آمد
امد
Amed - Amed
آمـد
حاضرة من أهم حواضر ديار بكر[ر] الواقعة في أقصى الشمال الشرقي من بلاد الشام، وهي اليوم ضمن أراضي الدولة التركية، مبنية على مرتفع تطل منه على الضفة اليسرى لدجلة الذي يدخلها من شمالها ويعبرها خارجاً من شرقها.
تحيط بها من جميع جهاتها أسوار من حجارة صلدة من البازلت الأسود، وتتميز بخطوط وكتابات لها أهمية تاريخية. كتب بعضها الخليفة المقتدر العباسي حينما دخلها سنة 297هـ/909م. وخط آخر كتبه محمد الأُرتقي أحد حكامها سنة 579هـ/1183م. وخطوط أخرى لحكام من الأرتقيين[ر] وقد شُيدت على محيط الأسوار أبراج عدة تطل على الأراضي المحيطة بها بغية المراقبة والإشراف والقتال في أثناء الحصار.
وتتصل آمد بما يجاورها من المدن عبر أبواب أربعة فتحت في أسوارها. ففي غربيها باب حلب أو باب الروم. وفي شرقيها الباب الجديد، وفي شماليها باب الجبل أو باب خربوت. وفي جنوبيها باب ماردين. وكانت تتصل ببغداد عبر دجلة جنوباً بقوارب الرموث أو الكلك المصنوعة من جلد منفوخ ومدهون بمواد تقيه البلل والبلى.
تشتهر آمد ببساتينها وفواكهها وخضرتها التي تسقيها عيون ثرة صافية بجوارها. وتزدهر فيها صناعة الجلود والمنسوجات القطنية والحريرية. وبعض الصناعات والأدوات المنزلية من النحاس أو الفخار أو الزجاج.
كان لآمد دور سياسي بارز مذ دخلت في الحوزة العربية زمن عمر بن الخطاب[ر] سنة 20هـ/640م، بعدما حررها من سيطرة الروم البيزنطيين عياض بن غنم الفهري[ر]، وصالح أهلها على عهد كان أعطاه لكل سكان المدن التي حررها في ديار بكر، وأَمّنهم على أنفسهم وأموالهم وممتلكاتهم وحرماتهم ومنذئذٍ ظلت آمد من بلاد الخلافة الراشدية والأموية والعباسية، ولم يستقل في حكمها عامل أو والٍ إلا في أيام ضعف الخلافة العباسية، واستقل عن الخلافة عمّالها في مصر أو بلاد الشام، حينما سيطر على مقدرات الخلافة في بغداد وزراء وقواد أعاجم.
ففي عهد الخليفة المعتضد وقبله أيام المعتمد، استقل أحمد بن طولون بتصريف أمور بلاد مصر والشام، ومن بعده ابنه خمارويه، ثم هارون بن خمارويه بمبايعة من الجند، وكانت آمد تابعة لهم وكان نائبه عليها وعلى العواصم في شمال بلاد الشام محمد بن أحمد بن عيسى الشيخ. فأراد الخليفة المعتضد استعادة آمد إلى حكمه. فنزل عليها سنة 286هـ/899م ودخلها بعد حصار واستعادها وأخضعها للخلافة في بغداد.
وفي أواخر القرن الخامس الهجري/الثاني عشر الميلادي ظهرت قوة قبيلة الدقر التركمانية في ديار بكر. وأسس زعيمها ظهير الدين بن أرتق دولة نحو سنة 495هـ/1101م، في آمد وحصن كيفا. ودخل في خدمة السلطان السلجوقي ملكشاه بن ألب أرسلان[ر] لما بينهما من صلات القربى التركمانية بغية المحافظة على سلطانه ودولته. وقد قاتل ظهير الدين البيزنطيين لحسابهم وكذلك المغول والصليبيين حتى غدا ساعدهم الأيمن في المحافظة على سلطانهم في هذه المناطق إضافة إلى بلاد الشام. ثم دخلت آمد ومدن ديار بكر بعد ذلك في حكم نور الدين زنكي بعدما سيطر على بلاد الشام سنة 568هـ/1172م، وقد أصدر خليفة بغداد تقليداً له بذلك.
وبعد وفاة نور الدين زنكي وتوحيد مصر وبلاد الشام على يد صلاح الدين الأيوبي بما فيها بلاد الجزيرة والموصل انحاز حكام آمد وحصن كيفا ومدن ديار بكر إلى جانبه. ثم دب خلاف بين الحكام الأراتقة، استغله السلطان صلاح الدين فنزل على آمد ودخلها بتقليد من خليفة بغداد العباسي، وذلك في 14 المحرم سنة 579هـ/1183م، وولّى عليها نور الدين محمد بن قره أرسلان بن أُرتق صاحب حصن كيفا على أن يبقى تابعاً له وفي طاعته. وقد ظل حكامها في موالاتهم للأيوبيين زمن الملك العادل[ر] إلى حين وفاته، ثم خرجوا عن طاعة الملك الأشرف سنة 623هـ/1226م، إلى أن استطاع الملك الكامل بن العادل إعادة آمد إلى السيطرة الأيوبية سنة 629هـ/1232م.
ثم دخلت آمد في حمى الصراع بين المماليك والصفويين حكام فارس الذين دخلوا آمد في عهد الشاه إسماعيل الصفوي سنة 908هـ/1502م، واستمروا في حكمها إلى أن أخرجهم الأتراك العثمانيون وذلك سنة 920هـ/1514م إثر معركة جالديران. واستمرت آمد تحت حكم العثمانيين. وهي اليوم تخضع لحكم الجمهورية التركية ويسميها الأتراك ديار بكر.
زهير حميدان
امد
Amed - Amed
آمـد
حاضرة من أهم حواضر ديار بكر[ر] الواقعة في أقصى الشمال الشرقي من بلاد الشام، وهي اليوم ضمن أراضي الدولة التركية، مبنية على مرتفع تطل منه على الضفة اليسرى لدجلة الذي يدخلها من شمالها ويعبرها خارجاً من شرقها.
وتتصل آمد بما يجاورها من المدن عبر أبواب أربعة فتحت في أسوارها. ففي غربيها باب حلب أو باب الروم. وفي شرقيها الباب الجديد، وفي شماليها باب الجبل أو باب خربوت. وفي جنوبيها باب ماردين. وكانت تتصل ببغداد عبر دجلة جنوباً بقوارب الرموث أو الكلك المصنوعة من جلد منفوخ ومدهون بمواد تقيه البلل والبلى.
تشتهر آمد ببساتينها وفواكهها وخضرتها التي تسقيها عيون ثرة صافية بجوارها. وتزدهر فيها صناعة الجلود والمنسوجات القطنية والحريرية. وبعض الصناعات والأدوات المنزلية من النحاس أو الفخار أو الزجاج.
كان لآمد دور سياسي بارز مذ دخلت في الحوزة العربية زمن عمر بن الخطاب[ر] سنة 20هـ/640م، بعدما حررها من سيطرة الروم البيزنطيين عياض بن غنم الفهري[ر]، وصالح أهلها على عهد كان أعطاه لكل سكان المدن التي حررها في ديار بكر، وأَمّنهم على أنفسهم وأموالهم وممتلكاتهم وحرماتهم ومنذئذٍ ظلت آمد من بلاد الخلافة الراشدية والأموية والعباسية، ولم يستقل في حكمها عامل أو والٍ إلا في أيام ضعف الخلافة العباسية، واستقل عن الخلافة عمّالها في مصر أو بلاد الشام، حينما سيطر على مقدرات الخلافة في بغداد وزراء وقواد أعاجم.
ففي عهد الخليفة المعتضد وقبله أيام المعتمد، استقل أحمد بن طولون بتصريف أمور بلاد مصر والشام، ومن بعده ابنه خمارويه، ثم هارون بن خمارويه بمبايعة من الجند، وكانت آمد تابعة لهم وكان نائبه عليها وعلى العواصم في شمال بلاد الشام محمد بن أحمد بن عيسى الشيخ. فأراد الخليفة المعتضد استعادة آمد إلى حكمه. فنزل عليها سنة 286هـ/899م ودخلها بعد حصار واستعادها وأخضعها للخلافة في بغداد.
وفي أواخر القرن الخامس الهجري/الثاني عشر الميلادي ظهرت قوة قبيلة الدقر التركمانية في ديار بكر. وأسس زعيمها ظهير الدين بن أرتق دولة نحو سنة 495هـ/1101م، في آمد وحصن كيفا. ودخل في خدمة السلطان السلجوقي ملكشاه بن ألب أرسلان[ر] لما بينهما من صلات القربى التركمانية بغية المحافظة على سلطانه ودولته. وقد قاتل ظهير الدين البيزنطيين لحسابهم وكذلك المغول والصليبيين حتى غدا ساعدهم الأيمن في المحافظة على سلطانهم في هذه المناطق إضافة إلى بلاد الشام. ثم دخلت آمد ومدن ديار بكر بعد ذلك في حكم نور الدين زنكي بعدما سيطر على بلاد الشام سنة 568هـ/1172م، وقد أصدر خليفة بغداد تقليداً له بذلك.
وبعد وفاة نور الدين زنكي وتوحيد مصر وبلاد الشام على يد صلاح الدين الأيوبي بما فيها بلاد الجزيرة والموصل انحاز حكام آمد وحصن كيفا ومدن ديار بكر إلى جانبه. ثم دب خلاف بين الحكام الأراتقة، استغله السلطان صلاح الدين فنزل على آمد ودخلها بتقليد من خليفة بغداد العباسي، وذلك في 14 المحرم سنة 579هـ/1183م، وولّى عليها نور الدين محمد بن قره أرسلان بن أُرتق صاحب حصن كيفا على أن يبقى تابعاً له وفي طاعته. وقد ظل حكامها في موالاتهم للأيوبيين زمن الملك العادل[ر] إلى حين وفاته، ثم خرجوا عن طاعة الملك الأشرف سنة 623هـ/1226م، إلى أن استطاع الملك الكامل بن العادل إعادة آمد إلى السيطرة الأيوبية سنة 629هـ/1232م.
ثم دخلت آمد في حمى الصراع بين المماليك والصفويين حكام فارس الذين دخلوا آمد في عهد الشاه إسماعيل الصفوي سنة 908هـ/1502م، واستمروا في حكمها إلى أن أخرجهم الأتراك العثمانيون وذلك سنة 920هـ/1514م إثر معركة جالديران. واستمرت آمد تحت حكم العثمانيين. وهي اليوم تخضع لحكم الجمهورية التركية ويسميها الأتراك ديار بكر.
زهير حميدان