قصة تصوير الزهر (النرد) في الماء..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة تصوير الزهر (النرد) في الماء..


    ماءٌ ونَرْدٌ…

    مرحبا. مضى وقت طويل منذ أن وضعت موضوعا ما على هذه المدونة. لذا، أحببت أن أتكلم عن آخر تجاربي في التصوير لعل تكون فيها المنفعة للقارئ العزيز. سأتحدث في هذه المقالة عن تجربة التصوير السريع (مرة أخرى)، وهو موضوع لربما كنت قد تحدثت عنه قبل سنوات في هذه المدونة، ولكن الأمر المختلف هنا هو حقيقة أني أصبحت أمتلك العديد من الومّاضات (7 منها حتى الآن). هذا العدد أتاح لي العمل مع بعض الأريحية وإن كان العمل بشكل عام يتطلب بعض الترتيبات (المضنية أحيانا). ولكن بعد رؤية النتائج، أجزم بأن هذا التعب لن يذهب أدراج الرياح. والحقيقة أني لا زلت أعمل على التجربة وأنا أكتب هذه الكلمات للمدونة. فلنرى الفكرة العامة ومتطلباتها الآن.
    Split (إنشقاق)
    كانون إيوس 7د
    كانون 50مم، ب/6,3، 1/8000ث، ح200.

    الفكرة

    الفكرة ببساطة هي عبارة عن رمي بعض من أحجار النرد في الماء وتصويرها وهي في حالة ارتطام. سيتطلب الأمر التصوير بسرعة غالق عالية جدا بالطبع، وهذا بدوره يتطلب العمل مع الوماضات بنظام «التصوير السريع» (High Speed/HSS). المشكلة تنبع في الأساس من العمل بهذا النظام حيث يقوم الوماض بإرسال ومضات قصيرة وسريعة لمواءمة سرعة الغالق العالية، وهذا يُنتج بالنهاية شدة ضعيفة للوميض من الوماض. بناءً على ذلك، من النادر العمل بوماض واحد عند التصوير بسرعات عالية. أحيانا يلجأ بعض المصورين إلى توظيف ما يسمى «مجس الليزر» أو «بوابة الليزر» (Laser Gate) والعمل في الظلمة إذا ما كان لزاما العمل بوماض واحد. كنت قد حاولت العمل بهذه الطريقة كذلك (في أكثر من مناسبة) ولكني كنت أفشل دائما، والحقيقة إنها لا تناسب هذا المقام. وسآتي على شرح هذه الطريقة بشكل سريع والمشاكل التي واجهتني مع محاولة تطبيقها.
    مخطط مبسط لمواضع الوماضات الافتراضية قبل بداية العمل
    المخطط أعلاه كان الشكل العام للفكرة من حيث الترتيب، وقد تتغير الأمور لاحقا مع المحاولات على أرض الواقع. نلاحظ في هذا المخطط 6 وماضات تحيط بالموضوع أو مكان العمل. أما الوماض السابع سيكون بمثابة المتحكم بالستة الآخرين من فوق الكاميرا ذاتها. أثناء عملي، كنت أُفعّل هذا الوماض تارة وأوقفه عن العمل تارة أخرى؛ وفي جميع الأحوال، مع تفعيل وميضه أو تعطيله، سيكون هو المسؤول عن إصدار الأوامر للوماضات الأخرى للعمل. عملية إصدار الأوامر للتصوير السريع في هذا الطراز من الوماضات والكاميرات لا يتم لاسلكيا إلا بتوفر متحكم خاص، أو بوصل الوماض على الكاميرا مباشرةً لتفعيل هذه الخاصية والتحكم بالوماضات الأخرى (ويجب أن يكون الوماض المتحكم من طراز 580 وما بعد، لأن الأنواع القديمة لا تمتلك خاصية التحكم أو إرسال الإشارات وإنما استقبالها فقط).
    وماض طراز 580EXII.
    تواجد هذا العدد من الوماضات يحل مشكلة شدة الوميض، ولكن هذا الأمر يستدعي ويخلق مشكلة أخرى، وهي مصادر الطاقة (البطاريات) التي يجب توفيرها لهذه الوماضات. في عملي مع الوماضات كنت قد اعتمدت على توفير وتخزين البطاريات القابلة للشحن للاقتصاد، ولكن للأسف، الكثير من هذه البطاريات خذلني وقت العمل، ولهذا اضطررت لشراء بطاريات جديدة قلوية غير قابلة للشحن حتى يمكنني الاعتماد عليها أثناء العمل. العمل مع الوماضات من طراز 580 مريح نسبيا، وذلك لتوفر قابس خارجي يمكن من خلاله توفير الطاقة من مصدر خارجي (بطاريات خاصة يمكن شحنها)؛ تقوم مصادر الطاقة هذه على توفير الطاقة لأنبوب الوميض (الذي يعمل بغاز الزينون) بينما تعمل البطاريات في الوماض على التحكم بدارات الوماض فقط دون بذل مجهود لتشغيل أنبوب الوميض وعملية إطلاق الضوء. عدد هذه الوماضات لدي هو 3 من أصل 7، أما الباقي فللأسف، لا تعمل سوى بالبطاريات الداخلية الاعتيادية من حجم (AA). بعد توفير أمور الطاقة والتأكد منها، تم مباشرة العمل.

    العمل

    بداية، علينا تهيئة المكان المناسب، والأدوات المطلوبة. يُفضل أن يكون المكان مهيئا للعمل مع الماء، وبعيدا عن مصادر الكهرباء طبعا. أنا شخصيا أفضل تغطية المنطقة مكان العمل بالقماش الأسود وذلك تفاديا لإضافات الألوان التي قد تحدث بسبب انعكاس الوميض من على الأسطح المختلفة الموجودة في المكان. على أية حال، إذا كان المصور لا يمانع بإضافات من هذا النوع فلا بأس بذلك. ولكن القماش في حد ذاته يوفر سطحا خشنا نوعا ما وهذا يساعد على عدم انزلاق الوماضات والأدوات الأخرى عند العمل (ولَكَم تعرضت لمثل تلك الحوادث!).
    أما الأدوات المطلوبة، بجانب الوماضات طبعا، فهي إناء مناسب للماء ولا يُشترط أن يكون عميقا، فهذا الأمر يرجع إلى خيال ورغبة المصور؛ ولكن من الضروري أن يكون الأناء أسود اللون إذا كان صنع الانعكاسات على سطح الماء مرغوبا، ولهذا قمت باستخدام صينية فرن (مخصصة لصنع الكعك وما إلى ذلك). هذا بالطبع لا يعني عدم إمكانية استخدام الأواني الأخرى ذوات الألوان المختلفة (وحقيقةً أني أفكر بهذا فعلا للعمل به في وقت لاحق إذا أمكن ذلك). ولكن في هذا المقام سنقوم بالتركيز على الانعكاسات على سطح الماء لحظة سقوط حجر النرد على الماء لإضافة القليل من «الإثارة». يمكن استخدام المستقطب على العدسة وتجربته للنظر فيما إذا كان هذا سيساعد على استيضاح الانعكاسات أم لا. ولكن يجب العلم بأن المستقطب سيقوم بإضعاف شدة الوميض الداخل إلى العدسة قليلا ولذا يجب زيادة شدة الوميض من الوماضات. لم أبالِ كثيرا لهذا الأمر مع 6 وماضات محل العمل!
    وبالطبع سنحتاج هنا إلى عدد من أحجار النرد ولكن الامر يتوقف على رغبة المصور كذلك. برأيي الخاص، يمكن العمل بحجر واحد إذا كان التصوير بعدسة مجهرية (ماكرو) لأن هذا النوع من العدسات يوفر مجال رؤية ضيق مع تقريب جيد للموضوع وهكذا سيتم ملء محيط الصورة تقريبا بحركة النرد والماء. ولكن العمل مع عدسة مجهرية له مساوئه كذلك:
    • بسبب ضيق مساحة الرؤية لهذه العدسات فإن رمي النرد يجب أن يكون دقيقا جدا ليقع في مجال رؤيتها.
    • تتميز العدسات المجهرية بعمق ميدان ضحل جدا حتى عند الأعداد البؤرية الكبيرة نسبيا، وبشكل عام لا ينصح باستخدام عدد بؤري أقل من ب/8 في هذا النوع من العدسات، وهذا بالضرورة يعني زيادة شدة الوميض (أو حساسية المستشعر إن تطلب الأمر ذلك).
    • بحسب نوع العدسة، قد يتطلب الأمر الاقتراب كثيرا من منطقة العمل، لذا يجب مراعاة هذا الأمر وحماية العدسة إذا تطلب الأمر ذلك.
      إحدى الصور الملتقطة في بدايات العمل بعدسة 100مم مجهرية. بسبب استخدام عدد بؤري منخفض (ب/2,8) نرى بأن قطرات المياه قد أصبحت في مجال عمق الميدان وواضحة التركيز بينما النرد بحد ذاته قد غلبت عليه الغشاوة.
    في عملي هنا كنت قد استخدمت عدسة مجهرية فعلا (100مم من كانون) ولكني فضلت لاحقا إكمال جُلّ العمل بعدسة 50مم. إن العمل مع عدسة لها مجال رؤية واسع نسبيا له مميزاته وسيئاته كذلك. لعل من أبرز مميزات العمل معها هو المجال الواسع نسبيا وعمق الميدان الجيد حتى عند الأعداد البؤرية أقل من ب/8. أما سيئاتها لا تكاد تُذكر، فمنها أن تفاصيل حركة المياه لن تكون واضحة كما هو الحال في العدسات المجهرية وهذا طبيعي لاختلاف شدة التقريب. ولأن مجال الرؤية واسع نسبيا يُفضل ملء المساحات الفارغة في محيط العمل بشيء ما لموازنة الصورة نوعا ما، ولهذا السبب استخدمت مجموعة من أحجار النرد بدلا من واحد فقط في هذا العمل. ويجب الانتباه على عدم دخول الوماضات في مجال رؤية العدسة وتحريكها إلى الخلف قليلا بعيدا عن منطقة العمل.


    تصوير مبطأ لعملية إلقاء النرد ولحظة إطلاق الوماضات.
    بسبب تصغير حجم الملف ونقاوته، ترتد الصورة إلى اللون الأسود لحظة إطلاق الوميض.

    وأخيرا، لا ننسى جهاز التحكم، خاصة عند العمل وحيدا دون مساعدة. قد يمكن الاستغناء عن جهاز التحكم والاستعاضة عنه بالمؤقِّت في الكاميرا ذاتها ولكني شخصيا لا أظن هذا الأمر عمليا. يتطلب الأمر هنا بعض الصبر والأفضل هو العمل وحيدا دون مساعدة وذلك لمواءمة حركة اليد مع العين والكبس على جهاز التحكم في اللحظة المناسبة. لا ضير من الفشل في عدة محاولات، حيث أن الإحساس والشعور العام باللحظة المناسبة لالتقاط الصورة سيتنامى تدريجيا بعد بضعة محاولات فاشلة. ولا بأس من تغيير زاوية الرؤيا ما بين المحاولات (عن طريق رفع وخفض الكاميرا مثلا).

    مجس الليزر
    جهاز متعدد المجسات من صنع Ubertronix.
    سأتكلم بإيجاز قدر المستطاع عن «مجس الليزر» أو ما يسمى «بوابة الليزر» أحيانا. وهو جهاز مهمته الأساسية تفعيل الكاميرا لالتقاط الصورة أو تفعيل الوماض، بحسب طريقة توصيله. والكلام هنا قد يكثر في كيفية العمل به، وهناك أيضا من يقوم بتجهيزه من هواة الإلكترونيات؛ فهو ليس جهازا رخيص الثمن للبعض. الجهاز خاصتي يمتلك إمكانيات أخرى بجانب العمل بطريقة مجس الليزر؛ كالصوت والحركة.
    كنت قد حصلت على هذا الجهاز منذ سنوات، والحقيقة هي أنّي لم أقم باستخدامه بشكل ناجح قط! وكنت قد حاولت استخدامه في هذا العمل ولكن هذا لم يتم لأسباب سآتي على ذكرها. ولكن قد يكون من المفيد استعراض بعض مشاكل العمل بهذا الجهاز بشكل عام:
    • يمكن إيصال هذا الجهاز بالكاميرا أو بالوماض. عند العمل مع الكاميرا لالتقاط الصور باستخدام أي مجس من المجسات (ليزر، صوت، حركة، تغير إضاءة) غالبا ما يكون هناك «تخلف» في الإشارة؛ أي أن الإشارة تتأخر في الوصول إلى الكاميرا وأيضا هناك تأخير داخل الكاميرا لتفعيل الغالق، ونحن هنا نتكلم عن زمن يقدر بمايكروثواني أو نانوثواني طبعا (جزء من مليون وجزء من بليون من الثانية على التوالي). تكدّس هذه التأخيرات يمنع من التقاط المشهد في اللحظة المناسبة.
    • لمعالجة المشكلة الأولى، يقوم أغلب المحترفين بإيصال المجسات إلى الوماض وليس إلى الكاميرا، وذلك لأن الإشارة لا تتخلف كثيرا ويمكن معالجة الأمر بسهولة نسبية عن طريق خفض أو رفع المجس لمواءمة التوقيت مع الحدث (مثل رمي جسم ما)، ولكن هذه الطريقة تتطلب فتح الغالق بشكل حر أو لثوانٍ معدودة، مما يعني العمل في غرفة مظلمة حتى يكون الضوء الداخل إلى الكاميرا أثناء فتح الغالق هو ضوء الوماض فقط لا غير، والذي سيتم استثارته عن طريق المجس في اللحظة المناسبة لتصوير المشهد المطلوب. العمل في مكان مظلم، بالنسبة لي، ليس خيارا في معظم الأحيان.
    • مجس الصوت خاصة، لا يمتلك معايرا لضبط مستوى الحساسية للصوت (كان لدي مجس أقدم تتواجد فيه هذه الخاصية أما الجديد فلا). أما مجس الحركة، فإن استخدامه محدود للغاية؛ فتغطيته لزاوية 180 درجة في جميع الاتجاهات تسبب مشكلة حيث قد تُفعّل الإشارات بمجرد حركة من يد المصور أثناء العمل.
    • لا يتوفر مع الجهاز مؤشر ليزر خاص به، فالأمر متروك للمصور لاقتناء المؤشر المناسب وتثبيته امام الجهاز لإتمام العمل وكنت قد عانيت كثيرا في السابق جراء هذا الأمر حتى تمكنت من الحصول على مؤشر ليزر مناسب.


    كان هذا فيما يتعلق بالمشاكل العامة عند استخدام هذا الجهاز، بالنسبة لي فقط. لذلك كنت دائما ما الجأ إلى الطرق اليدوية في التصوير، لا سيما إنها لا تستهلك وقتا في الترتيب والتدبير (عدا الوقت اللازم لضبط الإضاءة طبعا وهذا شيء مختلف). وبالرغم من ذلك كنت قد حاولت استخدام هذا المجس في هذا المقام ولكن لم تختلف المشاكل كثيرا، بل وزادت عليها:
    • المسافة بين مؤشر الليزر والجهاز كبيرة نسبيا وعليه كان من الصعب رمي النرد في المنطقة المناسبة التي يمر بها شعاع الليزر لتفعيل الوماضات عن طريق المجس. لم أتمكن من التقريب بينهما أكثر.
    • مقابلة شعاع الليزر مع المجس تتطلب رفع وخفض الاثنين بسهولة ويسر وهذا ما لا أستطيعه لعدم توفر الأدوات المناسبة لذلك.


    لهذه الأسباب عدلت عن العمل بهذا المجس مرة أخرى وقررت العمل بشكل يدوي. والحقيقة أن العمل بهذه الطريقة قد يتيح نتائج مختلفة في كل مرة، مما يساعد على التنويع وتكوين الأشكال المختلفة بالماء. وكما ذكرت مسبقا، فإن بعض الصبر مطلوب حتى تتواءم حركة اليد مع العين وكبس زر الغالق في الوقت المناسب. قد يكون استعمال المجسات من هذا النوع أكثر فاعلية عندما يكون التصوير قريب جدا، بعدسة مجهرية، وعندما تكون مساحة العمل صغيرة أكثر (كالتصوير المجهري لارتطام قطرات الماء).
    تصوير قطرات الماء أو السوائل الملونة يتم غالبا باستخدام المجسات.
    المصدر

    الإعدادات

    الإعدادات لهذا العمل ستكون شيئا عابرا في الغالب، حيث أن تغيرها ممكن في أي لحظة وسآتي على ذكر بعض أسباب ذلك، ولكن هناك من الإعدادات ما هو ثابت ومنها ما هو متغير. تتعلق هذه الإعدادات بالكاميرا ذاتها وبالوماضات طبعا.
    نبدأ بالإعدادات في الكاميرا، حيث يكون العمل بالنظام اليدوي (M) لضبط بؤرة (فتحة) العدسة وسرعة الغالق كل على حدة. أما فيما يتعلق بفتحة العدسة، فإن ضبط العدد البؤري لها يعتمد على عدد الوماضات المتوفرة لدى المصور؛ فكلما قلل عددها كلما لزم الأمر تقليل العدد البؤري أكثر للسماح لضوئها بالمرور. والقاعدة العامة عند التصوير باستعمال الوماضات تقول: فتحة العدسة تتحكم بشدة الوماض في الصورة، أما سرعة الغالق تتحكم بالإضاءة الموجودة (أي إضاءة المكان). فكلما سرّعنا الغالق فلن يؤثر هذا بشدة على درجة إضاءة الوماض الداخلة إلى الصورة م اظلت فتحة العدسة ثابتة. إذا توفر العدد المناسب من الوماضات، فأنا لا أنصح بأقل من ب/8 عددا بؤريا للتصوير، إلا إذا كان هذا ما يريده المصور فعلا (لزيادة الغشاوة في الخلفية على سبيل المثال). وعند التصوير بعدسة مجهرية، فإن ب/8 وما فوق هو ما يُنصح به عادة. في عمل كهذا، نحتاج إلى التوفيق ما بين الإضاءة المناسبة والعدد البؤري المناسب، لأن زيادة العدد البؤري تزيد عمق الميدان في الصورة حيث يزيد وضوح الصورة، ولكن في ذات الوقت فإن زيادة العدد البؤري يقلل من الإضاءة من الوماض الداخلة إلى الكاميرا. زيادة عمق الميدان مطلوبة لأنه سيكون من الصعب ضبط مكان سقوط أحجار النرد (أو أي شي آخر) وضمان وقوعه ضمن نطاق عمق الميدان، ولكن إن تطلب الأمر، فقد يكون لزاما زيادة حساسية المستشعر للوصول إلى حل وسط. وبالمناسبة، لضبط تركيز العدسة، يجب أن تكون العدسة في وضع يدوي كذلك، وأن يُضبط التركيز يدويا. لضبط التركيز يدويا يكفي وضع شيء ما (قلم مثلا أو نرد) والتركيز عليه قبل بداية التصوير، ويجب وضع علامات أو ملاحظة أي علامات حول هذه المنطقة التي يجب أن يُرمى فيها حجر النرد.
    نأتي الآن على سرعة الغالق المطلوبة، وهي قد تختلف باختلاف الهدف من التصوير وأيضا باختلاف البعد البؤري للعدسة. عند العمل مع الماء أنصح بداية بالعمل مع 1/1000 من الثانية كسرعة للغالق. تختلف السرعات القصوى فيما بين أنواع الكاميرات، وفي حالة كانون إيوس 7د فالسرعة القصوى هي 1/8000 من الثانية، وقد تدرجت في هذه السرعات وقت العمل ما بين 1/4000 إلى 1/8000 من الثانية. قد يرغب المصور بالإبقاء على بعض الغشاوة الحركية للماء للإيحاء بالحركة بدلا عن تجميد الحركة وعليه فيجب، طبعا، إبطاء سرعة الغالق. كلما زادت سرعة الغالق كلما زاد حجب الإضاءة المحيطة الموجودة في المكان أصلا، وعلى أية حال، فإن الإضاءة المنزلية يمكن حجبها عند سرعات أبطأ بكثير من 1/1000 من الثانية. وعليه، لن تكون إضاءة المكان عبئا هنا (إلا إذا كانت من نوع خاص ربما؟).
    إحدى المحاولات بالعدسة المجهرية بسرعة غالق 1/5000ث، ونلاحظ اهتزاز قطرات الماء المتناثرة بالرغم من السرعة العالية للغالق. لهذا تم تغيير السرعة إلى 1/8000ث في المراحل اللاحقة من العمل.

    نأتي على الإعدادات الخاصة بالوماضات، والتي لن أستطيع الخوض في تفاصيلها الكثيرة (فقد شرحت بعضا منها في مقالات سابقة على هذه المدونة). ولكن نبدأ بالوماض الرئيس والذي يُفترض أن يكون على الكاميرا والمتحكم بالوماضات الأخرى. وقد يكون للمصور متحكم خاص للتصوير السريع طبعا ولكن سأفترض هنا عدم وجود المتحكم، ولكن لا يجب أن يختلف الأمر كثيرا ما بين الاثنين. يمكن التحكم بعمل الوماض من الكاميرا ذاتها (إذا كان من كانون طبعا أو من ذات الشركة المصنعة للكاميرا بشكل عام). لذا يرجى مراجعة الكتيبات وما إلى ذلك لمعرفة كيفية الوصول إلى القوائم والتحكم بعمل الوماض. سوف أحاول هنا وضع النقاط الأساسية للوظائف المطلوبة في هذا العمل وما يشابهه:
    • تفعيل العمل اليدوي (Manual) والذي يمكن من خلاله تعيين شدة الوميض يدويا.
    • تفعيل خاصية التصوير السريع (High-Speed) أو (HSS).
    • تفعيل خاصية الإشارات اللاسلكية (Wireless).


    هذه هي الوظائف الثلاث الأساسية للعمل هنا. هناك وظائف أخرى عُرضة للتغيير بحسب ما يراه المصور مناسبا أثناء العمل أو قبله:
    • تغيير مستوى تكبير رأس الوماض (تتراوح من 24مم إلى 105مم في طراز 580). كلما زاد التكبير تركز الضوء أكثر في منطقة المنتصف مما يزيد من شدته.
    • تفعيل وميض المتحكم (Master) أو تعطيله. وهذه الخاصية لن تؤثر في إرسال الإشارات إلى الوماضات الأخرى عند العمل. هي فقط لتفعيل الوميض من الوماض الرئيس المثبت على الكاميرا.
    • شدة الوميض (والذي يعبر عنه بأجزاء من الواحد الصحيح).
    عرض وشرح سريعان لبعض وظائف الوماض الرئيس كما تظهر على شاشة الكاميرا.
    هناك بعض الأمور الأخرى والمتعلقة بتقسيم الوماضات إلى مجموعتين: A و B واختيار القنوات، ولكني في الحقيقة أرى أن هذا الموضوع لا يهم ولا يغير الكثير عند التصوير هنا. فيكفي هنا وضع الوماضات جميعها في المجموعة A والتحكم بها جميعا بنفس شدة الوميض المعينة في الوماض الأساسي أو المتحكم، والمثبت على الكاميرا.
    مبعثر الضوء البلاستيكي في رأس الوماض.
    أما فيما يتعلق بنسبة التقريب أو التكبير للرأس، فقد كنت أعمل بداية على أعلى شدة تقريب (105مم) ولكن غيرتها لاحقا إلى 14مم (عن طريق تغطية الرأس بالغطاء البلاستيكي الخاص ببعثرة الضوء)، وهذا حتى يتسنى للضوء الوصول إلى كافة منطقة العمل، وقد كان هذا خطأً مني لأني لم أرفع مستوى آنية الماء إلى مستوى رؤوس الوماضات قبل العمل. لذلك كان لزاما نشر الضوء لزوايا أوسع لضمان وصوله إلى الأسفل حتى مستوى سطح الماء، والأمر أولا أخيرا قيد التجربة والخطأ. يُفضل التأكد من نسبة التكبير لرؤوس الوماضات الأخرى بشكل فردي لكل منها قبل العمل (مرة أخرى، يجب مراجعة الكتيبات الخاصة بها لمعرفة كيفية تغيير هذه النسبة)، وكذلك يجب التأكد من وضعها في وضعية الاستقبال (Slave) لاستقبال الإشارات اللاسلكية من الوماض الرئيس.
    كنت قد غيرت من شدة الوماضات مرات عديدة والحقيقة كنت دائما ما أحاول عدم رفع الشدة إلى 1/8 وأظن أن الشدة الغالبة كانت 1/32 في معظم محاولات التصوير. بسبب وجود الوماضات بوفرة هنا، يمكن تقليل الشدة لكل وماض (بل يجب) للحصول على النتيجة المرجوة (ولا ننسى أن كلما زادت شدة الوميض كلما زاد استهلاك الطاقة، والتي نحتاج إليها في هذا المقام أصلا للعمل المتواصل). بالطبع سيكون التغيير لكل الوماضات من الوماض الرئيس عن طريق تعديل الشدة للمجموعة (A) إذا كانت الوماضات كلها في وضعية التبعية (Slave) تحت هذه المجموعة. إذا لم يتم تعديل هذه الإعدادات من قبل فغالبا ستكون الوماضات جميعها تابعة في المجموعة (A) مبدئيا.
    إذا كان التصوير بعدد أقل من الوماضات فمن الطبيعي أن يزيد المصور من شدة الوميض فيها للتعويض، أو زيادة حساسية المستشعر (وغالبا الاثنين معا). كان هدفي الأول هو تجربة التصوير المتتابع السريع لتكوين سلسلة من الصور لسقوط حجر النرد في الماء ولكن هذا كان مستحيل التحقيق، لأن الوقت اللازم لإعادة شحن أنبوبة الوميض ليس سريعا كفاية حتى وإن كان الوماض يتغذى من مصدر خارجي للطاقة. وعليه اضطررت لالتقاط صور مفردة مع كل محاولة. كنت أغير بعض الإعدادات بين الفينة والأخرى والنظر في النتائج، وكان الحاصل النهائي ما يقارب 347 صورة. ظل منها بعد الفرز الأولي ما يقارب 91 صورة؛ أي ما يقارب 26% من المجمل فقط. بل وتقل هذه النسبة كذلك بعد الفرز الثاني، وهو فرز أدق، حيث أقوم بمعاينة الصور من قرب والنظر في إمكانية تعديلها وإصلاحها (لقد كانت الصور في مجملها معتمة وتحتاج إلى زيادة في الإنارة من برنامج تحرير السالب الرقمي).

    الخاتمة

    أرجو أن لا يكون هذا السيل من المعلومات ثقيلا على عزيزي القارئ، وهو في النهاية خلاصة لتجربتي في التصوير السريع (الذي لا أمارسه بكثرة). والحقيقة هي أن هناك تجربة أخرى قد قمت بها باستخدام الوميض المتتابع (أو ما يسمى أحيانا بالـ Stroboscopic) وقد كانت تجربة لطيفة ولكني لا زلت أعمل على معاينة الصور من هذه التجربة؛ حيث أن وقتي مزدحم بالكثير من الأشياء، ولم أشأ التحدث عنها الآن وإطالة الموضوع أكثر مما يلزم. في خضم هذا العمل وهذه الكمية من المعلومات التي قد يكون بعضها جديدا على عزيزي القارئ يجب أن لا ينسى عزيزي القارئ شيئا مهما أثناء كل هذا: الاستمتاع بالعمل. هذا، وحتى نلتقي في مقالة أخرى.


يعمل...
X