اقتصاد عمل
Labor Economics - Economie du travail
اقتصاد العمل
اقتصاد العمل economie de travail فرع مستقل من فروع علم الاقتصاد ولد حديثاً، وبالتحديد في الستينات من القرن العشرين، مع أن بذور هذا الفرع يمكن تلمسها عند الاقتصادي الإنكليزي المعروف آدم سميث [ر].
ويعدّ هذا الفرع اليوم جزءاً من الاقتصاد الاجتماعي، أحد الفروع الرئيسة في علم الاقتصاد. أما موضوعاته الرئيسة فتشمل:
ـ العمل والعمال وأرباب العمل، وكل ما يتصل بهذه الموضوعات لزيادة كمية العمل وإنصاف العمال والاستغلال الأمثل للعمل.
ـ الجزء من القوى البشرية التي تعمل أو تبحث عن عمل، أي ما يسمى بقوة العمل، وكل العوامل المؤثرة فيها.
ـ إنتاجية العمل والأجور التي تدفع للعمال والتي يجب أن تكون متناسبة مع هذه الإنتاجية. ومما لاشك فيه أن الأجور التي تدفع في مقابل العمل تتأثر بما يستطيع العمال تقديمه من مدخلات في العملية الإنتاجية. والإنتاجية أيضاً تؤثر في كل من المعروض والمطلوب من العمل.
ـ البطالة [ر] والعمالة الكاملة، أو كيفية معالجة البطالة للوصول إلى التشغيل الكامل الذي يعدّ أحد الأهداف الرئيسة لاقتصاد العمل.
ـ القوانين والدساتير الناظمة لمفهومات العمل وحقوق العمال وتنظيماتهم العمالية.
ولاشك في أن هذه الموضوعات يجب أن تدرس بحذر لتشعبها الكبير وتداخلها مع موضوعات الاقتصاد والسياسة والاجتماع والقانون.
تعريف اقتصاد العمل
على الرغم من تشعب موضوعات اقتصاد العمل، يمكن تعريفه: «بأنه فرع من الاقتصاد الاجتماعي يتعلق بالعنصر البشري في النشاط الاقتصادي، إذ يعالج تنظيم الروابط والعلاقات الإنتاجية بين العمال وأصحاب العمل والأجراء المستقلين في جميع القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية والخدمات العامة والخاصة، ويبحث كذلك في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية المتفرعة من كل ذلك بين القوة العاملة في البلاد المعنية والهيئة الاجتماعية بصورة عامة على الصعيد الوطني وعلى الصعيد الدولي في آن واحد».
وقد يعرّف بعضهم اقتصاد العمل تعريفاً أكثر سهولة وأقرب إلى الفهم: «بأنه فرع من الاقتصاد يهتم بالمشاكل المتطورة دائماً لقضايا العلاقات الصناعية والتشغيل والأجور والضمان الاجتماعي، وأنه الفرع الذي يبحث في العمل الذي يقوم به الإنسان لمصلحة شخص آخر بأجر معين تحت إشراف الشخص المذكور وتوجيهه».
وهناك أخيراً من يضيق من امتداد اقتصاد العمل فيقول: «إنه ذلك الجزء من الاقتصاد الاجتماعي الذي يبحث العلاقات والأنظمة والقواعد والمؤسسات التي تنظم شؤون العمل والعمال مع أصحاب العمل والهيئة الاجتماعية في ضوء مقتضيات العدالة الاجتماعية وفي ضوء المصلحة العامة».
والحقيقة أن حداثة اختصاص علم اقتصاد العمل وتشعب موضوعاته ومجالاته هي التي حالت دون الاتفاق على تعريف محدد له أو على تحديد دقيق لموضوعاته، لكن جميع التعاريف السابقة تدل على أن اقتصاد العمل هو أحد أهم فروع علم الاقتصاد المتشعبة والأكثر امتداداً وشمولاً.
إن تدخل علماء الاجتماع والحقوق والمتخصصين بالتأمين والضمان الاجتماعي، والسياسيين والنقابيين جعل الوصول إلى اتفاق تام حول موضوعاته الأساسية أمراً مستحيلاً، مع أن هناك موضوعات لا جدال حولها يجب أن يتضمنها هذا الاختصاص ويجمع عليها سائر الاقتصاديين والمهتمين به، وهي ضرورة أن يبحث في مشاكل العمل وتنظيمه وضمانه، إضافة إلى الأجور والقوة العاملة والتأمينات الاجتماعية. وقد يطلق بعضهم العنان أكثر فيُدخلون في دراسته السكان والبطالة وعلاقات العمل والنقابات العمالية.
العمل والعمال وأرباب العمل
أ ـ العمل: من وجهة نظر شمولية وإنسانية، هو العملية التي يمارس بها الإنسان تأثيره في الطبيعة، ينظم بها ردود فعله المادية. وهذه العملية ضرورية لبقاء الجنس البشري لأن المواد المتوافرة في الطبيعة ليست كلها جاهزة للاستعمال وإشباع الحاجات المادية والروحية للإنسان. أي إن العمل، بالمعنى الاجتماعي، يختص بالإنسان الذي يملك تصوراً سابقاً حول الهدف من هذا العمل يربطه بالوعي الاجتماعي ويصنع من أجل ذلك الأدوات المادية المختلفة للسيطرة على الطبيعة، ثم يُوازن بين ما كان يتوقعه من نتائج وما حصل عليه فعلاً.
أما العمل بالمعنى الاقتصادي فهو الجهد الإرادي المبذول من قبل الإنسان في سبيل الحصول على منفعة مادية سواء أكان هذا العمل ذهنياً أم عضلياً. وعلى هذا فإن الجهد الذي يبذل من دون قصد الحصول على منفعة لا يعدّ عملاً بالمعنى الاقتصادي، فالعمل بالمفهوم الاقتصادي يقتضي التفكير والتنظيم والمنفعة.
ولذلك فإن الشرط الأساسي للعمل هو بذل الجهد والحصول على المنفعة، ويقترن ذلك بالتضحية والألم، ولا ينفي ذلك أن هناك أعمالاً كثيرة ذات منفعة اقتصادية تولّد لدى القائمين بها متعة ولذة شخصية مثل عمل الكاتب والفنان. لكن العمل الاقتصادي يجب أن يقترن دائماً بالوعي، فالجهد المجرد من الوعي لا يعدّ عملاً، ويجب أن يقترن بالعوض، مع أن العوض يختلف باختلاف طبيعة العمل، فقد يكون العمل مستقلاً حين يشتغل العامل لحساب نفسه وبإرادته المستقلة، أو يكون تابعاً حين يشتغل العامل لحساب غيره وبناء على توجيهاته، وقد يكون اجتماعياً حيث يشتغل العامل لخدمة المجتمع بوجه عام.
وأخيراً فإن هناك أعمالاً كثيرة متنوعة لا يمكن حصرها تختلف اختلافات قليلة أو كثيرة، وهناك تطورٌ حدث في مفهوم العمل في التاريخ وفي أثناء تعاقب التشكيلات الاقتصادية ـ الاجتماعية.
ب ـ العمال: يمكن القول إنهم كل من يبذل جهداً عضلياً أو ذهنياً في مجال النشاط الاقتصادي بهدف إنتاج الخدمات والسلع الاقتصادية بغرض الكسب سواء قام الشخص بهذا النشاط لحسابه، أو لحساب الآخرين وتحت توجيههم وإشرافهم بمقابل أجر معين. وقد يقصر بعضهم تعريف العامل على من يؤجر قوة عمله من أجل العيش، أي يحصر مفهوم العامل بمن يعمل فقط عند الآخرين ولحسابهم، ويأخذ مفهوم العامل عند هؤلاء مفهوم الأجير، لأنهم يحصرون العمل فيمن يملك قوة عمله فقط من دون أن يملك أدوات الإنتاج. وهكذا فإن هناك فرقاً بين العامل الأجير والعامل المستقل، ففي حين لا يملك العامل الأجير أدوات الإنتاج التي يعمل بها أو رؤوس الأموال التي يستخدمها بل يعتمد على جهده العضلي أو الذهني، يملك العامل المستقل إضافة إلى قوة عمله أدوات الإنتاج التي يعمل بها ورؤوس الأموال التي يستخدمها. وفي حين يعمل العامل الأجير عند الآخرين ولحسابهم الخاص وينفق ما يحصل عليه منهم في مقابل عمله من دون مقدرة كبيرة على التوفير أو على تحسين شروط حياته المعيشية يحصل العامل المستقل غالباً على كسب يفيض عن حاجاته الأساسية ويمكّنه من التوفير لزيادة ثروته وتطوير أدوات إنتاجه. وأخيراً ففي حين لا يحصل العامل الأجير على أي كسب عند انقطاعه عن العمل في بعض الأنظمة الاقتصادية في العالم، يحصل العامل المستقل دائماً على بعض الكسب حتى عند انقطاعه عن العمل بنتيجة المردود الخاص لرأس المال الذي يستعمل أو لأدوات الإنتاج التي يستخدم. والحقيقة أن هذا التفريق بين العامل الأجير والعامل المستقل لا ينفي صفة العامل عن أي منهما، إذ يبذل كلاهما جهداً للحصول على منفعة. ومع أن العامل المستقل قد يعاني من الاستغلال فإن وجود رب للعمل وعدم امتلاك العامل لأدوات الإنتاج يحتم دائماً وجود الاستغلال.
كذلك فإن هناك تمييزاً آخر بين العمال على أساس طبيعة العمل إذ نجد عاملاً يغلب على عمله الطابع العضلي وعاملاً يغلب على عمله الطابع الفكري، ويستخدم العامل الأول طاقته العضلية في حين يستخدم الثاني كفايته التقنية والإدارية والعملية، وهي الكفايات التي حصل عليها بالعلم والإعداد والممارسة. ومن وجهة نظر اقتصاد العمل فإنه لا فرق بين العامل البدني والعامل الذهني مادام كلاهما يُستَخدم في العملية الإنتاجية، ويعمل مقابل أجر لمصلحة الآخرين، ويُمارس عليه الاستغلال بصور مختلفة، ويعاني غالباً من البؤس والحرمان.
ج ـ أرباب العمل: وهم الأشخاص الذين يستخدمون العمال وتعود إليهم ملكية المشروع الاقتصادي ومسؤولية نجاحه أو إخفاقه، فهم لا يمثّلون مثل العمال وجوداً مادياً فقط، وإنما ملكية مادية لأنها تتضمن ملكية أدوات الإنتاج أيضاً. وهذا يعني أن أرباب العمل يمكن أن يكونوا أشخاصاً حقيقيين أو اعتباريين، ولذلك فإن بعض قوانين العمل وتشريعاته تشير إلى أن رب العمل هو شخص طبيعي أو معنوي يستخدم عاملاً أو أكثر بمقابل أجر يدفع له في مختلف مجالات العمل في القطاع الخاص. وهذا يعني بالضرورة أن تلك القوانين والتشريعات تحصر رب العمل في القطاع الخاص وعليه فلا يمكن عد المسؤولين عن القطاع العام والقائمين عليه أرباب عمل. وفي النهاية فإن ما ينظم العلاقة بين العامل ورب العمل هو عقد يسمى عقد العمل [ر].
Labor Economics - Economie du travail
اقتصاد العمل
اقتصاد العمل economie de travail فرع مستقل من فروع علم الاقتصاد ولد حديثاً، وبالتحديد في الستينات من القرن العشرين، مع أن بذور هذا الفرع يمكن تلمسها عند الاقتصادي الإنكليزي المعروف آدم سميث [ر].
ويعدّ هذا الفرع اليوم جزءاً من الاقتصاد الاجتماعي، أحد الفروع الرئيسة في علم الاقتصاد. أما موضوعاته الرئيسة فتشمل:
ـ العمل والعمال وأرباب العمل، وكل ما يتصل بهذه الموضوعات لزيادة كمية العمل وإنصاف العمال والاستغلال الأمثل للعمل.
ـ الجزء من القوى البشرية التي تعمل أو تبحث عن عمل، أي ما يسمى بقوة العمل، وكل العوامل المؤثرة فيها.
ـ إنتاجية العمل والأجور التي تدفع للعمال والتي يجب أن تكون متناسبة مع هذه الإنتاجية. ومما لاشك فيه أن الأجور التي تدفع في مقابل العمل تتأثر بما يستطيع العمال تقديمه من مدخلات في العملية الإنتاجية. والإنتاجية أيضاً تؤثر في كل من المعروض والمطلوب من العمل.
ـ البطالة [ر] والعمالة الكاملة، أو كيفية معالجة البطالة للوصول إلى التشغيل الكامل الذي يعدّ أحد الأهداف الرئيسة لاقتصاد العمل.
ـ القوانين والدساتير الناظمة لمفهومات العمل وحقوق العمال وتنظيماتهم العمالية.
ولاشك في أن هذه الموضوعات يجب أن تدرس بحذر لتشعبها الكبير وتداخلها مع موضوعات الاقتصاد والسياسة والاجتماع والقانون.
تعريف اقتصاد العمل
على الرغم من تشعب موضوعات اقتصاد العمل، يمكن تعريفه: «بأنه فرع من الاقتصاد الاجتماعي يتعلق بالعنصر البشري في النشاط الاقتصادي، إذ يعالج تنظيم الروابط والعلاقات الإنتاجية بين العمال وأصحاب العمل والأجراء المستقلين في جميع القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية والخدمات العامة والخاصة، ويبحث كذلك في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية المتفرعة من كل ذلك بين القوة العاملة في البلاد المعنية والهيئة الاجتماعية بصورة عامة على الصعيد الوطني وعلى الصعيد الدولي في آن واحد».
وقد يعرّف بعضهم اقتصاد العمل تعريفاً أكثر سهولة وأقرب إلى الفهم: «بأنه فرع من الاقتصاد يهتم بالمشاكل المتطورة دائماً لقضايا العلاقات الصناعية والتشغيل والأجور والضمان الاجتماعي، وأنه الفرع الذي يبحث في العمل الذي يقوم به الإنسان لمصلحة شخص آخر بأجر معين تحت إشراف الشخص المذكور وتوجيهه».
وهناك أخيراً من يضيق من امتداد اقتصاد العمل فيقول: «إنه ذلك الجزء من الاقتصاد الاجتماعي الذي يبحث العلاقات والأنظمة والقواعد والمؤسسات التي تنظم شؤون العمل والعمال مع أصحاب العمل والهيئة الاجتماعية في ضوء مقتضيات العدالة الاجتماعية وفي ضوء المصلحة العامة».
والحقيقة أن حداثة اختصاص علم اقتصاد العمل وتشعب موضوعاته ومجالاته هي التي حالت دون الاتفاق على تعريف محدد له أو على تحديد دقيق لموضوعاته، لكن جميع التعاريف السابقة تدل على أن اقتصاد العمل هو أحد أهم فروع علم الاقتصاد المتشعبة والأكثر امتداداً وشمولاً.
إن تدخل علماء الاجتماع والحقوق والمتخصصين بالتأمين والضمان الاجتماعي، والسياسيين والنقابيين جعل الوصول إلى اتفاق تام حول موضوعاته الأساسية أمراً مستحيلاً، مع أن هناك موضوعات لا جدال حولها يجب أن يتضمنها هذا الاختصاص ويجمع عليها سائر الاقتصاديين والمهتمين به، وهي ضرورة أن يبحث في مشاكل العمل وتنظيمه وضمانه، إضافة إلى الأجور والقوة العاملة والتأمينات الاجتماعية. وقد يطلق بعضهم العنان أكثر فيُدخلون في دراسته السكان والبطالة وعلاقات العمل والنقابات العمالية.
العمل والعمال وأرباب العمل
أ ـ العمل: من وجهة نظر شمولية وإنسانية، هو العملية التي يمارس بها الإنسان تأثيره في الطبيعة، ينظم بها ردود فعله المادية. وهذه العملية ضرورية لبقاء الجنس البشري لأن المواد المتوافرة في الطبيعة ليست كلها جاهزة للاستعمال وإشباع الحاجات المادية والروحية للإنسان. أي إن العمل، بالمعنى الاجتماعي، يختص بالإنسان الذي يملك تصوراً سابقاً حول الهدف من هذا العمل يربطه بالوعي الاجتماعي ويصنع من أجل ذلك الأدوات المادية المختلفة للسيطرة على الطبيعة، ثم يُوازن بين ما كان يتوقعه من نتائج وما حصل عليه فعلاً.
أما العمل بالمعنى الاقتصادي فهو الجهد الإرادي المبذول من قبل الإنسان في سبيل الحصول على منفعة مادية سواء أكان هذا العمل ذهنياً أم عضلياً. وعلى هذا فإن الجهد الذي يبذل من دون قصد الحصول على منفعة لا يعدّ عملاً بالمعنى الاقتصادي، فالعمل بالمفهوم الاقتصادي يقتضي التفكير والتنظيم والمنفعة.
ولذلك فإن الشرط الأساسي للعمل هو بذل الجهد والحصول على المنفعة، ويقترن ذلك بالتضحية والألم، ولا ينفي ذلك أن هناك أعمالاً كثيرة ذات منفعة اقتصادية تولّد لدى القائمين بها متعة ولذة شخصية مثل عمل الكاتب والفنان. لكن العمل الاقتصادي يجب أن يقترن دائماً بالوعي، فالجهد المجرد من الوعي لا يعدّ عملاً، ويجب أن يقترن بالعوض، مع أن العوض يختلف باختلاف طبيعة العمل، فقد يكون العمل مستقلاً حين يشتغل العامل لحساب نفسه وبإرادته المستقلة، أو يكون تابعاً حين يشتغل العامل لحساب غيره وبناء على توجيهاته، وقد يكون اجتماعياً حيث يشتغل العامل لخدمة المجتمع بوجه عام.
وأخيراً فإن هناك أعمالاً كثيرة متنوعة لا يمكن حصرها تختلف اختلافات قليلة أو كثيرة، وهناك تطورٌ حدث في مفهوم العمل في التاريخ وفي أثناء تعاقب التشكيلات الاقتصادية ـ الاجتماعية.
ب ـ العمال: يمكن القول إنهم كل من يبذل جهداً عضلياً أو ذهنياً في مجال النشاط الاقتصادي بهدف إنتاج الخدمات والسلع الاقتصادية بغرض الكسب سواء قام الشخص بهذا النشاط لحسابه، أو لحساب الآخرين وتحت توجيههم وإشرافهم بمقابل أجر معين. وقد يقصر بعضهم تعريف العامل على من يؤجر قوة عمله من أجل العيش، أي يحصر مفهوم العامل بمن يعمل فقط عند الآخرين ولحسابهم، ويأخذ مفهوم العامل عند هؤلاء مفهوم الأجير، لأنهم يحصرون العمل فيمن يملك قوة عمله فقط من دون أن يملك أدوات الإنتاج. وهكذا فإن هناك فرقاً بين العامل الأجير والعامل المستقل، ففي حين لا يملك العامل الأجير أدوات الإنتاج التي يعمل بها أو رؤوس الأموال التي يستخدمها بل يعتمد على جهده العضلي أو الذهني، يملك العامل المستقل إضافة إلى قوة عمله أدوات الإنتاج التي يعمل بها ورؤوس الأموال التي يستخدمها. وفي حين يعمل العامل الأجير عند الآخرين ولحسابهم الخاص وينفق ما يحصل عليه منهم في مقابل عمله من دون مقدرة كبيرة على التوفير أو على تحسين شروط حياته المعيشية يحصل العامل المستقل غالباً على كسب يفيض عن حاجاته الأساسية ويمكّنه من التوفير لزيادة ثروته وتطوير أدوات إنتاجه. وأخيراً ففي حين لا يحصل العامل الأجير على أي كسب عند انقطاعه عن العمل في بعض الأنظمة الاقتصادية في العالم، يحصل العامل المستقل دائماً على بعض الكسب حتى عند انقطاعه عن العمل بنتيجة المردود الخاص لرأس المال الذي يستعمل أو لأدوات الإنتاج التي يستخدم. والحقيقة أن هذا التفريق بين العامل الأجير والعامل المستقل لا ينفي صفة العامل عن أي منهما، إذ يبذل كلاهما جهداً للحصول على منفعة. ومع أن العامل المستقل قد يعاني من الاستغلال فإن وجود رب للعمل وعدم امتلاك العامل لأدوات الإنتاج يحتم دائماً وجود الاستغلال.
كذلك فإن هناك تمييزاً آخر بين العمال على أساس طبيعة العمل إذ نجد عاملاً يغلب على عمله الطابع العضلي وعاملاً يغلب على عمله الطابع الفكري، ويستخدم العامل الأول طاقته العضلية في حين يستخدم الثاني كفايته التقنية والإدارية والعملية، وهي الكفايات التي حصل عليها بالعلم والإعداد والممارسة. ومن وجهة نظر اقتصاد العمل فإنه لا فرق بين العامل البدني والعامل الذهني مادام كلاهما يُستَخدم في العملية الإنتاجية، ويعمل مقابل أجر لمصلحة الآخرين، ويُمارس عليه الاستغلال بصور مختلفة، ويعاني غالباً من البؤس والحرمان.
ج ـ أرباب العمل: وهم الأشخاص الذين يستخدمون العمال وتعود إليهم ملكية المشروع الاقتصادي ومسؤولية نجاحه أو إخفاقه، فهم لا يمثّلون مثل العمال وجوداً مادياً فقط، وإنما ملكية مادية لأنها تتضمن ملكية أدوات الإنتاج أيضاً. وهذا يعني أن أرباب العمل يمكن أن يكونوا أشخاصاً حقيقيين أو اعتباريين، ولذلك فإن بعض قوانين العمل وتشريعاته تشير إلى أن رب العمل هو شخص طبيعي أو معنوي يستخدم عاملاً أو أكثر بمقابل أجر يدفع له في مختلف مجالات العمل في القطاع الخاص. وهذا يعني بالضرورة أن تلك القوانين والتشريعات تحصر رب العمل في القطاع الخاص وعليه فلا يمكن عد المسؤولين عن القطاع العام والقائمين عليه أرباب عمل. وفي النهاية فإن ما ينظم العلاقة بين العامل ورب العمل هو عقد يسمى عقد العمل [ر].
تعليق