التي تتعلق بالعاملين في قسمه فقط، ولا يستطيع الاطلاع على المعطيات التي تتعلق بالعاملين في الأقسام الأخرى.
تصميم قواعد المعطيات ونمذجة المعطيات
من وجهة النظر البرمجية، تتألف قاعدة المعطيات من تجمع من الملفات المترابطة، ومجموعة من البرامج التي تسمح بالوصول إلى المعطيات المخزنة فيها واسترجاعها وتعديلها. وتهدف نظم قواعد المعطيات إلى تقديم إمكانية التعامل مع جزء من المعطيات واستخدامها بطريقة فعالة تجعلها بمتناول عدد كبير من المستخدمين.
تقود هذه الاعتبارات إلى تصميم بنى معطيات معقدة لتمثيل المعطيات، مع ضرورة إخفاء هذا التعقيد للسماح لأكبر عدد من المستخدمين الذين لا يملكون خبرة واسعة في البرمجة بالوصول إلى المعطيات. ولتحقيق ذلك، ولما كان مستخدمو قاعدة المعطيات ليسوا بالضرورة خبراء في استخدام الحواسيب والبرمجة، فإنه يجب إخفاء التعقيد الموجود في تلك البنى بتحقيق وجود مستويات عدة للتصميم تتوافق مع مستوى التفصيل الذي يمكن لكل فئة من المستخدمين التعامل معه.
الشكل (1) مستويات توصيف قاعدة المعطيات |
المخطط المفاهيمي conceptual schema: يعد المخطط المفاهيمي تجريداً للواقع يظهر عناصر المعلومات التي ستقوم قاعدة المعطيات بإدارتها. ويجري من خلاله توصيف المحتوى المعلوماتي للقاعدة من دون التعرض لأساليب النمذجة اللاحقة أو للاستفسارات التي سيجريها المستخدمون. يسمح هذا الفصل بترجمة المخطط المفاهيمي إلى أنواع مختلفة من المخططات المنطقية تتناسب مع نظام إدارة قواعد المعطيات المُستخدم.
يجري التعبير عن المخطط المفاهيمي بأشكال عديدة، وتعد مخططات الكيانات والارتباطات entity-relationship diagrams (ERD) أحد أهم الطرق المتبعة في إنشاء المخطط المفاهيمي. يسمح هذا النموذج بتوصيف قاعدة المعطيات بشكل مخططات بيانية تتضمن الكيانات الداخلة في بنية النظام والارتباطات بينها.
المخطط المنطقي logical schema: وهو وصف لمحتوى قاعدة المعطيات بلغة قياسية تمكن مطوري التطبيقات ومستخدمي القاعدة من التعامل مع المعطيات على مستوى عالٍ من التجريد، يجنبهم الخوض في التفاصيل المتعلقة ببنية الملفات وطرق الوصول إليها. يعد المخطط المنطقي نواة قاعدة المعطيات، وتمثيلاً معيارياً لمعطيات المؤسسة يظهر طبيعة المعطيات وخصائصها وارتباطاتها. يجري في هذا المستوى من التجريد تحديد مايأتي:
ـ أنماط المعطيات البسيطة والمركبة المستخدمة.
ـ ارتباطات هذه الأنماط بعضها ببعض، بما يظهر واقع عمل المؤسسة.
ـ قواعد تكامل المعطيات: الخصائص التي يجب أن تحققها المعطيات المخزنة في القاعدة.
يوفر كل نظام إدارة قواعد معطيات على الأقل نموذجاً للمعطيات، يسمح للمستخدمين بالتعامل مع المعطيات بأسلوب أقرب ما يكون إلى الواقع الذي أتت منه هذه المعطيات. يتضمن أي نموذج مفهومين أساسيين:
ـ طريقة تعريف المعطيات.
ـ العمليات التي يمكن تطبيقها على المعطيات.
في النموذج العلاقاتي relational model، مثلاً، يمكن تعريف المعطيات بأنها مجموعة من العلاقات، وكل علاقة هي جدول يحوي عدداً من الأسطر والأعمدة، ويحوي كل عمود قيماً تنتمي إلى مجال معين.
توفر هذه النماذج إمكانية النظر إلى المعطيات من مستوى أعلى من دون الخوض في طريقة التخزين الفيزيائي أو طرائق الفهرسة. وتترك هذه المهام لنظام إدارة قواعد المعطيات الذي يقوم بإيجاد مايقابل هذه البنى في المستوى الفيزيائي. في نظم إدارة قواعد المعطيات، يجري التعبير عن بنية قاعدة المعطيات بوساطة لغة عالية المستوى تسمى لغة تعريف المعطيات data definition language (DDL). تسمح هذه اللغة إضافةً إلى ماسبق بتعريف شروط تكامل المعطيات.
المخطط الفيزيائي (الداخلي) :physical schema وهو المستوى الأدنى في تجريد المعطيات، ويصف الطريقة الفعلية لتخزين المعطيات. يتعلق المستوى الداخلي ببنية التخزين التي ستحوي المعطيات فعلياً، ويسمح بوصف المعطيات حسب الطريقة المتبعة في التخزين:
ـ توصيف ملفات قاعدة المعطيات (أنماط الحقول و أطوالها، الحقول المركبة، وغير ذلك).
ـ طرائق التعامل مع وسط التخزين (segments, blocks, buffers,،... وغير ذلك).
ـ طرائق الوصول إلى التسجيلات (الفهرسة، ربط التسجيلات،... وغير ذلك).
غالباً لايحتاج القائمون على إدارة قواعد المعطيات إلى التدخل على هذا المستوى، ويتركون هذه المهمة لنظام إدارة قواعد المعطيات الذي يقوم بترجمة النموذج المنطقي إلى نموذج فيزيائي مكافئ.
في معظم الأحيان يجري تعريف مجموعات جزئية من المعطيات، يتضمن كل منها الجزء الذي يهم مستثمراً معيناً أو فئة من المستثمرين. تسمى كل مجموعة من هذه المجموعات مخططاً خارجياً.
تطبيقات قواعد المعطيات
يمكن القول إن تطبيقات قواعد المعطيات تشمل معظم تطبيقات المعلوماتية الإدارية والمالية والعلمية؛ لأن معظم التطبيقات المعلوماتية تحتاج إلى تخزين المعطيات واسترجاعها والتشارك في الوصول إليها مع تطبيقات أخرى. ويمكن أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر التطبيقات الآتية لقواعد المعطيات:
ـ الأنظمة المصرفية.
ـ أنظمة الأتمتة الإدارية والمالية: شؤون العاملين، الرواتب والأجور، المستودعات، العقود، وغيرها.
ـ أنظمة إدارة المستشفيات.
ـ أنظمة الحجز في شركات الطيران والسكك الحديدية والحافلات والفنادق.
ـ قواعد البيانات المرجعية مثل التصنيف المرجعي للكتب أو المجلات أو السلع أو الأدوية أو التجهيزات.
الآفاق المستقبلية
يشمل تطوير قواعد المعطيات البحث في وسائل إدارة أنماط جديدة من المعطيات وزيادة الإمكانات التي تقدمها نظم إدارة قواعد المعطيات في إدارة هذه الأنماط الجديدة. جرى التركيز في السنوات الأخيرة على المحاور الآتية:
ـ قواعد المعطيات متعددة الوسائط multimedia: وهي قواعد المعطيات التي تتضمن معطيات متعددة الوسائط تشمل الصور والأصوات والأفلام.
ـ قواعد المعطيات المكانية spatial databases: تهتم بإدارة المعطيات المكانية مثل الخرائط الطبوغرافية ومخططات المدن.
ـ قواعد المعطيات الزمانية temporal databases: تضيف بعد الزمن إلى عناصر المعطيات التي تديرها حيث تستطيع إعطاء إجابات عن قيمة معينة في زمن معين (مثلاً: من كان رئيس قسم التسويق في المعمل في بداية السنة الحالية).
ـ قواعد المعطيات الفعالة active databases: هي قواعد معطيات تستطيع أن تجري عمليات معينة عند تحقق شرط معين (مثلاً: عندما ينقص رصيد المعمل من مادة معينة عن حد إعادة الطلب يصدر النظام تلقائياً طلب شراء بهذه المادة).
ـ قواعد المعطيات الذكية intelligent databases: لديها القدرة على التحليل والاستنتاج.
ـ مخازن المعطيات data warehouses: تعنى بإدارة تجمع ضخم من المعطيات المتراكمة في فترة حياة المؤسسة.
ـ التنقيب في المعطيات data mining: تحليل حجم كبير من المعطيات لاستنتاج مؤشرات تفيد المؤسسة في اتخاذ القرار (مثلاً: ماهو المنتج الذي تنتجه شركة معينة وكان الأكثر رواجاً في منطقة معينة في الصيف الماضي).
راكان رزوق