كراتشوفسكي (لانغاتي يوليانوفيتش) Kratshovesky (Langati -)مؤسس الاستعراب الروسي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كراتشوفسكي (لانغاتي يوليانوفيتش) Kratshovesky (Langati -)مؤسس الاستعراب الروسي

    كراتشوفسكي (لانغاتي يوليانوفيتش) Kratshovesky (Langati Yulianovich-) - Kratshovesky (Langati Yulianovich-)
    كراتشوڤِسْكي (لانغاتي يوليانوفيتش ـ)

    (1883 ـ 1951)



    يعدّ لانغاتي يوليانوڤيتش كراتشوڤِسْكي Langati Yulianovich Kratshovesky مؤسس الاستعراب الروسي، وأكبر مستعرب في عهده، تَخَلَّى عن مصطلح الاستشراق واستبدل به اصطلاح الاستعراب arabistika الروسي؛ وهو فرع من الاستشراق يتخصص في اللغة العربية وآدابها. ويعدّ كراتشوڤِسْكي من أهم المتخصصين بدراسة الحضارة العربية الإسلامية في جوانبها المختلفة. وُلَِد سنةَ 1883 في ڤلنيوس Vilnius وهي عاصمة ليتوانيا (إحدى جمهوريات بحر البلطيق المستقلة عن الاتحاد السوڤييتي السابق)، وكان أبوه مديراً لمدرسة المعلمين فيها. أمضى ردحاً من طفولته في آسيا الوسطى عندما عيّن والده مفتشاً للتعليم في طشقند حيث بدأ كراتشوڤسكي يتكلم الأوزبكية، ويتعرف المساجد والزوايا والأسواق الشرقية ونمط الحياة فيها، ومنذ ذلك الحين بدأ ميله إلى الشرق وإلى دراسته. قرأ قبل أن ينتسب إلى جامعة سان بطرسبورغ ما توفر له من أعمال المستشرقين، فتعرف المستشرق الفرنسي سلڤستر دي ساسي S.de Sacy، وبدأ، وهو ما يزال في السنة الأخيرة من تعليمه الثانوي، بتعلّم العربية. انتسب في عام 1901 إلى قسم اللغات الشرقية في جامعة سان بطرسبورغ (جامعة بتروغراد ثم لينينغراد)، ودرس في فرع لغات الشرق الإسلامي، فتعلّم العربية والفارسية والتركية والتتارية وبعض اللغات السامية كالعبرية والحبشية القديمة، لكن العربية كانت اللغة الأولى التي جذبته ودفعته إلى دراسة تاريخ الشرق الإسلامي، فتتلمذ على أيدي أهم علماء زمانه مثل ميليورانسكي Melioransky في علم اللغة العام، وبارتولد Bartold في التاريخ الإسلامي وڤَسيلوڤسكي A.N.Vasselovsky في تاريخ الأدب العام، وميدنيكوي Mednikoy وڤكتور فون روزن V.v.Rosen في علوم العربية، وتخرج في عام 1905 حائزاً الميدالية الذهبية لمؤلَفه عن الخلافة في عهد الخليفة العباسي المهدي. وقد استقى هذه الدراسة من مصادرها العربية كالطبري وابن الأثير والعيني والمسعودي وغيرهم، ونال درجة الماجستير عام 1907، وكان عنوان رسالته «أبو الفرج الوأواء الدمشقي».

    أوفدته جامعة سان بطرسبرغ عام 1907 إلى المشرق العربي، لتعلّم اللهجات العربية المحكية الدّارجة وتعرف الآداب والعادات، واللقاء مع علماء العربية فأمضى سنتين في مدن سورية ولبنان وفلسطين ومصر، وتردد على الكلية اليسوعية في بيروت، والجامع الأزهر والجامعة المصرية، والمكتبة الخديوية في القاهرة، والمكتبة الظاهرية في دمشق، والمكتبة الخالدية في القدس، ومكتبة الموارنة في حلب، وتعرف جرجي زيدان وأحمد زكي خليل السكاكيني وإسعاف النشاشيبي والأب لويس شيخو. عُيّن بعد عودته مديراً لمكتبة اللغات الشرقية في جامعة سان بطرسبورغ ثم مدرساً للعربية ثم معلماً أولَ للدراسات العربية فيها.

    بلغ عدد مؤلفات كراتشوڤِسْكي أربعمئة وثمانية وخمسين مؤلفاً أفرد جُلّها لآداب العربية من بحث وترجمة وشرح ونقد وتصنيف وتفسير وتحقيق وتوزعت في دوائر ثلاث:

    ـ الأولى تتناول تاريخ الشعر العربي القديم والحديث ونقده.

    ـ والثانية تتناول الآداب العربية عند نصارى العرب.

    ـ والثالثة تتناول تاريخ آداب العربية في عصر النهضة في القرن التاسع عشر، وكان أول من كتب بالروسية في هذا الموضوع، وتُعدّ دراساته من أهم المراجع الاستشراقية في هذا الحقل.

    كان كراتشوڤِسْكي مستعرباً واسع الأفق متعدد الاهتمامات، تناول الحضارة العربية بالدرس والاستقصاء واهتم بمظاهرها الكبيرة والصغيرة جميعاً؛ ابتداء من دراساته العميقة عن المتنبي وأبي العلاء المعري وأبي العتاهية وصولاً إلى جمعه الحكايات الشعبية في الناصرة بفلسطين. عُني عناية فائقة بالأدب والحياة الاجتماعية عند العرب، وكان يعتقد اعتقاداً جازماً أن حضارة شعب ما إنما تتألف من هذه العناصر مجتمعة، ولابد لفهمها من تحديد مكانة كل ظاهرة في سياق التطور العام لتلك الحضارة، وتبيان الروابط العضوية التي تجمع بينها. وتركت نظرية كراتشوڤِسْكي الشهيرة عن الظواهر المتوازية في التطور التاريخي للأشكال الشعرية أثراً لا يَمَّحي في تاريخ الأدب، أما دراساته النقدية فقد اتجه فيها نحو التحليل المنطقي في المقارنة والمقايسة والاستدلال.

    تميز كراتشوڤِسْكي بدراسة الأدب العربي الحديث في مرحلة كان الاستشراق العالمي يغوص في حفريات عن ماضي شعوب الشرق، فنشر بحثه «الرواية التاريخية في الأدب العربي المعاصر» (1911)، وبحثه «أثر الكتّاب الروس في الأدب العربي» (1910)، «قاسم أمين والمرأة الجديدة» (1912)، و«أمين الريحاني في شعره ونثره» (1922)، وعن «محمود تيمور ومجموعتيه القصصيتين الجديدتين» (1926)، و«محمد توفيق الحكيم» (1936) و«يوسف غصوب» (1948) و«محمد مهدي الجواهري» (1950)، وأيضاً عن رزق الدين حسون وسليمان البستاني وطه حسين وميخائيل نعيمه وإبراهيم اليازجي وجرجي زيدان والزهاوي وإلياس فرحات.

    تعدّ أبحاث كراتشوڤسْكي عن العلاقات الأدبية الروسية العربية مادة غنية ذات أهمية كبيرة؛ فقد عرّفتْ بتطور هذه العلاقات بدءاً من العصور الوسطى (القرن الحادي عشر) وصولاً إلى النصف الأول من القرن العشرين. وقد ترجم ديوان الوأواء الدمشقي وبعض مؤلفات قاسم أمين، والريحاني، ولابد من الإشارة إلى وضعه «فهرسة المخطوطات العربية الروسية».

    صدر كتاب كراتشوڤسْكي «تاريخ الأدب الجغرافي العربي» في عام 1975- أي بعد وفاته بسنوات عدة- وفيه عرض منظم للأدب الجغرافي العربي منذ ظهور التصورات الجغرافية عند العرب، ثم الجغرافية الرياضية، وفروع الجغرافية الأخرى عندهم مثل الجغرافية الوصفية والرحلات والجغرافية البحرية العامة والإقليمية.

    انتخب كراتشوڤسْكي في عام 1921 عضواً عاملاً في قسم التاريخ واللغات في أكاديمية العلوم الروسية، ثم أميناً للقسم المذكور. وانتخب عام 1923عضواً مراسلاً في المجمع العلمي العربي بدمشق (مجمع اللغة العربية اليوم)، وعضواً مراسلاً في مجمع العلوم في إيران. نشرت منتخبات من آثاره بالروسية في ستة مجلدات بين عامي 1955 و1960.

    من مؤلفات كراتشوڤِسْكي الأخرى: «ترجمة الشاعر أبي دحبل الجمحي» (1912)، «نظرة في وصف مخطوطات ابن طيفور والأوراق للصولي» (1912)، «حماسة البحتري وأول من اكتشفها في أوربا» (1912)، «مخطوطة جديدة للمجلد الخامس من تاريخ ابن مسكويه» (1916)، «التعاويذ عند عرب الجنوب» (1917)، «مخطوطة جديدة لديوان ذي الرمّة مع شرحه للأصمعي» ( 1918).

    رضوان قضماني
يعمل...
X