بنو قينقاع Banu Qaynuqa أوّل يهود نقضوا ما بينهم وبين المسلمين من عهد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بنو قينقاع Banu Qaynuqa أوّل يهود نقضوا ما بينهم وبين المسلمين من عهد

    بنو قينقاع

    ما بين عهد القائد الروماني تيطس عام 70م وعهد الامبراطور هادريان عام 135م اندفعت أفواج يهوديّة ونزلت بأرض الحجاز، واتخذت فيها الحصون والآطام والأسواق، وامتدّ نفوذ اليهود من يثرب حتّى تيماء، ونمت قبيلة بني قينقاع ومعها قبائل بني عوف وبني النجّار في يثرب، وعقدت حلفاً مع قبائل الأوس والخزرج التي تقيم داخل يثرب وحولها، وكانت تؤجّج نار البغضاء والضغينة بين الطرفين، وأخذ الأوس يقترضون من يهود قينقاع، ويقترض الخزرج من يهود بني النضير وبني قريظة، فأثقل الطرفان بالديون، وعندما قدم الرسولr إلى المدينة، آخى بين المهاجرين والأنصار، ووادع يهود المدينة، وأقرّهم على ما هم عليه، على ألا يناصروا المشركين المتربّصين بالإسلام، وعندما بلغ الرسول ما يحيكه اليهود من تآمر على المسلمين، وغيظهم من النصر الذي أحرزوه في بدر، جمع يهود بني قينقاع في سوق لهم، ثمّ قال: «يا معشر يهود، احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة، وأسلموا، فإنّكم قد عرفتم أنّي نبيّ مرسل، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم». فقالوا: «يا محمّد، إنّك ترى أنّا كقومك! لا يغرّنك أنّك لقيت قوماً لا علم لهم بالحرب، فأصبت منهم فرصة، وإنّا والله لئن حاربناك لتعلمنّ أنّا نحن الناس».
    وكان بنو قينقاع أوّل يهود نقضوا ما بينهم وبين المسلمين من عهد، وكان رفاعة بن زيد بن التابوت أحد بني قينقاع من عظماء اليهود وكهفاً للمنافقين، وتحرّشت بنو قينقاع بالمسلمين؛ ذلك أنّ امرأة من العرب قدمت بحلي لها لبيعها بسوقهم، وجلست إلى صائغ بها، فأرادوا إجبارها على كشف وجهها، فأبت، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلمّا قامت انكشفت سوءتها، فضحكوا، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وشدّت اليهود على المسلم فقتلوه، فغضب المسلمون وحملوا على يهود بني قينقاع، واحتمى اليهود بحصونهم، وبهذا الموقف الذي عمل على تفاقم العلاقة بين المسلمين واليهود وتصعيد حالات العداء التي يعمل المسلمون على تجنّبها، أدرك اليهود أنّ الوقت في صالحهم، فإذا لم يكسروا شوكة المسلمين، وخاصّة بعد بدر، فإنّ خطر المسلمين سيتضاعف، ومع أنّ المسلمين كانوا يعيشون انتصار بدر وصداه العظيم، فإنّهم يدركون أنّ خطر قريش لازال قائماً، وكانوا يفضّلون أن يحيّدوا اليهود، ولكنّ اليهود صعّدوا من عدائهم واستهتارهم، وغرّتهم قوّتهم، فقد كان عدد اليهود من بني قينقاع وعدّتهم أكثر وأقوى ممّا لدى المسلمين بكثير، فقدّر عددهم بسبعمئة مقاتل، وكان هذا العدد يتحرّك على أرض تمكّنه من المناورة والقتال، ذلك أنّهم اتخذوا لهم حصوناً ومخابئ، إضافة إلى كمّيات من المؤن ومعدّات القتال، فغزاهم الرسول في منتصف شوّال من السنة الثانية للهجرة، بين غزوتي بدر وأحد، وكان لواء المسلمين يوم بني قينقاع أبيض مع حمزة بن عبد المطّلب، وكلّف الرسول أبا لبابة بشير بن عبد المنذر مواصلةَ حصارهم، ومنعهم من الخروج أو الدخول إلى حصونهم، ودامت مدّة هذا الحصار خمس عشرة ليلة، نزلوا بعدها على حكم رسول الله، فتشبّث بأمرهم عبد الله بن أبيّ بن سلول وقام دونهم حين أمكن الله منهم، فقال: «يا محمّد، أحسن في مواليّ». فأبطأ عليه الرسول، فقال: «يا محمّد، أحسن في مواليّ». فأعرض عنه، فأدخل يده في جيب درع رسول الله وكان يقال لها ذات الفضول، فقال له الرسول: «أرسلني»، فغضب حتّى رأوا لوجهه ظللاً، ثمّ قال: «ويحك! أرسلني». قال ابن سلول: «لا والله لا أرسلك حتّى تحسن في مواليّ، أربعمئة حاسر وثلاثمئة دارع قد منعوني من الأحمر والأسود، تحصدهم في غداة واحدة! إنّي والله امرؤ أخشى الدوائر». فقال رسول الله: «هم لك». في حين مشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله، وكان أحد بني عوف، لهم من حلفه مثل الذي لهم من عبد الله بن أبيّ، فجعلهم إلى رسول الله، وتبرّأ إلى الله ورسوله من حلفهم، فقال: «يا رسول الله أتولّى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حلف هؤلاء الكفّار وولايتهم». ولم يكن بنو قينقاع يملكون أرضاً في المدينة أو مزارع، فسلبوا سلاحهم وآلات صياغتهم، ولم يقتل المسلمون من يهود بني قينقاع أحداً، والتزموا بوعد الرسول لعبد الله ابن أبيّ، وسمحوا لهم بالخروج من دون أن يثأروا منهم، ويشفوا غليلهم، وتولّى عبادة بن الصامت إخراجهم من المدينة بذراريهم إلى أن بلغ بهم دباب بالحجاز.
    عبد الكريم عيد الحشاش
يعمل...
X