ناديا المير محمود
مرت 15 عاماً ولاتزال إسقاطات “ضيعة ضايعة” الواقعية تدفعنا للضحك. ليأخذنا العمل معه لعوالم مليئة بالصدق ولو من خلف شاشات أجهزتنا المحمولة.
عُرض الجزء الأول من مسلسل ضيعة ضايعة عام 2008 وتلاه الثاني بعامين، وحافظ مؤلفه الدكتور “ممدوح حمادة” ومخرجه “الليث حجو”. على ذات المستوى بتقديم شخصياته وأحداثه بتلك القرية المعزولة عن العالم الخارجي.
قرية لم تعبث بها تطورات التكنولوجيا، ولم يغمرها طوفان عصر السرعة، واكتفت بعشرات التفاصيل المفعمة بطابع الكوميديا السوداء. التي تعصف بواقعنا الحالي وما هو الرابط بينهم وبين أيام الحياة المعاشة.
الصديق الحقير والطيب
إسقاطات ضيعة ضايعة، تبرز بشكل جلّي في العلاقة بين الصديقين الراحل “نضال السيجري – أسعد” و”باسم ياخور- جودة”، فالمحبة حاضرة في قلوبهما.
إلا أن حِيل “جودة” واستغلاله طيبة “أسعد” أفقدت الأخير أعصابه في بعض الأحيان. من خلال مساعيه المتكررة بإطلاق النار عليه ببارودته “غير المدكوكة”. فيسارع الأول مرة أخرى بالتحايل عليه وإعادة الود بينهما وترديد عبارة “خلص ولا أخوي عم نمزح”.
لصوصية الدجاج
كثيرة هي المعارك التي نشبت بين الاثنين بسبب سرقة “جودة” لدجاجات “أسعد”. ويتخللها موجة غضب لا تتجاوز خمس دقائق ليصفح بعدها “أسعد” الطيب عن جاره.
كما أن “أسعد” يعرف السارق، إلا أن هناك أسباب كثيرة تدفعه للتراجع عن الانتقام والمطالبة بحقه منها “طيبة قلبه”. ليُمثل “أسعد” نموذجاً لملايين السوريين ممن عرفوا من هو عدوهم ويآثرون الصمت سعياُ للسلام ولو لساعات.
ويدركون من هم القاطنون في قن دجاجاتهم لسرقتهم. ولكن لربما أدرك الغالبية منهم أن بواريدهم كما بارودة “أسعد” لا حيل ولا أمل منها.
ربما كان التمسك بالمكان سبباً عند البعض ممن يحاول النأي بنفسه عن أي إشكال قد يجلب الذعر لبقعته الجغرافية التي أحب وبذل ما بوسعه للحفاظ على مكنوناتها.
ضاع الختم ومعه هيبة المختار
“بيسة بيسة نو قومي شعلي الضو” تلك الأغنية التي تم الاستعانة بها للتعبير عن السخرية بفقدان مختار “أم الطنافس” لختمه. الذي تمسك بمنصبه لا سيما أنه وهبه الفرصة بأن يرى نفسه مميزاً عمن حوله. “فالختم” علامة فارقة بتعاملاته ومن خلاله يسيّر ما يريد.
ففي إحدى الحلقات عند ضياع الختم، بدا المختار حائراً ضائعاً، لا يملك القدرة على مناظرة أهالي قريته. رابطاً مصيره وقدره بقطعة خشبية صغيرة والقليل من الحبر.
أبو شملة المهرب المحترم
لعلّ شخصية “أبو شملة” تتضمن الكثير من إسقاطات ضيعة ضايعة. فهو هو ذاك المهرب الذي تمكن من التلاعب بأعصاب كل السلطات الساعية للقبض عليه، وكان “محمد حداقي” مهرباً خفيف الظل في عين المشاهد. فمناطق التهريب تشهد لحنكته وقدرته على التنصل وإنقاذ بضاعته والإيقاع بمن تولوا تلك المهمة رسمياً وليس العكس.
أين هي كراتين التهريب في تلك القرية؟
مخبأة كانت في دكان “صالح”، الذي أمضى مشاهد ليست بقليلة، يخبئ بها كراتين الدخان المهرب التي يبيعها. وليصيبه بعد كل زيارة لدورية “الهملالي”، نوبة من التهاب العصب الوركي. ليمضي ساعاته متحججاً بوجعها كونه لا يملك حلاً آخر للتعبير.
في “أم الطنافس” كان “صالح”، أما الآن هناك المئات من أشباهه. يدل عليها ما يثار من أخبار بتسيير دوريات ضبط ومصادرة المواد المهربة بالمحلات التجارية. ومخالفة المتعاملين فيها.
مخفر يَحكمه قلي البيض
وما كان قلي “البيض” إلا ذريعة الشرطي “حسان” للتكاسل عن أداء مهامه نظراً لهيامه بتلك الأكلة. ولو نوى التحرك جدياً، يصدمه عطل في الدراجة النارية التي ستنقله. مستغرقاً فترة زمنية تتيح للسارق مثلاً أن ينتقل لمنطقة أخرى ريثما تصل السلطات المختصة.
وبذات الوقت تسبب السلام الذي أصاب تلك القرية بدخول الاكتئاب إلى نفس رئيس مخفرها “أبو نادر”. لشعوره باللا جدوى من وجوده. فلا جريمة ولا قاتل ولا سرقة تذكره بأنه المسؤول عن أمن المنطقة.
وأخيراً رسالة محب
فما بين قصص التهريب والأختام وروائح البيض وسرقة الدجاج وغيرها. تسللت قصة حب “سلنغو وعفاف”. كعاشقين أجادا اقتناص لحظات العشق فلم يتركا فرصة إلا وملآها حباً وغزلاً. وكانا ضيفين دائمَي الحضور على لسان أهل قريتهما.
فلا محاولات والدها المختار الرافض لوجودهما معاً نجحت، كذلك مساعي أبناء قريتهما بالوفق بينهما تكللت بنتيجة. فنهاية العمل أسدلت الستار على الفوارق والمشكلات وكان الموت حلاً لذاك الناجي الوحيد “أم الطنافس الفوقا“
مرت 15 عاماً ولاتزال إسقاطات “ضيعة ضايعة” الواقعية تدفعنا للضحك. ليأخذنا العمل معه لعوالم مليئة بالصدق ولو من خلف شاشات أجهزتنا المحمولة.
عُرض الجزء الأول من مسلسل ضيعة ضايعة عام 2008 وتلاه الثاني بعامين، وحافظ مؤلفه الدكتور “ممدوح حمادة” ومخرجه “الليث حجو”. على ذات المستوى بتقديم شخصياته وأحداثه بتلك القرية المعزولة عن العالم الخارجي.
قرية لم تعبث بها تطورات التكنولوجيا، ولم يغمرها طوفان عصر السرعة، واكتفت بعشرات التفاصيل المفعمة بطابع الكوميديا السوداء. التي تعصف بواقعنا الحالي وما هو الرابط بينهم وبين أيام الحياة المعاشة.
الصديق الحقير والطيب
إسقاطات ضيعة ضايعة، تبرز بشكل جلّي في العلاقة بين الصديقين الراحل “نضال السيجري – أسعد” و”باسم ياخور- جودة”، فالمحبة حاضرة في قلوبهما.
إلا أن حِيل “جودة” واستغلاله طيبة “أسعد” أفقدت الأخير أعصابه في بعض الأحيان. من خلال مساعيه المتكررة بإطلاق النار عليه ببارودته “غير المدكوكة”. فيسارع الأول مرة أخرى بالتحايل عليه وإعادة الود بينهما وترديد عبارة “خلص ولا أخوي عم نمزح”.
لصوصية الدجاج
كثيرة هي المعارك التي نشبت بين الاثنين بسبب سرقة “جودة” لدجاجات “أسعد”. ويتخللها موجة غضب لا تتجاوز خمس دقائق ليصفح بعدها “أسعد” الطيب عن جاره.
كما أن “أسعد” يعرف السارق، إلا أن هناك أسباب كثيرة تدفعه للتراجع عن الانتقام والمطالبة بحقه منها “طيبة قلبه”. ليُمثل “أسعد” نموذجاً لملايين السوريين ممن عرفوا من هو عدوهم ويآثرون الصمت سعياُ للسلام ولو لساعات.
ويدركون من هم القاطنون في قن دجاجاتهم لسرقتهم. ولكن لربما أدرك الغالبية منهم أن بواريدهم كما بارودة “أسعد” لا حيل ولا أمل منها.
ربما كان التمسك بالمكان سبباً عند البعض ممن يحاول النأي بنفسه عن أي إشكال قد يجلب الذعر لبقعته الجغرافية التي أحب وبذل ما بوسعه للحفاظ على مكنوناتها.
ضاع الختم ومعه هيبة المختار
“بيسة بيسة نو قومي شعلي الضو” تلك الأغنية التي تم الاستعانة بها للتعبير عن السخرية بفقدان مختار “أم الطنافس” لختمه. الذي تمسك بمنصبه لا سيما أنه وهبه الفرصة بأن يرى نفسه مميزاً عمن حوله. “فالختم” علامة فارقة بتعاملاته ومن خلاله يسيّر ما يريد.
ففي إحدى الحلقات عند ضياع الختم، بدا المختار حائراً ضائعاً، لا يملك القدرة على مناظرة أهالي قريته. رابطاً مصيره وقدره بقطعة خشبية صغيرة والقليل من الحبر.
أبو شملة المهرب المحترم
لعلّ شخصية “أبو شملة” تتضمن الكثير من إسقاطات ضيعة ضايعة. فهو هو ذاك المهرب الذي تمكن من التلاعب بأعصاب كل السلطات الساعية للقبض عليه، وكان “محمد حداقي” مهرباً خفيف الظل في عين المشاهد. فمناطق التهريب تشهد لحنكته وقدرته على التنصل وإنقاذ بضاعته والإيقاع بمن تولوا تلك المهمة رسمياً وليس العكس.
أين هي كراتين التهريب في تلك القرية؟
مخبأة كانت في دكان “صالح”، الذي أمضى مشاهد ليست بقليلة، يخبئ بها كراتين الدخان المهرب التي يبيعها. وليصيبه بعد كل زيارة لدورية “الهملالي”، نوبة من التهاب العصب الوركي. ليمضي ساعاته متحججاً بوجعها كونه لا يملك حلاً آخر للتعبير.
في “أم الطنافس” كان “صالح”، أما الآن هناك المئات من أشباهه. يدل عليها ما يثار من أخبار بتسيير دوريات ضبط ومصادرة المواد المهربة بالمحلات التجارية. ومخالفة المتعاملين فيها.
مخفر يَحكمه قلي البيض
وما كان قلي “البيض” إلا ذريعة الشرطي “حسان” للتكاسل عن أداء مهامه نظراً لهيامه بتلك الأكلة. ولو نوى التحرك جدياً، يصدمه عطل في الدراجة النارية التي ستنقله. مستغرقاً فترة زمنية تتيح للسارق مثلاً أن ينتقل لمنطقة أخرى ريثما تصل السلطات المختصة.
وبذات الوقت تسبب السلام الذي أصاب تلك القرية بدخول الاكتئاب إلى نفس رئيس مخفرها “أبو نادر”. لشعوره باللا جدوى من وجوده. فلا جريمة ولا قاتل ولا سرقة تذكره بأنه المسؤول عن أمن المنطقة.
وأخيراً رسالة محب
فما بين قصص التهريب والأختام وروائح البيض وسرقة الدجاج وغيرها. تسللت قصة حب “سلنغو وعفاف”. كعاشقين أجادا اقتناص لحظات العشق فلم يتركا فرصة إلا وملآها حباً وغزلاً. وكانا ضيفين دائمَي الحضور على لسان أهل قريتهما.
فلا محاولات والدها المختار الرافض لوجودهما معاً نجحت، كذلك مساعي أبناء قريتهما بالوفق بينهما تكللت بنتيجة. فنهاية العمل أسدلت الستار على الفوارق والمشكلات وكان الموت حلاً لذاك الناجي الوحيد “أم الطنافس الفوقا“