ناسا
لطالما زعم العلماء أن الكون يُكوِّن تقريبا ذاتَه في جميع الاتجاهات، وقد تمكنوا الآن من إيجاد طريقة جديدة لاختبار هذه النّظرية: وذلك بدراستهم لظل ثقب أسود. إذا كان هذا الثقب الأسود أصغر بقليل مما تكهنت به النظريّات الفيزيائية الحالية، فسيكون باستطاعته إثبات مفهوم بعيد جدا يدعى ''جاذبية النحلة الطنانة bumblebee gravity''، التي تصف ما سيحصل إذا لم يكن التناظر المثالي للكون، في نهاية الأمر، بتلك المثالية التي يبدو عليها. إذا تمكّن الباحثون من إيجاد ثقب أسود يكون ظلّه أصغر من الحجم العادي، فإن ذلك سيفتح الباب نحو فهم جديد تماما للجاذبية -وربما سيفسّر سبب اتساع الكون بنسق أكثر سرعة. لكن، ولنتمكن من فهم كيف لنظرية النحلة الطنانة هذه أن تحلّق، وجب علينا ان نتعمّق قليلا في بعض المفاهيم الفيزيائية الأساسية. النظر في المرآة يعشق الفيزيائيون نظرية التناظر؛ فهي تساعدنا في نهاية المطاف، على فهم أحد أكثر الأسرار الدفينة للكون. على سبيل المثال، فقد اكتشف العلماء أنه إذا أردت القيام بتجربة عن الفيزياء الأساسية فإنك ستتمكّن من التّحول بأجهزة الاختبار الخاصة بك إلى مكان آخر لتتحصل على نفس النتائج من جديد( أي إذا ظلّت كل العوامل الأخرى كالحرارة وقوة الجاذبية على حالها). بعبارة أخرى، أينما كان المكان الذي تُجري فيه تجاربك في الفضاء، فإنك ستتحصل على نفس النتائج (من جديد، إذا كانت كل العوامل الأخرى على حالها). يُحيل ذلك مباشرة في المنطق الرياضياتي إلى قانون حفظ الدفع law of conservation of momentum. مثال آخر: إذا قمت بتجربتك وانتظرت قليلا قبل إجرائها من جديد، فإنك ستتحصل على نفس النتيجة (من جديد، إذا كانت كل العوامل الأخرى مساوية). يؤدي هذا التناظر الظرفي مباشرة إلى قانون حفظ الطاقة، لا يمكن خلق أو تدمير هذه الطاقة أبدا. هنالك شكل آخر هام من أشكال التناظر، الذي يُشكل حجر الأساس في الفيزياء المُعاصرة. يُدعى تناظر لورانتز "Lorentz "symmetry، تيمّنا بهندريك لورينتيز، الفيزيائي الذي اكتشف كل هذا في بداية التسعينات. يبدو أنه بإمكانك أخذ تجربتك وتحويلها، و(بتساوي جميع العوامل الأخرى) فإنك ستتحصّل على نفس النتيجة. بإمكانك أيضا أن ترفع تجربتك إلى سرعة ثابتة وستتحصل أيضا على نفس النتيجة. بعبارة أخرى، إذا كانت كل العناصر الأخرى متساوية- ونعم، إني أكرّر ذلك دائما، لأنه هام- إذا كنت تُجري تجربة براحة تامة، وتقوم بنفس التجربة بنصف سرعة الضوء، فإنّك ستحصل على نفس النّتيجة. هذا هو التناظر الذي اكتشفه لورنتز: تكون قوانين الفيزياء نفسها بقطع النّظر عن الموقع، الوقت، الاتجاه والسرعة. ما الذي نحصل عليه من هذا التناظر الأساسي؟ حسنا، في البداية سنحصل على نظرية إينشتاين الكاملة المتعلقة بالنسبية الفضائية التي تضع سرعة ثابتة للضوء وتشرح كيف يرتبط الفضاء بالزمن بالنسبة للأجسام المسافرة بسرعات متفاوتة.
جاذبية النحلة الطنّانة تُعتبر نظرية النّسبية الخاصة جد أساسية بالنسبة للفيزيائيين لدرجة أنه يمكن اعتبارها بمثابة النظرية الشارحة للفيزياء؛ فإذا أردت أن تشكّل فكرتك الخاصة حول كيفية عمل الكون، فإن ذلك يجب أن يكون متّفقا مع ما تُمليه نظرية النسبية الخاصة. أو لا. يعمل الفيزيائيون بشكل مستمر لوضع نظريات فيزيائية جديدة ومحسّنة؛ لأن النّظريات القديمة، على غرار النّسبية العامة التي تصف كيف أن تشويه المادة للزمكان ونظرية النموذجية القياسية في فيزياء الجسيمات غير قادرين على تفسير كل ما يحصل في الكون، مثل ما يحصل في مركز الثقب الأسود. إن من بين الأشياء المثيرة للاهتمام التي وجب البحث فيها عن الفيزياء الحديثة هو البحث فيما إذا ما كان أحد المفاهيم المحببة دقيقا بنسبة كبيرة في ظروف قاسية مفاهيم محببة مثل نظرية لولانتز للتناظر. تزعم بعض نماذج الجاذبية أن العالم ليس متناظرا بشكل مثالي في نهاية الأمر. تتكهّن هذه النماذج بأن هنالك موادا إضافية في الكون تُجبره على أن لا يحترم دائما تناظر لورنتز. بعبارة أخرى، من الممكن وجود اتجاه خاص أو مفضل في الكون. تمثّل هذه النماذج فرضيّة يطلق عليها اسم'' جاذبية النحلة الطنانة''، وقد استلهمت اسمها من الفكرة السائدة التي تتمثل في أن العلماء قد زعموا في أحد المرّات أن النحلة الطنّانة يجب أن تكون غير قادرة على الطيران، لأننا لا نستطيع أن نعرف كيف تمكنت أجنحتها من إحداث الرفع. (بالمناسبة، في الواقع، لم يصدّق العلماء ذلك إطلاقا). لا نستطيع إدراك كيفية اشتغال نماذج الجاذبية تلك بشكل كلي وكيف بإمكانها أن تتطابق مع الكون الذي نعيش فيه، ولكن، ها هي تنظر إلينا مباشرة كخيار ممكن لفيزياء جديدة. يكون نموذج جاذبية النحلة الطنانة فعّالا عند استعماله لمحاولة تفسير الطاقة المظلمة، وهي الظاهرة المسئولة عن التمدد المتسارع للكون الذي نشهده. لقد اتضح أن نسق خرق الكون الذي نعيش فيه لتناظر لورنتز قد يكون مرتبطا بتأثير ينتج ذلك التمدد السريع، وبما أننا نجهل تماما سبب تكوّن الطاقة المظلمة، فقد يكون هذا مثيرا للاهتمام فعلا. الظل الأسود
لذا فإننا نمتلك نظرية جديدة صاخبة للجاذبية مرتكزة على تحطيم بعض الأفكار الرّمزية على غرار مخالفة التناظر. إلى أين بإمكانك الذهاب لتجربة تلك الفكرة؟ ستذهب إلى الأماكن التي تمتد فيها الجاذبية إلى أقصى حدودها: الثقب الأسود. تمكن العلماء في دراستهم الجديدة للثقب الأسود التي لم تخضع بعد لمراجعة الأقران الأكاديمية، والتي نشرت في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2020 في قاعدة بيانات ما قبل الطباعة، من القيام بذلك فقط، باحثين عن ظل الثقب الأسود في عالم افتراضي تمّت نمذجته ليكون واقعيّا قدر الإمكان. لا ننسى، أن أوّل مشاهد الثقب الأسود مسييه 87 على الإطلاق، الذي قدّمه تلسكوب أفق) الحدث منذ سنة تقريبا؟ أن ذلك الفراغ المظلم الجميل بشكل رهيب، المتواجد في مركز الحلقة الساطعة هو في حقيقة الأمر ''ظل الثقب الأسود"، المنطقة التي تمتص معظم الضوء ممّا خلفها وما يحيطها). لجعل النموذج أكثر واقعية ممكنة، وضع الفريق ثقبا أسود في خلفية الكون الذي كان يتمدد بشكل متسارع (تماما كما نحن بصدد مشاهدته)، وضبط معدل مُخالفة التناظر ليتطابق مع سلوك الطاقة المظلمة الذي يقيسه العلماء. لقد اكتشفوا أنه بالنسبة لهذه الظاهرة، يمكن لظل ثقب أسود أن يظهر أصغر بنسة 10 بالمائة مما يكون عليه في عالم ذي ''جاذبية عادية'' ليوفّر طريقة واضحة لقياس جاذبية النحلة الطنّانة، والحال أن الصورة الحالية للثقب الأسود مسييه 87 شديدة الضبابيّة لنتمكن من اكتشاف الفارق، وقد انطلقت المساعي الهادفة إلى التقاط صور أفضل بكثير لعدد أكبر من الثقوب السوداء، باحثة في أثناء ذلك عن بعض أعمق الأسرار في الكون.
لطالما زعم العلماء أن الكون يُكوِّن تقريبا ذاتَه في جميع الاتجاهات، وقد تمكنوا الآن من إيجاد طريقة جديدة لاختبار هذه النّظرية: وذلك بدراستهم لظل ثقب أسود. إذا كان هذا الثقب الأسود أصغر بقليل مما تكهنت به النظريّات الفيزيائية الحالية، فسيكون باستطاعته إثبات مفهوم بعيد جدا يدعى ''جاذبية النحلة الطنانة bumblebee gravity''، التي تصف ما سيحصل إذا لم يكن التناظر المثالي للكون، في نهاية الأمر، بتلك المثالية التي يبدو عليها. إذا تمكّن الباحثون من إيجاد ثقب أسود يكون ظلّه أصغر من الحجم العادي، فإن ذلك سيفتح الباب نحو فهم جديد تماما للجاذبية -وربما سيفسّر سبب اتساع الكون بنسق أكثر سرعة. لكن، ولنتمكن من فهم كيف لنظرية النحلة الطنانة هذه أن تحلّق، وجب علينا ان نتعمّق قليلا في بعض المفاهيم الفيزيائية الأساسية. النظر في المرآة يعشق الفيزيائيون نظرية التناظر؛ فهي تساعدنا في نهاية المطاف، على فهم أحد أكثر الأسرار الدفينة للكون. على سبيل المثال، فقد اكتشف العلماء أنه إذا أردت القيام بتجربة عن الفيزياء الأساسية فإنك ستتمكّن من التّحول بأجهزة الاختبار الخاصة بك إلى مكان آخر لتتحصل على نفس النتائج من جديد( أي إذا ظلّت كل العوامل الأخرى كالحرارة وقوة الجاذبية على حالها). بعبارة أخرى، أينما كان المكان الذي تُجري فيه تجاربك في الفضاء، فإنك ستتحصل على نفس النتائج (من جديد، إذا كانت كل العوامل الأخرى على حالها). يُحيل ذلك مباشرة في المنطق الرياضياتي إلى قانون حفظ الدفع law of conservation of momentum. مثال آخر: إذا قمت بتجربتك وانتظرت قليلا قبل إجرائها من جديد، فإنك ستتحصل على نفس النتيجة (من جديد، إذا كانت كل العوامل الأخرى مساوية). يؤدي هذا التناظر الظرفي مباشرة إلى قانون حفظ الطاقة، لا يمكن خلق أو تدمير هذه الطاقة أبدا. هنالك شكل آخر هام من أشكال التناظر، الذي يُشكل حجر الأساس في الفيزياء المُعاصرة. يُدعى تناظر لورانتز "Lorentz "symmetry، تيمّنا بهندريك لورينتيز، الفيزيائي الذي اكتشف كل هذا في بداية التسعينات. يبدو أنه بإمكانك أخذ تجربتك وتحويلها، و(بتساوي جميع العوامل الأخرى) فإنك ستتحصّل على نفس النتيجة. بإمكانك أيضا أن ترفع تجربتك إلى سرعة ثابتة وستتحصل أيضا على نفس النتيجة. بعبارة أخرى، إذا كانت كل العناصر الأخرى متساوية- ونعم، إني أكرّر ذلك دائما، لأنه هام- إذا كنت تُجري تجربة براحة تامة، وتقوم بنفس التجربة بنصف سرعة الضوء، فإنّك ستحصل على نفس النّتيجة. هذا هو التناظر الذي اكتشفه لورنتز: تكون قوانين الفيزياء نفسها بقطع النّظر عن الموقع، الوقت، الاتجاه والسرعة. ما الذي نحصل عليه من هذا التناظر الأساسي؟ حسنا، في البداية سنحصل على نظرية إينشتاين الكاملة المتعلقة بالنسبية الفضائية التي تضع سرعة ثابتة للضوء وتشرح كيف يرتبط الفضاء بالزمن بالنسبة للأجسام المسافرة بسرعات متفاوتة.
جاذبية النحلة الطنّانة تُعتبر نظرية النّسبية الخاصة جد أساسية بالنسبة للفيزيائيين لدرجة أنه يمكن اعتبارها بمثابة النظرية الشارحة للفيزياء؛ فإذا أردت أن تشكّل فكرتك الخاصة حول كيفية عمل الكون، فإن ذلك يجب أن يكون متّفقا مع ما تُمليه نظرية النسبية الخاصة. أو لا. يعمل الفيزيائيون بشكل مستمر لوضع نظريات فيزيائية جديدة ومحسّنة؛ لأن النّظريات القديمة، على غرار النّسبية العامة التي تصف كيف أن تشويه المادة للزمكان ونظرية النموذجية القياسية في فيزياء الجسيمات غير قادرين على تفسير كل ما يحصل في الكون، مثل ما يحصل في مركز الثقب الأسود. إن من بين الأشياء المثيرة للاهتمام التي وجب البحث فيها عن الفيزياء الحديثة هو البحث فيما إذا ما كان أحد المفاهيم المحببة دقيقا بنسبة كبيرة في ظروف قاسية مفاهيم محببة مثل نظرية لولانتز للتناظر. تزعم بعض نماذج الجاذبية أن العالم ليس متناظرا بشكل مثالي في نهاية الأمر. تتكهّن هذه النماذج بأن هنالك موادا إضافية في الكون تُجبره على أن لا يحترم دائما تناظر لورنتز. بعبارة أخرى، من الممكن وجود اتجاه خاص أو مفضل في الكون. تمثّل هذه النماذج فرضيّة يطلق عليها اسم'' جاذبية النحلة الطنانة''، وقد استلهمت اسمها من الفكرة السائدة التي تتمثل في أن العلماء قد زعموا في أحد المرّات أن النحلة الطنّانة يجب أن تكون غير قادرة على الطيران، لأننا لا نستطيع أن نعرف كيف تمكنت أجنحتها من إحداث الرفع. (بالمناسبة، في الواقع، لم يصدّق العلماء ذلك إطلاقا). لا نستطيع إدراك كيفية اشتغال نماذج الجاذبية تلك بشكل كلي وكيف بإمكانها أن تتطابق مع الكون الذي نعيش فيه، ولكن، ها هي تنظر إلينا مباشرة كخيار ممكن لفيزياء جديدة. يكون نموذج جاذبية النحلة الطنانة فعّالا عند استعماله لمحاولة تفسير الطاقة المظلمة، وهي الظاهرة المسئولة عن التمدد المتسارع للكون الذي نشهده. لقد اتضح أن نسق خرق الكون الذي نعيش فيه لتناظر لورنتز قد يكون مرتبطا بتأثير ينتج ذلك التمدد السريع، وبما أننا نجهل تماما سبب تكوّن الطاقة المظلمة، فقد يكون هذا مثيرا للاهتمام فعلا. الظل الأسود
لذا فإننا نمتلك نظرية جديدة صاخبة للجاذبية مرتكزة على تحطيم بعض الأفكار الرّمزية على غرار مخالفة التناظر. إلى أين بإمكانك الذهاب لتجربة تلك الفكرة؟ ستذهب إلى الأماكن التي تمتد فيها الجاذبية إلى أقصى حدودها: الثقب الأسود. تمكن العلماء في دراستهم الجديدة للثقب الأسود التي لم تخضع بعد لمراجعة الأقران الأكاديمية، والتي نشرت في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2020 في قاعدة بيانات ما قبل الطباعة، من القيام بذلك فقط، باحثين عن ظل الثقب الأسود في عالم افتراضي تمّت نمذجته ليكون واقعيّا قدر الإمكان. لا ننسى، أن أوّل مشاهد الثقب الأسود مسييه 87 على الإطلاق، الذي قدّمه تلسكوب أفق) الحدث منذ سنة تقريبا؟ أن ذلك الفراغ المظلم الجميل بشكل رهيب، المتواجد في مركز الحلقة الساطعة هو في حقيقة الأمر ''ظل الثقب الأسود"، المنطقة التي تمتص معظم الضوء ممّا خلفها وما يحيطها). لجعل النموذج أكثر واقعية ممكنة، وضع الفريق ثقبا أسود في خلفية الكون الذي كان يتمدد بشكل متسارع (تماما كما نحن بصدد مشاهدته)، وضبط معدل مُخالفة التناظر ليتطابق مع سلوك الطاقة المظلمة الذي يقيسه العلماء. لقد اكتشفوا أنه بالنسبة لهذه الظاهرة، يمكن لظل ثقب أسود أن يظهر أصغر بنسة 10 بالمائة مما يكون عليه في عالم ذي ''جاذبية عادية'' ليوفّر طريقة واضحة لقياس جاذبية النحلة الطنّانة، والحال أن الصورة الحالية للثقب الأسود مسييه 87 شديدة الضبابيّة لنتمكن من اكتشاف الفارق، وقد انطلقت المساعي الهادفة إلى التقاط صور أفضل بكثير لعدد أكبر من الثقوب السوداء، باحثة في أثناء ذلك عن بعض أعمق الأسرار في الكون.