ما هي حكاية وقصة صورة: ثنائي القطب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما هي حكاية وقصة صورة: ثنائي القطب

    قصة صورة: ثنائي القطب…

    رمضان مبارك. مر وقت دون الالتفات جديا إلى التصوير وكاميرتي، والأمر يصبح أصعب كذلك مع دخول الشهر الفضيل وأوقات العمل والمسؤوليات الأخرى. بالرغم من ذلك كله، فلقد تمكنت من العمل قليلا على تصوير بعض الأفكار التي راودتني مؤخرا (وهي لم تنته بعد). وكما هو الحال في المقالة السابقة التي تحدثت عنها عن كيفية تصوير صورة «المحارب» فقد قررت هنا التحدث عن صورتين كنت قد التقطتهما مؤخرا متحدثا عن انطباعي عن اضطراب ثنائية القطب (Bipolar Disorder) – وهو اضطراب عقلي-نفسي يُؤرجح النفس ما بين الاكتئاب والابتهاج غير الطبيعي. كنت آمل في الحقيقة أن تكون هذه المقالة عن بعض تجاربي في التصوير الفلكي، ولكن للأسف لم أوفق حتى الآن لإتقان بعض هذا الفن (وهو ممكن في المدينة وإن كانت الأماكن البعيدة عن المدينة مفضلة أكثر).

    الفكرة

    تقوم الفكرة على إظهار تناقض الشخصية ما بين حزن وغضب من جهة، وبهجة وسعادة من جهة أخرى. كنت قد التقطت صورة في وقت سابق وقبل دخول شهر رمضان، حاولت فيها التعبير عن عدم الاستقرار الذهني الكائن في عقول البعض وكانت هذه الفكرة تتطلب دمج صورتين مع التصوير أمام المرآة.
    تأمل في الواقع (Reflecting on Reality)

    تطلبت تلك الفكرة صورتين، أحدهما بتصوير طبيعي والأخرى باستخدام مرشح محايد لاستطالة التعريض لبضع ثوان قمت خلالها بتحريك رأسي قليلا في جميع الاتجاهات حتى يكون علامة على التشوش الذهني. أما الباقي فهو قصة مطولة من العمل في برنامج الفوتوشوب. فكرة الصورتين الجديدتين هي على هذا المثل، ولكنها ستكون باستخدام الماء كمادة عاكسة بدلا من المرآة. والسبب في هذا الاختيار في المقام الأول كان لتكوين صورة منعكسة مشوهة على سطح الماء (ولكن الأمر لم يتم كما خططت له كما سنرى).

    العمل

    في البداية، لم أكن لأتخيل أن يكون العمل مع انعكاسات الماء بهذه الصعوبة! ولقد كانت أولى المشاكل هي العثور على الوعاء المناسب للماء للمساعدة على الانعكاس، وقد ظننت خطأً أن الوعاء يجب أن يكون فاتح اللون (كما هو الحال مع المرآة)، ولكن بعد البحث وجدت بأن السطح الأسود هو الأفضل لهذا العمل. والغريب هنا هو أني كنت دائما استخدم سطحا شفافا على قطعة من القماش الأسود لزيادة الانعكاس ولكن لم يتبادر إلى ذهني حتى تلك اللحظة بأن أعمل بمثل هذا المنطق مع الماء!
    منطقة العمل. الجسم الأزرق الصغير هو مروحة يدوية استعملتها لاحقا لصنع تموجات على سطح الماء. لاحقا، تم إضافة لوحة سوداء كذلك لتغطية الخلفية على اليسار أثناء العمل على الصورة الثانية. وضعت قطعة نقدية لتحديد المكان الذي يجب أن أنظر إليه لصنع انعكاس جيد على الماء (وهو ذات المكان الذي تمت معايرة تركيز العدسة عليه بمساعدة بعض العلامات).
    عدسة ڤويغتلاندر
    لهذا الغرض قد قمت بشراء صينية كعك، وهي بالإضافة إلى لونها القاتم توفر المساحة اللازمة لعمل الانعكاسات (بعكس الأوعية التي جربتها مسبقا). بالإضافة إلى اللون والمساحة فإن العمق مناسب بما فيه الكفاية (ولعله لو كان أعمق من ذلك لكان أفضل ولكنّي لست متأكدا). لكن كان هناك بعض الأمور المزعجة التي ظهرت أثناء التصوير لاحقا كما سنرى. لتحسين صورة الانعكاس على سطح الماء قمت باستخدام المستقطب مع العدسة؛ فبالرغم من استخدامه الشائع لتصفية الانعكاسات من سطح الماء أو من الزجاج العاكس، إلا أنني قمت باستخدامه بالشكل المغاير لذلك (عن طريق برم المرشح حتى يتبين أكبر قدر ممكن من الانعكاس للكاميرا). كانت البداية مع عدسة «ڤويغتلاندر» 20مم ذات زاوية الرؤية الواسعة، وهذا لسببين رئيسيين: أولاً لقرب سطح الماء (حيث أن أقرب نقطة لضبط التركيز فيها تقع على بعد 20سم)، وثانياً للإيحاء بوسع المساحة. كنت في البداية أود العمل مع عدسة «كانون» 50مم ولكن هذه العدسة تتطلب العمل على مسافة لا تقل عن 45سم من الكاميرا وهذا لا يناسب منطقة العمل هنا، ولكن قمت باستخدام هذه العدسة لاحقا في الصورة الثانية. وفي هذا المقام يجدر الذكر بأن صنع الانعكاس على سطح الماء يتطلب الابتعاد عن الماء (أي خلف صينية الكعك هذه)، وأيضا اضطررت لتقريب وجهي إلى سطح المنضدة بشكل كبير حتى يظهر الانعكاس كما يجب على سطح الماء.
    ثنائي القطب (أ)
    الناشر القبوي (البيضاوي) المفقود!
    المجمّل المصغر (كما هو على رأس الوماض)
    الحقيقة هي أنني لست راضيا عن هذه الصورة تماما. فالمنطقة السوداء تطغى على الصورة مُشكّلة فراغا خالي التفاصيل. وبالرغم من التقاطها بالألوان وعدم التفكير بالأبيض والأسود بادئ الأمر إلا أن الأمر تغير عند العمل، حيث أن نسخة الأبيض والأسود تظهر الأحاسيس والمشاعر بشكل مشدد أكثر منه في حالة الصورة الملونة (وقد يكمن الأمر في شدة السواد). وكما الحال في مثال المرآة المتقدم، فقد تم التقاط صورتين ودمجهما سويا لاحقا.
    من الأشياء التي ضايقتني حيال هذه الصورة كذلك هو لمعان طرف الصينية والذي حاولت عبثا إخفاءه أثناء التقاط الصورة ولكن دون جدوى. ومما زاد من صعوبة التحكم بضوء الومّاض هنا هو عدم استخدام الناشر القبوي (فقدته بلا أثر!)، بل استخدمت «المُجمّل» بدلا عنه، وهو معدّل للضوء لا يتناسب مع هذا العمل بل مع تصوير الوجوه مباشرة أكثر. هذا، وقد حاولت آنفا ارتجال بديل عن الناشر القبوي على رأس الومّاض ولكن دون جدوى، حيث أن كفاءة الضوء الخارج من الومّاض لم تكن لتفي بالغرض، فآثرت إتمام العمل بالمجمّل. لقد كان بالإمكان حذف هذا الوميض الأبيض عند العمل على دمج الصور في برنامج الفوتوشوب ولكن بعد التفكير مجددا بالأمر قررت تركه حتى يتبين الحد الفاصل بين الانعكاس والأصل، ولكني حاولت التخفيف من حدته، الأمر الذي لم أنجح به تماما.
    عدسة كانون 50مم ب/1,4
    بعد الانتهاء من الصورة الأولى وباستخدام عدسة « ڤويغتلاندر» جاء دور عدسة «كانون» 50مم، ولكن هذه المرة كان لزاما علي أن أعمل على عرض المنضدة لا بطولها (أي تحريك آنية الماء 90 درجة والكاميرا كذلك إلى الطرف الأيمن من المنضدة). وبعكس الحالة مع العدسة الأولى كذلك، والتي قمت بالتصوير فيها طولا، فقد قررت التصوير هنا عرضا (الوضع الطبيعي للكاميرا) وذلك لإتاحة المجال أكثر للعرض، حيث زاوية الرؤية لهذه العدسة أقل منها في حالة العدسة الأولى. وتم كذلك تقريب آنية الماء أكثر إلى الحافة الأخرى من المنضدة وكان علي الجلوس عند الحافة الأخرى كذلك لعمل الانعكاس بالشكل المناسب. ولكن بسبب التصوير بالعرض (تم قطع الصورة عموديا لاحقا)، لم يكن هناك المسافة المناسبة طولا لعرض الرأس كاملا مع انعكاسه على الماء، ولكن يبدو أن هذا كان في صالحي في نهاية الأمر وخاصة عند العمل على تحسين الصورة في برنامج الفوتوشوب. وفي هذا المقام، قررت كذلك العمل على صنع تموجات على سطح الماء باستخدام مروحة صغيرة بعيدة بعض الشيء عن الماء (لتكون التموجات بسيطة) حيث أنني كنت قد أهملت هذه الفكرة في التجربة الأولى بسبب التموجات الشديدة والتي كانت تخفي معالم الانعكاس بشكل كبير.
    ثنائي القطب (ب)

    عند العمل في برنامج الفوتوشوب، وكما كانت الحالة في الصورة الأولى، فقد تبين لي بأن نسخة الأبيض والأسود أفضل في التعبير وأشد منه في حالة الصورة الملونة. ولكن بعد دمج الصورتين، وأثناء محاولة معاينة الصورة من زوايا مختلفة، تبين لي بأن إدارة الصورة النهائية 180 درجة أفضل من وضع الصورة الأصلي، وذلك لأن ما يقارب ثلثي الصورة يتواجد في الانعكاس وملامح الانعكاس قد تبدو مبهمة بعض الشيء (بسبب التموجات الخفيفة) حين تكون مقلوبة للناظر. وعليه، قد لا تكون ملامح الغضب والعبوس واضحة، بينما من ناحية أخرى، البسمة واضحة جلية سواء كانت في وضع قائم أو وضع مقلوب. ولعل من أبرز المشاكل مع هذه الصورة هو الحد الفاصل ما بين الأصل والانعكاس، والذي يضم حافة الآنية أو الصينية وكذلك سطح المنضدة المغطى بالقماش الأسود. لحل هذه المشكلة قمت بزيادة التباين وكذلك بزيادة السواد في هذه المنطقة دون طمسها تماما حتى تكون في المقام المقبول نظريا. لاحظت أن هذه المنطقة قد تكون جلية وباهتة عند النظر إليها على بعض الأجهزة وهذا بسبب عدم معايرة الألوان في هذه الأجهزة وزيادة السطوع فيها.
    للمقارنة: (يمين) الصورة المقلوبة، (يسار) الصورة الأصلية كما هي.
    الخاتمة

    بشكل عام يمكنني القول بأنني كنت أتمنى أن يكون مستوى هاتين الصورتين أفضل من هذا ولكن العمل كان بما توفر وبالوقت المسموح (بجانب المسؤوليات الأخرى!). ولكن هذا كله أفضل من الجلوس دون العمل مع الكاميرا. والحقيقة أني مشغول من جانب آخر في العمل على التصوير الفلكي وتجربة بعض الأمور الجديدة والتي إن حالفني الحظ قد أكتب عنها في هذه المدونة يوما ما (بالرغم من تعقيداتها). ولكن أرجو أن تكون هذه المقالة مفيدة لعزيزي القارئ، سواء بالأخطاء التي شابت العمل أو بالأفكار ضمن العمل؛ ففي التصوير وغيره من الفنون، يكون الإطلاع على أخطاء الآخرين ومناقشة الأخطاء الشخصية هما من الأدوات الأساسية لتطوير الذات وتطوير أساليب العمل والأفكار. لذا، أتمنى أن أكون قد ساهمت ولو بالقليل في هذا المنحى. هذا، وحتى نلتقي في المقالة القادمة إن شاء الله…
يعمل...
X