الألوان فإنها . مع ذلك تحافظ على رقتها وعلى قدرتها الفتانة . وحوالي ۱۹۳۵ عاد و فيللون » فتقرب من الأشياء ، وأصبحت ملونته أكثر غنى . وأتسم فنه منذ ذلك الحين بالطابع الزاهر النادر ، والكلي الرقة ، هذا الطابع نفسه الذي سيظل يرافق فنه حتى وفاته .
أما دولوني فقد أقام أثناء الحرب في اسبانيا والبرتغال . وصور فيهما لوحات للعاريات وللطبيعة الصامتة ، نجد فيها جميع خصائص لوحاته السابقة : فالأشياء التي يسهل التعرف عليها ، والأشكال المبتكرة تتحد بنفس الألوان النقية وتشترك بنفس هذه الايقاعات الدائرية وستظل هذه ملازمة لهذا الفنان، وهو من جهته يزداد ميلاً إلى أن يرتبها ترتيباً منسقاً . وفي سياق العشرينات ، ظل الأشخاص كصورة « فيليب سوبو العدائين في سباقهم ، ومشاهد من لعبة كرة القدم ، لايزال فيها كلها نصيب وافر من الحرية. ولكنه ، بعد عام ١٩٣٠ ، أي عندما راح يكرس اللوحة بكاملها لتطور الايقاعات ، لم يجده شيئاً ما لجأ إليه من تقوية بريق الألوان ، ولا ماحاوله من جعل الحركات أكثر انطلاقاً لأن التركيب الارادي المتعمد ظاهر فيها. وإن اللوحة بكاملها تبدو وكأنها مجرد تمرين في الأسلوب . مما يبعدها عن أن يكون فيها تلك الشاعرية التي كانت تنبض بشدة في لوحات الفترة بين ۱۹۱۰ و ١٩١٤ .
هذا ، علماً بأن دولوني كان مهتماً وقتئذ بفن يمكن أن بفن العمارة ولما طلب منه أن يصنع زخرفة لقصر الطيران في المعرض الدولي الذي اقيم بباريز عام ۱۹۳۷ فقد نفذ عملاً متعدد الجوانب استمده من تجاربه السابقة ، وهو بعيد عن المظهر المدرسي ، بل على العكس ملي بالاندفاع والرهفة .
أما ليجة فلا يخشى عليه أن يتيه يوماً في بحوث ذهنية صرفة . ومع ذلك ، فبعد أن عاد من الحرب ، ألفى نفسه مأخوذ والآلة ودورهما في عالم اليوم . وقد دفعه ذلك إلى صنع لوحات أكثر دقة من كل وقت مضى ، فأصبحت الأشكال عنده أكثر وضوحاً وأكثر قسوة . وأغدق عليها من الألوان الحية ، التي تظهر طابعها الميكانيكي ورغم هذا كله ، نجا فنه من الطابع الهيكلي ، ومن البرودة . لأنه رغم كل شي ، يدين لغريزته وسليقته ، أكثر مما يدين لتفكيره وحسبانه . ولأن هذا الفن هو نتاج مزاج فياض لا يكتفي بأن يقبل عالمنا الميكانيكي وحسب ، بل هو يجده فاتنا . ويجد فيه تجسيداً للطلقة نفسها التي تملأ صدره . ولذلك نجده في السنوات التي أعقبت الحرب ، ينتج تأليفات رائعة تجمع بين الدقة الشديدة وبين الحيوية الدافقة . ولا سيما لوحته المسماة المدينة ۱۹۱۹ ، بما فيها من صروح ومن لوحات اعلانية ولافتات ومن بنايات سكنية والسلم المؤدي إلى المترو وبينما نجد لوحات الفنانيين التعبيريين تمثل غالباً المدينة على أنها مكان يبدو فيه الانسان تائهاً مستسلماً للقنوط ، نجد المدينة هنا إطاراً رائعاً مذهلاً و هو يشهد بمناقب الانسانية الخلاقة ويبعث النشوة .
وفي ١٩٢٠ بدأ ليجه يفصل بشكل أفضل بين الكائن الانساني وبين الأشكال والأشياء المحيطة به. فراح يصور في أمامية لوحاته أشخاصاً ضخاماً ، تبدو وكأنها صنعت من صفائح معدنية ملونة.. وهي بصورة عامة . نساء لهن رؤوس كروية ، وشعر أسود ملمع ، وليس ثمة أي تعبير سيكولوجي في وجوههن فهن لاشيء سوى احجام كروية أو بيضوية وأفواه عنيفة، وأنوف تربطها با لحواجب خطوط حازمة ونظرات جامدة عميقة ، وقد بلغت الضخامة الكهنوتية في هذه الصور في ۱٩٢٤ - ۱۹۲۷ ان بدت جديرة بأن تعلق الى جانب صورة عذراء من تصوير الفنان ( سيمابويه Cimabu ) أو صورة عذراء البيزنطية هذا علماً ، بأن ليجيه بعيد عن الاهتمامات الدينية ، وهو لايبالي الا بالجمال الفني لأشخاصه ، واذا كان في هؤلاء الأشخاص شيء من المهابة الكهنوتية ، فما ذلك الا من تأثير اسلوبه الذي يمتاز بالتبسيط والقوة .
واذا ما التفت الى الأشياء ، فهو لا يرسم طبيعة صامتة حقيقية ولا يضعها فوق مائدة ، وانما يجعلها في فضاء خيالي ، قصدا منه لأن يغدق عليها وضوحاً أشد وأبرز ، وهذا ما يفسر لنا أيضاً طريقته في الجمع بين الاشياء . فهو يضع تمثالا صغيراً أحمر الى جانب مقص ، أو يضع مجموعة مفاتيح الى جانب مظلة ، أو الى جانب نسخة من نسخ صور الجوكندا ، وكما أنه يهدف الى ابراز التناقض بين الألوان وبين الأشكال ، كذلك يهدف الى ابراز التناقض بين الأشياء . ويقوي هذا التناقض بالأبعاد التي يخلعها عليها . فهو مثلا ، يجعل صورة الجوكندا أصغر من صورة مجموعة المفاتيح ، أو يجعل عنقودا من العنب أكبر بمرتين من رأس بشري ، مع أن هذا الرأس نفسه لا يبدو صغيراً جداً وحوالي عام ١٩٣٤ أخذت الغيوم والأشجار والنباتات والزهور تحل محل الأشياء المعدنية ومنتجات المعامل ، لكنها تعالج بنفس العقلية التي عولجت بها تلك عدا عن أن أشكالها أقل انتظاماً . وكذلك هو شأن الكائنات البشرية اذ أصبحت الأجسام أكثر ليونة . ولكنها لاتزال بادية كتلية وقوية ، بل أن ليجيه يلح أكثر فأكثر على متانة هذه الأجسام. فراح ( ينفخ )ويضخم الأذرعة والأجزاء العلوية والسيقان . ويبرز قوتها بواسطة الظلال التي يضعها طوال حدودها مما يعطي انطباعاً شديداً بكبر الحجم ، وفي الوقت نفسه ، بدأت تظهر لمحات قليلة من الجمال، في بعض النساء اللواتي يصور هن . كما أن الوجوه كلها تنضح بالصحة والتفاؤل . وفي الواقع ، مهما كان المناخ السياسي لتلك الفترة من الزمن ، ومهما كان نصيب ليجيه من الاسهام في الأحداث كانسان وهو لا ينظر الى الأحداث بعين اللامبالاة فان فنه يخلو من التمزق . وهو لا يعرف الا القوة المتكاملة ، ولا ينقل الا المشاعر المشجعة .
وفي هذه الفترة التي نحن بصددها ، نجد ثمة محاولات أخرى تسيطر عليها ، بدرجات متفاوتة المبادىء أو تجارب التكعيبية . فـ ( فالمية Valmer ) مثلا يستعمل في بعض أعماله تعابير فيها بعض التشابه مع تلك التي يستعملها ليجيه . بيد أنه أقل ميلا الى التأكيدات الحازمة ، وأكثر ميلا الى النعومة الفاتنة . أما ماريا بلانشار Maria Blanchard فكانت في عام ۱۹۲۰ قريبة من خوان غرى . . . وبعد ذلك يوجد الكثير من الذكريات التكعيبية في صور الأشخاص التي تصورها متسمة بالطابع الهندسي ، وكذلك فان حب المنحى الهندسي يظل حيا في قلب « غليز الذي أراد أن يخلق تعبيراً جديداً فخما يضعه في خدمة مفاهيمه الدينية . فأخذ يحول كل صورة أو شكل الى هيكل اهليلجي . أما « أندريه لوت فاستمر يصور في نفس الاسلوب الذي كان يتبعه قبل عام ١٩١٥ في حين أن « فريسني قد عاد من الحرب مهشماً فأصبح بطل الاتجاه الذي يريد أن يجمع بين التكعيبية والتقاليد الواقعية . ولاشك في أن ذكاءه النفاذ الذي جعل منه ناقداً فنياً مرموقاً قد حدا به الى أن يضفي على لوحاته الكبرى طابع برهان ظاهر . بيد أنه يفرض التقدير بالاندفاع الذي يستخدمه للاستجابة الى أسمى مطالب الفن وباهتمامه في نبذ كل مافيه جبن أو أسفاف في أعماله . وانه لدائب المجاهرة بهذا الاهتمام في كتبه ومقالاته التي تسهم اسهاما كبيراً ، لافي ارشاد الشباب فحسب، بل في تنوير الجمهور أيضاً . لأنها تبذل قصارى الجهد لجعل هذا الجمهور يألف محاولات التصوير المعاصر و اهتمامات كبار الفنانين القدامى .
أما دولوني فقد أقام أثناء الحرب في اسبانيا والبرتغال . وصور فيهما لوحات للعاريات وللطبيعة الصامتة ، نجد فيها جميع خصائص لوحاته السابقة : فالأشياء التي يسهل التعرف عليها ، والأشكال المبتكرة تتحد بنفس الألوان النقية وتشترك بنفس هذه الايقاعات الدائرية وستظل هذه ملازمة لهذا الفنان، وهو من جهته يزداد ميلاً إلى أن يرتبها ترتيباً منسقاً . وفي سياق العشرينات ، ظل الأشخاص كصورة « فيليب سوبو العدائين في سباقهم ، ومشاهد من لعبة كرة القدم ، لايزال فيها كلها نصيب وافر من الحرية. ولكنه ، بعد عام ١٩٣٠ ، أي عندما راح يكرس اللوحة بكاملها لتطور الايقاعات ، لم يجده شيئاً ما لجأ إليه من تقوية بريق الألوان ، ولا ماحاوله من جعل الحركات أكثر انطلاقاً لأن التركيب الارادي المتعمد ظاهر فيها. وإن اللوحة بكاملها تبدو وكأنها مجرد تمرين في الأسلوب . مما يبعدها عن أن يكون فيها تلك الشاعرية التي كانت تنبض بشدة في لوحات الفترة بين ۱۹۱۰ و ١٩١٤ .
هذا ، علماً بأن دولوني كان مهتماً وقتئذ بفن يمكن أن بفن العمارة ولما طلب منه أن يصنع زخرفة لقصر الطيران في المعرض الدولي الذي اقيم بباريز عام ۱۹۳۷ فقد نفذ عملاً متعدد الجوانب استمده من تجاربه السابقة ، وهو بعيد عن المظهر المدرسي ، بل على العكس ملي بالاندفاع والرهفة .
أما ليجة فلا يخشى عليه أن يتيه يوماً في بحوث ذهنية صرفة . ومع ذلك ، فبعد أن عاد من الحرب ، ألفى نفسه مأخوذ والآلة ودورهما في عالم اليوم . وقد دفعه ذلك إلى صنع لوحات أكثر دقة من كل وقت مضى ، فأصبحت الأشكال عنده أكثر وضوحاً وأكثر قسوة . وأغدق عليها من الألوان الحية ، التي تظهر طابعها الميكانيكي ورغم هذا كله ، نجا فنه من الطابع الهيكلي ، ومن البرودة . لأنه رغم كل شي ، يدين لغريزته وسليقته ، أكثر مما يدين لتفكيره وحسبانه . ولأن هذا الفن هو نتاج مزاج فياض لا يكتفي بأن يقبل عالمنا الميكانيكي وحسب ، بل هو يجده فاتنا . ويجد فيه تجسيداً للطلقة نفسها التي تملأ صدره . ولذلك نجده في السنوات التي أعقبت الحرب ، ينتج تأليفات رائعة تجمع بين الدقة الشديدة وبين الحيوية الدافقة . ولا سيما لوحته المسماة المدينة ۱۹۱۹ ، بما فيها من صروح ومن لوحات اعلانية ولافتات ومن بنايات سكنية والسلم المؤدي إلى المترو وبينما نجد لوحات الفنانيين التعبيريين تمثل غالباً المدينة على أنها مكان يبدو فيه الانسان تائهاً مستسلماً للقنوط ، نجد المدينة هنا إطاراً رائعاً مذهلاً و هو يشهد بمناقب الانسانية الخلاقة ويبعث النشوة .
وفي ١٩٢٠ بدأ ليجه يفصل بشكل أفضل بين الكائن الانساني وبين الأشكال والأشياء المحيطة به. فراح يصور في أمامية لوحاته أشخاصاً ضخاماً ، تبدو وكأنها صنعت من صفائح معدنية ملونة.. وهي بصورة عامة . نساء لهن رؤوس كروية ، وشعر أسود ملمع ، وليس ثمة أي تعبير سيكولوجي في وجوههن فهن لاشيء سوى احجام كروية أو بيضوية وأفواه عنيفة، وأنوف تربطها با لحواجب خطوط حازمة ونظرات جامدة عميقة ، وقد بلغت الضخامة الكهنوتية في هذه الصور في ۱٩٢٤ - ۱۹۲۷ ان بدت جديرة بأن تعلق الى جانب صورة عذراء من تصوير الفنان ( سيمابويه Cimabu ) أو صورة عذراء البيزنطية هذا علماً ، بأن ليجيه بعيد عن الاهتمامات الدينية ، وهو لايبالي الا بالجمال الفني لأشخاصه ، واذا كان في هؤلاء الأشخاص شيء من المهابة الكهنوتية ، فما ذلك الا من تأثير اسلوبه الذي يمتاز بالتبسيط والقوة .
واذا ما التفت الى الأشياء ، فهو لا يرسم طبيعة صامتة حقيقية ولا يضعها فوق مائدة ، وانما يجعلها في فضاء خيالي ، قصدا منه لأن يغدق عليها وضوحاً أشد وأبرز ، وهذا ما يفسر لنا أيضاً طريقته في الجمع بين الاشياء . فهو يضع تمثالا صغيراً أحمر الى جانب مقص ، أو يضع مجموعة مفاتيح الى جانب مظلة ، أو الى جانب نسخة من نسخ صور الجوكندا ، وكما أنه يهدف الى ابراز التناقض بين الألوان وبين الأشكال ، كذلك يهدف الى ابراز التناقض بين الأشياء . ويقوي هذا التناقض بالأبعاد التي يخلعها عليها . فهو مثلا ، يجعل صورة الجوكندا أصغر من صورة مجموعة المفاتيح ، أو يجعل عنقودا من العنب أكبر بمرتين من رأس بشري ، مع أن هذا الرأس نفسه لا يبدو صغيراً جداً وحوالي عام ١٩٣٤ أخذت الغيوم والأشجار والنباتات والزهور تحل محل الأشياء المعدنية ومنتجات المعامل ، لكنها تعالج بنفس العقلية التي عولجت بها تلك عدا عن أن أشكالها أقل انتظاماً . وكذلك هو شأن الكائنات البشرية اذ أصبحت الأجسام أكثر ليونة . ولكنها لاتزال بادية كتلية وقوية ، بل أن ليجيه يلح أكثر فأكثر على متانة هذه الأجسام. فراح ( ينفخ )ويضخم الأذرعة والأجزاء العلوية والسيقان . ويبرز قوتها بواسطة الظلال التي يضعها طوال حدودها مما يعطي انطباعاً شديداً بكبر الحجم ، وفي الوقت نفسه ، بدأت تظهر لمحات قليلة من الجمال، في بعض النساء اللواتي يصور هن . كما أن الوجوه كلها تنضح بالصحة والتفاؤل . وفي الواقع ، مهما كان المناخ السياسي لتلك الفترة من الزمن ، ومهما كان نصيب ليجيه من الاسهام في الأحداث كانسان وهو لا ينظر الى الأحداث بعين اللامبالاة فان فنه يخلو من التمزق . وهو لا يعرف الا القوة المتكاملة ، ولا ينقل الا المشاعر المشجعة .
وفي هذه الفترة التي نحن بصددها ، نجد ثمة محاولات أخرى تسيطر عليها ، بدرجات متفاوتة المبادىء أو تجارب التكعيبية . فـ ( فالمية Valmer ) مثلا يستعمل في بعض أعماله تعابير فيها بعض التشابه مع تلك التي يستعملها ليجيه . بيد أنه أقل ميلا الى التأكيدات الحازمة ، وأكثر ميلا الى النعومة الفاتنة . أما ماريا بلانشار Maria Blanchard فكانت في عام ۱۹۲۰ قريبة من خوان غرى . . . وبعد ذلك يوجد الكثير من الذكريات التكعيبية في صور الأشخاص التي تصورها متسمة بالطابع الهندسي ، وكذلك فان حب المنحى الهندسي يظل حيا في قلب « غليز الذي أراد أن يخلق تعبيراً جديداً فخما يضعه في خدمة مفاهيمه الدينية . فأخذ يحول كل صورة أو شكل الى هيكل اهليلجي . أما « أندريه لوت فاستمر يصور في نفس الاسلوب الذي كان يتبعه قبل عام ١٩١٥ في حين أن « فريسني قد عاد من الحرب مهشماً فأصبح بطل الاتجاه الذي يريد أن يجمع بين التكعيبية والتقاليد الواقعية . ولاشك في أن ذكاءه النفاذ الذي جعل منه ناقداً فنياً مرموقاً قد حدا به الى أن يضفي على لوحاته الكبرى طابع برهان ظاهر . بيد أنه يفرض التقدير بالاندفاع الذي يستخدمه للاستجابة الى أسمى مطالب الفن وباهتمامه في نبذ كل مافيه جبن أو أسفاف في أعماله . وانه لدائب المجاهرة بهذا الاهتمام في كتبه ومقالاته التي تسهم اسهاما كبيراً ، لافي ارشاد الشباب فحسب، بل في تنوير الجمهور أيضاً . لأنها تبذل قصارى الجهد لجعل هذا الجمهور يألف محاولات التصوير المعاصر و اهتمامات كبار الفنانين القدامى .
تعليق