للانطباعية ، ( وبالفعل أنحرف الفنانون كثيراً عنها في مجال التلوين ) ، ولكن الكثافة التي انتهوا باعطائها للحجم ، تكاد تفوق ما أعطاها اياه موني و في كل الأحوال ، انزوى الشيء ليفسح المجال لحقيقة رفة ساهم في خلقها ، بيد أنها ما لبثت أن اتخذت لنفسها حياة . ومن جهة تمكث هذه الحياة في البنية الدقيقة التي الزوايا الناتئة ، والخطوط المستقيمة والمنحنيات ، ومن جهة ثانية ، فهي تنبثق عن الألوان التي على كونها زاهرة متقشفة ، ليس فيها شيء من الجفاف أو من البرودة. فالنور الذي يتدرج على الألوان رقيق للغاية ، والأضواء التي يثيرها تتجنب أن تكون ساطعة . وبما أن شكل اللوحة نافر مع بروزات قليلة الارتفاع وتجاويف قليلة العمق ، فلا أبداً داكنة إلى حد يجعلها كتيمة ، بل على العكس فيها شيء من خفة الظل ومن الدفء الزغبي .
وهل ينوي ( براك ) و ( بيكاسو )المضي قدماً في هذه الطريق ؟ وهل سنشاهدهما ينعطفان كلياً عن عالم الأشياء ليخلقا أعمالاً مخترعة كلياً ، لوحات تجريدية كما يقال ؟ لقد أصبحا قريبين من ذلك بالتأكيد ولكنهما توقفا عند هذا الحد ، فما كانا ينويان قطع كل صلة مع الأشياء التي تحيط بهما ، حتى أنهما أصبحا يريدان تحريفها أقل ، والتعبير عنها بدقة أكبر وإعطاءها أشكالاً تسمح بـ عن هويتها بسهولا هولة أكبر وقد صور ( براك ) في عام ۱۹۱۱ لوحة أطلق عليها أسم « البرتغالي ( Le Portugais ) . واذا كان الناظر لا يميز فيها سوى بعض الأجزاء التي يصعب كشفها ، فاننا نجد إلى جانب الشخص المصور أحرفاً طباعية BAL وأرقاماً ١٠/٤٠ الخ . .... و هذه لا تمثل بالطبع أشياء حقيقية انما هي أشارات تذكر بها مباشرة : يالها من حيلة حاذقة تشير إلى الأشياء دون تصويرها . كما أن لهذه الأحرف والأرقام من جهة ثانية قيمة زخرفية و تلعب دوراً في التأليف . لذا ، صرنا نرى منذئذ كثيراً من الأحرف في أعمال براك و بيكاسو تؤلف کلمات کو حلوتي Majolie باس Bass ) ( مصارع الثيران Le Torero » أو مقاطع من عناوين مثل المسة ( قل ) ( Linden ) endant أو « جري (دة ) وهي تدخل في اللوحة دائماً وبنفس الوقت عنصراً تشكيلياً جديداً وايحاء بتصوير واقع .
بيد أن المصورين المذكورين لم يقفا عند هذا الحد . بل شرعا في عام ۱۹۱۲ باستخدام قصاصات من جريدة ، ومن ورق ملون ، ومن ورق التغليف ، فيلصقانها بحالتها الخام على قماش أو على ورق مقوى ويضيفان بعض الخطوط بالقلم أو بقلم الفحم توحي بأشياء منها : كمان ، أو قارورة أو رأس بشري فنشاهد على الفور ولادة أعمال تظهر غريبة للوهلة الأولى ، ولا تلبث في النهاية أن تصبح مقنعة كلياً : وعلى جانب عظيم من الأهمية . كان الهدف من ذلك في أول الأمر ، ادخال الشيء الراهن في الفن أي هو بذاته ، لا بصورته فحسب . هو بذاته ؟ نعم غير أنه لا يحتفظ بما كان عليه . هذا الورق وقد قص بامعان وأدخل بدقة في ترتيب تصويري ، يتغير معناه ان لم تتغير طبيعته . فبعد أن كان شيئاً عادياً غير ذي قيمة أصبح فجأة هاماً شعرياً ومثيراً. هذا ليس كل ما في الأمر اذان ألوان قصاصات الورق تفترق بوضوح عن ألوان الركيزة ( وستزيد الأيام الفوارق فتصبح قطعة الجريدة صفراء اللون ، وهذا ما ينزع عنها الابتذال أكثر فأكثر بل يضفي عليها شيئاً من التميز ) . كما أن هذه الأعمال توجه التكعيبيين نحو مزيد من الأشكال ، ونحو تلوين فيه مزيد من التنويع وكثير من الصراحة ، وبنفس الوقت تقودهم إلى إثارة الشعور بالمدى دون أن ينتج هذا الشعور عن المنظور : بل ينبثق عن الواقع البسيط ان كل قصاصة من الورق تبدو كأنها تقع في مستوى آخر بفضل لونها. وبالاختصار ، فالأوراق الملصقة حملت ( براك ) و ( بيكاسو ) على الانحراف عـــــن التكعيبية التحليلية ) التي مارساها منذ عام ١٩١٠ واستعاضا عنها الآن بما يدعى بـ ( التكعيبية التركيبية ) .
ومنذ ذلك الحين ، أصبح الشكل أقل تجزؤاً ، وعدلت الملونة عـــــن الاقتصار على تقديم تدرجات بعض الألوان الصماء والعابسة . أما بالنسبة للأشياء فغالباً ما تصور بأسلوب نلاحظ فيه أشكالاً مختلفة في اللوحة نفسها : فكيف يكون الأمر اذا ما أريد تصوير كأس مثلاً .
لا يمثله الفنانان كما يظهر للعين الثابتة التي لا تنظر الا إلى أحد وجوهه فيبدو هذا الكأس وكأنهما أمسكا به باليد و حركاه ليشاهداه تحت كافة الزوايا . وبعبارة واحدة يقلع الفنانان المذكوران عن النظرة الوحيدة التي تبناها عصر النهضة . وعوضاً عن أن ينقلا الصورة التي انطبعت على الشبكية في لحظة معينة ، فهما يعبران عن تلك التي تكونت في ذهنهما فيصوران ما يعرفان ، وما لقنتهما اياه التمحيصات المتتالية التي دققا خلالها في الشيء كافة جوانبه . ويمكن القول أيضاً أنهما استعاضا بـ « الواقعية الذهنية» عن « الواقعية الضوئية » اذ أنه في سبيل التعبير عن حقيقة الشيء المعقدة ، أو على الأقل ، عن حقيقة الشكل ، عمد الفنانان إلى تبني هذا التصوير الجديد وعلينا أن نرى فيه أحد أهم معطيات التكعيبية.
وبقدر ما تطور « براك » و « بيكاسو » بقدر ما أكد كل منهما
ما لديه من خصائص . واذا ما استمر الأول في عامي ١٩١٣ - ١٩١٤ في أن يهبنا موسيقى الحجرة الناعمة الراعشة فإن لدى الثاني توافقات أكثر تآلفاً ورسماً نفاذاً أكثر وتبويباً أكثر جسارة . ومع ذلك كنا نجد لديهما تجانساً كبيراً حين وضعت حرب عام ١٩١٤ حداً لأبحاثهما المشتركة التي مارساها بحماس وجرأة مثاليين خلال ست سنوات ونيف ، بيد أن عبارة « الأبحاث ، قد تدعو هنا إلى بعض الالتباس . لنوضح اذن أن براك » و « بيكاسو » لم يكتفيا بالاختبارات بل خلقا أعمالاً فيها من الاحساس بقدر مافيها من الدراسة على الأقل ، وهي لاتثير الاهتمام فحسب ، بل تؤثر وتثير .
بید أنه Marcoussis " مهما بلغت هذه الأعمال من الأهمية لا يكفي الاكتفاء بها إذا كان المراد معرفة كامل مدى التكعيبية ، ففي الواقع كان لهذه المدرسة بين أعوام ۱۹۱۱ و ١٩١٤ تيار واسع . ولا نعدد جميع المصورين الذين يمثلون التكعيبية . اذا اكتفينا بذكر « مار كوسي و «خوان غري Juan Gris » و « دو لوني Delaunay و « ليجيه Leger » و « غليز Gleizes و ( میتز نغر Metzinger و «لافريني La Fresnaye و آندره لوت Andre Lhote ) و «جاك فيللون Jacques Villon» و «مارسیل دوشان Marcel Duchamp نجد أن من بين هؤلاء لم يتطور بجوار ( بيكاسو » و « براك » المباشر سوى غري و مارکوسي ) الأول اسباني والثاني بولوني ، وقبل أن يهتديا إلى الجمالية الجديدة ، كانا ينفذان رسمات هجائية لمجلات أو صحف مصورة . وهذا يعني أن تغيير اتجاههما كان كاملاً . وقد تم هذا التغيير في عام ۱۹۱۰ بالنسبة لـ ( ماركوسي ) وفي عام ١٩١١ بالنسبة لـ«غري» وحققا بسرعة لوحات تكعيبية لم يكتفيا فيها : ناذجهما أو غير هم من الأشياء . والأشياء عندهما أقل تجزؤاً ولا تتبخر أبداً . وما عدا ذلك ، اذا كانت الأشكال محددة بدقة لدى «غري ) ، قاسية وقاطعة أيضاً وكانت ألوانه متضادة ورنانة ، فإن «مار كوسي » يفضل رسما لا يقل وضوحاً عما هو عليه لدى الأول ولكنه أقل حدة وتفوق لديه ألوان : العاجي والرمادي والأزرق عن الألوان المشبعة .
أما « دولوني » و « ليجيه فانهما يحيدان عن « بيكاسو » و ( براك ) بشكل بين ، ونواجه لديهما أبحاثاً لاتقل عن أبحاث الفنانين المذكورين ابداعاً واثارة . وهل يعني ذلك أن « دولوني » و « ليجيه » يسيران في طريقين متوازيين ؟ لقد اشتر كا بعد عام ۱۹۱۱ في تذوق اللون الصافي وفيما عدا ذلك كانا يختلفان اختلافاً بيناً .
اتجه « دو لوني » في مرحلته الأولى نحو ( سورا Seurat ) ثم وقع في عام ۱۹٠٩ تحت تأثير سيزان Cezanne » ذلك التأثير الذي نشاهده لدى المجددين في ذلك الوقت ، وها هو ينفذ الأعمال الأولى التي فرض نفسه بواسطتها وهي مجموعة من اللوحات المستوحاة من داخل كنيسة " سان سيفوران St.Severin » في باريس ويظهر في هذه اللوحات تحسسه للبناء ولرشاقة الأعمدة وكذلك لتناوب الأنوار والظلال ، ويسجل هذا التناوب بنعومة في سلسلة من لوني الأزرق والزهر المائلين إلى الرمادي. وفي السنة التالية زاد اشراق ألوانه. وأوحت له باريس موضوعاً آخر عبر عنه مرات متعددة وهو برج ايفل La Tour Eiffel . ولم يكتف بطلاء البنية المعدنية بالبرتقالي والأحمر ، بل صور أيضاً اختلاف المظاهر التي تبدو في حال تغير النظرة ، حين ينظر إلى بعض أقسام البرج
وهل ينوي ( براك ) و ( بيكاسو )المضي قدماً في هذه الطريق ؟ وهل سنشاهدهما ينعطفان كلياً عن عالم الأشياء ليخلقا أعمالاً مخترعة كلياً ، لوحات تجريدية كما يقال ؟ لقد أصبحا قريبين من ذلك بالتأكيد ولكنهما توقفا عند هذا الحد ، فما كانا ينويان قطع كل صلة مع الأشياء التي تحيط بهما ، حتى أنهما أصبحا يريدان تحريفها أقل ، والتعبير عنها بدقة أكبر وإعطاءها أشكالاً تسمح بـ عن هويتها بسهولا هولة أكبر وقد صور ( براك ) في عام ۱۹۱۱ لوحة أطلق عليها أسم « البرتغالي ( Le Portugais ) . واذا كان الناظر لا يميز فيها سوى بعض الأجزاء التي يصعب كشفها ، فاننا نجد إلى جانب الشخص المصور أحرفاً طباعية BAL وأرقاماً ١٠/٤٠ الخ . .... و هذه لا تمثل بالطبع أشياء حقيقية انما هي أشارات تذكر بها مباشرة : يالها من حيلة حاذقة تشير إلى الأشياء دون تصويرها . كما أن لهذه الأحرف والأرقام من جهة ثانية قيمة زخرفية و تلعب دوراً في التأليف . لذا ، صرنا نرى منذئذ كثيراً من الأحرف في أعمال براك و بيكاسو تؤلف کلمات کو حلوتي Majolie باس Bass ) ( مصارع الثيران Le Torero » أو مقاطع من عناوين مثل المسة ( قل ) ( Linden ) endant أو « جري (دة ) وهي تدخل في اللوحة دائماً وبنفس الوقت عنصراً تشكيلياً جديداً وايحاء بتصوير واقع .
بيد أن المصورين المذكورين لم يقفا عند هذا الحد . بل شرعا في عام ۱۹۱۲ باستخدام قصاصات من جريدة ، ومن ورق ملون ، ومن ورق التغليف ، فيلصقانها بحالتها الخام على قماش أو على ورق مقوى ويضيفان بعض الخطوط بالقلم أو بقلم الفحم توحي بأشياء منها : كمان ، أو قارورة أو رأس بشري فنشاهد على الفور ولادة أعمال تظهر غريبة للوهلة الأولى ، ولا تلبث في النهاية أن تصبح مقنعة كلياً : وعلى جانب عظيم من الأهمية . كان الهدف من ذلك في أول الأمر ، ادخال الشيء الراهن في الفن أي هو بذاته ، لا بصورته فحسب . هو بذاته ؟ نعم غير أنه لا يحتفظ بما كان عليه . هذا الورق وقد قص بامعان وأدخل بدقة في ترتيب تصويري ، يتغير معناه ان لم تتغير طبيعته . فبعد أن كان شيئاً عادياً غير ذي قيمة أصبح فجأة هاماً شعرياً ومثيراً. هذا ليس كل ما في الأمر اذان ألوان قصاصات الورق تفترق بوضوح عن ألوان الركيزة ( وستزيد الأيام الفوارق فتصبح قطعة الجريدة صفراء اللون ، وهذا ما ينزع عنها الابتذال أكثر فأكثر بل يضفي عليها شيئاً من التميز ) . كما أن هذه الأعمال توجه التكعيبيين نحو مزيد من الأشكال ، ونحو تلوين فيه مزيد من التنويع وكثير من الصراحة ، وبنفس الوقت تقودهم إلى إثارة الشعور بالمدى دون أن ينتج هذا الشعور عن المنظور : بل ينبثق عن الواقع البسيط ان كل قصاصة من الورق تبدو كأنها تقع في مستوى آخر بفضل لونها. وبالاختصار ، فالأوراق الملصقة حملت ( براك ) و ( بيكاسو ) على الانحراف عـــــن التكعيبية التحليلية ) التي مارساها منذ عام ١٩١٠ واستعاضا عنها الآن بما يدعى بـ ( التكعيبية التركيبية ) .
ومنذ ذلك الحين ، أصبح الشكل أقل تجزؤاً ، وعدلت الملونة عـــــن الاقتصار على تقديم تدرجات بعض الألوان الصماء والعابسة . أما بالنسبة للأشياء فغالباً ما تصور بأسلوب نلاحظ فيه أشكالاً مختلفة في اللوحة نفسها : فكيف يكون الأمر اذا ما أريد تصوير كأس مثلاً .
لا يمثله الفنانان كما يظهر للعين الثابتة التي لا تنظر الا إلى أحد وجوهه فيبدو هذا الكأس وكأنهما أمسكا به باليد و حركاه ليشاهداه تحت كافة الزوايا . وبعبارة واحدة يقلع الفنانان المذكوران عن النظرة الوحيدة التي تبناها عصر النهضة . وعوضاً عن أن ينقلا الصورة التي انطبعت على الشبكية في لحظة معينة ، فهما يعبران عن تلك التي تكونت في ذهنهما فيصوران ما يعرفان ، وما لقنتهما اياه التمحيصات المتتالية التي دققا خلالها في الشيء كافة جوانبه . ويمكن القول أيضاً أنهما استعاضا بـ « الواقعية الذهنية» عن « الواقعية الضوئية » اذ أنه في سبيل التعبير عن حقيقة الشيء المعقدة ، أو على الأقل ، عن حقيقة الشكل ، عمد الفنانان إلى تبني هذا التصوير الجديد وعلينا أن نرى فيه أحد أهم معطيات التكعيبية.
وبقدر ما تطور « براك » و « بيكاسو » بقدر ما أكد كل منهما
ما لديه من خصائص . واذا ما استمر الأول في عامي ١٩١٣ - ١٩١٤ في أن يهبنا موسيقى الحجرة الناعمة الراعشة فإن لدى الثاني توافقات أكثر تآلفاً ورسماً نفاذاً أكثر وتبويباً أكثر جسارة . ومع ذلك كنا نجد لديهما تجانساً كبيراً حين وضعت حرب عام ١٩١٤ حداً لأبحاثهما المشتركة التي مارساها بحماس وجرأة مثاليين خلال ست سنوات ونيف ، بيد أن عبارة « الأبحاث ، قد تدعو هنا إلى بعض الالتباس . لنوضح اذن أن براك » و « بيكاسو » لم يكتفيا بالاختبارات بل خلقا أعمالاً فيها من الاحساس بقدر مافيها من الدراسة على الأقل ، وهي لاتثير الاهتمام فحسب ، بل تؤثر وتثير .
بید أنه Marcoussis " مهما بلغت هذه الأعمال من الأهمية لا يكفي الاكتفاء بها إذا كان المراد معرفة كامل مدى التكعيبية ، ففي الواقع كان لهذه المدرسة بين أعوام ۱۹۱۱ و ١٩١٤ تيار واسع . ولا نعدد جميع المصورين الذين يمثلون التكعيبية . اذا اكتفينا بذكر « مار كوسي و «خوان غري Juan Gris » و « دو لوني Delaunay و « ليجيه Leger » و « غليز Gleizes و ( میتز نغر Metzinger و «لافريني La Fresnaye و آندره لوت Andre Lhote ) و «جاك فيللون Jacques Villon» و «مارسیل دوشان Marcel Duchamp نجد أن من بين هؤلاء لم يتطور بجوار ( بيكاسو » و « براك » المباشر سوى غري و مارکوسي ) الأول اسباني والثاني بولوني ، وقبل أن يهتديا إلى الجمالية الجديدة ، كانا ينفذان رسمات هجائية لمجلات أو صحف مصورة . وهذا يعني أن تغيير اتجاههما كان كاملاً . وقد تم هذا التغيير في عام ۱۹۱۰ بالنسبة لـ ( ماركوسي ) وفي عام ١٩١١ بالنسبة لـ«غري» وحققا بسرعة لوحات تكعيبية لم يكتفيا فيها : ناذجهما أو غير هم من الأشياء . والأشياء عندهما أقل تجزؤاً ولا تتبخر أبداً . وما عدا ذلك ، اذا كانت الأشكال محددة بدقة لدى «غري ) ، قاسية وقاطعة أيضاً وكانت ألوانه متضادة ورنانة ، فإن «مار كوسي » يفضل رسما لا يقل وضوحاً عما هو عليه لدى الأول ولكنه أقل حدة وتفوق لديه ألوان : العاجي والرمادي والأزرق عن الألوان المشبعة .
أما « دولوني » و « ليجيه فانهما يحيدان عن « بيكاسو » و ( براك ) بشكل بين ، ونواجه لديهما أبحاثاً لاتقل عن أبحاث الفنانين المذكورين ابداعاً واثارة . وهل يعني ذلك أن « دولوني » و « ليجيه » يسيران في طريقين متوازيين ؟ لقد اشتر كا بعد عام ۱۹۱۱ في تذوق اللون الصافي وفيما عدا ذلك كانا يختلفان اختلافاً بيناً .
اتجه « دو لوني » في مرحلته الأولى نحو ( سورا Seurat ) ثم وقع في عام ۱۹٠٩ تحت تأثير سيزان Cezanne » ذلك التأثير الذي نشاهده لدى المجددين في ذلك الوقت ، وها هو ينفذ الأعمال الأولى التي فرض نفسه بواسطتها وهي مجموعة من اللوحات المستوحاة من داخل كنيسة " سان سيفوران St.Severin » في باريس ويظهر في هذه اللوحات تحسسه للبناء ولرشاقة الأعمدة وكذلك لتناوب الأنوار والظلال ، ويسجل هذا التناوب بنعومة في سلسلة من لوني الأزرق والزهر المائلين إلى الرمادي. وفي السنة التالية زاد اشراق ألوانه. وأوحت له باريس موضوعاً آخر عبر عنه مرات متعددة وهو برج ايفل La Tour Eiffel . ولم يكتف بطلاء البنية المعدنية بالبرتقالي والأحمر ، بل صور أيضاً اختلاف المظاهر التي تبدو في حال تغير النظرة ، حين ينظر إلى بعض أقسام البرج
تعليق