القوات المسلحة armed forces تنظيم عسكري نظامي تملكه الدولة وفق مقتضيات أمنها القومي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القوات المسلحة armed forces تنظيم عسكري نظامي تملكه الدولة وفق مقتضيات أمنها القومي

    القوات المسلحة

    القوات المسلحة armed forces تنظيم عسكري نظامي تملكه الدولة وفق مقتضيات أمنها القومي، وتستخدمه أداة في توطيد سلطتها والدفاع عن حدودها ومكاسبها ودرء أي اعتداء على سيادتها. وتتألف من قوات رئيسية وقوى فرعية وإضافية.
    تتميز القوات المسلحة بجاهزيتها القتالية العالية وتربية أفرادها تربية وطنية رفيعة المستوى، وتدريبهم بالقدر الذي يؤهلهم للعمل بجرأة ومهارة براً وبحراً وجواً وفي جميع الشروط الجغرافية والمناخية. ويستند تنظيم القوات المسلحة إلى تراتبية hierarchy قيادية متسلسلة تقوم على الطاعة المطلقة والانضباط الصارم والمحافظة على مفاهيم الشرف والإخلاص والاستعداد للتضحية والاستشهاد في سبيل الوطن ومصلحة الأمة.
    تبنى القوات المسلحة وتدرب وتسلح لردع أي اعتداء يقع على مجالات الدولة البرية والبحرية والجوية، وفق الاستراتيجية العامة، وموارد البلاد البشرية والمادية المتاحة، واتساع مسارح العمليات المحتملة، وعلى أساس رؤية واضحة لإمكانات تحقيق التفوق الأمثل على العدو المحتمل، في حدود المبادئ والتوجهات والأنظمة.
    يحتل الاقتصاد ومستوى التقدم التقاني دوراً حيوياً في بناء القوات المسلحة. كما يمكن أن تنضوي القوات المسلحة في ظروف معينة كلياً أو جزئياً تحت إمرة قيادة موحدة إقليمية أو متعددة القوميات لتحقيق مصلحة مشتركة في ظل أحلاف واتفاقات معينة.
    لمحة تاريخية وبدايات القوات المسلحة
    سعى الإنسان منذ الأزل إلى الحفاظ على وجوده وتحييد أعدائه، واستخدم لذلك مختلف الأدوات بما فيها الأسلحة الحجرية. ومع بروز الجماعة والقبيلة؛ ظهر مفهوم الحِمَى، فكان الإنسان يسعى في إطار جماعته إلى الذود عنه ومنع الآخرين من دخوله أو التعدي على موجوداته، كما كان يشارك مع جماعته في غزو حمى الآخرين.
    ومع ظهور المدينة ـ الدولة أصبح الأمر يتطلب قوة دائمة ذات سمات خاصة تتولى الدفاع عن كيانها. وترافق ذلك مع اكتشاف المعادن، فظهر المسلحون بأسلحة خفيفة (الفؤوس والمناجل والحراب) منذ الألف الثالث ق.م. ومن الطبيعي أن تكون القوات البرية، وخصوصاً المشاة منها فاتحة تأسيس القوات المسلحة. ومع تدجين الخيول وظهور العربات البدائية في بلاد الهلال الخصيب؛ أضيف صنف جديد إلى القوات البرية. وزاد من قدرتها على الغزو واكتساح مناطق جغرافية مترامية الأطراف.
    تعد مصر القديمة خير مثال على نشوء القوات المسلحة وتطورها، فقد ساعد تطور الحرف على تجهيز هذه القوات. وكان لوجود النحاس في سيناء أثره في ذلك، فقد استخدم في صنع الأسلحة بطريقة الصب والتطريق، كما استعمل الخشب لصنع عيدان الرماح.
    وتألفت القوات البرية في البداية من المفارز الدائمة لحكام المناطق ومن الحرس الفرعوني. وكان تسليح هذه القوات يتألف من الهراوة club والفأس والحربة والرمح والترس و البَمْرَنغ boomerang، إلى جانب السلاح الرئيسي القوس والنبال. وكانت هذه القوات من صنف المشاة. ولم تكن في البداية قادرة على القيام بحملات بعيدة، فلم يتعدَ توسع الدولة المصرية القديمة حدود سيناء في الشمال وبلاد النوبة في الجنوب.
    وفي عهد المملكة المتوسطة (2052ـ1770 ق.م). أخذ المصريون يصنعون سلاحهم من البرونز، مما زاد من متانته. وتطورت الرماح ذات الأسنة البرونزية. واستقل النبّالة عن الرمّاحة تنظيماً، فأصبحت المعركة تبدأ بالنبّالة وتحسم بالرمّاحة.
    قبل منتصف الألف الثاني ق.م. تنوعت أسلحة المشاة، واستُخدم السيف عوضاً من فأس القتال، إضافة إلى النبال والرماح، واستخدمت الزردية الخفيفة (درع من الزرد مع صفائح من البرونز) إضافة إلى الترس. إلا أن إدخال الهكسوس (1670ـ1560ق.م) Hyksos الحصان إلى مصر مثَّل ثورة حقيقية في المضمار العسكري.
    وفي عهد المملكة الحديثة (1580ـ1085ق.م) ظهرت عربة القتال chariot ذات العجلتين المزودة بحصانين؛ التي تميزت بالسرعة والقدرة على المناورة، مما ساعد على استكمال الفتوحات المصرية بالتعاون مع القوات البحرية التي راحت تبحر على طول السواحل، وتنقل القوات البرية إلى مسارح القتال حسب خطة المناورة، مما أعطى القوات المسلحة زخماً في تنفيذ مهامها، وظهر ذلك جلياً في معركة قادش مع الحثيين (1312ق.م) في وسط سورية؛ والتي كانت معركة صنوف مختلفة بالتعاون مع القوات البحرية.
    وعلى العموم كان إتقان صناعة السفن، وتقدم علم الفلك والملاحة من العوامل الرئيسية في تأسيس القوات البحرية القادرة على أن تمخر أعالي البحار كنوع ثانٍ من القوات المسلحة[ر: البحرية]. وكان الفينيقيون قد برعوا منذ الألف الثالث ق.م. في صنع السفن القادرة على الإبحار في أعالي البحار وخصوصاً المتعددة المجاذيف والأشرعة؛ مما حقق لهم السيطرة على حوض البحر المتوسط انطلاقاً من سواحل بلاد الشام في مطلع الألف الأول.
    وتجدر الإشارة إلى أن القوات المسلحة الفارسية في منتصف الألف الأول تميزت بخيالة قوية وعربات قتال غزت بلاد اليونان. غير أنها أخفقت في تحقيق أهدافها في معركة ماراثون Marathon (شمال شرقي أثينا) عام 490ق.م. بسبب تفوق اليونان في تكتيكهم بتراتيب الكتائب phalanges بصفوف منضمة عميقة من المشاة الثقيلة hoplite الذين يعتمرون خوذاً واقية للرأس والوجه، ومسلحون بالحراب والتروس. يتقدمهم في بداية المعركة المشاة الخفيفة المسلحون بالنبال والرماح المقذوفة والمقاليع. وتعمل الفرسان الخفيفة المسلحون بالرمح والترس الخفيف على الجوانب للقيام للمناورة. كما تميز اليونان بامتلاكهم أسطولاً بحرياً مؤلفاً من سفن تعمل بالمجاذيف، ويسيرها العبيد والأسرى.
    برزت القوات المسلحة الرومانية منذ انتصارها على قرطاج عام 202ق.م. في الحرب البونية، وتميزت القوات الرومانية بفرقها legions المنضمة التي تتألف من المشاة الثقيلة والخفيفة والخيالة وعربات القتال وسلاح المنجنيقات، إلى جانب أسطول بحري قوي.
    أما القوات المسلحة العربية الإسلامية، فقد حققت انتصاراتها على جيوش البيزنطيين والفرس بمحافظتها على تنظيماتها القبلية في صدر الإسلام ضمن تشكيلات معينة. في حين عمد الأمويون(41ـ132هـ/661ـ750م) إلى تشكيل قوات مسلحة نظامية محترفة على غرار التنظيمات البيزنطية، وتخطت المفهوم القبلي. وقد ضمت متطوعة ومحترفين من العرب والبربر والعجم والترك.
    وفي البحر كان معاوية بن أبى سفيان صاحب المبادرة الأولى في إنشاء أسطول قوي، منذ أن كان والياً على بلاد الشام. ومعركة ذات الصواري (34هـ/654م) خير مثال على ذلك. مما مكَّن العرب فيما بعد من السيطرة على حوض البحر المتوسط.
    تصنيف القوات المسلحة
    القوات المسلحة تنظيمات هرمية تضم قوى بشرية مسلحة تعمل في خدمة الدولة. وتدعى جيشاً في بلدان كثيرة؛ فيقال لها: جيوش البر والبحر والجو. كما يقصد بمصطلح الجيش[ر] لدى كثير من الدول وخصوصاً الولايات المتحدة، القوات البرية. هذا إلى جانب مصطلح الجيش الميداني الذي هو جحافل operational formation من القوات البرية.
    تصنف القوات المسلحة على النحو الآتي:
    ـ القوات النظامية F.A.regular: وهي تُستكمل وتُسلح وفق تنظيمات وملاكات مدروسة، وتخضع لأنظمة الخدمة والانضباط، ولأفرادها حقوق وواجبات معينة. وتتبع تدريباً عسكرياً راقياً على مختلف المستويات، وتحافظ على جاهزيتها وفق القواعد المحددة لها.
    ـ قوات التعبئة العامة F.A.mass: وهي تقوم على الخدمة الإلزامية والاحتياطية إلى جانب المتطوعة، على نحو ما شاع منذ الثورة الفرنسية عام 1789، ومن بعدها في روسيا وبقية أوربا. وتعد هذه القوات رديفاً مهماً للقوات المسلحة النظامية.
    ـ القوات الفرعية: وتشمل قوات حرس الحدود وقوى الأمن الداخلي من درك وشرطة وغيرها التي تعمل وتنظم وفق أنظمتها الخاصة.
    ـ القوات الإضافية: وتشمل الحرس الوطني militia المتميز بالطابع الإقليمي، والذي يتألف من غير المطلوبين للخدمة العسكرية، وهي مصدر لطاقة بشرية نصف مؤهلة ترفد القوات النظامية؛ أو يوكل إليها بعض المهام الثانوية وغيرها.
    ـ القوات المرتزقة mercenary [ر. الفرقة الأجنبية].
    أنواع القوات المسلحة
    تتألف القوات المسلحة من أنواع متخصصة، ولها أساليبها التقليدية في البر أو البحر أو الجو. وهي: القوات البرية والقوات البحرية والقوات الجوية وقوات الدفاع الجوي الإقليمي، والقوات الاستراتيجية. وهناك دراسات في الولايات المتحدة وغيرها لنوع جديد من القوات المسلحة يختص بحرب الفضاء[ر]. وتجدر الإشارة إلى أن قوات الدفاع الجوي الإقليمي قد تتبع القوات الجوية في عدد من البلدان.
    صنوف القوات
    يقسم كل نوع من أنواع القوات المسلحة بدوره إلى صنوف أو أسلحة arms وفق نوع تسليحها وعتادها وتكتيكها واستخدامها القتالي.
    ـ صنوف القوات البرية: وتشمل المشاة الآلية أو المحمولة، والمدرعات، والصواريخ والمدفعية وحوامات القتال (طيران القوات البرية).
    ـ صنوف القوات البحرية: وتشمل سفن السطح (البوارج، والطرادات، والمدمرات، والفرقاطات، وزوارق الطوربيد والصواريخ، وكاسحات الألغام والسفن المساعدة وغيرها)، والغواصات، والطيران البحري، ومشاة البحرية، وقوات الدفاع الساحلي (مدفعية وصواريخ) وغيرها.
    ـ صنوف القوات الجوية: وتشمل طيران الاستطلاع، والطيران القاذف، والطيران القاذف المقاتل، والطيران المقاتل، إلى جانب طيران المهام الاستراتيجية وطيران النقل والإمداد الجوي.
    ـ صنوف قوات الدفاع الجوي الإقليمي: وتشمل صواريخ الدفاع الجوي، ومدفعية الدفاع الجوي، وطيران الدفاع الجوي، والقوات الفنية اللاسلكية وغيرها.
    ـ صنوف القوات الاستراتيجية: وتشمل الصواريخ النووية العابرة للقارات ICBM، والطيران الاستراتيجي، والغواصات النووية. وجميع هذه الصنوف قادرة على التدخل النووي. هذا إضافة إلى قوات التدخل السريع. ويضاف إلى الصنوف الآنفة القوات الاختصاصية واللوجستية والخدمية وغيرها.
    المهام الموكلة إلى القوات المسلحة ودورها الاجتماعي
    تتحدد مهام القوات المسلحة وفق أهداف الأمة ودستور الدولة وسياستها؛ وطبيعة الحرب المحتملة (محلية أو عامة)، وتتلخص فيما يأتي:
    ـ الحفاظ على الجاهزية القتالية الدائمة والاستعداد للعمل في جميع المسارح وفي جميع الشروط؛ وفي إطار المنجزات التقانية والإلكترونية.
    ـ المثابرة على التدريب القتالي والعملياتي واستيعاب السلاح والعتاد.
    ـ استيعاب الموقف السياسي.
    ـ السهر على أمن البلاد من خطر العدو الخارجي، وتوفير المعطيات الاستطلاعية والاستخبارية.
    ـ الدفاع عن حدود الوطن وحرية الأمة واستقلالها، وصد ضربات العدو وإيقاع أكبر الخسائر في صفوفه والتمسك بمناطق وخطوط مهمة.
    ـ الاستعداد لتنفيذ أي مهام تضعها القيادة العامة للعمل داخل البلاد أو خارجها.
    وقد أخذت بعض الدول حالياً تضيف إلى مهام القوات المسلحة مهمة القضاء على (الإرهاب) والتدرب على ذلك.
    يعتقد كثير من المفكرين أن الخدمة العسكرية ولاسيما الإلزامية في القوات المسلحة تساعد على صهر مواطني الدولة في بوتقة المواطنة ورفع سوية الانتماء الوطني إلى جانب تعلم مهن مفيدة. إضافة إلى أن القوات المسلحة قادرة على المساهمة في تنفيذ المشروعات وخطط الإنماء على الصعيد الوطني، كشق الطرق وبناء الجسور، والمساعدة في مكافحة الكوارث الطبيعية، وإزالة آثارها وتقديم العون الطبي والإخلاء.
    الأفاق المستقبلية للقوات المسلحة:
    مع تزايد النزعة نحو العولمة[ر] globalization وتشكيل كيانات إقليمية أو متعددة القوميات، وتزايد النفوذ الدولي في إطار التقانة الرفيعة التي أتاحت تفوقاً نوعياً، بغض النظر عن الكم؛ شرعت الدول بتخفيض قواتها المسلحة وأسلحتها التقليدية والنووية والاكتفاء بقوات محترفة قليلة العدد مجهزة بعتاد جيد وتقانات عالية، والمثابرة على تقليص التجنيد الإلزامي؛ وصولاً إلى إلغائه، كما حدث منذ فترة طويلة لدى بعض الدول. وقد تعرضت مهام القوات المسلحة إلى تغيير كبير؛ مما أفقدها كثيراً من مهامها التقليدية وخصوصاً بعد زوال شبح الحرب العالمية.
    هاني صوفي
    التعديل الأخير تم بواسطة Ali Abbass; الساعة 04-03-2022, 01:00 AM.
يعمل...
X