كعب مالك انصاري Kab ibn Malik al-Ansari - Kab ibn Malik al-Ansari
كعب بن مالك الأنصاري
(…ـ 51هـ/… ـ 671م)
كعب بن مالك بن عمرو بن القين ابن كعب بن سواد بن غنم بن سلمة بن سعد بن علي الأنصاري السَلَمي الخزرجي، أبو عبد الله أو أبو عبد الرحمن أو أبو محمد، يماني الأصل، عدناني النشأة.
تزوج بأكثر من امرأة، ومن زوجاته عُمَيرة بنت جُبَير بن صخر، وهي أم مَعْبد؛ ولدت له خمسة من أولاده، ومنهن صفية اليمنية ولدت له عبد الرحمن، وخيرة أو حيرة وكان لها أولاد لم تذكرهم المصادر.
وكعب، أحد الشعراء في عصر صدر الإسلام، نشأ في بيت اشتهر أهله بالشعر، وكان هو من أوائل الأنصار الذين أسلموا، وله في السيرة النبوية أخبار كثيرة منها: مشاركته في بيعة العقبة الثانية، جهاده في سبيل الله، وفي هذا الشأن يقول له الرسول r: «أنت تحسن صنعة الحرب».
وهو أحد الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، فقاطعهم المسلمون بعد الغزوة إلى أن نزل فيهم قرآن يقبل توبتهم.
كان كعب كاتباً يعرف الحساب، وشاعراً استمع الرسول r إلى شعره، ففي الحديث أن الرسول r كان في سفر، فقال لكعب: احدُ بنا، فقال كعب:
قضينا من تهامة كل حق
وخيبر ثم أجممنا السيوفا
نخبرها ولو نطقت لقالت
قواطعهن: دَوْساً أو ثقيفا
وبعد وفاة الرسول r، لم تذكر المصادر كثيراً من الأخبار عن كعب باستثناء مشاركته في أمر السقيفة، فقد كان ممن حضرها لمناقشة أمر الخلافة، وقد نُقِلَ عن أبي ذؤيب الهذلي قوله: «فجئت السقيفة، فأصبت أبا بكر وعمر وأبا عبيدة بن الجراح وجماعة من قريش، ورأيت الأنصار وفيهم سعد ابن عبادة وفيهم شعراؤهم حسان وكعب.».
ومما ذكروه أيضاً خبر عن رفضه مبايعة علي بن أبي طالب بعد مقتل عثمان، والتحاقه بمعاوية بن أبي سفيان في الشام، وترحيب معاوية به وقضائه شطراً من حياته في الشام، ثم التحق بالمدينة وبقي فيها إلى أن توفي نحو سنة خمسين للهجرة أو إحدى وخمسين أو ثلاث وخمسين، وفي رواية لابن الكلبي وغيره أنه توفي قبل سنة إحدى وأربعين، وقد غلّط ابنُ كثير هذه الرواية مستنداً إلى رواية الواقدي وما رواه أبو حاتم الرازي من أن كعباً فَقَدَ بصره في عهد معاوية.
لم يكن الشعر صنعة لكعب يخوض في أغراضه كلها، بل اقتصر من أغراضه على الفخر، وهو فخر بالذات وما يمتاز به من الخصال الكريمة والصفات الحميدة، كما أنه فخر وهو الأكثر في شعره بقومه وبالمسلمين، يذكر مآثرهم ومفاخرهم ويشيد بالدين الجديد وأتباعه.
وفي فخره بقبيلته كان كعب يطرق موضوعات إسلامية جديدة كشرف نيل الشهادة في سبيل الله، وتأييد الملائكة لقومه وهم يقاتلون في المعارك.
ومن ذلك قوله:
ويومَ بَدْرٍ لقيناكم لنـا مَـدَد
فيه مع النصر ميكالٌ وجبريـلُ
إن تقتلونـا فدين الله فطْرَتُنا
والقتلُ في الحقِّ عندَ اللهِ تفضيلُ
ويمتزج فخره بذاته بحماسة الفارس الشجاع المقاتل، ويتضح هذا في قوله:
قـد علمت خيبر أنـي كعبُ
مُفَـرِّجُ الغُمَّى جـريءٌ صُلْـبُ
إن شبَّت الحربُ تليها الحربُ
معـي حسام كالعقيـق عضـب
نطـؤكم حتى يـذلَّ الصعبُ
نعطـي الجزاءَ أو يفيء النهـب
بكفّ ماضٍ ليس فيه عتــبُ
أما شعره الذي يندرج تحت غرض المدح فقليل، وربما كان السبب في ذلك أن المدح للناس يجعلهم في كثير من الأحيان يتظاهرون بالتعاظم والكبرياء، وهذا مما نهى الإسلام عنه، ولهذا كانت موضوعات المدح عنده تتعلق بإيمان الشخص الممدوح واتباعه لتعاليم الدين الجديد، وقد كان الرسول r في أول قائمة ممدوحيه.
وله شعر في الهجاء، وهذا يندرج أيضاً ضمن إيمان كعب بالعقيدة الجديدة، فهو يسلب مهجويه المثل والمناقب، ويصفهم بأنهم محاربون للدين الجديد، كقوله:
جاءت سخينة كي تحارب ربها
فليُغْلَبَــنَّ مغالِــبُ الغـلاب
(وسَخِينَةُ لقب تُعَيّر به قريش).
وفي السيرة أن رسول الله r سمع هذا البيت فقال لكعب: «لقد شكرك الله يا كعب على قولك هذا».
ويتصل بالهجاء مشاركته في النقائض، وفيها ينقض ما جاء به المشركون من حجج وهجاء للإسلام والمسلمين. ومن أغراض شعره الرثاء، وفيه كان يعدّد خصال المرثي ويسجل مناقبه ويستمد معانيه من تعاليم الإسلام، وممن رثاهم رسول الله r وفيه يقول:
يا عيـن فابكـي بدمـع ذرى
لخيـر البريــة والمصطفى
وبكّي الرسول وحُقّ البـكاء
عليـه لـدى الحرب عند اللقا
على خير من حملت ناقــة
وأتقـى البريـة عنـد التقـى
وشعر كعب مطبوع يمتاز بسهولة التراكيب والألفاظ، وهو في بناء قصائده يتجاوز المقدمة الطللية باستثناء قصيدة واحدة في الرثاء. وقد يكون السبب ضياع مقدمات قصائده أو لظروف كانت تدعوه للقول مرتجلاً.
وقصائده تعتمد في كثير منها على البناء القصصي البسيط، ومعانيها مستمدة من بيئته وما أثر فيها من دخول الناس في دين الإسلام. ولكعب منزلة في الشعر جعلت ابن سلام يجعله من فحول شعراء القرى العربية ووصفه بأنه شاعر مجيد، ووصفه الصفدي والبغدادي بأنه شاعر مجود مطبوع.
أحمد نتوف
كعب بن مالك الأنصاري
(…ـ 51هـ/… ـ 671م)
كعب بن مالك بن عمرو بن القين ابن كعب بن سواد بن غنم بن سلمة بن سعد بن علي الأنصاري السَلَمي الخزرجي، أبو عبد الله أو أبو عبد الرحمن أو أبو محمد، يماني الأصل، عدناني النشأة.
تزوج بأكثر من امرأة، ومن زوجاته عُمَيرة بنت جُبَير بن صخر، وهي أم مَعْبد؛ ولدت له خمسة من أولاده، ومنهن صفية اليمنية ولدت له عبد الرحمن، وخيرة أو حيرة وكان لها أولاد لم تذكرهم المصادر.
وكعب، أحد الشعراء في عصر صدر الإسلام، نشأ في بيت اشتهر أهله بالشعر، وكان هو من أوائل الأنصار الذين أسلموا، وله في السيرة النبوية أخبار كثيرة منها: مشاركته في بيعة العقبة الثانية، جهاده في سبيل الله، وفي هذا الشأن يقول له الرسول r: «أنت تحسن صنعة الحرب».
وهو أحد الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، فقاطعهم المسلمون بعد الغزوة إلى أن نزل فيهم قرآن يقبل توبتهم.
كان كعب كاتباً يعرف الحساب، وشاعراً استمع الرسول r إلى شعره، ففي الحديث أن الرسول r كان في سفر، فقال لكعب: احدُ بنا، فقال كعب:
قضينا من تهامة كل حق
وخيبر ثم أجممنا السيوفا
نخبرها ولو نطقت لقالت
قواطعهن: دَوْساً أو ثقيفا
وبعد وفاة الرسول r، لم تذكر المصادر كثيراً من الأخبار عن كعب باستثناء مشاركته في أمر السقيفة، فقد كان ممن حضرها لمناقشة أمر الخلافة، وقد نُقِلَ عن أبي ذؤيب الهذلي قوله: «فجئت السقيفة، فأصبت أبا بكر وعمر وأبا عبيدة بن الجراح وجماعة من قريش، ورأيت الأنصار وفيهم سعد ابن عبادة وفيهم شعراؤهم حسان وكعب.».
ومما ذكروه أيضاً خبر عن رفضه مبايعة علي بن أبي طالب بعد مقتل عثمان، والتحاقه بمعاوية بن أبي سفيان في الشام، وترحيب معاوية به وقضائه شطراً من حياته في الشام، ثم التحق بالمدينة وبقي فيها إلى أن توفي نحو سنة خمسين للهجرة أو إحدى وخمسين أو ثلاث وخمسين، وفي رواية لابن الكلبي وغيره أنه توفي قبل سنة إحدى وأربعين، وقد غلّط ابنُ كثير هذه الرواية مستنداً إلى رواية الواقدي وما رواه أبو حاتم الرازي من أن كعباً فَقَدَ بصره في عهد معاوية.
لم يكن الشعر صنعة لكعب يخوض في أغراضه كلها، بل اقتصر من أغراضه على الفخر، وهو فخر بالذات وما يمتاز به من الخصال الكريمة والصفات الحميدة، كما أنه فخر وهو الأكثر في شعره بقومه وبالمسلمين، يذكر مآثرهم ومفاخرهم ويشيد بالدين الجديد وأتباعه.
وفي فخره بقبيلته كان كعب يطرق موضوعات إسلامية جديدة كشرف نيل الشهادة في سبيل الله، وتأييد الملائكة لقومه وهم يقاتلون في المعارك.
ومن ذلك قوله:
ويومَ بَدْرٍ لقيناكم لنـا مَـدَد
فيه مع النصر ميكالٌ وجبريـلُ
إن تقتلونـا فدين الله فطْرَتُنا
والقتلُ في الحقِّ عندَ اللهِ تفضيلُ
ويمتزج فخره بذاته بحماسة الفارس الشجاع المقاتل، ويتضح هذا في قوله:
قـد علمت خيبر أنـي كعبُ
مُفَـرِّجُ الغُمَّى جـريءٌ صُلْـبُ
إن شبَّت الحربُ تليها الحربُ
معـي حسام كالعقيـق عضـب
نطـؤكم حتى يـذلَّ الصعبُ
نعطـي الجزاءَ أو يفيء النهـب
بكفّ ماضٍ ليس فيه عتــبُ
أما شعره الذي يندرج تحت غرض المدح فقليل، وربما كان السبب في ذلك أن المدح للناس يجعلهم في كثير من الأحيان يتظاهرون بالتعاظم والكبرياء، وهذا مما نهى الإسلام عنه، ولهذا كانت موضوعات المدح عنده تتعلق بإيمان الشخص الممدوح واتباعه لتعاليم الدين الجديد، وقد كان الرسول r في أول قائمة ممدوحيه.
وله شعر في الهجاء، وهذا يندرج أيضاً ضمن إيمان كعب بالعقيدة الجديدة، فهو يسلب مهجويه المثل والمناقب، ويصفهم بأنهم محاربون للدين الجديد، كقوله:
جاءت سخينة كي تحارب ربها
فليُغْلَبَــنَّ مغالِــبُ الغـلاب
(وسَخِينَةُ لقب تُعَيّر به قريش).
وفي السيرة أن رسول الله r سمع هذا البيت فقال لكعب: «لقد شكرك الله يا كعب على قولك هذا».
ويتصل بالهجاء مشاركته في النقائض، وفيها ينقض ما جاء به المشركون من حجج وهجاء للإسلام والمسلمين. ومن أغراض شعره الرثاء، وفيه كان يعدّد خصال المرثي ويسجل مناقبه ويستمد معانيه من تعاليم الإسلام، وممن رثاهم رسول الله r وفيه يقول:
يا عيـن فابكـي بدمـع ذرى
لخيـر البريــة والمصطفى
وبكّي الرسول وحُقّ البـكاء
عليـه لـدى الحرب عند اللقا
على خير من حملت ناقــة
وأتقـى البريـة عنـد التقـى
وشعر كعب مطبوع يمتاز بسهولة التراكيب والألفاظ، وهو في بناء قصائده يتجاوز المقدمة الطللية باستثناء قصيدة واحدة في الرثاء. وقد يكون السبب ضياع مقدمات قصائده أو لظروف كانت تدعوه للقول مرتجلاً.
وقصائده تعتمد في كثير منها على البناء القصصي البسيط، ومعانيها مستمدة من بيئته وما أثر فيها من دخول الناس في دين الإسلام. ولكعب منزلة في الشعر جعلت ابن سلام يجعله من فحول شعراء القرى العربية ووصفه بأنه شاعر مجيد، ووصفه الصفدي والبغدادي بأنه شاعر مجود مطبوع.
أحمد نتوف