من الفن التشبيهي الحر الى الفن اللاتشبيهي
ان ( إستيف Esteve ) هو من هؤلاء الذين مضوا الى ماهو أبعد من الفن التصويري، بعد أن كان ممثلا لهذا الاتجاه بعقلية حديثة ، وبجدارة قوية ، وحوالي ١٩٤٢ صور مخادع منزلية ومناظر من الطبيعة الصامتة . واذا قارنا هذه الصورة بسابقاتها وجدنا أن الأشياء أصبحت ذات طابع أكثر حسية ، وأكثر اكتنازاً ، وإن لم تصبح أكثر واقعية ، فالحجوم تبرز فيها أكثر من السابق ، والألوان تبدو أكثر اشعاعا وأكثر امتلاء . ولعلنا نستطيع القول أن شاعرية بونار و ماتيس تقترن في هذه اللوحات بارادة ليجيه البناءة .
ثم يأتي يوم يبدأ فيه الموضوع بالتحجب ، ثم بالانمحاء ، والواقع أن استيف لايزال يصور في أواخر الأربعينات سلسلة من المهن والحرف : ( كالنحات ) ، ( نافخ الزجاج ) ، و ( الحصاد ) ، و « الطابع على الحجر » . ... والواقع أيضاً أنه يعمل فيها بعناية على تجسيد التحولات التي تجريها ممارسة العمل واستعمال الأدوات في العامل ، والحرفي والفنان ذلك ، فان المعنى الحقيقي لهذه اللوحات لا يظهر تماما الا لمن يتحسس في أعماقه بأشكالها وألوانها ، لأن في الألوان والأشكال تكمن بصورة جوهرية حقيقة اللوحة ، أي في طبيعة هذه الألوان والأشكال ، وعلائقها ببعضها وما بينها من تجانس أو تضاد ثم يخطو الفنان خطوة أخرى - فيكف تماما عن الرجوع الى العالم الخارجي أو على الاقل ، لم يعد يرجع اليه بشكل دقيق ومباشر .
ومهما كان ، بعد هذه الفترة ، عنوان اللوحة ، ومهما كانت التأويلات التي توحي بها ، فان إستيف لا يقصد سوى شيء واحد : أن يشكل ، على حد قول براك ، حدثا تصويرياً » .. وبالطبع فان هذا العنصر أو ذاك من عناصر اللوحة ، قد يثير صورة أشياء معينة، الا أنه لم تكن لتوجد عند تكوين هذا العنصر أية نية تشبيهية لدى الفنان . ولذلك فان اللوحة قد تثير في الذهن أفكارا ، ولكنها لا تعبر عن أي منها . وان اللوحة تشع مشاعر وأحاسيس ، بيد أنها لا تقتصر على التعبير عن المشاعر التي كان يحسها الفنان نفسه عندما جلس للعمل . ذلك لأن اللوحة تتكامل ببطء ولأن المشاعر التي يغذي بها الفنان لوحته مختلفة وبالنتيجة فان اللوحة ثمرة تجاربه كما أنها ثمرة همه في أن يتجاوز نفسه وأن يغزو مجالات لم تزل مجهولة ، وأن ينظم هذه المجالات الجديدة ، ويمكن فيها سلطانه .
واذا كان الفن الذي في مثل هذا الاستقلال والتفرد يفلت دائماً . الابتذال ، فذلك لأنه يتغذى من نسغ غريزة سخية ، ومن جميع امكانات ذهن صاف متطلب. وفي الحقيقة ، فان إستيف يخضع ما يأتي به الالهام ، الى عقله النقاد ، فيصفيه ويغنيه بتأملاته ، ويكثفه . ومعنى هذا أن الفنان لا يجعل من لوحته مجالاً لبوح نفسي متعجل ، وانما يباشرها بكل تعقيدات كيانه ، ويظهر فيها كما هو على حقيقته في القساوة، لاكما هو في حالة نفسية عابرة .
وليس من شك في أنه يمتاز قبل كل شيء بحزمه ، فالوانه من أقوى الألوان وأشكاله من أمتن الأشكال . واذا كان يكره الضجيج فقلبه لا يجهل الاندفاعات العاطفية ، واذا كان جماحه دائماً مكبوحا ، فذلك لا يمنع أن يكون فنه مفعما بالديناميكية بيد أن فن استيف لا يتميز بالقوة فحسب فحتى في اللوحات التي تبلغ فيها الألوان الحمراء والزرقاء والصفراء والسوداء أقوى رنينها ، نراه يدخل فيها من التلوين الخفيف، ماهو نادر ومفعم بالحساسية . وخلال السنوات الأخيرة ، توسعت الأشكال في لوحاته ، فازدادت حجما وأصبحت أكثر تفخيما، كما صار بعضها يتصل ببعض في مدى أكثر انفتاحاً . وعلاوة على ذلك ، فقد تخلت عما كان بها من انتظام هندسي دقيق خاصة حوالي ١٩٥٣ ، وأخذ منظرها الجانبي يقترب أكثر من ذي قبل من منظر الأشياء على طبيعتها . ولما كانت هذه الأشكال تتسم بصورة رئيسية بالغموض ، فبامكانها أن تشير الى حقائق مختلفة . فقد يحدث أن تثير في الناظر اليها ذكرى جذع شجرة ، أو ضفة نهر أو حصاة كبيرة ، أو طبقات جيولوجية أو ذكرى انساني أو أحد أجزاء هذا الجسم . ومع ذلك ، فمن الجدير بالتنويه ، أن أيا من هذه التفسيرات لا تستطيع أن تلم بجميع مافي الشكل من مضمون . والغاية الاساسية من تصوير مثل هذه الأشكال أن تثير عاطفة المرء لا بسبب ماقد توحي به ، بل بسببها هي نفسها . جسم هي أما « بازين Bazaine » و ( بیسییر Bissiere ) و ( لموال Le Moal ) و (مانیسیه Manessier ) و ( سینجییه Singier ) فيتطورون مضياً نحو الفن غير التشبيهي ، وذلك في نفس الفترة التي كان فيها استيف يمضي في تطوره. إلا أن طرائقهم التي قد نجد فيها بعض التقابل مختلفة كثيراً عن طريقته . فمنذ عام ١٩٤٢ برز لدى بازين اتجاه إلى تقسيم الأشياء إلى عدد كبير من الأجزاء التي لا يمنعها من التفكك إلا وجود النطاق الذي يحيط بها جميعاً. وقد حمله اعتباران اثنان على تفجير القشرة التي نرى الأشياء عادة تحتها ، فهو أن يقرب بين الأشياء وبين ما يحيط بها ، وهو ثانياً يريد أن يجعلها أكثر صلاحية لأن تلعب دورها كعناصر تشكيلية في لوحات مكونة من الخطوط والألوان . فلوحة ( قداس الرجل المسلح - ١٩٤٤ ) توحي بغموض صورة درع وخوذة ، إلا أن الذي يسيطر على اللوحة بصورة رئيسية هو مجموعة من الخطوط العمودية والأفقية . ترسم صورة وجه يعبر عن تصميم لايلين ، اندماجاً شديداً في ترتيب تصويري . وفي اللوحة أيضاً مندمج تناغم بين الألوان الحمراء والزرقاء التي تعبر عن اندفاع خال من الهذيان وعن انسجام لاعيب فيه .
واعتباراً من عام ١٩٤٦ أصبح التلميح إلى الأشياء ، أقل دقة وراح بازين يلح أكثر فأكثر على ما يوحد بين الأشياء لاعلى مايفرق بينها ، وعلى ما في مختلفها من صفات مشتركة ، لا على مافيها من تميز كلاً منها . وهو يقول : ان الحساسية الحقيقية تبدأ عندما يكتشف الفنان أن أختلاجات الشجرة ، وقشرة الماء تربطها قرابة ، ، وأن هو والحجر توأمان ، وأن العالم إذ يتقلص هكذا شيئاً فشيئاً يرى الفنان ، تحت هذا الوابل من الظواهر ، الاشارات الجوهرية التي تشكل في الوقت نفسه حقيقته وحقيقة الكون » .... فما يراه بازين ، وما يشعر به يعبر عنه بمعادلة ، وأن اللوحات التي يسميها : « انقشاع والسماء و « الظهيرة » و أشجار وصخور حوالي ١٩٥٠ ، لا تتضمن إلا خطوطاً وبقعاً من الألوان هندسية الشكل تقريباً . أما الخطوط فهي قائمة ، قوية ، ديناميكية ، تدفعها نحو أعلى اللوحة إيقاعات قوية . بل قد يبدو أنها تندفع إلى ما يجاوز الإطار وهذه الخطوط بتراصها وبتصالبها ، تخلع على اللوحة مظهراً من الحزم والكثافة ... ثم ان الألوان تؤثر بنفس المعنى فالتضاد بارز بين الحار والبارد ، وبين المنميء والمظلم منها . أن اللوحة تبدو وكأنها قطعة من صميم موج الحياة ، يبدو للناظر وكأن اللوحة تمتد في جميع الاتجاهات ، فإن المرء يحس فيها توازناً ، إلا أنه توازن مبني على المجابهة بين قوى . ومع أنه ومع فقدت الصبر .
وإن إقامة بازين في الولايات المتحدة عام ١٩٥٢ حملته على أن يزيد أيضاً في شدة فنه وزخمه . ففي لوحته المسماة شيكاغو ١٩٥٣ نرى الأشكال تتصادم ونرى الألوان الحمراء العنيفة تتقد كأنها أتون من النار إلا أن الرسم يظل ثابتاً ، واللوحة تحتفظ ببنيتها المتراصة ثم تأتي لوحات أخرى فتبشر بتكوين أكثر رخاوة ، وتظهر ذوبان العناصر بعضها في بعض أكثر من تعارضها .
وإذا كان بازين من قبل يفجر الأشياء ، فهو الآن يفجر الشكل ويفكك الفقرات . وهو في هذه الفترة أكثر من كل وقت مضى حساسية بالسوائل، بالممرات ، وبحركة الضوء والماء. فهل يصح القول بأن في ذلك رجعة إلى المذهب الانطباعي ؟ على كل حال ، لابد من الاعتراف
ان ( إستيف Esteve ) هو من هؤلاء الذين مضوا الى ماهو أبعد من الفن التصويري، بعد أن كان ممثلا لهذا الاتجاه بعقلية حديثة ، وبجدارة قوية ، وحوالي ١٩٤٢ صور مخادع منزلية ومناظر من الطبيعة الصامتة . واذا قارنا هذه الصورة بسابقاتها وجدنا أن الأشياء أصبحت ذات طابع أكثر حسية ، وأكثر اكتنازاً ، وإن لم تصبح أكثر واقعية ، فالحجوم تبرز فيها أكثر من السابق ، والألوان تبدو أكثر اشعاعا وأكثر امتلاء . ولعلنا نستطيع القول أن شاعرية بونار و ماتيس تقترن في هذه اللوحات بارادة ليجيه البناءة .
ثم يأتي يوم يبدأ فيه الموضوع بالتحجب ، ثم بالانمحاء ، والواقع أن استيف لايزال يصور في أواخر الأربعينات سلسلة من المهن والحرف : ( كالنحات ) ، ( نافخ الزجاج ) ، و ( الحصاد ) ، و « الطابع على الحجر » . ... والواقع أيضاً أنه يعمل فيها بعناية على تجسيد التحولات التي تجريها ممارسة العمل واستعمال الأدوات في العامل ، والحرفي والفنان ذلك ، فان المعنى الحقيقي لهذه اللوحات لا يظهر تماما الا لمن يتحسس في أعماقه بأشكالها وألوانها ، لأن في الألوان والأشكال تكمن بصورة جوهرية حقيقة اللوحة ، أي في طبيعة هذه الألوان والأشكال ، وعلائقها ببعضها وما بينها من تجانس أو تضاد ثم يخطو الفنان خطوة أخرى - فيكف تماما عن الرجوع الى العالم الخارجي أو على الاقل ، لم يعد يرجع اليه بشكل دقيق ومباشر .
ومهما كان ، بعد هذه الفترة ، عنوان اللوحة ، ومهما كانت التأويلات التي توحي بها ، فان إستيف لا يقصد سوى شيء واحد : أن يشكل ، على حد قول براك ، حدثا تصويرياً » .. وبالطبع فان هذا العنصر أو ذاك من عناصر اللوحة ، قد يثير صورة أشياء معينة، الا أنه لم تكن لتوجد عند تكوين هذا العنصر أية نية تشبيهية لدى الفنان . ولذلك فان اللوحة قد تثير في الذهن أفكارا ، ولكنها لا تعبر عن أي منها . وان اللوحة تشع مشاعر وأحاسيس ، بيد أنها لا تقتصر على التعبير عن المشاعر التي كان يحسها الفنان نفسه عندما جلس للعمل . ذلك لأن اللوحة تتكامل ببطء ولأن المشاعر التي يغذي بها الفنان لوحته مختلفة وبالنتيجة فان اللوحة ثمرة تجاربه كما أنها ثمرة همه في أن يتجاوز نفسه وأن يغزو مجالات لم تزل مجهولة ، وأن ينظم هذه المجالات الجديدة ، ويمكن فيها سلطانه .
واذا كان الفن الذي في مثل هذا الاستقلال والتفرد يفلت دائماً . الابتذال ، فذلك لأنه يتغذى من نسغ غريزة سخية ، ومن جميع امكانات ذهن صاف متطلب. وفي الحقيقة ، فان إستيف يخضع ما يأتي به الالهام ، الى عقله النقاد ، فيصفيه ويغنيه بتأملاته ، ويكثفه . ومعنى هذا أن الفنان لا يجعل من لوحته مجالاً لبوح نفسي متعجل ، وانما يباشرها بكل تعقيدات كيانه ، ويظهر فيها كما هو على حقيقته في القساوة، لاكما هو في حالة نفسية عابرة .
وليس من شك في أنه يمتاز قبل كل شيء بحزمه ، فالوانه من أقوى الألوان وأشكاله من أمتن الأشكال . واذا كان يكره الضجيج فقلبه لا يجهل الاندفاعات العاطفية ، واذا كان جماحه دائماً مكبوحا ، فذلك لا يمنع أن يكون فنه مفعما بالديناميكية بيد أن فن استيف لا يتميز بالقوة فحسب فحتى في اللوحات التي تبلغ فيها الألوان الحمراء والزرقاء والصفراء والسوداء أقوى رنينها ، نراه يدخل فيها من التلوين الخفيف، ماهو نادر ومفعم بالحساسية . وخلال السنوات الأخيرة ، توسعت الأشكال في لوحاته ، فازدادت حجما وأصبحت أكثر تفخيما، كما صار بعضها يتصل ببعض في مدى أكثر انفتاحاً . وعلاوة على ذلك ، فقد تخلت عما كان بها من انتظام هندسي دقيق خاصة حوالي ١٩٥٣ ، وأخذ منظرها الجانبي يقترب أكثر من ذي قبل من منظر الأشياء على طبيعتها . ولما كانت هذه الأشكال تتسم بصورة رئيسية بالغموض ، فبامكانها أن تشير الى حقائق مختلفة . فقد يحدث أن تثير في الناظر اليها ذكرى جذع شجرة ، أو ضفة نهر أو حصاة كبيرة ، أو طبقات جيولوجية أو ذكرى انساني أو أحد أجزاء هذا الجسم . ومع ذلك ، فمن الجدير بالتنويه ، أن أيا من هذه التفسيرات لا تستطيع أن تلم بجميع مافي الشكل من مضمون . والغاية الاساسية من تصوير مثل هذه الأشكال أن تثير عاطفة المرء لا بسبب ماقد توحي به ، بل بسببها هي نفسها . جسم هي أما « بازين Bazaine » و ( بیسییر Bissiere ) و ( لموال Le Moal ) و (مانیسیه Manessier ) و ( سینجییه Singier ) فيتطورون مضياً نحو الفن غير التشبيهي ، وذلك في نفس الفترة التي كان فيها استيف يمضي في تطوره. إلا أن طرائقهم التي قد نجد فيها بعض التقابل مختلفة كثيراً عن طريقته . فمنذ عام ١٩٤٢ برز لدى بازين اتجاه إلى تقسيم الأشياء إلى عدد كبير من الأجزاء التي لا يمنعها من التفكك إلا وجود النطاق الذي يحيط بها جميعاً. وقد حمله اعتباران اثنان على تفجير القشرة التي نرى الأشياء عادة تحتها ، فهو أن يقرب بين الأشياء وبين ما يحيط بها ، وهو ثانياً يريد أن يجعلها أكثر صلاحية لأن تلعب دورها كعناصر تشكيلية في لوحات مكونة من الخطوط والألوان . فلوحة ( قداس الرجل المسلح - ١٩٤٤ ) توحي بغموض صورة درع وخوذة ، إلا أن الذي يسيطر على اللوحة بصورة رئيسية هو مجموعة من الخطوط العمودية والأفقية . ترسم صورة وجه يعبر عن تصميم لايلين ، اندماجاً شديداً في ترتيب تصويري . وفي اللوحة أيضاً مندمج تناغم بين الألوان الحمراء والزرقاء التي تعبر عن اندفاع خال من الهذيان وعن انسجام لاعيب فيه .
واعتباراً من عام ١٩٤٦ أصبح التلميح إلى الأشياء ، أقل دقة وراح بازين يلح أكثر فأكثر على ما يوحد بين الأشياء لاعلى مايفرق بينها ، وعلى ما في مختلفها من صفات مشتركة ، لا على مافيها من تميز كلاً منها . وهو يقول : ان الحساسية الحقيقية تبدأ عندما يكتشف الفنان أن أختلاجات الشجرة ، وقشرة الماء تربطها قرابة ، ، وأن هو والحجر توأمان ، وأن العالم إذ يتقلص هكذا شيئاً فشيئاً يرى الفنان ، تحت هذا الوابل من الظواهر ، الاشارات الجوهرية التي تشكل في الوقت نفسه حقيقته وحقيقة الكون » .... فما يراه بازين ، وما يشعر به يعبر عنه بمعادلة ، وأن اللوحات التي يسميها : « انقشاع والسماء و « الظهيرة » و أشجار وصخور حوالي ١٩٥٠ ، لا تتضمن إلا خطوطاً وبقعاً من الألوان هندسية الشكل تقريباً . أما الخطوط فهي قائمة ، قوية ، ديناميكية ، تدفعها نحو أعلى اللوحة إيقاعات قوية . بل قد يبدو أنها تندفع إلى ما يجاوز الإطار وهذه الخطوط بتراصها وبتصالبها ، تخلع على اللوحة مظهراً من الحزم والكثافة ... ثم ان الألوان تؤثر بنفس المعنى فالتضاد بارز بين الحار والبارد ، وبين المنميء والمظلم منها . أن اللوحة تبدو وكأنها قطعة من صميم موج الحياة ، يبدو للناظر وكأن اللوحة تمتد في جميع الاتجاهات ، فإن المرء يحس فيها توازناً ، إلا أنه توازن مبني على المجابهة بين قوى . ومع أنه ومع فقدت الصبر .
وإن إقامة بازين في الولايات المتحدة عام ١٩٥٢ حملته على أن يزيد أيضاً في شدة فنه وزخمه . ففي لوحته المسماة شيكاغو ١٩٥٣ نرى الأشكال تتصادم ونرى الألوان الحمراء العنيفة تتقد كأنها أتون من النار إلا أن الرسم يظل ثابتاً ، واللوحة تحتفظ ببنيتها المتراصة ثم تأتي لوحات أخرى فتبشر بتكوين أكثر رخاوة ، وتظهر ذوبان العناصر بعضها في بعض أكثر من تعارضها .
وإذا كان بازين من قبل يفجر الأشياء ، فهو الآن يفجر الشكل ويفكك الفقرات . وهو في هذه الفترة أكثر من كل وقت مضى حساسية بالسوائل، بالممرات ، وبحركة الضوء والماء. فهل يصح القول بأن في ذلك رجعة إلى المذهب الانطباعي ؟ على كل حال ، لابد من الاعتراف
تعليق