فَـلاَّدا (هانْس -)
(1893-1947)
هانس فَلادا Hans Fallada هو الاسم المستعار الذي اشتهر به الروائي والقاص الألماني رودولف ديتْسِن Rudolf Ditzen. ولد في مدينة غرايفسڤالد Greifswald وتوفي في برلين. كان والده قاضياً شغل أرفع المناصب القضائية في الدولة. فُصل فلاّدا من المدرسة الثانوية بسبب شجار مع أحد زملائه فعمل مراقب حراج ثم مفتشاً زراعياً، ودخل السجن وهو في الثلاثين بسبب عملية اختلاس. وبعد الإفراج عنه انتقل إلى منطقة شليزڤيغ - هولشتاين Schleswig-Holstein حيث عمل في الصحافة مراسلاً محلياً، وعايش عام 1929 انتفاضة الفلاحين ضد الضرائب ومصادرات الأراضي، وكتب عدة تقارير عن مجريات محاكمة قادَتِها، ثم انتقل إلى برلين ليعمل محرراً في إحدى دور النشر، وليتفرغ كذلك للكتابة الأدبية. اشترى عام 1933 مزرعة صغيرة في منطقة مِكلنبورغ Mecklenburg وانزوى فيها مع أسرته في أثناء الحكم النازي ليزرع الخضار والفواكه. ونتيجة لما عايشه في الحرب العالمية الثانية أدمن الكحول فأُرسل عام 1944 إلى مشفى خاص للعلاج أشبه بالسجن، حررته منه القوات السوڤييتية عام 1945 وعينته محافظاً في فِلدبِرغ Feldberg، إلى أن استدعاه الشاعر بِشَّر J.R.Becher إلى برلين، وكان آنئذٍ وزيراً للثقافة في جمهورية ألمانيا الديمقراطية DDR.
لاشك في أن تنوع مسار حياة فلادا وغنى تجاربه قد كوّنا الأساس الذي بنى عليه معالجاته الواقعية الدقيقة للبيئة والشخصيات وعلاقاتها الحياتية وبنياتها النفسية في رواياته وقصصه التي كان أبطالها دائماً من بسطاء الناس والمنبوذين والفاشلين، الذين على الرغم من يأسهم، لم تنقصهم طاقة الحياة والشجاعة والمثابرة على المواجهة. ومن ثم فإن رواياته الاجتماعية الناقدة تكشف كثيراً من نقاط الخلل والتفسخ في البنية الاجتماعية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى التي خسرتها ألمانيا، وتكشف أسباب إخفاق ثورة 1919. ففي أولى رواياته المنشورة «غوديشال الشاب»Der junge Goeedeschal عام (1920) عرَّى الكاتب مفاهيم التربية البرجوازية الصغيرة وممارساتها التي تخنق لدى الأبناء مشاعر الحب والتطلع إلى السعادة. أما روايته التي حققت له النجاح والاعتراف الأدبي فهي «فلاحون، مستغِلون، قنابل» Bauern, Bonzen, Bomben عام (1931)، التي عرض فيها بأسلوب واقعي مؤثر مجريات انتفاضة الفلاحين وملابسات المحاكمة. وفي العام التالي صدرت روايته «وماذا بعد، أيها البرجوازي الصغير؟»Kleiner Mann, was nun? عام (1932) التي أحدثت ضجة واسعة وترجمت إلى عشرين لغة، وقد عالج فيها تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية في حياة البرجوازية الصغيرة من خلال نموذج بائع الأقمشة البسيط الذي صار عاطلاً عن العمل. وفي عام 1934 التفت فلادا إلى جهاز القضاء والآلية اللاإنسانية عند تنفيذ العدالة وآثارها في نفس الإنسان ومستقبله، وطرحها في روايته «من يأكل مرة من قصعة السجن» Wer einmal aus dem Blechnapf frisst عام (1934). وعلى الرغم من أن روايته «ذئب بين الذئاب» Wolf unter Wölfen عام (1937) لم تلق الترحيب المتوقع من القراء والوسط الأدبي، إلا أن فلادا وصل فيها إلى ذروة إبداعه الأسلوبي وتحليله لنفسية الإنسان المضطهَد المقهور، فقد تناول فيها مرحلة جمهورية ڤايمار Die Weimarer Republik البالغة الحساسية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً على صعيد تاريخ ألمانيا الحديث، ونهايتها بوصول النازيين إلى الحكم. لقد كانت الرواية مرآة جلية قرأ فيها المواطن الألماني أعماق نفسه، فلم يتقبلها. وفي عام 1947 صدرت آخر روايات فلادا بعنوان «كلٌ يَنفُقُ وحده» Jeder Stirbt für sich allein التي تناول فيها البربرية النازية في سلوكها تجاه المواطن وديماغوجيتها المضللة.
اهتم فلادا أيضاً بعالم الطفل ومستقبله مؤمناً بأجيال قادمة لابد من أن تمتلك ما يكفي من الوعي الاجتماعي - السياسي لتمنع الظلم الاجتماعي والنفاق السياسي، فكتب عدداً من الأقاصيص ونشرها في مجموعتين، أولاهما بعنوان «هوبِّل بوبِّل أين أنت؟» Hoppel-poppel Wo bist du? عام (1936)، والأخرى بعنوان «حكايات بين الخطأ والصواب» Geschichten aus der Murkelei عام (1938).
نبيل الحفار
(1893-1947)
لاشك في أن تنوع مسار حياة فلادا وغنى تجاربه قد كوّنا الأساس الذي بنى عليه معالجاته الواقعية الدقيقة للبيئة والشخصيات وعلاقاتها الحياتية وبنياتها النفسية في رواياته وقصصه التي كان أبطالها دائماً من بسطاء الناس والمنبوذين والفاشلين، الذين على الرغم من يأسهم، لم تنقصهم طاقة الحياة والشجاعة والمثابرة على المواجهة. ومن ثم فإن رواياته الاجتماعية الناقدة تكشف كثيراً من نقاط الخلل والتفسخ في البنية الاجتماعية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى التي خسرتها ألمانيا، وتكشف أسباب إخفاق ثورة 1919. ففي أولى رواياته المنشورة «غوديشال الشاب»Der junge Goeedeschal عام (1920) عرَّى الكاتب مفاهيم التربية البرجوازية الصغيرة وممارساتها التي تخنق لدى الأبناء مشاعر الحب والتطلع إلى السعادة. أما روايته التي حققت له النجاح والاعتراف الأدبي فهي «فلاحون، مستغِلون، قنابل» Bauern, Bonzen, Bomben عام (1931)، التي عرض فيها بأسلوب واقعي مؤثر مجريات انتفاضة الفلاحين وملابسات المحاكمة. وفي العام التالي صدرت روايته «وماذا بعد، أيها البرجوازي الصغير؟»Kleiner Mann, was nun? عام (1932) التي أحدثت ضجة واسعة وترجمت إلى عشرين لغة، وقد عالج فيها تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية في حياة البرجوازية الصغيرة من خلال نموذج بائع الأقمشة البسيط الذي صار عاطلاً عن العمل. وفي عام 1934 التفت فلادا إلى جهاز القضاء والآلية اللاإنسانية عند تنفيذ العدالة وآثارها في نفس الإنسان ومستقبله، وطرحها في روايته «من يأكل مرة من قصعة السجن» Wer einmal aus dem Blechnapf frisst عام (1934). وعلى الرغم من أن روايته «ذئب بين الذئاب» Wolf unter Wölfen عام (1937) لم تلق الترحيب المتوقع من القراء والوسط الأدبي، إلا أن فلادا وصل فيها إلى ذروة إبداعه الأسلوبي وتحليله لنفسية الإنسان المضطهَد المقهور، فقد تناول فيها مرحلة جمهورية ڤايمار Die Weimarer Republik البالغة الحساسية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً على صعيد تاريخ ألمانيا الحديث، ونهايتها بوصول النازيين إلى الحكم. لقد كانت الرواية مرآة جلية قرأ فيها المواطن الألماني أعماق نفسه، فلم يتقبلها. وفي عام 1947 صدرت آخر روايات فلادا بعنوان «كلٌ يَنفُقُ وحده» Jeder Stirbt für sich allein التي تناول فيها البربرية النازية في سلوكها تجاه المواطن وديماغوجيتها المضللة.
اهتم فلادا أيضاً بعالم الطفل ومستقبله مؤمناً بأجيال قادمة لابد من أن تمتلك ما يكفي من الوعي الاجتماعي - السياسي لتمنع الظلم الاجتماعي والنفاق السياسي، فكتب عدداً من الأقاصيص ونشرها في مجموعتين، أولاهما بعنوان «هوبِّل بوبِّل أين أنت؟» Hoppel-poppel Wo bist du? عام (1936)، والأخرى بعنوان «حكايات بين الخطأ والصواب» Geschichten aus der Murkelei عام (1938).
نبيل الحفار