أما الهولندي ( جير فان فيلد Geer Van Velde )، الذي استقر في باريز منذ عام ۱٩٢٥ ، فعلى عكس الفنانين السابقين يبدو كل شكل في صوره بنطاق واضح ومنتظم. وحتى قبل ١٩٥٠ ، عندما يصور مخدعاً ، أو مائدة منصوبة قبالة البحر الأبيض المتوسط نراه يعري الأشياء من جميع الطبائع التي تتصف بها في واقع الحياة ، ويردها إلى أشكال هندسية وإلى مساحات من الألوان المنفردة. وأن الدور الوحيد الذي يبقى لها أن تميز المستويات بعضها عن بعض ، وأن تبرز بنية اللوحة وتقويها . ولذلك لا يدهشنا قط أن نرى هذه الأشياء تختفي آخر الأمر من اللوحة اختفاء تاما . فإن المعنى الحقيقي للوحة ليس في هذه الأشياء ، انه في دقة الارتباط بين الألوان وبين الأشكال وفي نوعية النور أنه نور حنون ، صاف ، حالم ، يضيء بالصفاء ذاته. الألوان الرمادية ، والليلكية ، والبنفسجية الباهتة والزرقاء المخففة والصفراء الصماء ، والصبغات القليلة القائمة ، كالألوان السوداء والسمراء . ولا يحدث لهذا النور في أية لوحة من اللوحات أن يغور في الظلمة ، أو أن يهتاج . وأن فن جير فان فيلد يخلو من الاصطدامات العنف ، ويبني توازنه على تعارض تدرجات الألوان لا على تضادها ذلك فإن هذا الفن الرقيق ينجو من التفاهة . وكما نشاهد في لوحات أرق كبار المعلمين في فن الرواسم اليابانية ، من أمثال هارونوبو واوتاما رو فان فيلد أن ألطف الألوان لها مع ذلك إيقاع خاص يميزها ويفرضها . وكل من هذه الألوان لون منفرد ولكنه يبدو وكأنه موضوع في فراغ و من . ومع نجد عند أثيري .
وإنا لنجد الأشكال الدقيقة والألوان الواضحة لدى بتوروتي Pettoruti منذ أن كان يمارس التكعيبية ولذلك لا يدهشنا أن نجد مثلها أيضاً في اللوحات غير التشبيهية والتي رسمها بعد عودته إلى أوربا عام ١٩٥٢ ، وما الفرق إذن بينه وبين جير فان فيلد ؟؟؟ إن هندسية الأشكال لديه أدق ، وتكوين الصورة أكثر تراصاً ، وتلوينه أكثر حيوية ، ذلك فان فنه هو أيضاً لا يخلو من الرقة. وفي الواقع، فإن بتوروتي يجب أن يعبر عن حقائق غير ملموسة كالشمس في الجبل، والغسق البحري ، وطيران الفراشة أو العصفور . ولذلك نجد أن الأشكال في لوحته تبدو مجردة أنها ليست متراخية . والخلاصة أن الأشكال تصبح مع مجرد مساحات رقيقة من لون منفرد فالشمس مثلاً تتمثل بشريط بيضوي يتماوج قليلاً ويبدو وكأنه يهتز كالقارب . ثم أن هذه المساحات ذات اللون المنفرد تتراصف جنباً إلى جنب ، وتنتظم معاً بحيث تعطي الانطباع بأن الشكل بارز . غير أن هذا البروز لا يبدو إلا بالنسبة للعين ، لحاسة اللمس . ومما يقوي هذا الانطباع ويبرزه هو اللون الذي قد ينتقل في منتهى الضياء إلى الظليل المخملي . ويظل دائماً متصفاً بالروحية وأن بتوروتي يبدل الحقيقي إلى درجة تبدو تأليفاته معها وكأنها مستقلة تماماً ، ويخيل للمرء للوهلة الأولى أنه أمام متشيع للتجريد الهندسي المطلق .
وإنا لنجد الأشكال الدقيقة والألوان الواضحة لدى بتوروتي Pettoruti منذ أن كان يمارس التكعيبية ولذلك لا يدهشنا أن نجد مثلها أيضاً في اللوحات غير التشبيهية والتي رسمها بعد عودته إلى أوربا عام ١٩٥٢ ، وما الفرق إذن بينه وبين جير فان فيلد ؟؟؟ إن هندسية الأشكال لديه أدق ، وتكوين الصورة أكثر تراصاً ، وتلوينه أكثر حيوية ، ذلك فان فنه هو أيضاً لا يخلو من الرقة. وفي الواقع، فإن بتوروتي يجب أن يعبر عن حقائق غير ملموسة كالشمس في الجبل، والغسق البحري ، وطيران الفراشة أو العصفور . ولذلك نجد أن الأشكال في لوحته تبدو مجردة أنها ليست متراخية . والخلاصة أن الأشكال تصبح مع مجرد مساحات رقيقة من لون منفرد فالشمس مثلاً تتمثل بشريط بيضوي يتماوج قليلاً ويبدو وكأنه يهتز كالقارب . ثم أن هذه المساحات ذات اللون المنفرد تتراصف جنباً إلى جنب ، وتنتظم معاً بحيث تعطي الانطباع بأن الشكل بارز . غير أن هذا البروز لا يبدو إلا بالنسبة للعين ، لحاسة اللمس . ومما يقوي هذا الانطباع ويبرزه هو اللون الذي قد ينتقل في منتهى الضياء إلى الظليل المخملي . ويظل دائماً متصفاً بالروحية وأن بتوروتي يبدل الحقيقي إلى درجة تبدو تأليفاته معها وكأنها مستقلة تماماً ، ويخيل للمرء للوهلة الأولى أنه أمام متشيع للتجريد الهندسي المطلق .
تعليق