اللغة والأدب في ڤييتنام
اللغة:
في ڤييتنام تتكلم الغالبية العظمى من السكان اللغة الڤييتنامية Vietnamese؛ التي يرجح علماء اللغة أنها تنتمي إلى الأسرة اللغوية «مون ـ خمير» Mon-Khmer، وهي تُجمعُ حالياً مع لغات موونغ Muong تحت تسمية «لغات الڤييت ـ موونغ» Viet-Muong. في أثناء الاحتلال الصيني لڤييتنام، ومن ثم تحت حكم الإقطاعيين المحليين كانت اللغة الصينية اللغة الرسمية. ومنذ القرن 13م صارت اللغة الڤييتنامية تُكتب وفق نظام الكتابة الصيني، أي بعلامات نوم Nom، وإلى ذلك العهد تعود المفردات الصينية الكثيرة المتداولة حتى اليوم في اللغة الڤييتنامية. وفي القرن 17م أدخل المبشرون الفرنسيون الحروف اللاتينية إلى اللغة الڤييتنامية؛ إذ طوَّر المبشر اليسوعي ألكسندر دي رودِس (1591ـ1660) Alexander de Rhodes نظام كتابة صوتي للغة الڤييتنامية بحروف لاتينية صار الأساس لنظام الكتابة الڤييتنامي المسمى «كووك نغو» Quoc Ngu؛ الذي اعتُمد رسمياً في أواخر القرن 19م مع إدخال تعديلات وإضافات متعددة على الأبجدية اللاتينية لملاءمة الأصوات الخاصة باللغة الڤييتنامية.
إلى جانب اللغة الڤيتنامية هناك في ڤييتنام، التي يقطنها ما يزيد على خمسين إثنية، عدد من اللغات التي تنتمي إلى أسر لغوية مختلفة مثل: مون ـ خمير، والأسترونيزية Austronesian، والتاي ـ كاداي Thai -Kadai، والهمونغ ـ داو Hmog-Dao، إضافة إلى الصينية.
الأدب:
وقع الأدب الڤييتنامي القديم إلى حد كبير تحت تأثير الأدب الصيني، وكذلك تحت تأثير البوذية Buddhism والكونفوشية Confucianism اللتين انتشرتا بسرعة وعمق، على الرغم من تناقضهما على صعيد السلوك الحياتي؛ فبرز تياران متوازيان هما: أدب النخبة الذي كُتب بالصينية الأصلية، وأدب شعبي تناقله الناس في البدء شفاهة، ثم دُوِّن لاحقاً بعلامات «نوم» المعدَّلة عن الصينية. والسمة المشتركة بين التيارين هي تفضيلهما الشعر، ولاسيما الشعر الغنائي، على سائر الأنواع الأدبية، إلى جانب السرديات التاريخية.
بعد تأسيس حكم سلالة لي (544ـ 602) Le-Dynasty الڤييتنامية بإشراف الصين، تمَّ التأكيد على التراث الڤييتنامي وتقاليده، إلا أن أدب النخبة بقي يُكتب بالصينية، كما بقيت امتحانات موظفي الدولة بالصينية أيضاً، وكان معظم موضوعات هذا الأدب ذا طابع كونفوشي، دنيوي عملي. وكانت ثمرة حكم سلالة لي وما أعقبها من سلالات مجموعات شعرية كثيرة وبعض الأعمال المرتبطة بتاريخ ڤييتنام. وخلال أزمة نظام الحكم الحادة في القرن التاسع عشر بسبب الانتفاضات المتتالية ضد نظام الإقطاع، وبسبب الحركات الثورية ضد الاحتلال الفرنسي، ظهر عدد من الكتاب البارزين الذين انتقدوا الأوضاع السياسية والاقتصادية السائدة بأسلوب ساخر لاذع. وكان أبرزهم، «هو يوان هوونغ» Ho Yuan Huong، و«نغوين دو» Nguyen Du، صاحب الرواية الشعرية «حكاية الفتاة كييو» The Tale of Kieu التي تعد دُرَّة الأدب الڤييتنامي، استخدم فيها وزناً شعرياً مستقى من التراث الشفاهي وعالج فيها مسألة الحرية الفردية بين الواجبات والالتزامات التي تفرضها البوذية على الفرد وبين الخيارات التي تمنحه إياها الكونفوشية. وسرعان ما تحولت هذه الرواية إلى عمل كلاسيكي يُحْتَذَى، لقدرته عند التلاوة على التواصل حتى مع الأميين والتأثير فيهم.
كان من شأن احتلال فرنسا ڤييتنام أن تبنَّت الأخيرة الأبجدية اللاتينية لتدوين لغتها، وأن تعلم الكثيرون الفرنسية، مما أدى إلى الاحتكاك مع الفكر الأوربي عامة وإلى تقبل أنواع وأشكال أدبية جديدة غير معروفة في الشرق سابقاً؛ فظهر جيل جديد من الكتاب حمل لواء التوعية السياسية الوطنية، معبراً عن نفسه وأفكاره في أشكال حديثة على صعيد الشعر والنثر والمسرح. وكان من أهم شخصيات تلك المرحلة تروونغ ڤينْه كي Truong Vinh Ky، الذي وضع أيضاً أول قاموس ڤييتنامي ـ فرنسي، فبنى بذلك جسراً للعبور نحو الغرب، مما أدى إلى تخلي الكتّاب والشعراء عن قيود النظم والتأليف التي تفرضها الكونفوشية. وهناك أيضاً هوانغ نغوك بهاتش Hoang Ngoc Phach الذي كتب أول رواية نثرية باللغة الڤييتنامية بعنوان «الفتاة تو تام» (1922) The Girl To Tam.
منذ بداية الحروب في الهند الصينية حتى نهايتها، ساد الساحة الأدبية سكون شامل. وبعد حرب الولايات المتحدة في ڤييتنام خضع الأدب للرقابة من جانب الحكومة الشيوعية ووجِّه بصورة شبه كاملة إلى تمجيد بطولات الجنود في حرب ڤييتنام وإلى الدعاية للتطور الاشتراكي الموجه. إلا أن الأدب الڤييتنامي منذ مطلع ثمانينيات القرن العشرين أخذ يعيش ازدهاراً جديداً بإبداع أدباء شباب مثل ما ڤان خانغ Ma Van Khang، ولي لو Le Luu، ونغوين هوي تييب Nguyen Huy Thiep ودوونغ تو هوونغ Duong Thu Huong الذي شارك في حرب التحرير، ثم وجه نقده لاحقاً إلى قيادة الحزب، فَفُصِلَ من الحزب الشيوعي، ويعدُّ حالياً أكثر أدباء ڤييتنام شعبية.
نبيـل الحفـار
اللغة:
في ڤييتنام تتكلم الغالبية العظمى من السكان اللغة الڤييتنامية Vietnamese؛ التي يرجح علماء اللغة أنها تنتمي إلى الأسرة اللغوية «مون ـ خمير» Mon-Khmer، وهي تُجمعُ حالياً مع لغات موونغ Muong تحت تسمية «لغات الڤييت ـ موونغ» Viet-Muong. في أثناء الاحتلال الصيني لڤييتنام، ومن ثم تحت حكم الإقطاعيين المحليين كانت اللغة الصينية اللغة الرسمية. ومنذ القرن 13م صارت اللغة الڤييتنامية تُكتب وفق نظام الكتابة الصيني، أي بعلامات نوم Nom، وإلى ذلك العهد تعود المفردات الصينية الكثيرة المتداولة حتى اليوم في اللغة الڤييتنامية. وفي القرن 17م أدخل المبشرون الفرنسيون الحروف اللاتينية إلى اللغة الڤييتنامية؛ إذ طوَّر المبشر اليسوعي ألكسندر دي رودِس (1591ـ1660) Alexander de Rhodes نظام كتابة صوتي للغة الڤييتنامية بحروف لاتينية صار الأساس لنظام الكتابة الڤييتنامي المسمى «كووك نغو» Quoc Ngu؛ الذي اعتُمد رسمياً في أواخر القرن 19م مع إدخال تعديلات وإضافات متعددة على الأبجدية اللاتينية لملاءمة الأصوات الخاصة باللغة الڤييتنامية.
إلى جانب اللغة الڤيتنامية هناك في ڤييتنام، التي يقطنها ما يزيد على خمسين إثنية، عدد من اللغات التي تنتمي إلى أسر لغوية مختلفة مثل: مون ـ خمير، والأسترونيزية Austronesian، والتاي ـ كاداي Thai -Kadai، والهمونغ ـ داو Hmog-Dao، إضافة إلى الصينية.
الأدب:
وقع الأدب الڤييتنامي القديم إلى حد كبير تحت تأثير الأدب الصيني، وكذلك تحت تأثير البوذية Buddhism والكونفوشية Confucianism اللتين انتشرتا بسرعة وعمق، على الرغم من تناقضهما على صعيد السلوك الحياتي؛ فبرز تياران متوازيان هما: أدب النخبة الذي كُتب بالصينية الأصلية، وأدب شعبي تناقله الناس في البدء شفاهة، ثم دُوِّن لاحقاً بعلامات «نوم» المعدَّلة عن الصينية. والسمة المشتركة بين التيارين هي تفضيلهما الشعر، ولاسيما الشعر الغنائي، على سائر الأنواع الأدبية، إلى جانب السرديات التاريخية.
بعد تأسيس حكم سلالة لي (544ـ 602) Le-Dynasty الڤييتنامية بإشراف الصين، تمَّ التأكيد على التراث الڤييتنامي وتقاليده، إلا أن أدب النخبة بقي يُكتب بالصينية، كما بقيت امتحانات موظفي الدولة بالصينية أيضاً، وكان معظم موضوعات هذا الأدب ذا طابع كونفوشي، دنيوي عملي. وكانت ثمرة حكم سلالة لي وما أعقبها من سلالات مجموعات شعرية كثيرة وبعض الأعمال المرتبطة بتاريخ ڤييتنام. وخلال أزمة نظام الحكم الحادة في القرن التاسع عشر بسبب الانتفاضات المتتالية ضد نظام الإقطاع، وبسبب الحركات الثورية ضد الاحتلال الفرنسي، ظهر عدد من الكتاب البارزين الذين انتقدوا الأوضاع السياسية والاقتصادية السائدة بأسلوب ساخر لاذع. وكان أبرزهم، «هو يوان هوونغ» Ho Yuan Huong، و«نغوين دو» Nguyen Du، صاحب الرواية الشعرية «حكاية الفتاة كييو» The Tale of Kieu التي تعد دُرَّة الأدب الڤييتنامي، استخدم فيها وزناً شعرياً مستقى من التراث الشفاهي وعالج فيها مسألة الحرية الفردية بين الواجبات والالتزامات التي تفرضها البوذية على الفرد وبين الخيارات التي تمنحه إياها الكونفوشية. وسرعان ما تحولت هذه الرواية إلى عمل كلاسيكي يُحْتَذَى، لقدرته عند التلاوة على التواصل حتى مع الأميين والتأثير فيهم.
كان من شأن احتلال فرنسا ڤييتنام أن تبنَّت الأخيرة الأبجدية اللاتينية لتدوين لغتها، وأن تعلم الكثيرون الفرنسية، مما أدى إلى الاحتكاك مع الفكر الأوربي عامة وإلى تقبل أنواع وأشكال أدبية جديدة غير معروفة في الشرق سابقاً؛ فظهر جيل جديد من الكتاب حمل لواء التوعية السياسية الوطنية، معبراً عن نفسه وأفكاره في أشكال حديثة على صعيد الشعر والنثر والمسرح. وكان من أهم شخصيات تلك المرحلة تروونغ ڤينْه كي Truong Vinh Ky، الذي وضع أيضاً أول قاموس ڤييتنامي ـ فرنسي، فبنى بذلك جسراً للعبور نحو الغرب، مما أدى إلى تخلي الكتّاب والشعراء عن قيود النظم والتأليف التي تفرضها الكونفوشية. وهناك أيضاً هوانغ نغوك بهاتش Hoang Ngoc Phach الذي كتب أول رواية نثرية باللغة الڤييتنامية بعنوان «الفتاة تو تام» (1922) The Girl To Tam.
منذ بداية الحروب في الهند الصينية حتى نهايتها، ساد الساحة الأدبية سكون شامل. وبعد حرب الولايات المتحدة في ڤييتنام خضع الأدب للرقابة من جانب الحكومة الشيوعية ووجِّه بصورة شبه كاملة إلى تمجيد بطولات الجنود في حرب ڤييتنام وإلى الدعاية للتطور الاشتراكي الموجه. إلا أن الأدب الڤييتنامي منذ مطلع ثمانينيات القرن العشرين أخذ يعيش ازدهاراً جديداً بإبداع أدباء شباب مثل ما ڤان خانغ Ma Van Khang، ولي لو Le Luu، ونغوين هوي تييب Nguyen Huy Thiep ودوونغ تو هوونغ Duong Thu Huong الذي شارك في حرب التحرير، ثم وجه نقده لاحقاً إلى قيادة الحزب، فَفُصِلَ من الحزب الشيوعي، ويعدُّ حالياً أكثر أدباء ڤييتنام شعبية.
نبيـل الحفـار