انتروبيه
Entropy - Entropie
الأنتروبية
الأنتروبية entropy هي إحدى الدوالِّ المميزة للجملة الترموديناميكية التي أُدخلت في الترموديناميك التقليدي لتكون أساساً كمياً؛ لما يلاحظ عامةً من أن التحولات التي تحدث تلقائياً إنما تحدث في اتجاه معيَّن واحد. ففي جملة مغلقة (معزولة عن الوسط الخارجي) لا يمكنْ للأنتروبية أن تتناقص، وهي لا تبقى ثابتة إلا إذا كانت التحولات عكوسة reversible.
التحولات العكوسة
لقد لوحظ أن الجملة الموجودة في شروط خارجية ثابتة تتحول مقتربةً من حالة نهائية بسيطة تسمى حالة التوازن. فمثلاً، إذا وُصِل جسمان مختلفان في درجتي حرارتيهما بسلك معدني، انتقلت الحرارة من الجسم الساخن إلى الجسم البارد حتى تتساوى درجتا الحرارة في الجسمين. كذلك إذا وُصِل وعاء يحوي غازاً عبر صنبور بوعاءٍ مُخلّى من الهواء، فإن الغاز يتمدد ويستمر تمدّده حتى يمتلئ كلا الوعاءين امتلاءً منتظماً. كما يمكن أن يمتزج غازان امتزاجاً تاماً مع تساوي درجة الحرارة والضغط فيهما.
إن هذه التحولات وأمثالها مألوفة، إلا أن التحولات المعاكسة غير مألوفة، ولا يمكن إجراؤها تجريبياً من دون تدخل الوسط الخارجي. فلم يُلاحظ قط انتقال الحرارة من جسم بارد إلى جسم ساخن، ولا انضغاط غازٍ تلقائياً ليملأ أحد الوعاءيْن، ولا انفصال أحد الغازيْن الممتزجين عن الآخر تلقائياً. وقد صنّف مكْس بلانك Planck كل التحولات الأولية في ثلاثة أصناف: طبيعية وغير طبيعية وعكوسة.
فالتحولات الطبيعية هي تحولات تلقائية تحدث في اتجاه التوازن. أما التحولات غير الطبيعية فهي التي لا تحدث مطلقاً لابتعادها عن حالة التوازن. فمثلاً، إذا كان التحول أ!ب طبيعياً، كان التحول ب!أ غير طبيعي. أما التحول العكوس فهو تحول طبيعي مثالي يمر بسلسلة متصلة من حالات التوازن، مثال ذلك تبخّر سائل بوجود بخاره في الضغط P، فإذا افتُرض أن ضغط البخار التوازني للسائل يساوي p، فإن السائل يتبخر بتحول طبيعي إذا كان P < p؛ أما إذا كان P > p، فإن التحول يكون غير طبيعي ولا يحدث؛ وما يحدث فعلاً حينئذ هو التحول المعاكس، وهو تكاثف البخار condensation. وإذا كان p = P، فإن عمليتي التبخر والتكاثف تكونان عكوستين، ويمكن أن تبدأ أيٌ منهما بزيادة بسيطة في الضغط الخارجي P، أو بنقصان طفيف فيه. فالتحول العكوس يمكن إذن عكسه عكساً تاماً بتغييرٍ في الشروط الخارجية لا متناه في الصغر. فإذا جُعل جسم في جوار جسم أبرد منه كثيراً، فإنه لا يمكن عكس اتجاه جريان الحرارة بإحداث تغيير طفيف في درجة حرارة أحد الجسمين. أما في التحول العكوس فيتم التحول بإحداث تغيرات طفيفة في فروق الضغط، ويتم انتقال الحرارة بإحداث فروق ضئيلة في درجة الحرارة.
دالة الأنتروبية
عندما تقوم جملة ترموديناميكية بدورة تحولات قابلة للانعكاس وفق مبدأ كارنو Carnot [ر. التحريك الحراري] فإن العلاقة التالية:
تصح من أجل دورة ثنائية درجة الحرارة ditherm، حيث T1، T2 درجتا الحرارة المطلقتان لمنبعي الحرارة اللذين هما على تماس مع الجملة التي تتبادل معهما كميتي الحرارة Q1، Q2 المحسوبتين جبرياً. وتتحقق العلاقة :
في حالة دورة عكوسة ما لجملةٍ هي على تماس متعاقب مع عددٍ كبير من المنابع الحرارية في درجات حرارة مختلفة، أي إن:
حيث dQ: كمية الحرارة التي تتلقاها الجملة من المنبع ذي الدرجة T. أما إذا كان التحول مفتوحاً، فإن الجملة تنتقل من حالة ابتدائية (1) إلى حالة نهائية (2) ، ويُبرهن بسهولة على أن الكمية
مستقلة عن الطريق المسلوكة، ولا تتوقف إلا على الحالتين الابتدائية والنهائية. وعلى هذا يمكن، في حالة هذه الجملة، تعريف دالةٍ لمقادير تُميِّز حالة هذه الجملة، أو يمكن بعبارة أخرى تعريف دالة حالةٍ بحيث يكون :
إن هذه الدالة S، التي لم تُعرَّف هنا إلا بتقريب ثابتةٍ اختيارية، هي بالتعريف أنتروبية الجملة المعتبرة.
وفي حالة تحولٍ عكوس لا متناهٍ في الصغر يكون:
وفي الحالة الخاصة لتحول متساوي الدرجة isotherm، في الدرجة T (كلفن) يكون:
حيث Q: كمية الحرارة التي تتلقاها الجملة. وتُعدّ هذه الكمية موجبة عندما تتلقاها الجملة فعلياً. وينتج من هذا أن الجملة تزداد أنتروبيتها عندما تمتص الحرارة. أما إذا لم تتبادل الجملة مع المحيط الخارجي حرارة خلال تحول عكوس فإن أنتروبيتها لا تتغير، ويقال حينئذ إن التحول متساوي الأنتروبية isentropie.
إن حساب تغير الأنتروبية لجملة بين حالتين يعدّ حساباً سهلاً في حالة غاز كامل. فإذا أُخذ مول واحد من الغاز الكامل فإنه ينتج من تعريف المعاملات الترموديناميكية إمكان كتابة ما يلي في حالة تحول عكوس لا متناه في الصغر:
نظراً لكون الغاز كاملاً، وحيث CV السعة الحرارية المولية للغاز في حجم ثابت، وR ثابت الغازات الكاملة.
وعلى هذا تتغير درجة حرارة الغاز من T0 إلى T في حالة تحول محدَّد عكوس، ويتغير الحجم من V0 إلى V، ويكون:
فإذا افتُرض، بغية التبسيط، أن CV ثابتة، فإنه ينتج أن:
وفي حالة تغير في الضغط تصبح العلاقة على النحو التالي:
إن العلاقة (1) تصبح في حالة تحول قابل للانعكاس متساوي الحجم كما يلي:
وهذا الازدياد في أنتروبية الجسم يكافئه، بسبب عكوسية التحول النقصانُ الكلي في أنتروبية المنبعين، إذ إن درجة حرارة الجسم في كل لحظة تساوي درجة حرارة المنبع الذي يكون الجسم على تماس معه. أما في حالة التحول اللاعكوس فيكون ازدياد الأنتروبية هو أيضاً:
ولكن نقصان أنتروبية المنبع ذي الدرجة T2، الذي يغذّي الجسم بكمية الحرارة المعطاة بـ:
Q = CV(T1-T2)
يساوي:
ومن السهل تبيُّن أن:
فالجسم اكتسب أنتروبية أكثر من تلك التي خسرها المنبع. ولما لم يكن هناك أي تبادل حراري آخر، فإنه يُستنتج أن كمية معينة من الأنتروبية قد تولَّدت في هذا التحول التلقائي. فعند النظر في جملةٍ تشتمل على الجسم السابق والمنبعين، تكون التبادلات السابقة تبادلات داخلية (أي في الجملة)، ولا يعدِّل التحولُ الداخلي العكوس الأنتروبية الكلية للجملة، في حين يولّد التحول التلقائي زيادة فيها. وقد أدت هذه النتيجة إلى قبول المسلَّمة التالية: «تزداد أنتروبية الجملة المعزولة في حالة كل تحول تلقائي يطرأ عليها، في حين تظل ثابتة في كل تحول عكوس؛ ولا يمكن لها أن تنقص ما دامت الجملة معزولة». إن التوازن المستقر لجملة معزولة يحدث عندما تصبح قيمة أنتروبيتها عظمى، ولا يمكن للأنتروبية بعد ذلك أن تتطور. إن هذا الافتراض السابق يكوِّن نص القانون الثاني في التحريك الحراري (الترموديناميك)، المنسوب إلى كلوزيوس Clausius. يستحيل تحقيق تحولٍ تكون نتيجته الوحيدة أخذ كمية حرارة من خزان وحيد وتحويلها إلى عملٍ يكافئها.
مفهوم الأنتروبية الفيزيائي
وُصفت الأنتروبية بأنها مفهوم مجرد إلى حد بعيد، ووصف هذا المفهوم بأنه أقل وضوحاً من المفاهيم الميكانيكية كالقوة أو التسارع أو الطاقة، بل إنه أقل وضوحاً من مفهوم درجة الحرارة أو كمية الحرارة. ويرجع السبب في ذلك إلى أن مثل هذه المفاهيم الفيزيائية إما أن تكون فيزيولوجية المنشأ أو أن تكون على صلة وثيقة بالمفاهيم الفيزيولوجية المنشأ. ومع ذلك يمكن تقريب مفهوم الأنتروبية باستخدام مفهوم الطاقة: إن كل نوع من أنواع الطاقة يمكن التعبير عنه رياضياً بجداء عاملين مثل جداء القوة بالانتقال F.dl أو جداء الثقل بالارتفاع W.dh في حالة الطاقة الميكانيكية؛ أو جداء الحقل الكهربائي بالشحنة E.dq في حالة الطاقة الكهربائية؛ أو جداء الضغط بالحجم P.dv في حالة طاقة الضغط؛ أو جداء درجة الحرارة بتغير الأنتروبية T.ds في حالة الطاقة الحرارية. ويتألف كلٌ من هذه الجداءات من عامليْن، أحدهما هو متغيُر توترٍ (شدة)، مثل: (القوة والوزن والحقل الكهربائي والضغط أو درجة الحرارة) وهو يعبِّر عن حالة التوازن. أما العامل الثاني فهو عامل كمية ويتناسب مع كِبر الجملة مثل: extension التمدد والطول وكمية الكهرباء والحجم والأنتروبية. فمثلاً عندما يقاس متغير توتر كالضغط أو درجة الحرارة في جملة متوازنة، فإن مقداره يكون ثابتاً ولا يتوقف على موضعه أو كِبَر الجملة. إن للمقادير الامتدادية extension خواص جمعية، وتتصف جميعها تقريباً بأنها تخضع لمبدأ الانحفاظ conservation، فلا يمكن مثلا توليد كمية كهربائية أو إفناؤها، أما الأنتروبية فهي وحدها المستثناة، إذ إنها تشذ عن هذا المبدأ، فمع استحالة إفنائها فإن بالإمكان توليدها؛ وهذا الإمكان هو السبب في شذوذ الأنتروبية عن مختلف المقادير الامتدادية الأخرى، وهو السبب أيضاً في شذوذ الطاقة الحرارية عن مختلف الطاقات الأخرى.
انحطاط الطاقة degradation of energy:
تبقى الطاقة محفوظة في أي تحوّل سواء أكان التحول قابلاً للانعكاس أم كان غير قابل له؛ ولكن شيئاً غير الطاقة يكون مفقوداً في التحول، فمثلاً في تجربة جول[ر] تتحول الطاقة الميكانيكية إلى طاقة حرارية يكتسبها الماء وتستقر فيه، وإذا أُريد استخدام هذه الطاقة الحرارية فإنها تتحول إلى عمل أقل كثيراً مما صُرف لتوليدها. فالطاقة الأولى انحطت إلى شكل أقل نفعاً ومردوداً. كذلك إذا امتزج ماء بارد بماء ساخن تكون الطاقة الداخلية للجملة واحدة قبل المزج وبعده وفقاً لمبدأ انحفاظ الطاقة. ولكن يكون هناك بعد المزج خزان واحد في درجة حرارة واحدة؛ في حين كان الماء قبل المزج في خزانين في درجتي حرارة مختلفتين. ومن المستحيل وفقا للمبدأ الثاني في التحريك الحراري تحويل الحرارة إلى عمل ميكانيكي من خزان وحيد، في حين كان من الممكن فعل ذلك باستخدام الخزان الساخن الأول مع خزانات أخرى باردة، وتحويل جزءٍ من الحرارة إلى عمل. فالطاقة الداخلية للجملة قبل المزج انحطت إلى شكل أقل نفعاً ومردوداً، ويحدث الأمر في أي تحول طبيعي لاعكوس. وعلى هذا يمكن أن تعدَّ الأنتروبية مقياساً لمدى الاستفادة من الطاقة. وإذا كانت طاقة الكون محفوظة فإن أنتروبيته تسعى نحو نهاية عظمى.
تعيين القيمة المطلقة للأنتروبية
إن معرفة قيم أنتروبية الأجسام بدلالة درجة الحرارة والضغط مهمة جداً لتحديد إمكانات التفاعلات الكيمياوية، فهي لا تكون ممكنة إلا إذا أدى التفاعل إلى تزايد الأنتروبية في التحول اللاعكوس. ولكن أنتروبية جسم في حالة معينة لا تكون معروفة إلا بتقريب ثابتة اختيارية وفقاً للعلاقة:
ولتعيين القيمة المطلقة للأنتروبية وُضعت فرضية معروفة باسم فرضية نِرْنِسْت - بلانْك Nernst-Planck، اعتماداً على تجارب أُجريت في درجات حرارة منخفضة جداً حُدِّدت فيها قيم هذه الثابتة بالقول: إن أنتروبية جميع الأجسام تؤول إلى الصفر عندما تؤول درجة الحرارة إلى درجة الصفر المطلق (التي لم تبلغها التجارب)، وتؤلف هذه الفرضية المبدأ الثالث في التحريك الحراري التقليدي. وقد أُدرجت في جداول الثوابت العددية قيمُ أنتروبية الأجسام المختلفة، بدءاً من درجة الصفر المطلق؛ وقد تم الحصول عليها بقياسات حرارية في الشرطين T=298K، و1=P جو وهذه القيم تفيد في تطبيقات كثيرة في التفاعلات الكيمياوية وفي الهندسة الميكانيكية.
الأنتروبية والاحتمال
يحتم المبدأ الثاني في التحريك الحراري استحالة انفصال ذرات الغاز السريعة عن الذرات البطيئة الموجودة في أسطوانة، لأن هذا الانفصال هو تحول مصحوب بنقصان أنتروبية الجملة. ولكن الحركة العشوائية الدائمة لذرات الغاز قد تؤدي إلى تصور احتمال تجمع الذرات السريعة في مكان ما من الأسطوانة، غير أن احتمال وقوع هذه الحادثة ضعيف جداً لأنه لم يلاحظ حتى اليوم مثل هذا التحول. وهذا هو ما تدل عليه نظرية الاحتمال[ر] التي تبين أن احتمال انفصال الذرات السريعة عن الذرات البطيئة انفصالاً تاماً يساوي (1/2)n، حيث n: عدد ذرات الغاز. فإذا كان هناك ذرة غرامية واحدة من الغاز، كان N=n (عدد آفوغادرو) 6×2310، فإن الاحتمال في هذه الحالة يساوي الصفر عملياً. إن هذا الارتباط غير المباشر ما بين الأنتروبية والاحتمال يمكن تبيينه بتطبيق العلاقة (1) على تحول عكوس متساوي درجة الحرارة، فيكون تغير الأنتروبية مساوياً:
حيث V0: حجم الغاز الابتدائي، وV= حجمه في نهاية التحول. أما احتمال وجود ذرة ما من الغاز في جزءٍ ما V من الأسطوانة ذات الحجم V0 فيساوي نسبة مجموع الحالات المواتية favorable لوقوع ذلك إلى مجموع الحالات الممكنة، أي يساوي
وأما احتمال وجود ذرات الغاز كلها التي عددها N (في حالة ذرة غرامية) في الجزء V فقط فيساوي أيضاً
بتعويض هذه العلاقة في (3) يصبح تغير الأنتروبية:
أو:
حيث k: ثابتة بولتزمَن Boltzmann وتساوي 1.381× 10-23 جول/كلفن وحيث C: ثابتة اختيارية هي كالثابتة الاختيارية التي تدخل في تعيين دالة الأنتروبية. وتدل العلاقة (4) على أن أنتروبية جملة ما تبلغ قيمة عظمى في حالتها الأكثر احتمالاً، وهذا ما يتفق مع مبدأ تزايد الأنتروبية.
وتجدر الإشارة أخيراً إلى أن عبارة الأنتروبية أُدخلت في نظرية المعلومات[ر] بصيغة شبيهة بالعلاقة (4) لتدل على قياس المعلومات المتاحة (المحتملة) في جملةٍ من الجمل.
طاهر تربدار
Entropy - Entropie
الأنتروبية
الأنتروبية entropy هي إحدى الدوالِّ المميزة للجملة الترموديناميكية التي أُدخلت في الترموديناميك التقليدي لتكون أساساً كمياً؛ لما يلاحظ عامةً من أن التحولات التي تحدث تلقائياً إنما تحدث في اتجاه معيَّن واحد. ففي جملة مغلقة (معزولة عن الوسط الخارجي) لا يمكنْ للأنتروبية أن تتناقص، وهي لا تبقى ثابتة إلا إذا كانت التحولات عكوسة reversible.
التحولات العكوسة
لقد لوحظ أن الجملة الموجودة في شروط خارجية ثابتة تتحول مقتربةً من حالة نهائية بسيطة تسمى حالة التوازن. فمثلاً، إذا وُصِل جسمان مختلفان في درجتي حرارتيهما بسلك معدني، انتقلت الحرارة من الجسم الساخن إلى الجسم البارد حتى تتساوى درجتا الحرارة في الجسمين. كذلك إذا وُصِل وعاء يحوي غازاً عبر صنبور بوعاءٍ مُخلّى من الهواء، فإن الغاز يتمدد ويستمر تمدّده حتى يمتلئ كلا الوعاءين امتلاءً منتظماً. كما يمكن أن يمتزج غازان امتزاجاً تاماً مع تساوي درجة الحرارة والضغط فيهما.
إن هذه التحولات وأمثالها مألوفة، إلا أن التحولات المعاكسة غير مألوفة، ولا يمكن إجراؤها تجريبياً من دون تدخل الوسط الخارجي. فلم يُلاحظ قط انتقال الحرارة من جسم بارد إلى جسم ساخن، ولا انضغاط غازٍ تلقائياً ليملأ أحد الوعاءيْن، ولا انفصال أحد الغازيْن الممتزجين عن الآخر تلقائياً. وقد صنّف مكْس بلانك Planck كل التحولات الأولية في ثلاثة أصناف: طبيعية وغير طبيعية وعكوسة.
فالتحولات الطبيعية هي تحولات تلقائية تحدث في اتجاه التوازن. أما التحولات غير الطبيعية فهي التي لا تحدث مطلقاً لابتعادها عن حالة التوازن. فمثلاً، إذا كان التحول أ!ب طبيعياً، كان التحول ب!أ غير طبيعي. أما التحول العكوس فهو تحول طبيعي مثالي يمر بسلسلة متصلة من حالات التوازن، مثال ذلك تبخّر سائل بوجود بخاره في الضغط P، فإذا افتُرض أن ضغط البخار التوازني للسائل يساوي p، فإن السائل يتبخر بتحول طبيعي إذا كان P < p؛ أما إذا كان P > p، فإن التحول يكون غير طبيعي ولا يحدث؛ وما يحدث فعلاً حينئذ هو التحول المعاكس، وهو تكاثف البخار condensation. وإذا كان p = P، فإن عمليتي التبخر والتكاثف تكونان عكوستين، ويمكن أن تبدأ أيٌ منهما بزيادة بسيطة في الضغط الخارجي P، أو بنقصان طفيف فيه. فالتحول العكوس يمكن إذن عكسه عكساً تاماً بتغييرٍ في الشروط الخارجية لا متناه في الصغر. فإذا جُعل جسم في جوار جسم أبرد منه كثيراً، فإنه لا يمكن عكس اتجاه جريان الحرارة بإحداث تغيير طفيف في درجة حرارة أحد الجسمين. أما في التحول العكوس فيتم التحول بإحداث تغيرات طفيفة في فروق الضغط، ويتم انتقال الحرارة بإحداث فروق ضئيلة في درجة الحرارة.
دالة الأنتروبية
عندما تقوم جملة ترموديناميكية بدورة تحولات قابلة للانعكاس وفق مبدأ كارنو Carnot [ر. التحريك الحراري] فإن العلاقة التالية:
وفي حالة تحولٍ عكوس لا متناهٍ في الصغر يكون:
إن حساب تغير الأنتروبية لجملة بين حالتين يعدّ حساباً سهلاً في حالة غاز كامل. فإذا أُخذ مول واحد من الغاز الكامل فإنه ينتج من تعريف المعاملات الترموديناميكية إمكان كتابة ما يلي في حالة تحول عكوس لا متناه في الصغر:
وعلى هذا تتغير درجة حرارة الغاز من T0 إلى T في حالة تحول محدَّد عكوس، ويتغير الحجم من V0 إلى V، ويكون:
Q = CV(T1-T2)
يساوي:
مفهوم الأنتروبية الفيزيائي
وُصفت الأنتروبية بأنها مفهوم مجرد إلى حد بعيد، ووصف هذا المفهوم بأنه أقل وضوحاً من المفاهيم الميكانيكية كالقوة أو التسارع أو الطاقة، بل إنه أقل وضوحاً من مفهوم درجة الحرارة أو كمية الحرارة. ويرجع السبب في ذلك إلى أن مثل هذه المفاهيم الفيزيائية إما أن تكون فيزيولوجية المنشأ أو أن تكون على صلة وثيقة بالمفاهيم الفيزيولوجية المنشأ. ومع ذلك يمكن تقريب مفهوم الأنتروبية باستخدام مفهوم الطاقة: إن كل نوع من أنواع الطاقة يمكن التعبير عنه رياضياً بجداء عاملين مثل جداء القوة بالانتقال F.dl أو جداء الثقل بالارتفاع W.dh في حالة الطاقة الميكانيكية؛ أو جداء الحقل الكهربائي بالشحنة E.dq في حالة الطاقة الكهربائية؛ أو جداء الضغط بالحجم P.dv في حالة طاقة الضغط؛ أو جداء درجة الحرارة بتغير الأنتروبية T.ds في حالة الطاقة الحرارية. ويتألف كلٌ من هذه الجداءات من عامليْن، أحدهما هو متغيُر توترٍ (شدة)، مثل: (القوة والوزن والحقل الكهربائي والضغط أو درجة الحرارة) وهو يعبِّر عن حالة التوازن. أما العامل الثاني فهو عامل كمية ويتناسب مع كِبر الجملة مثل: extension التمدد والطول وكمية الكهرباء والحجم والأنتروبية. فمثلاً عندما يقاس متغير توتر كالضغط أو درجة الحرارة في جملة متوازنة، فإن مقداره يكون ثابتاً ولا يتوقف على موضعه أو كِبَر الجملة. إن للمقادير الامتدادية extension خواص جمعية، وتتصف جميعها تقريباً بأنها تخضع لمبدأ الانحفاظ conservation، فلا يمكن مثلا توليد كمية كهربائية أو إفناؤها، أما الأنتروبية فهي وحدها المستثناة، إذ إنها تشذ عن هذا المبدأ، فمع استحالة إفنائها فإن بالإمكان توليدها؛ وهذا الإمكان هو السبب في شذوذ الأنتروبية عن مختلف المقادير الامتدادية الأخرى، وهو السبب أيضاً في شذوذ الطاقة الحرارية عن مختلف الطاقات الأخرى.
انحطاط الطاقة degradation of energy:
تبقى الطاقة محفوظة في أي تحوّل سواء أكان التحول قابلاً للانعكاس أم كان غير قابل له؛ ولكن شيئاً غير الطاقة يكون مفقوداً في التحول، فمثلاً في تجربة جول[ر] تتحول الطاقة الميكانيكية إلى طاقة حرارية يكتسبها الماء وتستقر فيه، وإذا أُريد استخدام هذه الطاقة الحرارية فإنها تتحول إلى عمل أقل كثيراً مما صُرف لتوليدها. فالطاقة الأولى انحطت إلى شكل أقل نفعاً ومردوداً. كذلك إذا امتزج ماء بارد بماء ساخن تكون الطاقة الداخلية للجملة واحدة قبل المزج وبعده وفقاً لمبدأ انحفاظ الطاقة. ولكن يكون هناك بعد المزج خزان واحد في درجة حرارة واحدة؛ في حين كان الماء قبل المزج في خزانين في درجتي حرارة مختلفتين. ومن المستحيل وفقا للمبدأ الثاني في التحريك الحراري تحويل الحرارة إلى عمل ميكانيكي من خزان وحيد، في حين كان من الممكن فعل ذلك باستخدام الخزان الساخن الأول مع خزانات أخرى باردة، وتحويل جزءٍ من الحرارة إلى عمل. فالطاقة الداخلية للجملة قبل المزج انحطت إلى شكل أقل نفعاً ومردوداً، ويحدث الأمر في أي تحول طبيعي لاعكوس. وعلى هذا يمكن أن تعدَّ الأنتروبية مقياساً لمدى الاستفادة من الطاقة. وإذا كانت طاقة الكون محفوظة فإن أنتروبيته تسعى نحو نهاية عظمى.
تعيين القيمة المطلقة للأنتروبية
إن معرفة قيم أنتروبية الأجسام بدلالة درجة الحرارة والضغط مهمة جداً لتحديد إمكانات التفاعلات الكيمياوية، فهي لا تكون ممكنة إلا إذا أدى التفاعل إلى تزايد الأنتروبية في التحول اللاعكوس. ولكن أنتروبية جسم في حالة معينة لا تكون معروفة إلا بتقريب ثابتة اختيارية وفقاً للعلاقة:
الأنتروبية والاحتمال
يحتم المبدأ الثاني في التحريك الحراري استحالة انفصال ذرات الغاز السريعة عن الذرات البطيئة الموجودة في أسطوانة، لأن هذا الانفصال هو تحول مصحوب بنقصان أنتروبية الجملة. ولكن الحركة العشوائية الدائمة لذرات الغاز قد تؤدي إلى تصور احتمال تجمع الذرات السريعة في مكان ما من الأسطوانة، غير أن احتمال وقوع هذه الحادثة ضعيف جداً لأنه لم يلاحظ حتى اليوم مثل هذا التحول. وهذا هو ما تدل عليه نظرية الاحتمال[ر] التي تبين أن احتمال انفصال الذرات السريعة عن الذرات البطيئة انفصالاً تاماً يساوي (1/2)n، حيث n: عدد ذرات الغاز. فإذا كان هناك ذرة غرامية واحدة من الغاز، كان N=n (عدد آفوغادرو) 6×2310، فإن الاحتمال في هذه الحالة يساوي الصفر عملياً. إن هذا الارتباط غير المباشر ما بين الأنتروبية والاحتمال يمكن تبيينه بتطبيق العلاقة (1) على تحول عكوس متساوي درجة الحرارة، فيكون تغير الأنتروبية مساوياً:
وتجدر الإشارة أخيراً إلى أن عبارة الأنتروبية أُدخلت في نظرية المعلومات[ر] بصيغة شبيهة بالعلاقة (4) لتدل على قياس المعلومات المتاحة (المحتملة) في جملةٍ من الجمل.
طاهر تربدار