امم متحده (منظمه)
United Nations Organization - Organisation des Nations Unies
الأمم المتحدة (منظمة ـ)
منظمة الأمم المتحدة U.N.O هي المنظمة العالمية التي خلفت عصبة الأمم، وهي هيئة حكومية دولية متعددة الأهداف، تأسست رسمياً بتاريخ 24 تشرين الأول 1945.
إنشاؤها
تدين الأمم المتحدة بوجودها لميثاق يقع في 111 مادة موزعة على تسعة عشر فصلاً أُلحق به النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية (وهي أحد أجهزة الأمم المتحدة الرئيسية الستة)، وبات جزءاً لا يتجزأ منه ويقع في خمسة فصول مقسمة إلى سبعين مادة. ويعد ميثاق الأمم المتحدة دستور العلاقات الدولية منذ دخوله حيز النفاذ وبالتالي فإنه يعلو أي معاهدة جماعية أو ثنائية أخرى بغض النظر عن تاريخها.
مرَّ الإعداد للأمم المتحدة بمراحل سبع هي:
1ـ تصريح الأطلسي: صدر عام 1941 عن الرئيس الأمريكي روزفلت ورئيس وزراء بريطانية تشرشل. وقد تضمن الخطوط العريضة لحفظ السلام وتحقيق التعاون الدولي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، كما أكد المبادئ المشتركة التي ترمي إليها سياسة بلديهما في سبيل تحقيق مستقبل أفضل للعالم.
2ـ تصريح الأمم المتحدة: صدر في أول كانون الثاني 1942م عن ممثلي ست وعشرين دولة حليفة وفيه تأكدت مبادئ تصريح الأطلسي. وتعهدت الدول التي أصدرته بذل كل ما في وسعها لهزيمة العدو المشترك والامتناع عن عقد صلح منفرد معه. وقد برز مصطلح الأمم المتحدة United Nations لأول مرة في هذا التصريح.
3ـ تصريح موسكو: صدر في تشرين الثاني من عام 1943 عن كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وبريطانية والصين وقد التزم مصدروه صراحة، فيما التزموه إنشاء هيئة عالمية تقوم على أساس المساواة في السيادة بين جميع الدول المحبة للسلام وتنضم إليها بقية الدول لا فرق بين كبيرها وصغيرها لضمان المحافظة على السلم والأمن الدوليين.
4ـ تصريح طهران: صدر بعد شهرين من تصريح موسكو وجاء فيه تصميم الدول الكبرى الثلاث (بريطانية والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي) على توكيد دورها الخاص ومسؤوليتها الكبرى في حفظ السلام والأمن الدوليين.
5ـ مقتحات دومبارتون أوكس: وقد توصلت الاجتماعات التي تمت بين 21 آب و28 أيلول 1944 إلى وضع مجموعة من المقترحات التفصيلية التي اتخذت فيما بعد أساساً للمناقشات في مؤتمر سان فرنسيسكو، وقد شارك في هذه الاجتماعات مندوبون عن كل من الولايات المتحدة وبريطانية والاتحاد السوفييتي والصين.
6ـ مؤتمر يالطة: حضره رؤساء كل من الولايات المتحدة وبريطانية والاتحاد السوفييتي. واتفق فيه على بعض المسائل العالقة في اجتماعات دومبارتون أوكس وأهمها طريقة التصويت في مجلس الأمن وحق الدول الدائمة العضوية فيه في استخدام الفيتو(النقض) والنظام الجديد للمستعمرات (نظام الوصاية ونظام الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي). كما اتفق الحلفاء الثلاثة على السماح لجمهوريتين فقط من جمهوريات الاتحاد السوفييتي (أوكرانية وبيلوروسية) بالانضمام إلى الأمم المتحدة مستقلتين عن الاتحاد السوفييتي حلاً وسطاً لمشكلة تمثيل جمهوريات الاتحاد السوفييتي الخمس عشرة.
7ـ مؤتمر سان فرنسيسكو: ودعيت إليه الدول التي أعلنت الحرب على ألمانية قبل أول من آذار 1942 ووقعت على تصريح الأمم المتحدة عام 1942 (باستثناء بولونية التي انطبق عليها الشرطان لكن نوع الحكم فيها تغير إلى الماركسية مما حمل الغرب على رفض مشاركتها في المؤتمر مع احتفاظها بصفة العضو المؤسس). انعقد مؤتمر سان فرنسيسكو بين 25 نيسان و26حزيران 1945 وانتهى إلى توقيع ميثاق الأمم المتحدة في ذاك التاريخ وتكاملت التصديقات اللازمة عليه في 24 تشرين الأول 1945 فأصبح نافذاً منذئذ. وفي العاشر من كانون الثاني 1946 عقدت الجمعية العامة للمنظمة أولى جلساتها في مدينة لندن وقررت اختيار مدينة نيويورك مقراً دائماً لها وشيدت أبنيتها على رقعة من الأرض في جزيرة مانهاتن قدمها المليونير الأمريكي روكفلر. وقد عقدت الأمم المتحدة مع دولة المقَرّ اتفاقية خاصة تبين حصانة المقر وامتيازاته. حرر الميثاق بالحجية ذاتها بخمس لغات: هي الصينية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية والروسية للأمم المتحدة وقد أضيفت العربية لغة رسمية سادسة بدءاً من عام 1974.
أهداف الأمم المتحدة ومبادئها
جاءت مقدمة الميثاق معبّرة عن المثل العليا والأهداف المشتركة التي تتطلع إليها شعوب العالم كافة والتي تعاونت حكوماتها على إنشاء منظمة الأمم المتحدة لتحقيقها وتبدأ المقدمة بعبارة غير مسبوقة في تاريخ المعاهدات الدولية: «نحن شعوب الأمم المتحدة» ويتفق الفقهاء على أن القصد من هذا الاستهلال توكيد دور الشعوب في كونها أساس العلاقات الدولية المعاصرة ممثلة بحكوماتها المختلفة التي يفترض أن تكون مستندة إلى إرادتها الحرة. أما أهداف الأمم المتحدة فهي على ما حددتها المادة الأولى من الميثاق:
1 ـ المحافظة على السلم والأمن الدوليين باتخاذ تدابير فعالة لتلافي الأخطار التي تهدد السلم والقضاء على كل عدوان أو غيره من الأعمال التي تخل بالسلم وبتسوية النزاعات أو الحالات ذات الطابع الدولي، التي يمكن أن تؤدي إلى فصم عرى السلم أو فضها بوسائل سلمية وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي[ر].(وقد خصص الفصلان السادس والسابع للتفصيل في هذا المبدأ).
2 ـ إنماء العلاقات الودية بين الدول على أساس مبدأ المساواة في الحقوق وحق الشعوب في تقرير مصيرها واتخاذ سائر التدابير الملائمة لتوطيد السلم في العالم (وقد خصص الفصلان الحادي عشر والثاني عشر للتفصيل في هذا المبدأ).
3 ـ تحقيق التعاون الدولي في حل المشكلات الدولية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإنساني والحفاظ على حرمة حقوق الإنسان[ر] وحرياته الأساسية من غير تمييز في العرق أو اللغة أو الدين أو تفريق بين الرجل والمرأة (وخصص الفصلان التاسع والعاشر للتفريع على هذا الأصل).
وتحقيقاً لهذه الأهداف تعمل الأمم المتحدة وأعضاؤها وفق المبادئ التالية:
ـ المساواة في السيادة بين جميع الدول الأعضاء.
ـ نهوض الدول بالتزاماتها بموجب الميثاق بحسن نية.
ـ حل المنازعات الدولية بالوسائل السلمية وبطريقة لا تعرض السلم والأمن الدوليين للخطر.
ـ تجنب التهديد بالقوة أو استخدامها في العلاقات الدولية بما لا يتفق ومبادئ الأمم المتحدة.
ـ تقديم المساعدة للأمم المتحدة فيما تتخذه من إجراءات طبقاً لأحكام الميثاق ولا يجوز لدولة أن تساعد دولاً تتخذ الأمم المتحدة بحقها تدابير وقائية أو رادعة.
ـ وعلى الأمم المتحدة أن تضمن تصرف الدول غير الأعضاء وفق هذه المبادئ بالقدر الضروري لصيانة السلم والأمن الدوليين.
ـ ليس للأمم المتحدة أن تتدخل في أمور هي من صميم الشؤون الداخلية لأي دولة إلا إذا كانت تعمل بقصد قمع العدوان أو الحيلولة دون وقوعه أو التهديد باستخدام القوة.
أما تعديل الميثاق فجائز(المادة 108) بقبول ثلثي الدول الأعضاء ومصادقتها بما فيها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وذلك وفقاً للقواعد الدستورية المتبعة في كل منها. وقد شهد الميثاق حتى نهاية 1995 ثلاثة تعديلات انصبت عموماً على زيادة أعضاء بعض الفروع الرئيسة.
العضوية في الأمم المتحدة
تتألف الأمم المتحدة من نوعين من الأعضاء: أعضاء أصلاء وهم الدول الإحدى والخمسون التي اشتركت في التوقيع على ميثاق المنظمة وتصديقه وفقاً للشروط التي حددتها المادة 110 من الميثاق أي تصديق الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وأغلبية الدول الموقعة وإيداع وثائق تصديقها لدى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية (جهة إيداع depository). وأعضاء منضمين وهم وفق ما جاء في المادة الرابعة من الميثاق، كل دولة محبة للسلام تقبل الالتزامات التي تضمنها الميثاق وترى المنظمة أنها قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات وراغبة في الميثاق وأن يوصي بقبولها مجلس الأمن وأن تقرر قبولها الجمعية العامة. وقد شهدت الأمم المتحدة حتى منتصف الخمسينات ما عرف بأزمة العضوية فلم يزد عدد أعضائها الأصلاء الواحد والخمسون إلا تسعاً بسبب الحرب الباردة بين المعسكرين ولجوء أحدهما إلى الحيلولة دون دخول دولة موالية للمعسكر الثاني إما باستخدام حق النقض في مجلس الأمن وإما بعدم توفير أغلبية الثلثين اللازمة في الجمعية العامة. لكن رياح الانفراج هبت على العلاقات الدولية وتبعتها رياح الوفاق فارتفع عدد الأعضاء في الأمم المتحدة ليصبح 185 دولة في نهاية عام 1995.
ليس في الميثاق نص على الانسحاب الطوعي من العضوية خلافاً لما كان مقرراً في صك عصبة الأمم، ولكن ورد بحث ذلك في الأعمال التحضيرية لمؤتمر سان فرنسيسكو ومنها يتبين أنه يحق للدولة العضو إذا ما أرادت الانسحاب من المنظمة أن تفعل ذلك. وقد حصل الانسحاب مرة واحدة عام 1965حين أخطرت إندونيسية الأمين العام برغبتها في ذلك فأخذ الأمين العام «أوثانت» علماً برغبة إندونيسية. لكن الأخيرة قررت العودة إلى مقعدها في المنظمة الدولية فأخبرت الأمين العام بهذه الرغبة وكان أن أخذ علماً بالرغبة الجديدة فعادت إندونيسية إلى عضويتها من دون أي إجراءات انضمام جديدة.
وبموجب قواعد القانون الدولي العام المتعلق بخلافة الدول احتلت الجمهورية العربية المتحدة مقعدي سورية ومصر حين تم إعلانها في 22/2/1958. فلما انفصلت سورية عن الدولة الأم أخطرت الأمانة العامة برغبتها في استعادة مقعدها دولة مؤسسة ولم تعترض الجمهورية العربية المتحدة آنذاك على الطلب السوري وعادت سورية تحتل مقعدها من دون اللجوء إلى طلب الانضمام كما لوكانت كياناً جديداً. لكن الجو السياسي كان خلاف ذلك حين انفصل شرقي الباكستان فيما عرف ببنغلادش إذ احتاج الأمر طلب انضمام جديد ولم يتم قبول بنغلادش إلا بعد تقديم الطلب مرة أخرى، بسبب استخدام الصين حق الفيتو في مجلس الأمن للحيلولة دون التوصية بقبولها أول مرة.
وينص ميثاق الأمم المتحدة في المادة الخامسة على جواز وقف العضوية، وذلك بتوصية من مجلس الأمن وقرار من الجمعية العامة إذا تبين لهما ضرورة اتخاذ تدابير وقائية أو زجرية بحق إحدى الدول الأعضاء. وعندئذ تتوقف الدولة العضو عن ممارسة حقوق العضوية وامتيازاتها حتى يوصي مجلس الأمن بإنهاء الإيقاف. أما إذا أمعنت دولة عضو في خرق مبادئ الميثاق فإنه يجوز للجمعية العامة أن تطردها من المنظمة بناءً على توصية من مجلس الأمن (المادة6). لم تطبق المادتان 5 و6 اللتان جاءتا بهذين الحكمين حتى اليوم مع أنه طولب بتنفيذهما أكثر من مرة.
أجهزة الأمم المتحدة
تتألف الأمم المتحدة من ستة أجهزة رئيسة هي: الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس الوصاية ومحكمة العدل الدولية والأمانة العامة. كما يمكن لهذه الأجهزة الرئيسة إنشاء أجهزة فرعية أخرى تعمل تحت إشرافها إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
1ـ الجمعية العامة: وهي الجهاز الرئيس في الأمم المتحدة. وتضم جميع أعضاء الأمم المتحدة على قدم المساواة ولكل دولة خمسة ممثلين على الأكثر. ولكن لكل دولة صوتاً واحداً. وتجتمع الجمعية العامة في دورة عادية مرة في أيلول من كل عام كما يمكن أن تعقد اجتماعات خاصة بطلب من مجلس الأمن أو أغلبية أعضاء الأمم المتحدة أو بناء على طلب عضو تؤيده أغلبية الأعضاء. ويمكن دعوتها كذلك للانعقاد في دورة خاصة طارئة في غضون أربع وعشرين ساعة بناء على طلب تسعة من أعضاء مجلس الأمن أو أغلبية أعضاء الأمم المتحدة أو من أي عضو تؤيده أغلبية الأعضاء. تختص الجمعية العامة بالنظر في أسس التعاون الدولي لصيانة السلام والأمن، ومن ذلك نزع السلاح وتنظيم التسلح، كما تناقش أي مشكلة قد يؤثر قيامها في السلم والأمن الدوليين وتوصي بما تراه في شأنها إلا إذا كانت المشكلة منظورة في الوقت ذاته من مجلس الأمن. كذلك تناقش أي مسألة تدخل في نطاق الميثاق أو تؤثر في سلطة أي فرع من فروع الأمم المتحدة أو في وظائفه وتنتخب أعضاء الأجهزة الأخرى ممن يجب انتخابهم، بالطريقة التي حددها الميثاق. وتقر موازنة المنظمة وموازنات الوكالات المتخصصة. وعندما يعجز مجلس الأمن عن اتخاذ قرار في أي موقف فيه تهديد واضح للسلم أو خرق له أو عمل من أعمال العدوان بسبب استخدام حق النقض فيه فإنه يجوز للأمم المتحدة، بموجب قرار «الاتحاد من أجل السلام» الصادر عنها عام 1950، أن تبحث الموقف في غضون أربع وعشرين ساعة في دورة خاصة طارئة تعقدها لهذا الغرض وتتخذ ما تراه مناسباً لاستعادة السلم والأمن الدوليين. وقد لجأت الجمعية العامة إلى هذا الحق المبتكر لها بدءاً من الحرب الكورية مروراً بالعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وقيام «إسرائيل» عام 1980 بتطبيق قوانينها على الأراضي السورية المحتلة، وهكذا أصبح هذا القرار مقبولاً في العرف الدولي داخل المنظمة تعديلاً واقعياً للميثاق.
يتم الاقتراع في الجمعية العامة بأغلبية الثلثين في المسائل المهمة التي حددها الميثاق في المادة 18 أو في المسائل التي ترى الجمعية أنها مهمة. أما فيما عدا ذلك من مسائل فيكتفى بأغلبية الأعضاء الحاضرين المشتركين في التصويت. أي لا عبرة لصوت الغائب أو الممتنع عن التصويت وفيما عدا ما نص عليه الميثاق صراحة، فلقرارات الجمعية العامة قوة التوصيات recommendations غير الملزمة قانوناً على الرغم من القوة الأدبية الكبيرة التي تحملها بوصفها قرارات صادرة عن الهيئة الرئيسة في المنظمة.
استخدمت الجمعية العامة حقها بموجب الميثاق وأنشأت عدداً من الهيئات الفرعية، منها اللجنة الخاصة بالمعلومات الواردة عن الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي وقد حل محلها عام 1963 لجنة تطبيق القرار 1514 لعام 1960 التي عرفت على المستوى الشعبي إعلامياً بلجنة تصفية الاستعمار. ومنها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم (الأونروا) وغيرها. ومنذ عام 1974 سمحت الجمعية العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية بأن تكون عضواً مراقباً فيها وفي كل المؤتمرات التي تدعو إليها أو تعقد تحت رعايتها، وتبعتها في ذلك حركات تحرر وطنية أخرى. وكانت صفة العضو المراقب مقصورة على الدول كسويسرة.
United Nations Organization - Organisation des Nations Unies
الأمم المتحدة (منظمة ـ)
منظمة الأمم المتحدة U.N.O هي المنظمة العالمية التي خلفت عصبة الأمم، وهي هيئة حكومية دولية متعددة الأهداف، تأسست رسمياً بتاريخ 24 تشرين الأول 1945.
إنشاؤها
تدين الأمم المتحدة بوجودها لميثاق يقع في 111 مادة موزعة على تسعة عشر فصلاً أُلحق به النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية (وهي أحد أجهزة الأمم المتحدة الرئيسية الستة)، وبات جزءاً لا يتجزأ منه ويقع في خمسة فصول مقسمة إلى سبعين مادة. ويعد ميثاق الأمم المتحدة دستور العلاقات الدولية منذ دخوله حيز النفاذ وبالتالي فإنه يعلو أي معاهدة جماعية أو ثنائية أخرى بغض النظر عن تاريخها.
مرَّ الإعداد للأمم المتحدة بمراحل سبع هي:
1ـ تصريح الأطلسي: صدر عام 1941 عن الرئيس الأمريكي روزفلت ورئيس وزراء بريطانية تشرشل. وقد تضمن الخطوط العريضة لحفظ السلام وتحقيق التعاون الدولي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، كما أكد المبادئ المشتركة التي ترمي إليها سياسة بلديهما في سبيل تحقيق مستقبل أفضل للعالم.
2ـ تصريح الأمم المتحدة: صدر في أول كانون الثاني 1942م عن ممثلي ست وعشرين دولة حليفة وفيه تأكدت مبادئ تصريح الأطلسي. وتعهدت الدول التي أصدرته بذل كل ما في وسعها لهزيمة العدو المشترك والامتناع عن عقد صلح منفرد معه. وقد برز مصطلح الأمم المتحدة United Nations لأول مرة في هذا التصريح.
3ـ تصريح موسكو: صدر في تشرين الثاني من عام 1943 عن كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وبريطانية والصين وقد التزم مصدروه صراحة، فيما التزموه إنشاء هيئة عالمية تقوم على أساس المساواة في السيادة بين جميع الدول المحبة للسلام وتنضم إليها بقية الدول لا فرق بين كبيرها وصغيرها لضمان المحافظة على السلم والأمن الدوليين.
4ـ تصريح طهران: صدر بعد شهرين من تصريح موسكو وجاء فيه تصميم الدول الكبرى الثلاث (بريطانية والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي) على توكيد دورها الخاص ومسؤوليتها الكبرى في حفظ السلام والأمن الدوليين.
6ـ مؤتمر يالطة: حضره رؤساء كل من الولايات المتحدة وبريطانية والاتحاد السوفييتي. واتفق فيه على بعض المسائل العالقة في اجتماعات دومبارتون أوكس وأهمها طريقة التصويت في مجلس الأمن وحق الدول الدائمة العضوية فيه في استخدام الفيتو(النقض) والنظام الجديد للمستعمرات (نظام الوصاية ونظام الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي). كما اتفق الحلفاء الثلاثة على السماح لجمهوريتين فقط من جمهوريات الاتحاد السوفييتي (أوكرانية وبيلوروسية) بالانضمام إلى الأمم المتحدة مستقلتين عن الاتحاد السوفييتي حلاً وسطاً لمشكلة تمثيل جمهوريات الاتحاد السوفييتي الخمس عشرة.
7ـ مؤتمر سان فرنسيسكو: ودعيت إليه الدول التي أعلنت الحرب على ألمانية قبل أول من آذار 1942 ووقعت على تصريح الأمم المتحدة عام 1942 (باستثناء بولونية التي انطبق عليها الشرطان لكن نوع الحكم فيها تغير إلى الماركسية مما حمل الغرب على رفض مشاركتها في المؤتمر مع احتفاظها بصفة العضو المؤسس). انعقد مؤتمر سان فرنسيسكو بين 25 نيسان و26حزيران 1945 وانتهى إلى توقيع ميثاق الأمم المتحدة في ذاك التاريخ وتكاملت التصديقات اللازمة عليه في 24 تشرين الأول 1945 فأصبح نافذاً منذئذ. وفي العاشر من كانون الثاني 1946 عقدت الجمعية العامة للمنظمة أولى جلساتها في مدينة لندن وقررت اختيار مدينة نيويورك مقراً دائماً لها وشيدت أبنيتها على رقعة من الأرض في جزيرة مانهاتن قدمها المليونير الأمريكي روكفلر. وقد عقدت الأمم المتحدة مع دولة المقَرّ اتفاقية خاصة تبين حصانة المقر وامتيازاته. حرر الميثاق بالحجية ذاتها بخمس لغات: هي الصينية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية والروسية للأمم المتحدة وقد أضيفت العربية لغة رسمية سادسة بدءاً من عام 1974.
أهداف الأمم المتحدة ومبادئها
جاءت مقدمة الميثاق معبّرة عن المثل العليا والأهداف المشتركة التي تتطلع إليها شعوب العالم كافة والتي تعاونت حكوماتها على إنشاء منظمة الأمم المتحدة لتحقيقها وتبدأ المقدمة بعبارة غير مسبوقة في تاريخ المعاهدات الدولية: «نحن شعوب الأمم المتحدة» ويتفق الفقهاء على أن القصد من هذا الاستهلال توكيد دور الشعوب في كونها أساس العلاقات الدولية المعاصرة ممثلة بحكوماتها المختلفة التي يفترض أن تكون مستندة إلى إرادتها الحرة. أما أهداف الأمم المتحدة فهي على ما حددتها المادة الأولى من الميثاق:
1 ـ المحافظة على السلم والأمن الدوليين باتخاذ تدابير فعالة لتلافي الأخطار التي تهدد السلم والقضاء على كل عدوان أو غيره من الأعمال التي تخل بالسلم وبتسوية النزاعات أو الحالات ذات الطابع الدولي، التي يمكن أن تؤدي إلى فصم عرى السلم أو فضها بوسائل سلمية وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي[ر].(وقد خصص الفصلان السادس والسابع للتفصيل في هذا المبدأ).
2 ـ إنماء العلاقات الودية بين الدول على أساس مبدأ المساواة في الحقوق وحق الشعوب في تقرير مصيرها واتخاذ سائر التدابير الملائمة لتوطيد السلم في العالم (وقد خصص الفصلان الحادي عشر والثاني عشر للتفصيل في هذا المبدأ).
3 ـ تحقيق التعاون الدولي في حل المشكلات الدولية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإنساني والحفاظ على حرمة حقوق الإنسان[ر] وحرياته الأساسية من غير تمييز في العرق أو اللغة أو الدين أو تفريق بين الرجل والمرأة (وخصص الفصلان التاسع والعاشر للتفريع على هذا الأصل).
وتحقيقاً لهذه الأهداف تعمل الأمم المتحدة وأعضاؤها وفق المبادئ التالية:
ـ المساواة في السيادة بين جميع الدول الأعضاء.
ـ نهوض الدول بالتزاماتها بموجب الميثاق بحسن نية.
ـ حل المنازعات الدولية بالوسائل السلمية وبطريقة لا تعرض السلم والأمن الدوليين للخطر.
ـ تجنب التهديد بالقوة أو استخدامها في العلاقات الدولية بما لا يتفق ومبادئ الأمم المتحدة.
ـ تقديم المساعدة للأمم المتحدة فيما تتخذه من إجراءات طبقاً لأحكام الميثاق ولا يجوز لدولة أن تساعد دولاً تتخذ الأمم المتحدة بحقها تدابير وقائية أو رادعة.
ـ وعلى الأمم المتحدة أن تضمن تصرف الدول غير الأعضاء وفق هذه المبادئ بالقدر الضروري لصيانة السلم والأمن الدوليين.
ـ ليس للأمم المتحدة أن تتدخل في أمور هي من صميم الشؤون الداخلية لأي دولة إلا إذا كانت تعمل بقصد قمع العدوان أو الحيلولة دون وقوعه أو التهديد باستخدام القوة.
أما تعديل الميثاق فجائز(المادة 108) بقبول ثلثي الدول الأعضاء ومصادقتها بما فيها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وذلك وفقاً للقواعد الدستورية المتبعة في كل منها. وقد شهد الميثاق حتى نهاية 1995 ثلاثة تعديلات انصبت عموماً على زيادة أعضاء بعض الفروع الرئيسة.
العضوية في الأمم المتحدة
تتألف الأمم المتحدة من نوعين من الأعضاء: أعضاء أصلاء وهم الدول الإحدى والخمسون التي اشتركت في التوقيع على ميثاق المنظمة وتصديقه وفقاً للشروط التي حددتها المادة 110 من الميثاق أي تصديق الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وأغلبية الدول الموقعة وإيداع وثائق تصديقها لدى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية (جهة إيداع depository). وأعضاء منضمين وهم وفق ما جاء في المادة الرابعة من الميثاق، كل دولة محبة للسلام تقبل الالتزامات التي تضمنها الميثاق وترى المنظمة أنها قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات وراغبة في الميثاق وأن يوصي بقبولها مجلس الأمن وأن تقرر قبولها الجمعية العامة. وقد شهدت الأمم المتحدة حتى منتصف الخمسينات ما عرف بأزمة العضوية فلم يزد عدد أعضائها الأصلاء الواحد والخمسون إلا تسعاً بسبب الحرب الباردة بين المعسكرين ولجوء أحدهما إلى الحيلولة دون دخول دولة موالية للمعسكر الثاني إما باستخدام حق النقض في مجلس الأمن وإما بعدم توفير أغلبية الثلثين اللازمة في الجمعية العامة. لكن رياح الانفراج هبت على العلاقات الدولية وتبعتها رياح الوفاق فارتفع عدد الأعضاء في الأمم المتحدة ليصبح 185 دولة في نهاية عام 1995.
ليس في الميثاق نص على الانسحاب الطوعي من العضوية خلافاً لما كان مقرراً في صك عصبة الأمم، ولكن ورد بحث ذلك في الأعمال التحضيرية لمؤتمر سان فرنسيسكو ومنها يتبين أنه يحق للدولة العضو إذا ما أرادت الانسحاب من المنظمة أن تفعل ذلك. وقد حصل الانسحاب مرة واحدة عام 1965حين أخطرت إندونيسية الأمين العام برغبتها في ذلك فأخذ الأمين العام «أوثانت» علماً برغبة إندونيسية. لكن الأخيرة قررت العودة إلى مقعدها في المنظمة الدولية فأخبرت الأمين العام بهذه الرغبة وكان أن أخذ علماً بالرغبة الجديدة فعادت إندونيسية إلى عضويتها من دون أي إجراءات انضمام جديدة.
وبموجب قواعد القانون الدولي العام المتعلق بخلافة الدول احتلت الجمهورية العربية المتحدة مقعدي سورية ومصر حين تم إعلانها في 22/2/1958. فلما انفصلت سورية عن الدولة الأم أخطرت الأمانة العامة برغبتها في استعادة مقعدها دولة مؤسسة ولم تعترض الجمهورية العربية المتحدة آنذاك على الطلب السوري وعادت سورية تحتل مقعدها من دون اللجوء إلى طلب الانضمام كما لوكانت كياناً جديداً. لكن الجو السياسي كان خلاف ذلك حين انفصل شرقي الباكستان فيما عرف ببنغلادش إذ احتاج الأمر طلب انضمام جديد ولم يتم قبول بنغلادش إلا بعد تقديم الطلب مرة أخرى، بسبب استخدام الصين حق الفيتو في مجلس الأمن للحيلولة دون التوصية بقبولها أول مرة.
وينص ميثاق الأمم المتحدة في المادة الخامسة على جواز وقف العضوية، وذلك بتوصية من مجلس الأمن وقرار من الجمعية العامة إذا تبين لهما ضرورة اتخاذ تدابير وقائية أو زجرية بحق إحدى الدول الأعضاء. وعندئذ تتوقف الدولة العضو عن ممارسة حقوق العضوية وامتيازاتها حتى يوصي مجلس الأمن بإنهاء الإيقاف. أما إذا أمعنت دولة عضو في خرق مبادئ الميثاق فإنه يجوز للجمعية العامة أن تطردها من المنظمة بناءً على توصية من مجلس الأمن (المادة6). لم تطبق المادتان 5 و6 اللتان جاءتا بهذين الحكمين حتى اليوم مع أنه طولب بتنفيذهما أكثر من مرة.
أجهزة الأمم المتحدة
تتألف الأمم المتحدة من ستة أجهزة رئيسة هي: الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس الوصاية ومحكمة العدل الدولية والأمانة العامة. كما يمكن لهذه الأجهزة الرئيسة إنشاء أجهزة فرعية أخرى تعمل تحت إشرافها إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
يتم الاقتراع في الجمعية العامة بأغلبية الثلثين في المسائل المهمة التي حددها الميثاق في المادة 18 أو في المسائل التي ترى الجمعية أنها مهمة. أما فيما عدا ذلك من مسائل فيكتفى بأغلبية الأعضاء الحاضرين المشتركين في التصويت. أي لا عبرة لصوت الغائب أو الممتنع عن التصويت وفيما عدا ما نص عليه الميثاق صراحة، فلقرارات الجمعية العامة قوة التوصيات recommendations غير الملزمة قانوناً على الرغم من القوة الأدبية الكبيرة التي تحملها بوصفها قرارات صادرة عن الهيئة الرئيسة في المنظمة.
استخدمت الجمعية العامة حقها بموجب الميثاق وأنشأت عدداً من الهيئات الفرعية، منها اللجنة الخاصة بالمعلومات الواردة عن الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي وقد حل محلها عام 1963 لجنة تطبيق القرار 1514 لعام 1960 التي عرفت على المستوى الشعبي إعلامياً بلجنة تصفية الاستعمار. ومنها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم (الأونروا) وغيرها. ومنذ عام 1974 سمحت الجمعية العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية بأن تكون عضواً مراقباً فيها وفي كل المؤتمرات التي تدعو إليها أو تعقد تحت رعايتها، وتبعتها في ذلك حركات تحرر وطنية أخرى. وكانت صفة العضو المراقب مقصورة على الدول كسويسرة.
تعليق