بل بالعكس فقد قال لورنز : كنت أريد أن ألغي آثار التغيرات الضوئية على التماثيل . علماً بأني أعتقد أن هذا بالذات هو كل ما ينشده العصور باستخدامهم الألوان المتعددة ، وعندما جميع المثالين في جميع يكون التمثال أحمر أو أزرق أو أصفر فإنه يظل دائماً أحمر أو أزرق أو أصفر . في حين أن التمثال غير الملون تظهر فيه آثار تنقل الأضواء والظلال ولذلك يتغير باستمرار من حيث المنظر وكأن رأيي أن الغاية من تلوين التمثال أن يكون للنحت ضوءه الخاص به .
ومهما يكن من أمر ، فإن هذين الفنانين ظلا بین ۱۹۱۵ و ۱۹۲۱ قريبين إلى حد ما من بعضهما ، اللهم إلا أن لورنز يبدو أكثر حناناً وأكثر حساسية من ليبشيتز ، وان لم يكن أقل دقة منه . ويمكن القول أن لورنز أقرب إلى براك والآخر أقرب إلى خوان غرى وفي مطلع العشرينات بدأ أسلوب كل منهما يتحول ويتغير ، وأخذت الفروق بين انتاجيهما تزداد بروزاً .
أما لورنز ، فدون أن يفكر في التنكر لماضيه ، طفق يدخل ، في انتظام الهيكل الهندسي ، انعطافات حسية تبعد فنه عن وتدنيه من الحياة العضوية. وأخذت الأحجام تستدير بصورة تدريجية . ولم يعد للحوافي حدتها السابقة أو أخذت تتلاشى . وأصبحت صوره الجانبية أكثر مرونة وأكثر تعرجاً وصار الموضوع الذي يؤثر معالجته هو جسد المرأة . فراح ينحت تماثيلها مرة قاعدة ومرة جالسة القرفصاء ، وتارة مضطجعة ، وتارة واقفة وإذا كان على العكس من مايول لا يحرص على احترام النسب الطبيعية لجسم المرأة ، فهو لايشوه هذا الجسم كما يفعل بيكاسو استخفافاً . إن همه أن الأكبر هو بالطبع ينحت تمثالاً يخضع كل عنصر من عناصره الرأس والذراعان والصدر والبطن والساقان تماماً إلى متطلبات نظام تشكيلي . ولكنه كلما تقدم أصبحت الحجوم مشحونة بشهوانية أكثر ، وبدت الأجسام غنية بتجارب جنسية لا تخلو مع من الاحتشام . وبينما كانت منحوتاته في حوالي ۱۹۲۰ منطوية على بعضها ، بحيث تشكل كتلاً متراصة ، أصبحت بعد ۱۹۳۰ متفتحة مزدهية . فابتعدت السيقان والأذرعة عن الجذع ، وراحت تنغمس في الفضاء . وترسم منحنيات متماوجة ، وتحيط بمفرغات تبرز الاكتناز المستذاق للاقسام المليئة. وقد تجاوز لورنز حدود النزعة الانسانية العقلانية ، وقدم لنا مخلوقات يمتزج في تكوينها الخيال والملاحظة بشكل موفق جداً . وإذا بنا أمام مجموعة رائعة من التماثيل ، بدءاً من ( السيدة ذات المروحة ) ( ۱۹۱۹ ) إلى : الأوندين Ondines جن الماء » و « الزنجية » ( ١٩٣٤ ) وانتهاء ( بالموسيقية العظيمة ) ( ۱۹۳۸ ) ، وهي واحدة من أروع المنحوتات المعاصرة، وأقواها وأفخمها.
أما آثار ليبشيتز في العشرينات فأكثرها ذات طابع أكثر تجرداً من آثار لورنز . وأعني بذلك أنها تبدو وكأنما خلقتها المفاهيم أكثر مما خلقتها المشاعر . وإذا كانت النزعة الهندسية لاتزال موجودة فيها ، فإن عدد السطوح يتناقص ، في حين تزداد قوة الأشكال ، ويزداد معها صفاء البنية . وليبشتز يحرص ، هو أيضاً، على أن يسيطر على الفراغ . وإذا كان من جهة أولى ، يحصر الفراغ ويحبسه بقوة ، فهو من جهة ثانية يحبسه في مجموعة لينة من الحبال والأشرطة .
وهذه الطريقة الثانية التي تبناها في ۱۹۲٥ - ۱۹۲۷ أتاحت له أن ينفذ مجموعته المسماة ( الشفافة ) من البرونز ، وليس فيها إلا خطوط تعانق حجوماً وهمية . أنه يبدو أحياناً مولعاً أشد الولوع بالاتجاه ومع الشاقولي شديد الوضوح ، كما فعل عام ۱۹۳۰ في ( الوجه الجليل ) ، فهو يكتشف أكثر فأكثر ميله الشديد إلى الخط المنحنى ، والشكل المتموج، أي إلى الفن الباروكي . وهذه الميول ذات الطابع الباروكي تبدو في و فرحة الحياة » ( ۱۹۲۷ ) و ( انشودة الحروف الصوتية ) ( ۱۹۳۲ ) ، ولكنها تبرز وتسود ، بصورة أوضح ، في ( العناق ) ( ١٩٣٤ ) ، وبصورة خاصة في الآثار التي يستوحيها من الأساطير مثل « بروميتيه ( Promethe ) ( ١٩٣٦ ) و « اختطاف اوروبا » ( ۱۹۳۸ ) ومنذئذ تأخذ حجومه في الاحديداب والتلوي وتتمزق أشكالها الجانبية ، وتقسو طريقة نحتها ، وتصبح مضطربة بحيث تبرز المنحوتات بصورة عامة لفكر الناظر إليها أعمالاً مثيرة ، وحركات ضاجة صاخبة .
وليبشيتر لتواني الأصل ، وقد جاء من ليتوانيا إلى باريز عام ١٩٠٩ ، وفي هذا العام بالذات جاء إليها شاب آخر ، من مواليد روسيا ، هو ( زادكين Zadikine ) وعند هذا الفنان أيضاً نرى الميول الباروكية تسيطر وتسود آخر الأمر . وهو أيضاً بدأ يحب الساكن . وفي خلال الأعوام التي أعقبت الحرب ١٩١٤ ١٩١٨ أخذ يميل من جهة أولى الى ان يظهر فيما ينحته من صخر أو خشب رؤوسا وأجساماً عارية لا تترابط إلا قليلاً وبشكل بسيط . ولكنه من جهة ثانية انقاد التكعيبية إلى جعل الحجوم متمايزة بعضها عن بعض وإلى جعل المقعر والمحدب يتقابلان ويتعارضان وكذلك الخط المستقيم والزاوية يعارضان الدائرة والخط المنحني. على أن انجذابه إلى النحت النقي الصافي أقل من انجذاب لورنز أو ليبشيتز . فهو يظل مهووساً بتعبيرات الوجوه ، وبالعلاقات الانسانية التي يمكن أن تنشأ بين الشخصيات المختلفة وهو ، فوق ذلك ، بعيد أشد البعد عن أن يكون معادياً لما يسمى «الأدب». وقدحفر في الخشب عام ١٩٣٤ مجموعة رائعة سماها هومو سابيانز أي الانسان العاقل .... وهي تتألف من رجل وامرأة قاعدين قرب جزء من عمود
ومهما يكن من أمر ، فإن هذين الفنانين ظلا بین ۱۹۱۵ و ۱۹۲۱ قريبين إلى حد ما من بعضهما ، اللهم إلا أن لورنز يبدو أكثر حناناً وأكثر حساسية من ليبشيتز ، وان لم يكن أقل دقة منه . ويمكن القول أن لورنز أقرب إلى براك والآخر أقرب إلى خوان غرى وفي مطلع العشرينات بدأ أسلوب كل منهما يتحول ويتغير ، وأخذت الفروق بين انتاجيهما تزداد بروزاً .
أما لورنز ، فدون أن يفكر في التنكر لماضيه ، طفق يدخل ، في انتظام الهيكل الهندسي ، انعطافات حسية تبعد فنه عن وتدنيه من الحياة العضوية. وأخذت الأحجام تستدير بصورة تدريجية . ولم يعد للحوافي حدتها السابقة أو أخذت تتلاشى . وأصبحت صوره الجانبية أكثر مرونة وأكثر تعرجاً وصار الموضوع الذي يؤثر معالجته هو جسد المرأة . فراح ينحت تماثيلها مرة قاعدة ومرة جالسة القرفصاء ، وتارة مضطجعة ، وتارة واقفة وإذا كان على العكس من مايول لا يحرص على احترام النسب الطبيعية لجسم المرأة ، فهو لايشوه هذا الجسم كما يفعل بيكاسو استخفافاً . إن همه أن الأكبر هو بالطبع ينحت تمثالاً يخضع كل عنصر من عناصره الرأس والذراعان والصدر والبطن والساقان تماماً إلى متطلبات نظام تشكيلي . ولكنه كلما تقدم أصبحت الحجوم مشحونة بشهوانية أكثر ، وبدت الأجسام غنية بتجارب جنسية لا تخلو مع من الاحتشام . وبينما كانت منحوتاته في حوالي ۱۹۲۰ منطوية على بعضها ، بحيث تشكل كتلاً متراصة ، أصبحت بعد ۱۹۳۰ متفتحة مزدهية . فابتعدت السيقان والأذرعة عن الجذع ، وراحت تنغمس في الفضاء . وترسم منحنيات متماوجة ، وتحيط بمفرغات تبرز الاكتناز المستذاق للاقسام المليئة. وقد تجاوز لورنز حدود النزعة الانسانية العقلانية ، وقدم لنا مخلوقات يمتزج في تكوينها الخيال والملاحظة بشكل موفق جداً . وإذا بنا أمام مجموعة رائعة من التماثيل ، بدءاً من ( السيدة ذات المروحة ) ( ۱۹۱۹ ) إلى : الأوندين Ondines جن الماء » و « الزنجية » ( ١٩٣٤ ) وانتهاء ( بالموسيقية العظيمة ) ( ۱۹۳۸ ) ، وهي واحدة من أروع المنحوتات المعاصرة، وأقواها وأفخمها.
أما آثار ليبشيتز في العشرينات فأكثرها ذات طابع أكثر تجرداً من آثار لورنز . وأعني بذلك أنها تبدو وكأنما خلقتها المفاهيم أكثر مما خلقتها المشاعر . وإذا كانت النزعة الهندسية لاتزال موجودة فيها ، فإن عدد السطوح يتناقص ، في حين تزداد قوة الأشكال ، ويزداد معها صفاء البنية . وليبشتز يحرص ، هو أيضاً، على أن يسيطر على الفراغ . وإذا كان من جهة أولى ، يحصر الفراغ ويحبسه بقوة ، فهو من جهة ثانية يحبسه في مجموعة لينة من الحبال والأشرطة .
وهذه الطريقة الثانية التي تبناها في ۱۹۲٥ - ۱۹۲۷ أتاحت له أن ينفذ مجموعته المسماة ( الشفافة ) من البرونز ، وليس فيها إلا خطوط تعانق حجوماً وهمية . أنه يبدو أحياناً مولعاً أشد الولوع بالاتجاه ومع الشاقولي شديد الوضوح ، كما فعل عام ۱۹۳۰ في ( الوجه الجليل ) ، فهو يكتشف أكثر فأكثر ميله الشديد إلى الخط المنحنى ، والشكل المتموج، أي إلى الفن الباروكي . وهذه الميول ذات الطابع الباروكي تبدو في و فرحة الحياة » ( ۱۹۲۷ ) و ( انشودة الحروف الصوتية ) ( ۱۹۳۲ ) ، ولكنها تبرز وتسود ، بصورة أوضح ، في ( العناق ) ( ١٩٣٤ ) ، وبصورة خاصة في الآثار التي يستوحيها من الأساطير مثل « بروميتيه ( Promethe ) ( ١٩٣٦ ) و « اختطاف اوروبا » ( ۱۹۳۸ ) ومنذئذ تأخذ حجومه في الاحديداب والتلوي وتتمزق أشكالها الجانبية ، وتقسو طريقة نحتها ، وتصبح مضطربة بحيث تبرز المنحوتات بصورة عامة لفكر الناظر إليها أعمالاً مثيرة ، وحركات ضاجة صاخبة .
وليبشيتر لتواني الأصل ، وقد جاء من ليتوانيا إلى باريز عام ١٩٠٩ ، وفي هذا العام بالذات جاء إليها شاب آخر ، من مواليد روسيا ، هو ( زادكين Zadikine ) وعند هذا الفنان أيضاً نرى الميول الباروكية تسيطر وتسود آخر الأمر . وهو أيضاً بدأ يحب الساكن . وفي خلال الأعوام التي أعقبت الحرب ١٩١٤ ١٩١٨ أخذ يميل من جهة أولى الى ان يظهر فيما ينحته من صخر أو خشب رؤوسا وأجساماً عارية لا تترابط إلا قليلاً وبشكل بسيط . ولكنه من جهة ثانية انقاد التكعيبية إلى جعل الحجوم متمايزة بعضها عن بعض وإلى جعل المقعر والمحدب يتقابلان ويتعارضان وكذلك الخط المستقيم والزاوية يعارضان الدائرة والخط المنحني. على أن انجذابه إلى النحت النقي الصافي أقل من انجذاب لورنز أو ليبشيتز . فهو يظل مهووساً بتعبيرات الوجوه ، وبالعلاقات الانسانية التي يمكن أن تنشأ بين الشخصيات المختلفة وهو ، فوق ذلك ، بعيد أشد البعد عن أن يكون معادياً لما يسمى «الأدب». وقدحفر في الخشب عام ١٩٣٤ مجموعة رائعة سماها هومو سابيانز أي الانسان العاقل .... وهي تتألف من رجل وامرأة قاعدين قرب جزء من عمود
تعليق