الكيسانية(أقدم فرقة تقول بفكرة المهدي)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكيسانية(أقدم فرقة تقول بفكرة المهدي)

    كيسانيه - - -
    الكيسانية



    الكيسانية أقدم فرقة تقول بفكرة المهدي، وهم أصحاب كيسان مولى علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه الذي تتلمذ لمحمد بن الحنفية (نسبة إلى أمه خولة الحنفية) ابن علي ويعتقدون بابن الحنفية اعتقاداً فوق حده من إحاطته بالعلوم كلها واقتباسه من الوصي علي الأسرار بجملتها من علم التأويل والباطن وعلم الآفاق والأنفس، ويجمعهم القول إن الدين طاعة إمام؛ ومن لا إمام له لا دين له، فحملهم ذلك على تأويل الأركان الشرعية من صلاة وصيام وحج وغيرها، وحمل بعضهم على ترك القضايا الشرعية بعد الوصول إلى طاعة الإمام، وضَعُفَ اعتقاد بعضهم بالقيامة، وقال بعضهم بالتناسخ والحلول والرجعة بعد الموت، فمنهم من اقتصر على واحد معتقداً أنه لا يموت، ولا يجوز أن يموت حتى يرجع، ومنهم من ادّعى حكم الإمامة، وليس من شجرة ابن الحنفية.

    وافترقت الكيسانية فرقاً عديدة نادت جميعها بإمامة محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما. وقال بعضها بجواز البداء على الله عز وجل، والبداء له معانٍ: منها البداء في العلم؛ وهو أن يظهر له خلاف ما علم، والبداء في الأمر؛ وهو أن يأمر بشيء، ثم يأمر بشيء آخر بعده بخلاف ذلك.

    واختلفت الكيسانية في سبب إمامة محمد بن الحنفية، فقال بعضهم: إنه كان إماماً بعد أبيه علي رضي الله عنهما، واستدل على ذلك بأن علياً دفع إليه الراية يوم الجمل. وقال آخرون: إن الإمامة بعد علي كرم الله وجهه كانت لابنه الحسن t، ثم الحسين t، ثم صارت إلى ابن الحنفية بوصية من أخيه الحسين رضي الله عنهما لما هرب من المدينة إلى مكة حين طولب بالبيعة ليزيد بن معاوية. ثم افترق القائلون بإمامةِ ابن الحنفية، فقال قوم يسمّون (الكربية)؛ وهم أصحاب أبي كرب الضرير: إن محمد بن الحنفية t حي لم يمت، وإنه في جبل رضوى (على مسافة من المدينة)، وعنده عين من الماء وعين من العسل يأخذ منهما رزقه، وعن يمينه أسد؛ وعن يساره نمر يحفظانه من أعدائه إلى وقت خروجه، وهو المهدي المنتظر، وذهب الباقون من الكيسانية إلى الإقرار بموت محمد بن الحنفية t، واختلفوا في الإمامة بعده، فمنهم من قال: إن الإمامة رجعت إلى علي زين العابدين ابن أخيه الحسين رضي الله عنهما، ومنهم من قال: برجوعها إلى ابنه عبد الله أبي هاشم.

    وأهم فرق الكيسانية الآتية:

    أولاً: المختارية:

    أصحاب أبي إسحاق المختار بن أبي عبيد الثقفي[ر] (1-67هـ/622-687م) وهو من الثائرين على بني أمية كان مع علي كرم الله وجهه في العراق، وبعد مقتل الحسين t حبسه عبيد الله بن زياد والي العراق، ثم نفاه إلى الطائف.

    ولما قام عبد الله بن الزبير[ر] مطالباً بالخلافة في المدينة صار إليه المختار، وشهد معه حصار جيش الشام بقيادة الحصين بن نمير السكوني لمكة، وبعد موت يزيد بن معاوية انزاح الحصار، ورحل جند الشام، واستقام لابن الزبير الأمر في الحجاز واليمن والعراق وفارس، ولقي المختار جفوة من ابن الزبير، فغادر إلى الكوفة متظاهراً بطاعة ابن الزبير؛ بيد أنه تحول إلى الكيسانية وادّعى أن ابن الحنفية أرسله داعية وخليفة ورسولاً.

    فانضم إلى المختار في الكوفة رجال أشدّاء بارزون، منهم عبيد الله بن الحر وإبراهيم بن الأشتر، واستولى المختار على الكوفة ونواحيها، وتتبع الذين قتلوا الحسين t، وقاتل من كان منهم بالكوفة، ولاحق الهاربين، وأرسل جيشاً بقيادة إبراهيم بن الأشتر إلى عبيد الله بن زياد قرب الموصل، فهُزم ابن زياد، وقتل.

    بعد أن تمكن المختار في الكوفة أسرع إلى نجدة ابن الحنفية لمّا كان مأزوماً؛ ذلك أن ابن الزبير طالب ابن الحنفية بالبيعة، فأبى ومعه عدد من سادات الكوفة، فاحتجزهم ابن الزبير في زمزم، وتوعدهم بالقتل إن لم يبايعوه، وأمهلهم مدة، وأخبر ابن الحنفية شيعة الكوفة بسوء حاله، فأنفذ المختار حملة من أربعة آلاف رجل جاءَت إلى مكة، وفكّت الحصار عن ابن الحنفية وصحبه، وتمّ نقلهم إلى شعب علي، وأوقعت الحملة الرعب في قلب ابن الزبير، ولكن ابن الحنفية لم يلبث أن تبرأ من المختار حين علم بتلبيسه على الناس، وضلالاته التي ابتدعها، وتأويلاته الفاسدة ومخاريقه، وكان المختار أول من نادى بالبداء للتلبيس على الناس وتسويغ تقلباته وأحواله، ودافعه إلى ذلك ادعاؤه علم ما يحدث، إما بوحي يوحى إليه، وإما برسالة من قبل الإمام، فيعد أصحابه بحصول شيء، فإن وافق قوله جعله دليلاً على صدق دعواه، وإن لم يوافق؛ قال: بدا لربكم.

    كان لادعائه الوحي والنبوة وإيتائه المخاريق أن أخذ العرب ينفضون من حوله، فاستقل ابن الأشتر بالموصل، وانضم عبيد الله بن الحر وسادات الكوفة إلى مصعب بن الزبير[ر] (ت 71هـ/690م) والي أخيه عبد الله على البصرة؛ لأن المختار جمع حوله الموالي والعبيد، وأعطاهم أموال ساداتهم، وزحف مصعب من البصرة إلى الكوفة، وهزم المختار، ثم قتله مع كثير من أتباعه سنة (67هـ/687م). وبعد مقتل المختار انضم إبراهيم بن الأشتر إلى مصعب بن الزبير.

    ثانياً: الهاشمية:

    أتباع عبد الله أبي هاشم بن محمد بن الحنفية، قالوا بموت ابن الحنفية وانتقال الإمامة إلى ابنه أبي هاشم الذي تلقى أسرار العلم من أبيه، واطّلع منه على مناهج تطبيق الآفاق على الأنفس، وتقدير التنزيل على التأويل وتصوير الظاهر على الباطن، وقالوا: إن لكل ظاهر باطناً، ولكل شخص روحاً، ولكل تنزيل تأويلاً، ولكل مثال في هذا العالم حقيقة في ذلك العالم، والمنتشر في الآفاق من الحكم والأسرار يجتمع في الشخص الإنساني، وهو العلم الذي استأثر علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ابنه محمد بن الحنفية t به، وابن الحنفية بدوره أفضى ذلك السر إلى ابنه أبي هاشم، وكل من اجتمع فيه هذا العلم فهو الإمام حقاً.

    واختلفت بعد أبي هاشم شيعته إلى فرق هي:

    1- فرقة قالت إن أبا هاشم مات منصرفاً من الشام بأرض الشراة وأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهم وسارت الوصية في أولاده، وصارت الخلافة إلى بني العباس، ولهؤلاء حق في الخلافة لاتصال النسب، وقد توفي الرسول r، وعمه العباس t أولى بالوراثة.

    2- فرقة قالت: إن الإمامة بعد أبي هاشم لابن أخيه الحسن بن علي بن محمد بن الحنفية.

    3- فرقة قالت: إن أبا هاشم أوصى إلى أخيه علي بن محمد بن الحنفية، وعلي أوصى إلى ابنه الحسن، والإمامة تبقى في بني الحنفية، ولا تخرج إلى غيرهم.

    4- فرقة قالت: إن أبا هاشم أوصى إلى عبد الله بن عمرو الكندي الذي خرجت الإمامة إليه، وتحولت روح أبي هاشم إليه أيضاً، وما كان الرجل يرجع إلى علم وديانة، فاطّلع بعض القوم على كذبه، فأعرضوا عنه، وقالوا بإمامة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (ت129هـ/746م)؛ وهو فاتك من شجعان الطالبيين، اتهم بالزندقة، وطلب الخلافة، وانتقض على الأمويين في الكوفة، ثم في فارس إلى أن هزمه الأمويون، ففر إلى هراة بخراسان حيث قبض عليه، وقتل. وكان من مذهب عبد الله أن الأرواح تتناسخ من شخص إلى شخص، وأن الثواب والعقاب في تلك الأشخاص، إما أشخاص بني آدم وإما أشخاص حيوانات، وقال عبد الله: إن روح الله تناسخت حتى وصلت إليه، وحلت فيه، وادعى الألوهية والنبوة معاً وعلم الغيب، وكفرت شيعته بالقيامة لاعتقادهم بالتناسخ في الدنيا والثواب والعقاب في الأشخاص، وتأول الآية الكريمة: }ليسَ على الذينَ آمنُوا وعملُوا الصَّالحاتِ جُناحٌ فيما طعمُوا إذا ما اتَّقَوا{ (المائدة 92)؛ ولذا فإن من وصل إلى الإمام، وعرفه؛ ارتفع عنه الحرج فيما يطعم، ووصل إلى الكمال والبلاغ، وعنه نشأت الخرّمية والمزدكية في العراق، وتفرق أصحابه بعده، فمنهم من قال: إنه حي لم يمت، ويرجع، ومنهم من قال: بل مات، وتحولت روحه إلى إسحاق بن زيد الحارثي الأنصاري؛ وهم (الحارثية) الذين يبيحون المحرمات، ويعيشون عيش من لا تكليف عليه. ويتنازع أصحاب عبد الله وأصحاب محمد بن علي العباسي على الإمامة، وكل يدعي الوصية من أبي هاشم إليه.

    ثالثاً: البيانية:

    أتباع بيان بن سمعان التميمي، قالوا بانتقال الإمامة من أبي هاشم إليه، وهو من الغلاة القائلين بألوهية علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وقال: حل في علي جزء إلهي، واتحد بجسده، وفيه كان يعلم الغيب، ويحارب، وربما يظهر علي في بعض الأزمان، وفسر الآية الكريمة: }هلْ ينظرونَ إلَّا أنْ يأتيَهم اللهُ في ظُلَلٍ منَ الغمامِ والملائكةُ{ (البقرة 210) أن المراد به هو علي كرم الله وجهه الذي يأتي في الظلل، والرعد صوته والبرق تبسمه، وادعى بيان أنه قد انتقل إليه الجزء الإلهي بنوع من التناسخ؛ ولذلك استحق أن يكون إماماً وخليفة، وذلك الجزء هو الذي استحق به آدم u سجود الملائكة، وزعم أن معبوده على صورة إنسان عضواً فعضواً وجزءاً فجزءاً وقال: يهلك كله إلا وجهه لقوله تعالى: }كلُّ شيءٍ هالكٌ إلا وجهَهُ{ (القصص 88) ومن صفاقة بيان أنه كتب إلى الإمام محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين يدعوه إلى نفسه؛ مع رسول له اسمه عمر ابن أبي عفيف، فأجبر الباقر الرسول على أكل القرطاس الذي جاء به، فمات في الحال.

    وقد اجتمعت طائفة على بيان، ودانوا بمذهبه، فقتله خالد بن عبد الله القسري (ت126هـ/743م) أمير العراقيين للأمويين.

    رابعاً: الرُّزامية:

    أتباع رزام بن رزم ساقوا الإمامة من علي إلى ابنه محمد، ثم إلى ابنه أبي هاشم، ثم منه إلى علي بن عبد الله ابن عباس بالوصية، ثم منه إلى محمد ابن علي، وأوصى محمد إلى ابنه إبراهيم الإمام، وهو الذي دعا إليه أبو مسلم الخراساني، وقال بإمامته، وظهر مشايعوه في خراسان أيام أبي مسلم، ثم ساقوا الإمامة إلى أبي مسلم، وقالوا: له حظ في الإمامة، وادعوا حلول روح الإله فيه، وقالوا بتناسخ الأرواح.

    وكان أبو مسلم في أول أمره على مذهب الكيسانية، واقتبس منهم العلم، وعلم أن علومهم مستودعة فيهم، وهو يطلب المستقر لا المستودع، فكتب إلى جعفر الصادق t: (إني قد أظهرت الكلمة، ودعوت الناس عن موالاة بني أمية إلى موالاة أهل البيت، فإن رغبت فيه فلا مزيد عليك، فكتب الصادق إليه: ما أنت من رجالي، ولا الزمان زماني)، فحاد أبو مسلم إلى أبي العباس السفاح عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وساعده على تقلد الخلافة، وكان المقنّع الخراساني (عطـاء) (ت 163هـ/780م) في بداية أمره على هذا المذهب، وادعى الألوهية، وتابعه (مبيضة) ما وراء النهر؛ وهم صنف من الخرّمية دانوا بترك الفرائض، وقالوا: الدين معرفة الإمام فقط. ومنهم من قال: الدين أمران: معرفة الإمام وأداء الأمانة، ومن حصل عليهما ارتفع عنه التكليف، وكمل.

    يوسف الأمير علي
يعمل...
X