فرينيه (سيليستان -)
(1896-1966)
سيليستان فرينيه Célestin Freinet سياسي ومربٍ فرنسي شيوعي، ولد في قرية غار Gars بفرنسا، وتوفي ودفن فيها. عرف بنقده الشديد للنظام التربوي الحكومي المحافظ في بلاده، وبكونه صاحب نظرية تعليمية جديدة، طبقها على تلاميذه حين عمل معلماً في المرحلة الإعدادية عام 1924، فعرفت بالتعلم بتقانة الطباعة learning printing technique، وفيها يستخدم المتعلمون آلة كاتبة لكتابة نصوص يؤلفونها بأنفسهم ويتحدثون فيها عن خبراتهم الشخصية والأحداث التي يعايشونها داخل الصف وخارجه وتعرض هذه النصوص على الصف بأكمله لتناقش وتصحح وتحرر قبل أن تطبع في عمل جماعي، ثم تجمع لتصنع منها مجلات وجرائد مدرسية.
وبدءاً من عام 1926 انتشرت هذه الطريقة حتى شاع تبادل نتاجات التلاميذ بانتظام بين عدد من صفوف المدارس الإعدادية في فرنسا التي انضم معلموها إلى حركة تحديث التعليم. وأسس فرينيه ما أسماه «مدرسة التعليم بالمراسلة» Correspondance Scolaire التي ما لبثت فكرتها أن عمّت العالم.
وفي عام 1928، أسس المعلمون الذين اتبعوا طريقة فرينيه في التعليم، تعاونية المربين الشعبيين التي أصبحت تعرف باسم حركة فرينيه Freinet Movement وأصدرت عام 1932 مجلة «المربي البروليتاري» L’Educateur Prolétarien. وتولت التعاونية إنتاج كراسات مبنية على مشروعات التلاميذ وبحوثهم، تضاف إلى موجودات مكتبة الصف من مواد للتداول، وذلك تعبيراً عن قناعة أعضائها بأن الكتب المدرسية التقليدية المقررة، قديمة وأكاديمية وغير واقعية.
شجع فرينيه تلاميذه على إدارة بحوثهم باستقلالية، في إطار خطة عمل تناقش وتقوّم مع المعلم قبل إقرارها، وتسمح لهم بمغادرة صفوفهم بانتظام، لكي يلاحظوا ويدرسوا بيئتهم الطبيعية ومجتمعهم المحلي، وفي ضوء ذلك يدوّنون نتاجاتهم ثم يقدمونها على النحو الذي سبقت الإشارة إليه.
أقلقت فلسفة فرينيه التربوية الإصلاحية السلطات التربوية المحلية، فضيَّقت عليه حتى هجر التعليم الحكومي، وأسس عام 1935 مدرسة خاصة طبق فيها تقاناته وطورها. وفي عام 1940 اعتقلته حكومة فيشي Vichy بصفته محرضاً سياسياً ثم أطلقت سراحه لأسباب صحية، فانضم إلى حركة المقاومة عام 1943. وكتب في أثناء اعتقاله أهم أعماله في أصول التدريس Pedagogy التي حدد فيها عدداً من المفاهيم التربوية مثل:
ـ أصول تدريس (بيداغوجيا) العمل: ويعني بها أن التلاميذ يتعلمون ممّا يقدمونه من نتاجات أو خدمات مفيدة.
ـ التعلّم التعاوني: وهو التعلّم المبني على التعاون في العملية الإنتاجية.
ـ التعلم القائم على البحث: وتستخدم فيه طريقة التجربة والخطأ التي تضم (مجموعة عمل).
ـ مركز الاهتمام: حيث يستند التعليم إلى الاهتمامات التعليمية للأطفال، وإلى فضولهم المعرفي.
وفي عام 1945 أعيد افتتاح مدرسة (فرينيه)، فعرفت حركته انبعاثاً توّج بتأسيس «المعهد التعاوني للمدرسة الحديثة» Institut Cooperatif de L’École Moderne I.C.E.M عام 1947. إلا أنه تعرض بين عامي 1950 و1954 لهجوم عنيف من مفكري الحزب الشيوعي الفرنسي الذي انتسب إليه رسمياً عام 1927، واتهموه بالدعوة إلى مدرسة تبطل المثل الريفية، وبالحطّ من دور المعلم، والتركيز على العملية أكثر من المحتوى، والمبالغة في إبراز أهمية السلوك التلقائي للأفراد، وتعزيز المبادئ الفردية التي تفاخر بها البرجوازية. وفي عام 1960 انصرف فرينيه إلى العمل في التعليم المبرمج ونشر بيداغوجيته في المرحلة الثانوية.
التزم فرينيه فلسفة سياسية راديكالية، واهتم بتحسين الوضع الاجتماعي والثقافي لأطفال الطبقة العاملة، واعتقد أن التغيير يمكن أن ينطلق من غرفة الصف بدل انتظار حدوث ثورة عارمة. وقد اتخذت بيداغوجيته صفة الحركة العالمية القوية التي يمكن أن تطبق في مختلف مستويات التعليم، بدءاً من رياض الأطفال، وانتهاءً بالجامعة وتعليم الكبار.
جورج مطانيوس قسيس
(1896-1966)
سيليستان فرينيه Célestin Freinet سياسي ومربٍ فرنسي شيوعي، ولد في قرية غار Gars بفرنسا، وتوفي ودفن فيها. عرف بنقده الشديد للنظام التربوي الحكومي المحافظ في بلاده، وبكونه صاحب نظرية تعليمية جديدة، طبقها على تلاميذه حين عمل معلماً في المرحلة الإعدادية عام 1924، فعرفت بالتعلم بتقانة الطباعة learning printing technique، وفيها يستخدم المتعلمون آلة كاتبة لكتابة نصوص يؤلفونها بأنفسهم ويتحدثون فيها عن خبراتهم الشخصية والأحداث التي يعايشونها داخل الصف وخارجه وتعرض هذه النصوص على الصف بأكمله لتناقش وتصحح وتحرر قبل أن تطبع في عمل جماعي، ثم تجمع لتصنع منها مجلات وجرائد مدرسية.
وبدءاً من عام 1926 انتشرت هذه الطريقة حتى شاع تبادل نتاجات التلاميذ بانتظام بين عدد من صفوف المدارس الإعدادية في فرنسا التي انضم معلموها إلى حركة تحديث التعليم. وأسس فرينيه ما أسماه «مدرسة التعليم بالمراسلة» Correspondance Scolaire التي ما لبثت فكرتها أن عمّت العالم.
وفي عام 1928، أسس المعلمون الذين اتبعوا طريقة فرينيه في التعليم، تعاونية المربين الشعبيين التي أصبحت تعرف باسم حركة فرينيه Freinet Movement وأصدرت عام 1932 مجلة «المربي البروليتاري» L’Educateur Prolétarien. وتولت التعاونية إنتاج كراسات مبنية على مشروعات التلاميذ وبحوثهم، تضاف إلى موجودات مكتبة الصف من مواد للتداول، وذلك تعبيراً عن قناعة أعضائها بأن الكتب المدرسية التقليدية المقررة، قديمة وأكاديمية وغير واقعية.
شجع فرينيه تلاميذه على إدارة بحوثهم باستقلالية، في إطار خطة عمل تناقش وتقوّم مع المعلم قبل إقرارها، وتسمح لهم بمغادرة صفوفهم بانتظام، لكي يلاحظوا ويدرسوا بيئتهم الطبيعية ومجتمعهم المحلي، وفي ضوء ذلك يدوّنون نتاجاتهم ثم يقدمونها على النحو الذي سبقت الإشارة إليه.
أقلقت فلسفة فرينيه التربوية الإصلاحية السلطات التربوية المحلية، فضيَّقت عليه حتى هجر التعليم الحكومي، وأسس عام 1935 مدرسة خاصة طبق فيها تقاناته وطورها. وفي عام 1940 اعتقلته حكومة فيشي Vichy بصفته محرضاً سياسياً ثم أطلقت سراحه لأسباب صحية، فانضم إلى حركة المقاومة عام 1943. وكتب في أثناء اعتقاله أهم أعماله في أصول التدريس Pedagogy التي حدد فيها عدداً من المفاهيم التربوية مثل:
ـ أصول تدريس (بيداغوجيا) العمل: ويعني بها أن التلاميذ يتعلمون ممّا يقدمونه من نتاجات أو خدمات مفيدة.
ـ التعلّم التعاوني: وهو التعلّم المبني على التعاون في العملية الإنتاجية.
ـ التعلم القائم على البحث: وتستخدم فيه طريقة التجربة والخطأ التي تضم (مجموعة عمل).
ـ مركز الاهتمام: حيث يستند التعليم إلى الاهتمامات التعليمية للأطفال، وإلى فضولهم المعرفي.
وفي عام 1945 أعيد افتتاح مدرسة (فرينيه)، فعرفت حركته انبعاثاً توّج بتأسيس «المعهد التعاوني للمدرسة الحديثة» Institut Cooperatif de L’École Moderne I.C.E.M عام 1947. إلا أنه تعرض بين عامي 1950 و1954 لهجوم عنيف من مفكري الحزب الشيوعي الفرنسي الذي انتسب إليه رسمياً عام 1927، واتهموه بالدعوة إلى مدرسة تبطل المثل الريفية، وبالحطّ من دور المعلم، والتركيز على العملية أكثر من المحتوى، والمبالغة في إبراز أهمية السلوك التلقائي للأفراد، وتعزيز المبادئ الفردية التي تفاخر بها البرجوازية. وفي عام 1960 انصرف فرينيه إلى العمل في التعليم المبرمج ونشر بيداغوجيته في المرحلة الثانوية.
التزم فرينيه فلسفة سياسية راديكالية، واهتم بتحسين الوضع الاجتماعي والثقافي لأطفال الطبقة العاملة، واعتقد أن التغيير يمكن أن ينطلق من غرفة الصف بدل انتظار حدوث ثورة عارمة. وقد اتخذت بيداغوجيته صفة الحركة العالمية القوية التي يمكن أن تطبق في مختلف مستويات التعليم، بدءاً من رياض الأطفال، وانتهاءً بالجامعة وتعليم الكبار.
جورج مطانيوس قسيس