حوار مع رسام الكاريكاتير والخزاف العراقي المتفرد مؤيد نعمة
ed
اجنادين نيوز / ANN
الرسام العراقي مؤيد نعمة: العراق يمتلك خصوصية «متفردة» في فن الكاريكاتير:
اجرى الحوار : رسام الكاريكاتير علي المندلاوي ،
كتب الحوار قبل وفاة الفنان مؤيد نعمة بفترة قصيرة
دخل مؤيد نعمة (1951 بغداد)، الساحة الساخنة للرسم الساخر في أيام نكسة يونيو (حزيران) 1967، برسم كاريكاتيري يمثل الرئيس الأميركي جونسون، وهو يرفع بدل شعلة تمثال الحرية الأميركي قنبلة «نابالم» كانت إسرائيل تستخدمه بوقاحة في حربها ضد العرب.
أرسل الفتى مؤيد رسمته تلك إلى المجلة البغدادية الساخرة «المتفرج»، وكم كانت دهشته كبيرة عندما وجدها تحتل مساحة الغلاف الأول من المجلة المثيرة للجدل. ولم يمض سوى عامين حتى التحق بمغامرة اصدار المجلة الأولى للطفل العراقي «مجلتي»، وبسرعة هضم الشاب مؤيد التقنيات الخاصة جداً لهذا النوع الجديد من الرسم، ليبدع في خلق الكثير من الشخصيات الكرتونية الأخاذة.
في محترفه ببغداد، التقيت الفنان مؤيد نعمة، وتبادلت معه أطراف الحديث حول تجربته التي قادته إلى كبرى المهرجانات العالمية لرسوم كتب الأطفال، والرسم والنحت السّاخرين.
* سألته عن الخطوات اللاحقة التي تلت تلك البدايات الجريئة في رحلته الطويلة مع الرسم الساخر، فقال:
ـ في عام 1973، دعيت للرسم لجريدة «الجمهورية» البغدادية، وعندما صدرت صحيفة «طريق الشعب» بعد فترة وجيزة من ذلك التاريخ، انتقلت إليها، وبدأت برفدها بكاريكاتير سياسي يومي، وهو ما حفزني لرصد الاحداث والتفكير بأوجه معالجتها النقدية الساخرة.
ولا شك أن الالتزام بإنتاج هذا الرسم اليومي بكل ما فيه من تحد، أفضى إلى تطوير ملكتي الخاصة في ابتداع الجديد في هذا الفن رسماً، وأسلوب معالجة لعجينة الفكرة، وتحويلها عبر قناة السخرية والنقد إلى رسم كاريكاتيري نافذ.
* وماذا عن تجربتك المتميزة جداً في مجال نحت الوجوه كاريكاتيريا؟
ـ بعد أن أكملت دراستي الاكاديمية للرسم في معهد الفنون الجميلة، واصلت دراستي الفنية في اكاديمية الفنون الجميلة. وهناك اقترح عليّ الفنان اسماعيل فتاح الترك، أن أتوقف عن دراسة الرسم وأختار تخصصاً آخر لإغناء تجربتي، فاخترت الفخار الذي كان الترك يدرسه.
وكان أول وجه حققته بأسلوب النحت الفخاري «شاه إيران»، بدأت بعدها بوجوه عدد من الاساتذة الفنانين الكبار كالفنان فائق حسن وسعد شاكر وفالنتينوس وآخرين.
كان ذلك في عام 1973، وكانت تجربة مثيرة وجديدة، بل ونادرة على الصعيد العالمي. وعندما اشتركت بدورة عام 1975 من مهرجان «غابروفو”بعمل فخاري من المجموعة، أبرقت إدارة المهرجان تعرب عن أملها بموافقتي على ضم العمل إلى مجموعة المتحف الخاص بالمدينة.
وفي الفترة نفسها، خضت تجربة تجسيد الموضوع الكاريكاتيري بنحته بدلاً من رسمه.
وعن تجربته الطويلة في الرسم لصحافة وكتب الأطفال، وأهم الشخصيات الكرتونية، قال:
ـ بدأت هذه التجربة مع الإعلان عن تأسيس مجلة خاصة بالطفل في بغداد عام 1969. وكان الفنان الكبير طالب مكي هو المدير الفني المشرف على تدريب الرسامين على هذا النوع الجديد من الرسم، وعلى يديه تلقيت تدريباً رائعاً، فرغم انه لم يسبق له العمل في هذا المضمار، إلا ان موهبته الخارقة أعطته قابلية عجيبة في استيعاب تقنيات هذا التخصص.
تأثرت بطالب واستوعبت دروسه المدهشة، وأصبحت في وقت قصير أحد الرسامين المعتمدين في المجلة. ومن أشهر الشخصيات التي ابتدعتها واستمرت بطولاتها على صفحات المجلة لسنين طويلة شخصية «جدو من العصر الحجري”و«عبقري ومساعده سليم» و«جحا» و«أشعب».
وعن سؤال حول ماهية الكاريكاتير، أجاب:
ـ اعتقد بأن الكاريكاتير، وخلال السنين القليلة الماضية، بدأ بأخذ طابع أكثر شمولية وإبداعاً عن ما مضى من عمر إنتاجه قبل هذا التاريخ، فالرسم الكاريكاتيري الناجح فيه فكرة وإنشاء وفيه أحاسيس الرسام وبصمته، وهو فن غير اعتيادي يشتمل على فنون عديدة في عين الوقت مثل الجرافيك والرسم والنحت، وحتى الموسيقى التي أكاد اسمعها في رسوم العديد من الفنانين، وبشكل خاص في رسوم زميلي الفنان عبد الرحيم ياسر.
ومن الملابسات التي خلقها هؤلاء الرسامون المبدعون، تجريد الكاريكاتير من صبغته القديمة كوسيلة لرواية النكتة.
ففي الكثير من الرسوم، لا يوصل الرسام مشاهد أو قارئ لوحته الكاريكاتيرية إلى بهجة الضحك، بل يضع اصبعه على الجرح وعلى مساحة من الكآبة لأنه يوسضح ابعاد حالة انسانية حدثت داخل مجتمع فيه الأذى والمأساة، وهي حالة موجودة بهذا القدر أو ذاك في كل المجتمعات.
* وما هو تقييمك لأداء زملائك من رسامي الكاريكاتير العراقيين والعرب؟
ـ اجمع عدد كبير من رسامي الكاريكاتير العرب والاجانب على تميز الرسم الكاريكاتيري في العراق وخصوصيته، بمعنى أنه لم يخرج من تحت معطف الكاريكاتير المصري مثلما حدث مع رسامي باقي الاقطار العربية.
وهنا أذكر مقال الفنان المصري محيي الدين اللبّاد، عن طريقة عملنا في العراق، الذي نشر في الصحافة القاهرية، وكان عنوانه «كاريكاتير ما عدّاش على مصر»، وقد أصاب اللبّاد في تحليله، لأننا ايضا لم نشعر بمثل هذا التأثير، ولهذا يمكن القول إن في العراق كاريكاتيراً ذا سمات مستقلة عن باقي المشتغلين بهذا الفن في العالم العربي.
أما بالنسبة للكاريكاتيريين العرب، فإن أهم التجارب وأكثرها تميزاً في اعتقادي، تتركز في مصر وسورية والجزائر.
* ما هو موقفك من التحرير «الاحتلال»؟ وكيف يمكن التعامل مع الحالة الأميركية التي يعيشها العراق؟
ـ أتوقع أن تهدأ الأمور، والحالة التي نعيشها هي افضل في كل الأحوال مما عشناه سابقا، ستكون هناك صحافة حقيقية وستكون وطنية ومستقلة مثل مفهومنا للصحافة الحرة في العالم.
* وما هو المشروع الذي تعمل على تنفيذه حاليا؟
ـ أعد رسوماً كاريكاتيرية لصحيفة عراقية ستصدر قريباً، وفي عودة إلى أعمالي النحتية ـ الفخارية الكاريكاتيرية، كلفت بعمل مجموعة تتكون من عشرة وجوه عراقية مبدعة كالسياب والجواهري وآخرين، وأعكف حالياً على تنفيذها.
عن صحيفة الشرق الاوسط 2003.
ed
اجنادين نيوز / ANN
الرسام العراقي مؤيد نعمة: العراق يمتلك خصوصية «متفردة» في فن الكاريكاتير:
اجرى الحوار : رسام الكاريكاتير علي المندلاوي ،
كتب الحوار قبل وفاة الفنان مؤيد نعمة بفترة قصيرة
دخل مؤيد نعمة (1951 بغداد)، الساحة الساخنة للرسم الساخر في أيام نكسة يونيو (حزيران) 1967، برسم كاريكاتيري يمثل الرئيس الأميركي جونسون، وهو يرفع بدل شعلة تمثال الحرية الأميركي قنبلة «نابالم» كانت إسرائيل تستخدمه بوقاحة في حربها ضد العرب.
أرسل الفتى مؤيد رسمته تلك إلى المجلة البغدادية الساخرة «المتفرج»، وكم كانت دهشته كبيرة عندما وجدها تحتل مساحة الغلاف الأول من المجلة المثيرة للجدل. ولم يمض سوى عامين حتى التحق بمغامرة اصدار المجلة الأولى للطفل العراقي «مجلتي»، وبسرعة هضم الشاب مؤيد التقنيات الخاصة جداً لهذا النوع الجديد من الرسم، ليبدع في خلق الكثير من الشخصيات الكرتونية الأخاذة.
في محترفه ببغداد، التقيت الفنان مؤيد نعمة، وتبادلت معه أطراف الحديث حول تجربته التي قادته إلى كبرى المهرجانات العالمية لرسوم كتب الأطفال، والرسم والنحت السّاخرين.
* سألته عن الخطوات اللاحقة التي تلت تلك البدايات الجريئة في رحلته الطويلة مع الرسم الساخر، فقال:
ـ في عام 1973، دعيت للرسم لجريدة «الجمهورية» البغدادية، وعندما صدرت صحيفة «طريق الشعب» بعد فترة وجيزة من ذلك التاريخ، انتقلت إليها، وبدأت برفدها بكاريكاتير سياسي يومي، وهو ما حفزني لرصد الاحداث والتفكير بأوجه معالجتها النقدية الساخرة.
ولا شك أن الالتزام بإنتاج هذا الرسم اليومي بكل ما فيه من تحد، أفضى إلى تطوير ملكتي الخاصة في ابتداع الجديد في هذا الفن رسماً، وأسلوب معالجة لعجينة الفكرة، وتحويلها عبر قناة السخرية والنقد إلى رسم كاريكاتيري نافذ.
* وماذا عن تجربتك المتميزة جداً في مجال نحت الوجوه كاريكاتيريا؟
ـ بعد أن أكملت دراستي الاكاديمية للرسم في معهد الفنون الجميلة، واصلت دراستي الفنية في اكاديمية الفنون الجميلة. وهناك اقترح عليّ الفنان اسماعيل فتاح الترك، أن أتوقف عن دراسة الرسم وأختار تخصصاً آخر لإغناء تجربتي، فاخترت الفخار الذي كان الترك يدرسه.
وكان أول وجه حققته بأسلوب النحت الفخاري «شاه إيران»، بدأت بعدها بوجوه عدد من الاساتذة الفنانين الكبار كالفنان فائق حسن وسعد شاكر وفالنتينوس وآخرين.
كان ذلك في عام 1973، وكانت تجربة مثيرة وجديدة، بل ونادرة على الصعيد العالمي. وعندما اشتركت بدورة عام 1975 من مهرجان «غابروفو”بعمل فخاري من المجموعة، أبرقت إدارة المهرجان تعرب عن أملها بموافقتي على ضم العمل إلى مجموعة المتحف الخاص بالمدينة.
وفي الفترة نفسها، خضت تجربة تجسيد الموضوع الكاريكاتيري بنحته بدلاً من رسمه.
وعن تجربته الطويلة في الرسم لصحافة وكتب الأطفال، وأهم الشخصيات الكرتونية، قال:
ـ بدأت هذه التجربة مع الإعلان عن تأسيس مجلة خاصة بالطفل في بغداد عام 1969. وكان الفنان الكبير طالب مكي هو المدير الفني المشرف على تدريب الرسامين على هذا النوع الجديد من الرسم، وعلى يديه تلقيت تدريباً رائعاً، فرغم انه لم يسبق له العمل في هذا المضمار، إلا ان موهبته الخارقة أعطته قابلية عجيبة في استيعاب تقنيات هذا التخصص.
تأثرت بطالب واستوعبت دروسه المدهشة، وأصبحت في وقت قصير أحد الرسامين المعتمدين في المجلة. ومن أشهر الشخصيات التي ابتدعتها واستمرت بطولاتها على صفحات المجلة لسنين طويلة شخصية «جدو من العصر الحجري”و«عبقري ومساعده سليم» و«جحا» و«أشعب».
وعن سؤال حول ماهية الكاريكاتير، أجاب:
ـ اعتقد بأن الكاريكاتير، وخلال السنين القليلة الماضية، بدأ بأخذ طابع أكثر شمولية وإبداعاً عن ما مضى من عمر إنتاجه قبل هذا التاريخ، فالرسم الكاريكاتيري الناجح فيه فكرة وإنشاء وفيه أحاسيس الرسام وبصمته، وهو فن غير اعتيادي يشتمل على فنون عديدة في عين الوقت مثل الجرافيك والرسم والنحت، وحتى الموسيقى التي أكاد اسمعها في رسوم العديد من الفنانين، وبشكل خاص في رسوم زميلي الفنان عبد الرحيم ياسر.
ومن الملابسات التي خلقها هؤلاء الرسامون المبدعون، تجريد الكاريكاتير من صبغته القديمة كوسيلة لرواية النكتة.
ففي الكثير من الرسوم، لا يوصل الرسام مشاهد أو قارئ لوحته الكاريكاتيرية إلى بهجة الضحك، بل يضع اصبعه على الجرح وعلى مساحة من الكآبة لأنه يوسضح ابعاد حالة انسانية حدثت داخل مجتمع فيه الأذى والمأساة، وهي حالة موجودة بهذا القدر أو ذاك في كل المجتمعات.
* وما هو تقييمك لأداء زملائك من رسامي الكاريكاتير العراقيين والعرب؟
ـ اجمع عدد كبير من رسامي الكاريكاتير العرب والاجانب على تميز الرسم الكاريكاتيري في العراق وخصوصيته، بمعنى أنه لم يخرج من تحت معطف الكاريكاتير المصري مثلما حدث مع رسامي باقي الاقطار العربية.
وهنا أذكر مقال الفنان المصري محيي الدين اللبّاد، عن طريقة عملنا في العراق، الذي نشر في الصحافة القاهرية، وكان عنوانه «كاريكاتير ما عدّاش على مصر»، وقد أصاب اللبّاد في تحليله، لأننا ايضا لم نشعر بمثل هذا التأثير، ولهذا يمكن القول إن في العراق كاريكاتيراً ذا سمات مستقلة عن باقي المشتغلين بهذا الفن في العالم العربي.
أما بالنسبة للكاريكاتيريين العرب، فإن أهم التجارب وأكثرها تميزاً في اعتقادي، تتركز في مصر وسورية والجزائر.
* ما هو موقفك من التحرير «الاحتلال»؟ وكيف يمكن التعامل مع الحالة الأميركية التي يعيشها العراق؟
ـ أتوقع أن تهدأ الأمور، والحالة التي نعيشها هي افضل في كل الأحوال مما عشناه سابقا، ستكون هناك صحافة حقيقية وستكون وطنية ومستقلة مثل مفهومنا للصحافة الحرة في العالم.
* وما هو المشروع الذي تعمل على تنفيذه حاليا؟
ـ أعد رسوماً كاريكاتيرية لصحيفة عراقية ستصدر قريباً، وفي عودة إلى أعمالي النحتية ـ الفخارية الكاريكاتيرية، كلفت بعمل مجموعة تتكون من عشرة وجوه عراقية مبدعة كالسياب والجواهري وآخرين، وأعكف حالياً على تنفيذها.
عن صحيفة الشرق الاوسط 2003.