محمَّد بن عبد الرحيم Ibn al-Furrat المؤرخ المحدِّث. يُعرف بـ «ابن الفرات».

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محمَّد بن عبد الرحيم Ibn al-Furrat المؤرخ المحدِّث. يُعرف بـ «ابن الفرات».

    ابن الفُرات (محمَّد بن عبد الرحيم -)
    (735-807هـ/1335-1405م)

    ناصر الدين، محمَّد بن عبد الرحيم بن علي المصري الحنفي المؤرخ المحدِّث. يُعرف بـ «ابن الفرات».
    ولد في القاهرة وتوفِّي بها، ونشأ على ملازمة عدد من علماء عصره وتلقى العلم عنهم، ثم رحل إلى دمشق فأقام فيها مدَّة، ونال الإجازة من الحافظ المِزِّي والحافظ الذهبي وغيرهما. ولما رجع إلى القاهرة اشتغل وتكسَّب بحوانيت الشهود وعقود الأنكحة، وولي خطابة «المدرسة المُعِزّية» بالقاهرة. واشتغل بعلم الفقه والحديث، فسمع وحدَّث، وروى عنه خَلْقٌ كثير. وقد وُصِفَ بأنه كان من أهل الخير والدين والسَّلامة.
    كان ابن الفرات لهجاً بالتاريخ متعلقاً به، وصنَّف فيه كتاباً واسعاً. ويذكر مؤرِّخ الديار المصرية أحمد بن علي المقريزي المتوفى سنة 845هـ في كتابـه «درر العقود الفريدة» الذي خصَّصه لتراجم معاصريه أنه وقف على هذا التاريخ، ونقل عنه، وأفاد منه كثيراً، وأن مسوَّدته بلغت مئة مجلد بيَّض منها في أواخر عمره نحو العشرين، ومن ضمن ما بيَّضه تاريخ المئات الثامنة والسابعة والسادسة، ثم شرع في تبييض الخامسة والرابعة فأدركه أَجَلُه. وقد بيع ما تبقَّى منه مسوَّدةً لعدم اشتغال ولده عبد الرحيم بن محمد بعلم التاريخ، مع أنه كان من أئمة العلماء والقضاة في عصره.
    عُرِف تاريخه هذا بـ «تاريخ ابن الفرات». واسمه في الأصل «الطريق الواضح المسلوك إلى معرفة تراجم الخلفاء والملوك»، إلاّ أن اسمه في دائرة المعارف الإسلامية «تاريخ الدول والملوك». وقد بدأه بحوادث القرن الثامن الهجري منذ سنة 803هـ، ثم أخذ يعود بالحوادث إلى الوراء، فلم يصل إلاّ إلى القرن الرابع الهجري، وقد نقل ابن الفرات في كتابه هذا مقتطفات من مصنفات من تقدَّمه من المؤرخين نقلاً حرفياً ممَّا زاد في قيمة هذا الكتاب. ومن جملة الكتب التي أكثر من النقل عنها كتاب «زبدة الفكرة في تاريخ الهجرة» للأمير المؤرخ بيبرس المنصوري المتوفى سنة 725هـ. إلاَّ أن من ترجموا لابن الفرات عابوا عليه أنه لم يكن يحسن الإعراب، وأن عبارته عامية جداً، ولـذا وقع في اللحن الفاحش، مع أن كتابه كثير الفائدة من حيث الفن الذي هو بصدده.
    جرى ابن الفرات في تأليف كتابه على قاعدة أكثر المؤرخين في عصره والسابقين لـه، فرتَّب تاريخه بحسب تعاقب السنين، مفصِّلاً القول فيما جرى من أحداث ووقائع. ثم أتبع ذلك بذكر طَرَفٍ من سِيَر من توفي في كل سنة من العلماء والشعراء والأدباء والخلفاء والأمراء .
    وعلى الرغم من ضياع معظم هذا الكتاب التاريخي المفيد، فقد حُفظت من بعض أقسامه نسخة واحدة فريدة لا تزيد على تسعة مجلدات تضم أخبار السنوات من سنة 501 إلى سنة 799هـ، ولا تخلو هذه النسخة من النقص ومن سقوط بعض السنوات، والمجلد التاسع الأخير منها ذو أهمية بالغة من الوجهة التاريخية، إذ إن ابن الفرات سرد فيه الحوادث التي عاصرها وشاهدها أو اشترك فيه، وذهب في عرضها إلى حدٍّ بعيد من الشرح والتفصيل. وقد أتمَّ قسطنطين زريق تحقيق أربعة مجلدات من هذه النسخة الفريدة ونشرها في الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1942، وقد اتَّبع المحقق الترتيب العكسي في نشر هذه المجلدات، إذ بدأ بالمجلد التاسع منها (وهـو في جزأين) متدرجاً إلى ما قبله معلِّلاً هذا الترتيب بقولـه: «وذلك أن الأخيرة، وهي أقربها إلى عصر المؤلف، هي في نظري أهم من غيرها وأحرى بالنشر والإحياء»، ثـم تـلاه المجلد الثامن فالسابع، وبذلك أصبح المطبوع من الكتاب يضم السنوات من 672 إلى 799هـ، ثـم أتبع المحقق كل مجلد من هـذه المجلدات بفهرسين اثنين أحدهما للأعلام من أشخاص وقبائل وشعوب، والثاني للأماكن التي ورد ذكرها في الكتاب.
    ومن يقلّب صفحات هذه المجلدات يعجب لهذا التقصي الدقيق الذي تتَّسم به الأخبار المروية فيه، ولهذا الجهد الذي بذلـه المؤلف لإيراد كل صغيرة وكبيرة ممَّا بلغه من حوادث الزمان أو من تراجم الأعيان، ومما تجدر الإشارة إليه على وجه الخصوص كثرة النصوص الرسمية التي حفظها ابن الفرات في طيات تاريخه، مما يسبغ على هذا التاريخ قيمة رفيعة، ويزيد من الفائدة المجتناة منه حين دراسة العصر الذي يؤرخه. فمن ذلك مثلاً إثبات الكتب المتبادلة بين صاحب الحبشة والملك الظاهر، ونصوص تقليد بعض الولاة، إلى غير ذلك.
    كما يَحْسُن أن يُلفت النظر إلى ما يرويه هذا المؤرخ من الأدب المنظوم والمنثور في ذلك العصر ممَّا يهمّ الباحثين في تاريخ الأدب العربي من ناحية، ويوضّح من ناحية ثانية بعض وجوه الحياة التي لم تنل العناية الكافية من المؤرخين المشغولين على الغالب بالأحداث السياسية والحربية.
    محمّد كمال
يعمل...
X