الفيروزأبادي (محمد بن يعقوب -)
(729-817هـ/1329-1415م)
محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم الشيرازي، العلامة مجد الدين أبو الطاهر الفيروزأبادي.
قال الزركلي: «تناقل العلماء نسبته إلى «فيروزأباذ» بالذال المعجمة، وعندي نموذجات عدة من خطه لم ينقط الدال في إحداها»، وقد يكون ذلك لشهرتها؛ إلاّ أن المعروف أن «أباد» كلمة فارسية معناها «عمارة»، وفي بلاد الهند وإيران اليوم بلدان كثيرة ينتهي اسمها بهذا اللفظ: كحيدر أباد. وتلفظ بتحريك الحرف الذي قبلها ممدوداً، وليس في أهلها من يجعل الدال في إحداها ذالاً، وقِسْ عليها فيروزأباد.
قال ابن حجر: «كان يرفع نسبه إلى الشيخ أبي إسحاق الشيرازي «صاحب التنبيه»، وكان الناس يطعنون في ذلك مستندين إلى أن الشيخ أبا إسحاق لم يُعقب، ثم ارتقى فادّعى بعد أن ولي قضاء اليمن أنه من ذرية أبي بكر الصديق t وزاد إلى أن رأيت بخطه لبعض نوابه في بعض كتبه: محمد الصديقي».
ولد بكازرين من أعمال شيراز، ونشأ بها فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع، وجوّد الخط، وانتقل إلى شيراز وهو ابن ثمان، وأخذ اللغة والأدب عن والده ثم عن القوّام عبد الله بن محمود بن النجم، وغيرهما من علماء شيراز، وسمع فيها على الشمس أبي عبد الله محمد بن يوسف الزرندي المدني: الصحيح، وقرأ عليه جامع الترمذي، ونظر في اللغة، فكانت جلّ قصده في التحصيل فمهر فيها إلى أن بهر وفاق.
ثم ارتحل إلى العراق فدخل واسط، وقرأ بها العشر على الشهاب أحمد بن علي الديواني، ثم دخل بغداد فأخذ عن التاج محمد بن السباك والسراج عمر بن علي القزويني، ثم ارتحل إلى دمشق فدخلها سنة خمس وخمسين وسبعمئة، فسمع بها من التقي السبكي وأكثر من مئة شيخ، منهم: ابن الخباز وابن القيم والفرضي وابن نباتة والشيخ خليل المالكي، ثم أخذ عن علماء بعلبك وحماة وحلب والقدس. وقد ظهرت فضائله وكثر الآخذون عنه، فكان ممن أخذ عنه الصلاح الصفدي الذي أوسع في الثناء عليه. ثم دخل القاهرة بعد أن سمع بغزة والرملة، فكان ممن لقيه بهاء الدين ابن عقيل، والجمال الأسنوي وابن هشام، وسمع من العز بن جماعة والقلانسي.
وسمع بمكة المكرمة من الضياء خليل واليافعي والتقي الحرازي ونور الدين القسطلاني، وجال في البلاد الشمالية، ودخل الروم فأكرمه ملكها بايزيد خان بن عثمان، وحصل له منه دنيا طائلة، ومن تيمورلنك، ثم دخل الهند ثم زبيد فتلقاه ملكها الأشرف إسماعيل بالقبول وقرره في قضائها، وبالغ في إكرامه، وتزوّج بابنة الشيخ، وصنَّف له كتاباً وأهداه له على أطباق فملأها له فضة. ولي قضاء الأقضية ببلاد اليمن، ولم يقدّر له أن دخل بلداً إلاّ وأكرمه متوليها. وكان قوي الحافظة، يعرف ذلك من قوله: «ما كنت أنام حتى أحفظ مئتي سطر».
وكان لا يسافر إلاّ وصحبته عدّة أحمال من الكتب، ويخرج أكثرها في كل منزلة ينظر فيها، ويعيدها إذا رحل، وكان إذا أملق باعها.
كان لا نظير له في زمانه نظماً ونثراً بالفارسي وبالعربي، جاب البلاد، واجتمع بمشايخ كثيرة غزيرة العلم. وكان مرجع عصره في اللغة والحديث والتفسير.
ومن شعره :
أحبّتنا الأماجد إن رحلتم
ولم ترعوا لنا عهداً وإلاّ
نودّعكم ونُودِعُكم قلوبــــاً
لعلّ الله يجمعنـــــا وإلاّ
توفي في زبيد.
ومن أشهر كتبه معجم «القاموس المحيط»؛ وهو معروف بين الناس عامتهم وخاصتهم، وقد ألَّفه مطوّلاً، وسمّاه: «اللامع المعلم العجاب الجامع بين المحكم والعباب وزيادات امتلأ بها الوطاب»، قدّر تمامه في مئة مجلد، كلّ مجلد يقرب من «صحاح» الجوهري، أكمل منه خمسة مجلدات ثم اختصره في مجلد ضخم، وأشهر طباعته تلك التي تقع في أربعة أجزاء.
ومن كتبه: «بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز»، و«تحبير الموشين فيما يقال بالسين والشين»، و«سفر السعادة» وهو في الحديث والسيرة النبوية، و«المغانم المطابة في معالم طابة».
ومن مؤلفاته أيضاً: «نزهة الأذهان في تاريخ أصبهان» و«الدرر الغوالي في الأحاديث العوالي» و«الجليس الأنيس في أسماء الخندريس» و«المرقاة الوفية في طبقات الحنفية» و«البلغة في تاريخ أئمة اللغة» و«المثلث المتفق المعنى» و«الإشارات إلى ما في كتب الفقه من الأسماء والأماكن واللغات» و«نغبة الرشاف من خطبة الكشاف» و«مِنَح الباري» شرح فيه صحيح البخاري، قال ابن حجر: ملأه بغرائب النقول.
ومنها أيضاً: «تسهيل طرائق الوصول إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول» و«الإصعاد إلى رتبة الاجتهاد» و«أسماء الغادة» و«مقصود ذوي الألباب في علم الإعراب» و«شرح عمدة الأحكام» و«أسماء الليث» و«تيسير فاتحة الإياب في تفسير فاتحة الكتاب» و«الدر النظيم المرشد إلى مقاصد القرآن الكريم» و«شوارق الأسرار العلية في شرح مشارق الأنوار النبوية». وينسب له: «تنوير المقباس في تفسير ابن عباس».
وكان كثير الاعتناء بتصانيف الصغاني، يمشي على نهجه، ويتبع طريقه، ويقتدي بصنيعه حتى في المجاورة بمكة المكرمة.
ومن الجدير ذكره أن الشيخ رمضان بن موسى العطيفي قد صنّف كتاباً في سيرة هذا العالم الجليل سمّاه: «ريّ الصادي في ترجمة الفيروزأبادي».
محمد موعد
(729-817هـ/1329-1415م)
محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم الشيرازي، العلامة مجد الدين أبو الطاهر الفيروزأبادي.
قال الزركلي: «تناقل العلماء نسبته إلى «فيروزأباذ» بالذال المعجمة، وعندي نموذجات عدة من خطه لم ينقط الدال في إحداها»، وقد يكون ذلك لشهرتها؛ إلاّ أن المعروف أن «أباد» كلمة فارسية معناها «عمارة»، وفي بلاد الهند وإيران اليوم بلدان كثيرة ينتهي اسمها بهذا اللفظ: كحيدر أباد. وتلفظ بتحريك الحرف الذي قبلها ممدوداً، وليس في أهلها من يجعل الدال في إحداها ذالاً، وقِسْ عليها فيروزأباد.
قال ابن حجر: «كان يرفع نسبه إلى الشيخ أبي إسحاق الشيرازي «صاحب التنبيه»، وكان الناس يطعنون في ذلك مستندين إلى أن الشيخ أبا إسحاق لم يُعقب، ثم ارتقى فادّعى بعد أن ولي قضاء اليمن أنه من ذرية أبي بكر الصديق t وزاد إلى أن رأيت بخطه لبعض نوابه في بعض كتبه: محمد الصديقي».
ولد بكازرين من أعمال شيراز، ونشأ بها فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع، وجوّد الخط، وانتقل إلى شيراز وهو ابن ثمان، وأخذ اللغة والأدب عن والده ثم عن القوّام عبد الله بن محمود بن النجم، وغيرهما من علماء شيراز، وسمع فيها على الشمس أبي عبد الله محمد بن يوسف الزرندي المدني: الصحيح، وقرأ عليه جامع الترمذي، ونظر في اللغة، فكانت جلّ قصده في التحصيل فمهر فيها إلى أن بهر وفاق.
ثم ارتحل إلى العراق فدخل واسط، وقرأ بها العشر على الشهاب أحمد بن علي الديواني، ثم دخل بغداد فأخذ عن التاج محمد بن السباك والسراج عمر بن علي القزويني، ثم ارتحل إلى دمشق فدخلها سنة خمس وخمسين وسبعمئة، فسمع بها من التقي السبكي وأكثر من مئة شيخ، منهم: ابن الخباز وابن القيم والفرضي وابن نباتة والشيخ خليل المالكي، ثم أخذ عن علماء بعلبك وحماة وحلب والقدس. وقد ظهرت فضائله وكثر الآخذون عنه، فكان ممن أخذ عنه الصلاح الصفدي الذي أوسع في الثناء عليه. ثم دخل القاهرة بعد أن سمع بغزة والرملة، فكان ممن لقيه بهاء الدين ابن عقيل، والجمال الأسنوي وابن هشام، وسمع من العز بن جماعة والقلانسي.
وسمع بمكة المكرمة من الضياء خليل واليافعي والتقي الحرازي ونور الدين القسطلاني، وجال في البلاد الشمالية، ودخل الروم فأكرمه ملكها بايزيد خان بن عثمان، وحصل له منه دنيا طائلة، ومن تيمورلنك، ثم دخل الهند ثم زبيد فتلقاه ملكها الأشرف إسماعيل بالقبول وقرره في قضائها، وبالغ في إكرامه، وتزوّج بابنة الشيخ، وصنَّف له كتاباً وأهداه له على أطباق فملأها له فضة. ولي قضاء الأقضية ببلاد اليمن، ولم يقدّر له أن دخل بلداً إلاّ وأكرمه متوليها. وكان قوي الحافظة، يعرف ذلك من قوله: «ما كنت أنام حتى أحفظ مئتي سطر».
وكان لا يسافر إلاّ وصحبته عدّة أحمال من الكتب، ويخرج أكثرها في كل منزلة ينظر فيها، ويعيدها إذا رحل، وكان إذا أملق باعها.
كان لا نظير له في زمانه نظماً ونثراً بالفارسي وبالعربي، جاب البلاد، واجتمع بمشايخ كثيرة غزيرة العلم. وكان مرجع عصره في اللغة والحديث والتفسير.
ومن شعره :
أحبّتنا الأماجد إن رحلتم
ولم ترعوا لنا عهداً وإلاّ
نودّعكم ونُودِعُكم قلوبــــاً
لعلّ الله يجمعنـــــا وإلاّ
توفي في زبيد.
ومن أشهر كتبه معجم «القاموس المحيط»؛ وهو معروف بين الناس عامتهم وخاصتهم، وقد ألَّفه مطوّلاً، وسمّاه: «اللامع المعلم العجاب الجامع بين المحكم والعباب وزيادات امتلأ بها الوطاب»، قدّر تمامه في مئة مجلد، كلّ مجلد يقرب من «صحاح» الجوهري، أكمل منه خمسة مجلدات ثم اختصره في مجلد ضخم، وأشهر طباعته تلك التي تقع في أربعة أجزاء.
ومن كتبه: «بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز»، و«تحبير الموشين فيما يقال بالسين والشين»، و«سفر السعادة» وهو في الحديث والسيرة النبوية، و«المغانم المطابة في معالم طابة».
ومن مؤلفاته أيضاً: «نزهة الأذهان في تاريخ أصبهان» و«الدرر الغوالي في الأحاديث العوالي» و«الجليس الأنيس في أسماء الخندريس» و«المرقاة الوفية في طبقات الحنفية» و«البلغة في تاريخ أئمة اللغة» و«المثلث المتفق المعنى» و«الإشارات إلى ما في كتب الفقه من الأسماء والأماكن واللغات» و«نغبة الرشاف من خطبة الكشاف» و«مِنَح الباري» شرح فيه صحيح البخاري، قال ابن حجر: ملأه بغرائب النقول.
ومنها أيضاً: «تسهيل طرائق الوصول إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول» و«الإصعاد إلى رتبة الاجتهاد» و«أسماء الغادة» و«مقصود ذوي الألباب في علم الإعراب» و«شرح عمدة الأحكام» و«أسماء الليث» و«تيسير فاتحة الإياب في تفسير فاتحة الكتاب» و«الدر النظيم المرشد إلى مقاصد القرآن الكريم» و«شوارق الأسرار العلية في شرح مشارق الأنوار النبوية». وينسب له: «تنوير المقباس في تفسير ابن عباس».
وكان كثير الاعتناء بتصانيف الصغاني، يمشي على نهجه، ويتبع طريقه، ويقتدي بصنيعه حتى في المجاورة بمكة المكرمة.
ومن الجدير ذكره أن الشيخ رمضان بن موسى العطيفي قد صنّف كتاباً في سيرة هذا العالم الجليل سمّاه: «ريّ الصادي في ترجمة الفيروزأبادي».
محمد موعد