كثير (اسماعيل عمر) Ibn Kathir (Ismail ibn Ummar-) - Ibn Kathir (Ismail ibn Ummar-)
ابن كثير (إسماعيل بن عمر ـ)
(701 ـ 774هـ/1301 ـ 1372م)
إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضَوء، أبو الفداء، عماد الدين، القرشي البُصروي الدمشقي، عالم حافظ مؤرخ مفسّر محدّث فقيه، يصل في نسبه إلى قريش وكان يفخر بذلك.
وُلد ابنُ كثير في إحدى قرى بصرى الشام من أعمال حوران قرب مدينة درعا، وأسماه أبوه إسماعيلَ على اسم أخ له من غير أمه مات وهو يطلب العلم في دمشق.
توفي أبوه وابن كثير لم يتجاوز ثلاث سنين، فرعى الأسرة أخوه الكبير عبد الوهاب الذي انتقل بهم إلى دمشق سنة 707هـ، وأقامت الأسرة على مقربة من المدرسة النورية، وبدأ ابن كثير يطلب العلم، فأخذ عن أخيه الأكبر عبد الوهاب أولاً، ثم حفظ القرآن الكريم وهو ابن أحد عشر عاماً على الشيخ محمد بن أبي الحسن البعلبكي، وأخذ القراءات على الشيخ محمد بن جعفر اللباد وغيره، وتعلم الخط على موسى ابن علي الجيلي، والنحو على الشيخ ضياء الدين عبد الله الزربندي، ومن شيوخه ابن قاضي شُهبة، وابن تيمية، وبرهان الدين الفزاري، والحافظ المِزّي، ونجم الدين العسقلاني، وعلم الدين الجاولي، وغيرهم.
وحفظ كثيراً من المتون والمختصرات والكتب، وأخذ الإجازات من كثير من علماء عصره الذين لقيهم أو قرأ عليهم.
ارتحل ابن كثير إلى عدد من المدن فزار بيت المقدس، ونابلس، وبعلبك، والقاهرة، ومكة.
وقد نتج من تنوع معارف العلماء الذين أخذ عنهم تنوعٌ في ثقافته وعلمه، فقد «تنوعت نواحي ثقافته العلمية من تفسير وحديث وفقه وتاريخ، وتعددت ميادين نشاطه العلمي من تدريس وإفتاء وتأليف… وقد أثنى عليه شيوخه ومعاصروه وتلاميذه ومترجموه، وأجمعوا على الإشادة بحفظه المتون، ومعرفته برجال الحديث، وعلو كعبه في التفسير والتاريخ والفقه والنحو، كما أشاروا إلى صدق لهجته، واعتداله، وسرعة خاطره، وحسن مفاكهته، وجم مروءته، وخلقه الحسن الطيب».
وقد اشتغل بالإفتاء والتدريس، فدرّس في أكثر من مدرسة، منها المدرسة النجيبية بدمشق، والمدرسة الفاضلية، ودار القرآن والحديث التنكزية، ودار الحديث الأشرفية الجوانية، وغيرها كالدروس التي كان يعقدها في المساجد.
وتتلمذ عليه عدد من العلماء أمثال محمد بن موسى (ابن سند)، وابن اليونانية محمد بن علي بن أحمد، ويحيى بن يوسف الرحبي، ومحمد بن بهادر الزركشي، وابن الجزري محمد بن محمد بن محمد، وغيرهم.
كما أنه كان ينظم الشعر والأراجيز العلمية.
وصنف ابن كثير عدداً من الكتب في علوم مختلفة كانت لها أهميتها ومكانتها الكبيرة في المكتبة العربية، وقد زاد عدد مؤلفاته على ثلاثين كتاباً، منها:
«تفسير القرآن العظيم»، وقد برز فيه اعتماده في التفسير على تفسير القرآن بالقرآن، وعلى الأحاديث الصحيحة بأسانيدها، وابتعد عن الإسرائيليات، وانتقد الاعتماد عليها إلا فيما سمح به الشرع.
وقد ألحق بالتفسير، «فضائل القرآن» الذي طبع مستقلاً عام 1347هـ بمصر ثم طبع مع كتابه التفسير، ولتفسير القرآن مختصر باسم «عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير» سنة 1375هـ/1956م، وذلك في خمسة أجزاء عن مخطوطة نفيسة في المكتبة الأزهرية، كتبها محمد بن علي الصوفي سنة 825هـ.
وله «البداية والنهاية» في التاريخ، و«السيرة النبوية»، و«شمائل رسول الله ودلائل نبوته وفضائله وخصائصه»، و«سيرة عمر بن عبد العزيز»، و«جامع المسانيد والسنن»، و«طبقات الشافعية»، و«كتاب الأحكام الكبير»، وغيرها.
وله أيضاً «الاجتهاد في طلب الجهاد» ألّفه تلبيةً لرغبة نائب الشـام الأمير منجك بن عبد الله سـيف الدين اليوسفي [ر] (ت776هـ)، ويتضمن أحداث الصراع بين المسلمين والصليبيين في القرن الثامن الهجري أو بالتحديد في الفترة التي عاش فيها ابن كثير، بدأ المؤلف بمقدمة ذكر فيها الآيات التي تحض على الجهاد في سبيل الله، وما ورد في الأحاديث النبوية، فسرد ثلاثة عشر حديثاً، ثم شرع في الحديث عن الصراع بين المسلمين والصليبيين فذكر ما كان من هجوم الفرنج على ثغر الإسكندرية وتصدي المسلمين لهم، كما تعرض لاستيلاء الفرنج على بيت المقدس، وتصدي صلاح الدين الأيوبي لهم، وانتزاعه من أيديهم، واسترجاع البلاد المجاورة مثل غزة ونابلس وعجلون والكرك وغيرها، طبع هذا الكتاب في بيروت سنة 1401هـ/1981م، وقام بتحقيقه عبد الله عبد الرحيم عسيلان.
ويعد كتاب «البداية والنهاية» من أبرز كتب التاريخ، لما تضمنه من معلومات دقيقة منذ بدء الخليقة إلى أواخر النصف الثاني من القرن الثامن للهجرة، وقد أفاد ابن كثير ممن ألف قبله في هذا الباب، وأضاف عليهم ما لم يقفوا عنده.
ابتدأ كتابه بأخبار بدء الخليقة وقصص الأنبياء، إلى بداية الإسلام فتحدث عن سيرة النبي r ومغازيه، ثم سيرة الخلفاء الراشدين بعده، ثم بدأ بالتأريخ للأحداث سنة فسنة على السنين الهجرية، وكان يشير في آخر كل سنة إلى من توفي فيها من العلماء والمشاهير ويترجم لهم، وختم كتابه بالحديث عن نهاية الخليقة وأخبار الفتن والملاحم ويوم القيامة، ومن هنا جاء اسم الكتاب «البداية والنهاية».
توفي ابن كثير في دمشق، وأوصى أن يدفن إلى جوار شيخه ابن تيمية في مقبرة الصوفية. ورثاه أحد طلابه بقوله:
لِفَقدِك طُلابُ العلومِ تَأسَّـفوا
وجَادوا بِدمعٍ لَا يَبيدُ غزيرِ
ولو مَزَجوا ماءَ المَدَامِعِ بالدِّما
لكان قليلاً فِيك يا ابنَ كثيرِ
علي أبوزيد
ابن كثير (إسماعيل بن عمر ـ)
(701 ـ 774هـ/1301 ـ 1372م)
إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضَوء، أبو الفداء، عماد الدين، القرشي البُصروي الدمشقي، عالم حافظ مؤرخ مفسّر محدّث فقيه، يصل في نسبه إلى قريش وكان يفخر بذلك.
وُلد ابنُ كثير في إحدى قرى بصرى الشام من أعمال حوران قرب مدينة درعا، وأسماه أبوه إسماعيلَ على اسم أخ له من غير أمه مات وهو يطلب العلم في دمشق.
توفي أبوه وابن كثير لم يتجاوز ثلاث سنين، فرعى الأسرة أخوه الكبير عبد الوهاب الذي انتقل بهم إلى دمشق سنة 707هـ، وأقامت الأسرة على مقربة من المدرسة النورية، وبدأ ابن كثير يطلب العلم، فأخذ عن أخيه الأكبر عبد الوهاب أولاً، ثم حفظ القرآن الكريم وهو ابن أحد عشر عاماً على الشيخ محمد بن أبي الحسن البعلبكي، وأخذ القراءات على الشيخ محمد بن جعفر اللباد وغيره، وتعلم الخط على موسى ابن علي الجيلي، والنحو على الشيخ ضياء الدين عبد الله الزربندي، ومن شيوخه ابن قاضي شُهبة، وابن تيمية، وبرهان الدين الفزاري، والحافظ المِزّي، ونجم الدين العسقلاني، وعلم الدين الجاولي، وغيرهم.
وحفظ كثيراً من المتون والمختصرات والكتب، وأخذ الإجازات من كثير من علماء عصره الذين لقيهم أو قرأ عليهم.
ارتحل ابن كثير إلى عدد من المدن فزار بيت المقدس، ونابلس، وبعلبك، والقاهرة، ومكة.
وقد نتج من تنوع معارف العلماء الذين أخذ عنهم تنوعٌ في ثقافته وعلمه، فقد «تنوعت نواحي ثقافته العلمية من تفسير وحديث وفقه وتاريخ، وتعددت ميادين نشاطه العلمي من تدريس وإفتاء وتأليف… وقد أثنى عليه شيوخه ومعاصروه وتلاميذه ومترجموه، وأجمعوا على الإشادة بحفظه المتون، ومعرفته برجال الحديث، وعلو كعبه في التفسير والتاريخ والفقه والنحو، كما أشاروا إلى صدق لهجته، واعتداله، وسرعة خاطره، وحسن مفاكهته، وجم مروءته، وخلقه الحسن الطيب».
وقد اشتغل بالإفتاء والتدريس، فدرّس في أكثر من مدرسة، منها المدرسة النجيبية بدمشق، والمدرسة الفاضلية، ودار القرآن والحديث التنكزية، ودار الحديث الأشرفية الجوانية، وغيرها كالدروس التي كان يعقدها في المساجد.
وتتلمذ عليه عدد من العلماء أمثال محمد بن موسى (ابن سند)، وابن اليونانية محمد بن علي بن أحمد، ويحيى بن يوسف الرحبي، ومحمد بن بهادر الزركشي، وابن الجزري محمد بن محمد بن محمد، وغيرهم.
كما أنه كان ينظم الشعر والأراجيز العلمية.
وصنف ابن كثير عدداً من الكتب في علوم مختلفة كانت لها أهميتها ومكانتها الكبيرة في المكتبة العربية، وقد زاد عدد مؤلفاته على ثلاثين كتاباً، منها:
«تفسير القرآن العظيم»، وقد برز فيه اعتماده في التفسير على تفسير القرآن بالقرآن، وعلى الأحاديث الصحيحة بأسانيدها، وابتعد عن الإسرائيليات، وانتقد الاعتماد عليها إلا فيما سمح به الشرع.
وقد ألحق بالتفسير، «فضائل القرآن» الذي طبع مستقلاً عام 1347هـ بمصر ثم طبع مع كتابه التفسير، ولتفسير القرآن مختصر باسم «عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير» سنة 1375هـ/1956م، وذلك في خمسة أجزاء عن مخطوطة نفيسة في المكتبة الأزهرية، كتبها محمد بن علي الصوفي سنة 825هـ.
وله «البداية والنهاية» في التاريخ، و«السيرة النبوية»، و«شمائل رسول الله ودلائل نبوته وفضائله وخصائصه»، و«سيرة عمر بن عبد العزيز»، و«جامع المسانيد والسنن»، و«طبقات الشافعية»، و«كتاب الأحكام الكبير»، وغيرها.
وله أيضاً «الاجتهاد في طلب الجهاد» ألّفه تلبيةً لرغبة نائب الشـام الأمير منجك بن عبد الله سـيف الدين اليوسفي [ر] (ت776هـ)، ويتضمن أحداث الصراع بين المسلمين والصليبيين في القرن الثامن الهجري أو بالتحديد في الفترة التي عاش فيها ابن كثير، بدأ المؤلف بمقدمة ذكر فيها الآيات التي تحض على الجهاد في سبيل الله، وما ورد في الأحاديث النبوية، فسرد ثلاثة عشر حديثاً، ثم شرع في الحديث عن الصراع بين المسلمين والصليبيين فذكر ما كان من هجوم الفرنج على ثغر الإسكندرية وتصدي المسلمين لهم، كما تعرض لاستيلاء الفرنج على بيت المقدس، وتصدي صلاح الدين الأيوبي لهم، وانتزاعه من أيديهم، واسترجاع البلاد المجاورة مثل غزة ونابلس وعجلون والكرك وغيرها، طبع هذا الكتاب في بيروت سنة 1401هـ/1981م، وقام بتحقيقه عبد الله عبد الرحيم عسيلان.
ويعد كتاب «البداية والنهاية» من أبرز كتب التاريخ، لما تضمنه من معلومات دقيقة منذ بدء الخليقة إلى أواخر النصف الثاني من القرن الثامن للهجرة، وقد أفاد ابن كثير ممن ألف قبله في هذا الباب، وأضاف عليهم ما لم يقفوا عنده.
ابتدأ كتابه بأخبار بدء الخليقة وقصص الأنبياء، إلى بداية الإسلام فتحدث عن سيرة النبي r ومغازيه، ثم سيرة الخلفاء الراشدين بعده، ثم بدأ بالتأريخ للأحداث سنة فسنة على السنين الهجرية، وكان يشير في آخر كل سنة إلى من توفي فيها من العلماء والمشاهير ويترجم لهم، وختم كتابه بالحديث عن نهاية الخليقة وأخبار الفتن والملاحم ويوم القيامة، ومن هنا جاء اسم الكتاب «البداية والنهاية».
توفي ابن كثير في دمشق، وأوصى أن يدفن إلى جوار شيخه ابن تيمية في مقبرة الصوفية. ورثاه أحد طلابه بقوله:
لِفَقدِك طُلابُ العلومِ تَأسَّـفوا
وجَادوا بِدمعٍ لَا يَبيدُ غزيرِ
ولو مَزَجوا ماءَ المَدَامِعِ بالدِّما
لكان قليلاً فِيك يا ابنَ كثيرِ
علي أبوزيد