الصخور
الصخور rocks تجمُّع طبيعي لفلزات مبلورة. إلا أنها تحتوي أيضاً على كميات متفاوتة من المادة غير المبلورة، إضافة إلى بعض النواتج العضوية. والغالبية العظمى للصخور أجسام صلبة، لكن يكون بعضها رخواً كالرمال، أو لدناً كالغضاريات، وبعضها الآخر سائلاً كالنفط، أو حتى غازياً. وتتكون معظم الصخور من فلزات متنوعة، لكنها تتألف أحياناً من تجمُّع حبات من طبيعة واحدة. وتسمى دراسة الصخور البتروغرافياpetrography، وهو أحد فروع الجيولوجيا [ر] الرئيسية.
أنواع الصخور
تتوزع الصخور، تبعاً لمنشئها، في ثلاث فئات:
1ـ الصخور الاندفاعية التي تنتج من تبلور الصهارة (الماغما).
2ـ الصخور الرسوبية التي تتشكل في الأوساط المائية كالبحار والبحيرات، وتنتج من تعرية وفساد صخور أقدم.
3ـ الصخور المتحوِّلة وتنتج من تحول صخور قديمة (اندفاعية أو رسوبية) تحت تأثير ارتفاع كبير في درجة الحرارة و/أو الضغط، دون أن يؤدي ذلك إلى انصهار كلي للمادة الأصلية.
وتنضوي الصخور الاندفاعية والمتحولة تحت اسم الصخور داخلية المنشأ (تتشكل في العمق)، بخلاف الصخور الرسوبية التي تسمى خارجية المنشأ لأنها تتشكل على سطح الأرض أو على مقربة من سطحها.
تغطي الصخور الرسوبية ما يقارب 75% من سطح القارات. لكن إذا ما أخذنا عمق القشرة الأرضية بالاعتبار (من السطح حتى عمق 30 أو 40كم) تكون الصخور الاندفاعية هي الغالبة، وتشكل ما يقارب 95% من القشرة.
الصخور الاندفاعية:
وتنقسم عادة إلى فئتين كبيرتين؛ صخور باطنية وصخور بركانية. تنتج الصخور الباطنية من تبلور الصهارة في العمق، بينما تُحْمَل الصخور البركانية إلى السطح عبر تشققات القشرة الأرضية، لذلك تتبرد الصخور الباطنية ببطء، وتكون على درجة عالية من التبلور، وذات بنية حبيبية، حيث تكون فلزاتها مرئية بالعين المجردة، بعكس الصخور البركانية التي تتبرد على السطح، حيث تتعرض عند وصولها إليه، إلى حادثة السقي (مثل سقاية الفولاذ). وتكون فلزاتها صغيرة جداً، أي ذات بنية ميكروليتية.
وتتكوَّن الصخور الاندفاعية أساساً من السيليكات أو الألومينوسيليكات. وعلى الرغم من وجود ما يزيد على ألف نوع فلزي، فإن الفلزات التي تشكل أكثر من 99% من الصخور الاندفاعية تنتمي إلى عدد محدود من العائلات الفلزية. والفلزات الرئيسية هي:السيليس (وخاصة على هيئة المروquartz) الذي يمثل 12% من مجموع الصخور الاندفاعية، والصفاح feldspareوالبلاجيوكلاز (59.5%) plagioclaseوالبيروكسين pyroxene والأمفيبول(16.8%)amphibole، والبيوتيت biotite أو الميكا السوداء (3.8 %) وفلزات أخرى كالأوليفينolivine، وفلزات صفاحية كالنيفيلين nevilineوالأباتيت apatite...وغيرها (6.4%).
منشأ الصخور الاندفاعية: يمكن تشبيه الصُّهارات التي تنتج منها الصخور الاندفاعية بأحواض من السيليكا المذابة الحاوية على كميات متفاوتة من الغاز المضغوط (بخار الماء وثاني أكسيد الكربون وغيرها). وهناك نوعان رئيسيان من الصُّهارات يختلفان عن بعضهما بحسب أصلهما ودرجة حرارتهما الأولية وتركيبهما الكيميائي وسلوكيتهما في القشرة الأرضية؛
ـ الصُّهارات البازلتية وتنتج من الانصهار المحلي للنطاقات الواقعة عند الحد الفاصل بين القشرة الأرضية والمعطف (الوشاح) العلوي. ويعتقد أن تكون هذه النطاقات مكوَّنة من صخور تسمى البيريدوتيت.
ـ الصُّهارات الغرانيتية وتنتج من انصهار صخور متحولة قديمة.
وعند تبلور الصهارة تظهر الفلزات وفق تسلسل محدد. فالفلزات ذات درجة التبلور الأعلى هي التي تتشكل أولاً، وهي تحتوي على أقل كمية من السيليس. وعلى العكس تتمتع الفلزات التي تتشكل لاحقاً بدرجة حرارة انصهار أضعف، وهي غنية بالسيليس.
استخدامات الصخور الاندفاعية:تستعمل الصخور الاندفاعية كثيراً في البناء والأعمال العامة. إضافة إلى أن مكامن عدة من مواد مفيدة ترافق الصخور الاندفاعية. وفي الواقع غالباً ما تظهر في نهاية تبلور الماغما فلزات مائية حارة (هيدروترمالية) على شكل عروق، وهذا بالضبط حالة العديد من الأملاح المعدنية للتوتياء واليورانيوم، وفلزات استثنائية كالبيريليوم والألماس.
الصخور الرسوبية:
وتنتج من تعرية وفساد صخور أقدم، وتتشكل من سلسلة من الأحداث، التي أهمها:
ـ الحت والفساد: إن العامل الرئيسي في الفساد هو الماء. وينتج من هذا الفعل التجزؤ الكيميائي (التعرية) للعناصر المختلفة المكوِّنة للصخر المتكشف والمعرض للفساد (صخر أُم). ويتحول جزء من هذه العناصر (الأكثر ذوباناً) إلى محلول يشكل الطور المهاجر، في حين تبقى العناصر الأخرى سليمة أو يندمج بعضها ببعض في المكان (القشرة المتبقية) على شكل غضاريات أو أكاسيد مائية وأكاسيد متنوعة. ويمكن تمييز مراحل مختلفة حسب درجة الفساد. أما الحت فيتفاوت تأثيره تبعاً للمناخ ولأهمية التضاريس وللثبات البنيوي للمنطقة.
ـ النقل: قد تتعرض المركَّبات القابلة للانحلال، في أثناء عملية النقل، إلى بعض التبدلات. لكن الفعل الرئيسي هو الاهتراء وتكسُّر النواتج الصلبة. وعموماً فإن كل الفلزات الرئيسية تتجزأ في أثناء النقل. لكنّ المرو ذا القساوة العالية جداً يقاوم التجزؤ. وكذلك الغضاريات لأنها تعوم وتنقل على شكل معلَّقات، فلا تتعرض للصدم أو الاهتراء الشديد. وعندما تضعف سرعة التيار يترسب جزء من المواد المنقولة على شكل محاليل.
ـ الترسيب: ينشط ترسيب المواد الفتاتية على حوافّ القارات وفي المسطَّحات القارية، أي في مناطق تحت بحرية لايتجاوز عمقها 150 أو 200متر ليتشكل ما يسمى الصخور الفتاتية. إلا أنه يمكن أن يُنْقَل جزء من الحبات الفتاتية إلى مناطق أكثر عمقاً بفعل تيارات قوية. وكذلك تهاجر الحبات الأكثر نعومة ببطء نحو البحر المفتوح، وتشكل في الوديان الضيقة (الخوانق) غضاريات الأعماق الهائلة.
أما الترسيب الكيميائي والبيوكيميائي فينشط على حوافّ القارات، حيث يقوم العديد من الكائنات باستخلاص الكالسيوم الضروري لبناء هياكلها الكلسية (القواقع) من ماء البحر. ولدى موت هذه الكائنات وفناء أجزائها الرخوة تتراكم هياكلها على القاع.
أما الترسيب الكيميائي المباشر فهو أكثر ندرة، فتشكل ملح الطعام مثلاً يتطلب شروطاً خاصة مثل تشبُّع ماء البحر. ويفسِّر توضُّعُ الرواسب بالتيارات البحرية، حيث يوجد العديد من الكائنات الحية، وجودَ هذه الصخور على شكل طبقات متتالية، حاوية غالباً على مستحاثات.
ـ النشأة اللاحقة: عندما يكون الراسب حديث التوضُّع فإنه يكون على شكل وحل مشبع تقريباً بالماء. وتُجْمَع الأفعال كافة التي تؤدي إلى تحوُّل هذا الوحل إلى صخر متجانس صلب تحت اسم السَّمْنَتَة (من الإسمنت) أو التملُّط.
وتصنَّف الصخور الفتاتية بحسب قياس عناصرها المركبة، أما الصخور ذات المنشأ الكيميائي والبيوكيميائي فتصنف بحسب طبيعة مكوِّنها الرئيسي.
استخدامات الصخور الرسوبية:هناك الكثير من المواد المفيدة ذات المنشأ الرسوبي، إذ تُستخدم الصخور الكلسية بكثرة في البناء، وفي صناعة الجص والإسمنت. وتُستثمر الغضاريات في صناعة القرميد (الطابوق) والسيراميك والمنتجات المقاومة الصلبة. كما تُستخدم الصخور الملحية كأملاح الصوديوم والبوتاسيوم في الكيمياء والزراعة. وتكون بعض الصخور الرسوبية قابلة للاحتراق كالنفط والغاز الطبيعي.
كما يُستثمر اليورانيوم اقتصادياً من مكامن اليورانيوم الرسوبية.
الصخور المتحوِّلة
تنتج الصخور المتحولة من تحول صخور أقدم يمكن أن تكون اندفاعية (تحوُّل أولي) أو متحولة (تحوُّل متعدد). إلا أن الأمر يتعلق عادة بالصخور الرسوبية (تحوُّل متواز). لذلك غالباً ما تكون الصخور المتحولة متطبِّقة.
عوامل التحول ونتائجه: هناك عاملان أساسيان هما الضغط والحرارة؛ إذ يؤدي الترسيب إلى تراكم عدة آلاف من الأمتار من الصخور، فتخضع المستويات التي تتوضَّع أولاً إلى ضغوط عالية جداً. إلا أنه غالباً ما يرتبط ارتفاع الضغط بحركات القشرة الأرضية، وتكون القوى المؤثرة عند تشكل السلاسل الجبلية عالية جداً وذات تأثير كبير، مما يُخضع الترسبات إلى ضغوط شديدة.
يرتبط ارتفاع درجة الحرارة بالعمق، حيث ترتفع درجة الحرارة عند التعمق في القشرة الأرضية بمعدل درجة مئوية واحدة كل 30متراً. ويمكن أن تكون أقل من ذلك بحسب المناطق. ويعود منشأ هذه الحرارة إلى تفكك العناصر المشعة الموجودة في الصخر (يورانيوم، ثوريوم، بوتاسيوم)، الذي يترافق بانبعاث الحرارة.
وتحت تأثير الضغط والحرارة تتحرر جزيئات الماء والجذور الهيدروكسيلية OHالموجودة في الفلزات والصخور، وتقوم بدور هام في التبدلات الكيميائية التي تحدث في أثناء التحول. فالماء المتحرر وارتفاع درجة الحرارة يؤديان إلى تعديل كبير في التركيب الفلزي للصخر الأولي. ففلزات الصخور الرسوبية، كالغضاريات، الثابتة كيميائياً، تصبح غير ثابتة عندما تخضع إلى ظروف التحول، وتظهر سلسلة من الفلزات الجديدة تسمى «فلزات التحول» (غرينا، أندولوزيت، سيليمانيت، ستوروئيد...الخ)، وعلى العكس تبقى فلزات أخرى كالمرو والصفاح ثابتة، لكن تعاود تبلورها غالباً وتزداد أبعادها.
وبالنتيجة يحدث للصخر إعادة تبلور وتعديل فلزي متفاوت الشدة، لذلك تعتمد طبيعة الفلزات المتشكلة على ارتفاع الحرارة والضغط، وعلى فترة تأثيرها وتركيب الصخر الأولي. وبالمقابل فإن وجود بعض فلزات التحول يقدم معلومات عن الضغوط والحرارات التي سادت في أثناء نشوء الصخر. فمثلاً من الممكن القول إن صخراً متحولاً يحوي على السيليمانيت sillimaniteكان قبل ذلك غنياً بالغضار وقد تشكل في حرارات تزيد على 400درجة مئوية وتحت ضغوط من 4ـ5كيلوبار.
أما فعل الضغط فيختلف قليلاً، فإلى جانب الحرارة فهو يُسَهِّل إعادة التبلور ويسبب تشوهاً في الصخور. فالفلزات المتشكلة والمتبلورة في وسط خاضع لضغوط موجهة خاصة، تتوجه بهذه الضغوط. وهكذا ينعكس تأثير الضغط على شكل تطبُّق أو تورُّق معظم الصخور المتحولة ولذا تسمى صخوراً بلورية.
محمد القاضي
الصخور rocks تجمُّع طبيعي لفلزات مبلورة. إلا أنها تحتوي أيضاً على كميات متفاوتة من المادة غير المبلورة، إضافة إلى بعض النواتج العضوية. والغالبية العظمى للصخور أجسام صلبة، لكن يكون بعضها رخواً كالرمال، أو لدناً كالغضاريات، وبعضها الآخر سائلاً كالنفط، أو حتى غازياً. وتتكون معظم الصخور من فلزات متنوعة، لكنها تتألف أحياناً من تجمُّع حبات من طبيعة واحدة. وتسمى دراسة الصخور البتروغرافياpetrography، وهو أحد فروع الجيولوجيا [ر] الرئيسية.
أنواع الصخور
تتوزع الصخور، تبعاً لمنشئها، في ثلاث فئات:
1ـ الصخور الاندفاعية التي تنتج من تبلور الصهارة (الماغما).
2ـ الصخور الرسوبية التي تتشكل في الأوساط المائية كالبحار والبحيرات، وتنتج من تعرية وفساد صخور أقدم.
3ـ الصخور المتحوِّلة وتنتج من تحول صخور قديمة (اندفاعية أو رسوبية) تحت تأثير ارتفاع كبير في درجة الحرارة و/أو الضغط، دون أن يؤدي ذلك إلى انصهار كلي للمادة الأصلية.
وتنضوي الصخور الاندفاعية والمتحولة تحت اسم الصخور داخلية المنشأ (تتشكل في العمق)، بخلاف الصخور الرسوبية التي تسمى خارجية المنشأ لأنها تتشكل على سطح الأرض أو على مقربة من سطحها.
تغطي الصخور الرسوبية ما يقارب 75% من سطح القارات. لكن إذا ما أخذنا عمق القشرة الأرضية بالاعتبار (من السطح حتى عمق 30 أو 40كم) تكون الصخور الاندفاعية هي الغالبة، وتشكل ما يقارب 95% من القشرة.
الصخور الاندفاعية:
وتنقسم عادة إلى فئتين كبيرتين؛ صخور باطنية وصخور بركانية. تنتج الصخور الباطنية من تبلور الصهارة في العمق، بينما تُحْمَل الصخور البركانية إلى السطح عبر تشققات القشرة الأرضية، لذلك تتبرد الصخور الباطنية ببطء، وتكون على درجة عالية من التبلور، وذات بنية حبيبية، حيث تكون فلزاتها مرئية بالعين المجردة، بعكس الصخور البركانية التي تتبرد على السطح، حيث تتعرض عند وصولها إليه، إلى حادثة السقي (مثل سقاية الفولاذ). وتكون فلزاتها صغيرة جداً، أي ذات بنية ميكروليتية.
وتتكوَّن الصخور الاندفاعية أساساً من السيليكات أو الألومينوسيليكات. وعلى الرغم من وجود ما يزيد على ألف نوع فلزي، فإن الفلزات التي تشكل أكثر من 99% من الصخور الاندفاعية تنتمي إلى عدد محدود من العائلات الفلزية. والفلزات الرئيسية هي:السيليس (وخاصة على هيئة المروquartz) الذي يمثل 12% من مجموع الصخور الاندفاعية، والصفاح feldspareوالبلاجيوكلاز (59.5%) plagioclaseوالبيروكسين pyroxene والأمفيبول(16.8%)amphibole، والبيوتيت biotite أو الميكا السوداء (3.8 %) وفلزات أخرى كالأوليفينolivine، وفلزات صفاحية كالنيفيلين nevilineوالأباتيت apatite...وغيرها (6.4%).
منشأ الصخور الاندفاعية: يمكن تشبيه الصُّهارات التي تنتج منها الصخور الاندفاعية بأحواض من السيليكا المذابة الحاوية على كميات متفاوتة من الغاز المضغوط (بخار الماء وثاني أكسيد الكربون وغيرها). وهناك نوعان رئيسيان من الصُّهارات يختلفان عن بعضهما بحسب أصلهما ودرجة حرارتهما الأولية وتركيبهما الكيميائي وسلوكيتهما في القشرة الأرضية؛
ـ الصُّهارات البازلتية وتنتج من الانصهار المحلي للنطاقات الواقعة عند الحد الفاصل بين القشرة الأرضية والمعطف (الوشاح) العلوي. ويعتقد أن تكون هذه النطاقات مكوَّنة من صخور تسمى البيريدوتيت.
ـ الصُّهارات الغرانيتية وتنتج من انصهار صخور متحولة قديمة.
وعند تبلور الصهارة تظهر الفلزات وفق تسلسل محدد. فالفلزات ذات درجة التبلور الأعلى هي التي تتشكل أولاً، وهي تحتوي على أقل كمية من السيليس. وعلى العكس تتمتع الفلزات التي تتشكل لاحقاً بدرجة حرارة انصهار أضعف، وهي غنية بالسيليس.
استخدامات الصخور الاندفاعية:تستعمل الصخور الاندفاعية كثيراً في البناء والأعمال العامة. إضافة إلى أن مكامن عدة من مواد مفيدة ترافق الصخور الاندفاعية. وفي الواقع غالباً ما تظهر في نهاية تبلور الماغما فلزات مائية حارة (هيدروترمالية) على شكل عروق، وهذا بالضبط حالة العديد من الأملاح المعدنية للتوتياء واليورانيوم، وفلزات استثنائية كالبيريليوم والألماس.
الصخور الرسوبية:
وتنتج من تعرية وفساد صخور أقدم، وتتشكل من سلسلة من الأحداث، التي أهمها:
ـ الحت والفساد: إن العامل الرئيسي في الفساد هو الماء. وينتج من هذا الفعل التجزؤ الكيميائي (التعرية) للعناصر المختلفة المكوِّنة للصخر المتكشف والمعرض للفساد (صخر أُم). ويتحول جزء من هذه العناصر (الأكثر ذوباناً) إلى محلول يشكل الطور المهاجر، في حين تبقى العناصر الأخرى سليمة أو يندمج بعضها ببعض في المكان (القشرة المتبقية) على شكل غضاريات أو أكاسيد مائية وأكاسيد متنوعة. ويمكن تمييز مراحل مختلفة حسب درجة الفساد. أما الحت فيتفاوت تأثيره تبعاً للمناخ ولأهمية التضاريس وللثبات البنيوي للمنطقة.
ـ النقل: قد تتعرض المركَّبات القابلة للانحلال، في أثناء عملية النقل، إلى بعض التبدلات. لكن الفعل الرئيسي هو الاهتراء وتكسُّر النواتج الصلبة. وعموماً فإن كل الفلزات الرئيسية تتجزأ في أثناء النقل. لكنّ المرو ذا القساوة العالية جداً يقاوم التجزؤ. وكذلك الغضاريات لأنها تعوم وتنقل على شكل معلَّقات، فلا تتعرض للصدم أو الاهتراء الشديد. وعندما تضعف سرعة التيار يترسب جزء من المواد المنقولة على شكل محاليل.
ـ الترسيب: ينشط ترسيب المواد الفتاتية على حوافّ القارات وفي المسطَّحات القارية، أي في مناطق تحت بحرية لايتجاوز عمقها 150 أو 200متر ليتشكل ما يسمى الصخور الفتاتية. إلا أنه يمكن أن يُنْقَل جزء من الحبات الفتاتية إلى مناطق أكثر عمقاً بفعل تيارات قوية. وكذلك تهاجر الحبات الأكثر نعومة ببطء نحو البحر المفتوح، وتشكل في الوديان الضيقة (الخوانق) غضاريات الأعماق الهائلة.
أما الترسيب الكيميائي والبيوكيميائي فينشط على حوافّ القارات، حيث يقوم العديد من الكائنات باستخلاص الكالسيوم الضروري لبناء هياكلها الكلسية (القواقع) من ماء البحر. ولدى موت هذه الكائنات وفناء أجزائها الرخوة تتراكم هياكلها على القاع.
أما الترسيب الكيميائي المباشر فهو أكثر ندرة، فتشكل ملح الطعام مثلاً يتطلب شروطاً خاصة مثل تشبُّع ماء البحر. ويفسِّر توضُّعُ الرواسب بالتيارات البحرية، حيث يوجد العديد من الكائنات الحية، وجودَ هذه الصخور على شكل طبقات متتالية، حاوية غالباً على مستحاثات.
ـ النشأة اللاحقة: عندما يكون الراسب حديث التوضُّع فإنه يكون على شكل وحل مشبع تقريباً بالماء. وتُجْمَع الأفعال كافة التي تؤدي إلى تحوُّل هذا الوحل إلى صخر متجانس صلب تحت اسم السَّمْنَتَة (من الإسمنت) أو التملُّط.
وتصنَّف الصخور الفتاتية بحسب قياس عناصرها المركبة، أما الصخور ذات المنشأ الكيميائي والبيوكيميائي فتصنف بحسب طبيعة مكوِّنها الرئيسي.
استخدامات الصخور الرسوبية:هناك الكثير من المواد المفيدة ذات المنشأ الرسوبي، إذ تُستخدم الصخور الكلسية بكثرة في البناء، وفي صناعة الجص والإسمنت. وتُستثمر الغضاريات في صناعة القرميد (الطابوق) والسيراميك والمنتجات المقاومة الصلبة. كما تُستخدم الصخور الملحية كأملاح الصوديوم والبوتاسيوم في الكيمياء والزراعة. وتكون بعض الصخور الرسوبية قابلة للاحتراق كالنفط والغاز الطبيعي.
كما يُستثمر اليورانيوم اقتصادياً من مكامن اليورانيوم الرسوبية.
الصخور المتحوِّلة
تنتج الصخور المتحولة من تحول صخور أقدم يمكن أن تكون اندفاعية (تحوُّل أولي) أو متحولة (تحوُّل متعدد). إلا أن الأمر يتعلق عادة بالصخور الرسوبية (تحوُّل متواز). لذلك غالباً ما تكون الصخور المتحولة متطبِّقة.
عوامل التحول ونتائجه: هناك عاملان أساسيان هما الضغط والحرارة؛ إذ يؤدي الترسيب إلى تراكم عدة آلاف من الأمتار من الصخور، فتخضع المستويات التي تتوضَّع أولاً إلى ضغوط عالية جداً. إلا أنه غالباً ما يرتبط ارتفاع الضغط بحركات القشرة الأرضية، وتكون القوى المؤثرة عند تشكل السلاسل الجبلية عالية جداً وذات تأثير كبير، مما يُخضع الترسبات إلى ضغوط شديدة.
يرتبط ارتفاع درجة الحرارة بالعمق، حيث ترتفع درجة الحرارة عند التعمق في القشرة الأرضية بمعدل درجة مئوية واحدة كل 30متراً. ويمكن أن تكون أقل من ذلك بحسب المناطق. ويعود منشأ هذه الحرارة إلى تفكك العناصر المشعة الموجودة في الصخر (يورانيوم، ثوريوم، بوتاسيوم)، الذي يترافق بانبعاث الحرارة.
وتحت تأثير الضغط والحرارة تتحرر جزيئات الماء والجذور الهيدروكسيلية OHالموجودة في الفلزات والصخور، وتقوم بدور هام في التبدلات الكيميائية التي تحدث في أثناء التحول. فالماء المتحرر وارتفاع درجة الحرارة يؤديان إلى تعديل كبير في التركيب الفلزي للصخر الأولي. ففلزات الصخور الرسوبية، كالغضاريات، الثابتة كيميائياً، تصبح غير ثابتة عندما تخضع إلى ظروف التحول، وتظهر سلسلة من الفلزات الجديدة تسمى «فلزات التحول» (غرينا، أندولوزيت، سيليمانيت، ستوروئيد...الخ)، وعلى العكس تبقى فلزات أخرى كالمرو والصفاح ثابتة، لكن تعاود تبلورها غالباً وتزداد أبعادها.
وبالنتيجة يحدث للصخر إعادة تبلور وتعديل فلزي متفاوت الشدة، لذلك تعتمد طبيعة الفلزات المتشكلة على ارتفاع الحرارة والضغط، وعلى فترة تأثيرها وتركيب الصخر الأولي. وبالمقابل فإن وجود بعض فلزات التحول يقدم معلومات عن الضغوط والحرارات التي سادت في أثناء نشوء الصخر. فمثلاً من الممكن القول إن صخراً متحولاً يحوي على السيليمانيت sillimaniteكان قبل ذلك غنياً بالغضار وقد تشكل في حرارات تزيد على 400درجة مئوية وتحت ضغوط من 4ـ5كيلوبار.
أما فعل الضغط فيختلف قليلاً، فإلى جانب الحرارة فهو يُسَهِّل إعادة التبلور ويسبب تشوهاً في الصخور. فالفلزات المتشكلة والمتبلورة في وسط خاضع لضغوط موجهة خاصة، تتوجه بهذه الضغوط. وهكذا ينعكس تأثير الضغط على شكل تطبُّق أو تورُّق معظم الصخور المتحولة ولذا تسمى صخوراً بلورية.
محمد القاضي