وبصورة عامة ، فمنذ نهاية الحرب ، أخذ من ظلوا واقعيين . قليلاً أو كثيراً وممن هم ليسوا من الرعيل الثاني يميلون إلى التعبيرية ويعد جيمون Gimond الاستثناء الأكثر بروزاً لهذا الاتجاه فقد استمر في صنع تماثيل لاشخاص معلومين ، بهدوء الأحجام المتراصة كما تمتاز بقوة بنيانها . في حين أن « أوريكوست وهي تماثيل تمتاز Auricoste و کوتورییه Couturier » يتميزان بأنهما يعمدان إلى تبسيطات وقحة بل التشويهات الجذرية ، ف اكوتورييه» يمط الأجساد ليجعلها أكثر تعبيراً من جهة ، وليزيد في قيمتها التزيينية من جهة ثانية .
على أن المنحوتات الأكثر متانة التي أنتجتها الواقعية التعبيرية منذ الحرب هي التي ندين بها لبيكاسو . فهذا الفنان ، الذي أبى مراراً إلا أن يتبع خياله صنع أيضاً ( الرجل والخروف ) ( ١٩٤٤ ) و ( امرأة حامل ) و « ماعز » ( ١٩٥٠ ) . وفي هذه المنحوتات ظل غير بعيد عن الواقع المرئي ، كما النعومة المفعمة بالرجولة.
وتنتج عن ذلك كله واقعية لاصفار فيها ولاسقم ، وهي واقعية لاتشوه إلا لتحسين الاحاطة بالواقع وبالجوهر .
أما جرمين ريشييه Germaine Richier فلا تنكب على تشويه الجسد والوجه البشريين بقدر ما تنكب على تقبيحهما والاساءة إليهما ، فهي تجرحهما ، وتثقبهما وتقطع أوصالهما ، وتنزع أجزاء منهما . وبالاختصار نقول من يرى منحوتاتها يخيل إليه أن هذه المنحوتات كانت دفينة زمناً طويلاً ، ثم أخرجت من باطن الأرض دون عناية من قبل نباشين غير مؤهلين . فقولبها فظ، وتبلغ أحياناً سطحية الأشكال حداً تبدو معه وكأنها بالكاد مرسومة وإلى جانب هذه الانسانية الجلفة المشؤومة التي لا تعرف إلا أكثر الغرائز بهيمية ، والاأكثر المخاوف ترويعاً ، تنحت جيرمين ريشييه تماثيل بعض الحيوانات ، كالخفاش ، والضفدع الذكر ، والعنكبوت والحشرة المسماة « الراهبة » أي حيوانات لا يحبها الناس بصورة عامة ويطيب للفنانة أن تعطيها مناظر منفرة أو قاسية أو مليئة بالتهديد .
وكذلك نجد حيوانات قبيحة ، مضايقة في أعمال واحد من أشهر ممثلي النحت الحديث وهو ( سيزار بالداتشيني ) . كما نجد عنده الأجسام البشرية المشوهة ، من جذوع خربة متداعية ، وبطون ممزقة بالجراح العميقة ، يحملها بشكل يدعو إلى الشفقة ساقان متصلبان تعرتا من اللحم تقريباً .
وهذه الأعمال الفنية قد صنعت بقطع من الحديد ، مقطعه بالحملاج . ثم ملحومة مما يزيد في بعد الشقة بينها وبين الصورة السليمة للحياة ، علماً بأن « سيزار Cesar » يعكف على إبراز هذه الشقة . كما يدأب على إعطائنا وعياً بالحياة يتراوح بين التسلية والألم ، كل ذلك بوحي مزاجه المرح اللاذع . والمنحوتات الأولى التي صنعها من الحديد حوالي عام ١٩٥٤ ، ظلت مفرغة تكشف عن العناصر المتباينة التي تشكلها . ففي منحوتة السمكة المسماة « حفش » يكتشف الناظر إليها من الحديد، ومن الصفيح والبراغي ومبرداً وحتى عازلين كهربائيين. ثم أصبحت المنحوتات أكثر تراصاً ، لكنها ظلت مؤلفة من بقايا أشياء مختلفة. وتبتعد بعض المنحوتات المصنوعة حديثاً عن التشبيهية وتقتصر على الجمع بين أشكال ذات سمت هندسي غير صريح وبعضها مقعرة أو محدبة ، وتقوم الخطوط بالجمع بينها ، أو بالفصل بينها ، وفجأة ، وبصورة غير متوقعة نرى أن هذه السطوح الخشنة المغطاة بالنتوءات ، والتي يمسها الضوء بطرق مختلفة ، تتخذ شكل كؤوس قربان ضخمة جداً ربما ميزنا فيها رصانة ومهابة أكثر مما نرى فيها مزاحاً أو تظرفاً . وفي مجال مناقشته لعمل المثال ، عرض سيزار أيضاً قبل بضع سنوات سيارات عادية مضغوطة في المصنع . وهذا معناه العودة إلى الدادائية. وهذا معناه أيضاً تكرار ما كان أقدم عليه مارسيل دوشان عندما عرض مصنوعاته الجاهزة المشهورة. بيد أن ثمة فارقاً بين الرجلين ، فارقاً ذا دلالة . فدوشان كان يريد إظهار القيمة الفنية الموجودة في منتوجات الصناعة الجديدة، أما سيزار فكأنه يدعونا إلى رؤية مفاتن الأشياء التي لم تعد صالحة للاستعمال ، وتلك الملقاة في المهملات وليس سيزار » الفنان الوحيد الذي يتخذ مثل هذا الموقف في أيامنا هذه فلم يحدث قط في الماضي أن لقيت الأشياء التالفة مثل هذه الحظوة في صالات العرض ، ولم يحدث قط في الماضي أن أحب مثل هذا العدد من الفنانين استعمال الأشياء التالفة الملطخة ، المصدأة ، التي أصبحت بطبيعة . الحال غير نافعة ومن الواضح الجلي أن في ذلك كله احتجاجاً على العالم المتصنع الذي نعيش فيه ، وتعبيراً عن استحالة التكيف مع متطلباته وجوه ، ومن الواضح الجلي أيضاً أن عدداً . الأعمال الفنية التي تعبر عن الموقف ليست في الحقيقة سوى تجميعات خرقاء ، وإنما تدل بآن واحد عن تخلي الإنسان ، والفنان عن ذاته . وبالطبع ، فإن هذه الأعمال قد تثير الاهتمام من حيث هي ظواهر سيكولوجية أو اجتماعية . غير أنها : من الوجهة الفنية المحضة ، ليس لها ، في نظرنا ، ما يبررها .
على أن المنحوتات الأكثر متانة التي أنتجتها الواقعية التعبيرية منذ الحرب هي التي ندين بها لبيكاسو . فهذا الفنان ، الذي أبى مراراً إلا أن يتبع خياله صنع أيضاً ( الرجل والخروف ) ( ١٩٤٤ ) و ( امرأة حامل ) و « ماعز » ( ١٩٥٠ ) . وفي هذه المنحوتات ظل غير بعيد عن الواقع المرئي ، كما النعومة المفعمة بالرجولة.
وتنتج عن ذلك كله واقعية لاصفار فيها ولاسقم ، وهي واقعية لاتشوه إلا لتحسين الاحاطة بالواقع وبالجوهر .
أما جرمين ريشييه Germaine Richier فلا تنكب على تشويه الجسد والوجه البشريين بقدر ما تنكب على تقبيحهما والاساءة إليهما ، فهي تجرحهما ، وتثقبهما وتقطع أوصالهما ، وتنزع أجزاء منهما . وبالاختصار نقول من يرى منحوتاتها يخيل إليه أن هذه المنحوتات كانت دفينة زمناً طويلاً ، ثم أخرجت من باطن الأرض دون عناية من قبل نباشين غير مؤهلين . فقولبها فظ، وتبلغ أحياناً سطحية الأشكال حداً تبدو معه وكأنها بالكاد مرسومة وإلى جانب هذه الانسانية الجلفة المشؤومة التي لا تعرف إلا أكثر الغرائز بهيمية ، والاأكثر المخاوف ترويعاً ، تنحت جيرمين ريشييه تماثيل بعض الحيوانات ، كالخفاش ، والضفدع الذكر ، والعنكبوت والحشرة المسماة « الراهبة » أي حيوانات لا يحبها الناس بصورة عامة ويطيب للفنانة أن تعطيها مناظر منفرة أو قاسية أو مليئة بالتهديد .
وكذلك نجد حيوانات قبيحة ، مضايقة في أعمال واحد من أشهر ممثلي النحت الحديث وهو ( سيزار بالداتشيني ) . كما نجد عنده الأجسام البشرية المشوهة ، من جذوع خربة متداعية ، وبطون ممزقة بالجراح العميقة ، يحملها بشكل يدعو إلى الشفقة ساقان متصلبان تعرتا من اللحم تقريباً .
وهذه الأعمال الفنية قد صنعت بقطع من الحديد ، مقطعه بالحملاج . ثم ملحومة مما يزيد في بعد الشقة بينها وبين الصورة السليمة للحياة ، علماً بأن « سيزار Cesar » يعكف على إبراز هذه الشقة . كما يدأب على إعطائنا وعياً بالحياة يتراوح بين التسلية والألم ، كل ذلك بوحي مزاجه المرح اللاذع . والمنحوتات الأولى التي صنعها من الحديد حوالي عام ١٩٥٤ ، ظلت مفرغة تكشف عن العناصر المتباينة التي تشكلها . ففي منحوتة السمكة المسماة « حفش » يكتشف الناظر إليها من الحديد، ومن الصفيح والبراغي ومبرداً وحتى عازلين كهربائيين. ثم أصبحت المنحوتات أكثر تراصاً ، لكنها ظلت مؤلفة من بقايا أشياء مختلفة. وتبتعد بعض المنحوتات المصنوعة حديثاً عن التشبيهية وتقتصر على الجمع بين أشكال ذات سمت هندسي غير صريح وبعضها مقعرة أو محدبة ، وتقوم الخطوط بالجمع بينها ، أو بالفصل بينها ، وفجأة ، وبصورة غير متوقعة نرى أن هذه السطوح الخشنة المغطاة بالنتوءات ، والتي يمسها الضوء بطرق مختلفة ، تتخذ شكل كؤوس قربان ضخمة جداً ربما ميزنا فيها رصانة ومهابة أكثر مما نرى فيها مزاحاً أو تظرفاً . وفي مجال مناقشته لعمل المثال ، عرض سيزار أيضاً قبل بضع سنوات سيارات عادية مضغوطة في المصنع . وهذا معناه العودة إلى الدادائية. وهذا معناه أيضاً تكرار ما كان أقدم عليه مارسيل دوشان عندما عرض مصنوعاته الجاهزة المشهورة. بيد أن ثمة فارقاً بين الرجلين ، فارقاً ذا دلالة . فدوشان كان يريد إظهار القيمة الفنية الموجودة في منتوجات الصناعة الجديدة، أما سيزار فكأنه يدعونا إلى رؤية مفاتن الأشياء التي لم تعد صالحة للاستعمال ، وتلك الملقاة في المهملات وليس سيزار » الفنان الوحيد الذي يتخذ مثل هذا الموقف في أيامنا هذه فلم يحدث قط في الماضي أن لقيت الأشياء التالفة مثل هذه الحظوة في صالات العرض ، ولم يحدث قط في الماضي أن أحب مثل هذا العدد من الفنانين استعمال الأشياء التالفة الملطخة ، المصدأة ، التي أصبحت بطبيعة . الحال غير نافعة ومن الواضح الجلي أن في ذلك كله احتجاجاً على العالم المتصنع الذي نعيش فيه ، وتعبيراً عن استحالة التكيف مع متطلباته وجوه ، ومن الواضح الجلي أيضاً أن عدداً . الأعمال الفنية التي تعبر عن الموقف ليست في الحقيقة سوى تجميعات خرقاء ، وإنما تدل بآن واحد عن تخلي الإنسان ، والفنان عن ذاته . وبالطبع ، فإن هذه الأعمال قد تثير الاهتمام من حيث هي ظواهر سيكولوجية أو اجتماعية . غير أنها : من الوجهة الفنية المحضة ، ليس لها ، في نظرنا ، ما يبررها .
تعليق