اليزابيت اولي
Elizabeth I - Elizabeth I
إليزابيت الأولى
(1533 ـ 1603)
إليزابيت الأولى تيودور Elizabeth I Tudor ملكة إنكلترة (1558- 1603)، هي ابنة الملك هنري الثامن تيودور[ر] Henry VIII وثالثة أبنائه الذين تولوا عرش إنكلترة من بعده. ولدت في قصر غرينتش ولاقت في طفولتها عنتاً وشدة بسبب الصراعات الدينية والدسائس السياسية. وكان أبوها قد طلق زوجته الأولى وتزوج أمها آن بولين التي أعدمت بعد ثلاث سنوات من زواجها بتهمة الخيانة. وكان طلاق الملك وزواجه الثاني من أسباب انفصال التاج الإنكليزي عن الكرسي البابوي في رومة وانفصال الكنيسة الأنغليكانية عن البابوية نهائياً. ولما رزق هنري الثامن بمولود ذكر من زوجته الثالثة وضمن للعرش ولياً للعهد هو الأمير إدوارد، أبعدت الأميرتان ماري (الابنة الكبرى) وإليزابيت عن البلاط وربيّت كل منهما تربية منفصلة؛ فنشأت ماري كاثوليكية متعصبة، وشبت إليزابيت بروتستنتية أنغليكانية متسامحة، ودرّسها أساتذة متخصصون فأتقنت الفرنسية والإيطالية والإسبانية إلى جانب اللغة الإنكليزية. واكتسبت لقب الملكة العذراء Vergin Queen لعزوفها عن الزواج حتى وفاتها.
لم يمضِ على تولي إليزابيت العرش أكثر من ثلاث سنوات حين واجهت مشكلة خطيرة في شخص ابنة عمتها الكاثوليكية وريثة عرش اسكتلندة ماري ستيوارت زوجة فرانسوا الثاني ملك فرنسة الراحل. وكانت ماري قد عادت إلى اسكتلندة بعد وفاة زوجها سنة 1561، وبعد هزيمة ساحقة لحقت بقواتها هناك اضطرت إلى اللجوء إلى إنكلترة سنة 1568 فَقُيِّدَت إقامتها، ولكنها شاركت في أكثر من مؤامرة للإطاحة بإليزابيت التي أمرت بإعدامها في عام 1587 وتخلصت بذلك من أخطر منافسيها على العرش، وآخر نصير للكاثوليك في الأسرة المالكة.
وعلى الصعيد الخارجي انحصر الصراع مع فرنسة في عهد إليزابيت في محاولة إنكلترة إضعاف السيطرة الفرنسية على البر القاري واسترداد مرفأ «كاليه». وقد استغلت إليزابيت الحرب الأهلية الدينية في فرنسة (1562- 1563) لغزو كاليه، ولكنها أخفقت في ذلك.
أما إسبانية فكانت ألدَّ خصوم إنكلترة، وذلك بسبب احتكارها الملاحة في المحيطات والتجارة العالمية وخاصة مع العالم الجديد. وقد بذلت إليزابيت جهدها لكسر هذا الاحتكار وتحدّت إسبانية في أهم مصالحها فعمدت إلى دعم ثورة الأراضي المنخفضة (هولندة) على الملك الإسباني فيليب الثاني، الذي قمع الثورة بقسوة متناهية، كما أحبط محاولات الملكة المتصلة من أجل كسر احتكار إسبانية التجارة البحرية، وكبدها خسائر كبيرة في السفن والرجال. ولكن الهولنديين نالوا استقلالهم في نهاية المطاف. كذلك تمكنت البحرية الإنكليزية من اكتشاف ممرات بحرية إلى أمريكة الشمالية وروسية والشرق الأقصى. كما شجعت الملكة رحلات «القرصنة» البحرية لمصادرة السفن الإسبانية، وشجعت مواطنيها الإنكليز على استعمار فرجينية من العالم الجديد. وتحول هذا التنافس بين الدولتين إلى حرب مكشوفة بدءاً من عام 1585 في البر والبحر. وقرر الملك فيليب إرسال أسطوله «الأرمادا» لغزو إنكلترة سنة 1588، ولكن الأسطول الإنكليزي تمكن من إلحاق هزيمة منكرة بالأسطول الإسباني، وبرزت إنكلترة أقوى قوة بحرية في العالم القديم.
شهدت إنكلترة في العقدين الأخيرين من حكم إليزابيت نشاطاً استعمارياً وانتعاشاً اقتصادياً، إضافة إلى التبدلات الاجتماعية التي اقترنت بتفكك عصر الإقطاع وظهور طبقة جديدة من رجال الصناعة والتجارة، وبإنتاج ثقافي غزير. فقد كانت إليزابيت محط اهتمام الكتاب والشعراء والموسيقيين وكانت تسبغ عليهم كل رعاية، وفيهم وليم شكسبير وإدموند سبنسر وفرانسيس بيكون، حتى سمي العصر باسمها.
وقد رافق هذا التطور نمو في الصناعة، وتحولت لندن إلى مركز دولي للتجارة وسوق للمال، وتأسست فيها شركة الهند الشرقية. وأدى الازدهار الاقتصادي إلى تضخم وخلل في الأوضاع المالية اضطرت الملكة بسببه إلى بيع بعض ممتلكات التاج ومجوهراته.
كذلك ظلت مشكلة وراثة العرش قائمة من دون حل حتى سقوطها مريضة على فراش الموت فأبدت قبولها بجيمس ستيوارت ملك اسكتلندة وابن ماري خليفة لها على العرش. وتوفيت في 24 آذار، وتوِّجَ جيمس ستيوارت ملكاً على إنكلترة باسم جيمس الأول.
محمد وليد الجلاد