الڤاتيكان Vatican أصغر دولةفي العالم وهي المركز الروحي الذي يوجّه الكنيسة الكاثوليكية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الڤاتيكان Vatican أصغر دولةفي العالم وهي المركز الروحي الذي يوجّه الكنيسة الكاثوليكية

    الڤاتيكان
    الڤاتيكان أو استاتو ديلا تشيتا ديل فاتيكانو Stato della Città del Vaticano وتعني «دولة مدينة الفاتيكان» بحسب التسمية المعتمدة رسمياً، وهي أصغر دولة في العالم، تبلغ مساحتها 44 هكتاراً، وتضم مدينة واحدة محاطة في معظم أركانها بسور ضخم تحمل الاسم نفسه (الڤاتيكان)، ويقطنها نحو 921 نسمة بحسب إحصاء عام 2004، وهي المركز الروحي الذي يوجّه الكنيسة الكاثوليكية في العالم. تقع على أحد تلال شمال غربي العاصمة الإيطالية روما، غربي نهر التيبر Tiber ويدعى أصلاً تل الڤاتيكان، أي إن المدينة والدولة حملت اسم التل القديم الذي لا يُعرف له معنى محدد. وعلى الرغم من صغر مساحة هذه الدولة، إلا أنها تمتعت باستقلال كامل منذ معاهدة لاتران Lateran في (11/2/1929) التي أبرمها الدوتشي بنيتو موسوليني Benito Mussolini مع ممثلي البابا بيوس الحادي عشر Pius XI، والتي كفلت لدولة الڤاتيكان سيادةً بعَلمَ وعملة وطوابع وأختام خاصة بها وهيئات تشرف على شؤون الخارجية والمواصلات والمياه والكهرباء فيها. وتُحكم دولة الڤاتيكان بنظام ثيوقراطي (حكامها وموظفوها من رجال الدين الكاثوليك) يرأسه رجل دين يحمل لقب بابا Papa ويحكم مدى الحياة، ويُنتخب ديمقراطياً من بين عدد من كرادلة العالم الذين يجتمعون عند شغور المنصب لانتخاب خلفه.
    يذكر تاريخ الموقع أن تل الڤاتيكان كان متنزهاً خاصاً للامبراطور نيرون (37-68م)، ثم مقبرة عامة، ثم مركزاً لألعاب السيرك وسباق العربات. وفي الموضع ذاته قضى عدد كبير من أوائل المسيحيين، بمن فيهم الحواري القديس بطرس[ر]، ولهذا السبب تنادى عدد من رجال الدين، بعد رفع الامبراطور قسطنطين عام 313م الاضطهاد عن المؤمنين بدين المسيح، لإنشاء كنيسة صغيرة في الموضع ذاته إكراماً لقدسيته في ضم رفات القديس بطرس وشهداء النصرانية الأوائل. وفي القرن الخامس الميلادي بدأ البابوات إقامة جزئية في الموضع نفسه لأهميته الدينية بعد إنشاء كنيسة الڤاتيكان الأولى. وبقي الأمر كذلك حتى العقد الأول من القرن السادس عشر الميلادي، حينما عاد البابوات من منفاهم (1309-1377) في آڤنيون Avignon في فرنسا، وأقاموا في مقارِّهم التي أنشؤوها على تل الڤاتيكان إقامة دائمة لإدارة أملاكهم في إيطاليا. ومنذ ذلك الوقت بدأ العمل لإنشاء كنيسة القديس بولس الشهيرة التي انتهى العمل بها نهاية القرن السادس عشر، وباشر البابوات إقامتهم في قصر الكويرينال[ر] Quirinal خارج منطقة الفاتيكان. وقد أدّت سيطرة البابوات مع مرور الزمن على أملاك شاسعة من الأراضي الإيطالية عن طريق الهبات أو الشراء، إلى رغبة بعضهم بإقامة دولة بابوية على تلك الأملاك، وهي رغبة أدت إلى احتدام نزاع مرير مع الحكومة الإيطالية، وخاصة بعد توحيد إيطاليا (1870) على يد الزعيم كافور[ر] استمر حتى معاهدة لاتران الآنفة الذكر التي اعترفت باستقلالية دولة الڤاتيكان مقابل نزول البابا بيوس الحادي عشر عن مطالبته بإقامة الدولة البابوية على أملاك الڤاتيكان الشاسعة ونزوله عن بعضها لمصلحة الحكومة الإيطالية الموحدة الوليدة.
    منظر جوي للفاتيكان
    تضم مدينة الڤاتيكان داخل أسوارها عدداً كبيراً من الأوابد الأثرية والتاريخية التي بنيت وفق طرز معمارية مختلفة، إضافة إلى عدد كبير من الحدائق والمساحات الخضراء الجميلة. وتعد كنيسة القديس بطرس أبرز أوابد الفاتيكان، وربما أكبر كنيسة في العالم وأكثرها جمالاً وفخامة، وتعد في عرف تقسيمات الكنائس بازيلكا Basilica، أي كنيسة يشرف عليها البابا بنفسه (يشرف الأساقفة على الكاتدرائيات)، وتضم في أرجائها الواسعة وقاعاتها أعمال أشهر فناني عصر النهضة من رسومات ولوحات وتماثيل مثل ميكلانجلو[ر] (ميكيل أنجلو) وليوناردو دافنشي[ر] ورافائيل[ر]، كما تحوي مكتبة الڤاتيكان الضخمة التي أسسها البابا نيكولاس الخامس Nicolas V سنة 1447م وجُدّدت سنة 1920م، نحو 400000 كتاب مطبوع و40000 مخطوطة يدوية قيمة، إضافة إلى سجلات ووثائق دينية وتاريخية نادرة يصل عددها إلى 60000 وثيقة محفوظة بعناية، منها أقدم نسخة مخطوطة من الإنجيل من القرن الرابع الميلادي وجزءان من أعمال الشاعر الروماني المشهور فرجيل Virgil ت(70-19ق.م). ويضاف إلى ممتلكات الڤاتيكان عدد من الأوابد المهمة التي تقع خارج حدود الدولة، منها كنيسة القديس بولس[ر] وكنيسة القديسة ماري ومرصد الڤاتيكان والمقر الصيفي للبابا ومتاحف صغيرة تضم قطعاً مهمة من الحضارتين المصرية والأتروسكية، ولكنها جميعاً تقع داخل حدود العاصمة الإيطالية روما.
    وبحسب الأعراف الكنسية، يعد البابا حاكماً مطلقاً في دولة الفاتيكان لا تقيده إلا أحكام الكتاب المقدس، ولكنه مع ذلك يفوّض عدداً من شؤون الدولة غير الدينية إلى عدد من أعوانه الذين يحملون لقب كاردينال Cardinal، ويختص هو بالشؤون الروحية. ويعد كاردينال الشؤون الخارجية أبرز أركان حكومة البابا من الناحية الإدارية والإجرائية، إذ يرأس نحو 90 سفيراً في معظم دول العالم وعدداً آخر من المفوضين والممثلين في بلاد أخرى على المستوى الديني والسياسي، ويشرف كاردينال آخر على الشؤون القضائية الدينية، في حين تُحوّل القضايا الجنائية إلى محاكم الدولة الإيطالية وتلتزم الفاتيكان أحكامها. وتقوم مجموعة من الجنود السويسريين تحديداً (ولأسباب تاريخية) بتطبيق النظام داخل الڤاتيكان بالمشاركة مع رابطة القديس بطرس، ويتميز الجنود السويسريون بأرديتهم المخططة بالأصفر والأحمر على غرار ألبسة جنود سويسرا في القرن السادس عشر، في حين يشرف كاردينال ثالث يحمل لقب «رئيس البيت البابوي» على تشريفات (مراسم تحركات) البابا، ويكلف كاردينال رابع الإشراف على الشؤون المالية الضخمة على مستوى العالم في الاستثمارات والنفقات.
    وللأهمية الدينية لدولة الڤاتيكان، فقد تعاظمت أهميتها السياسية على مرّ الزمن، وهذا ما دفعها إلى إصدار جريدة رسمية يومية تحمل اسم لوسيرفاتور رومانو L’Osservatore Romano، تعد من أبرز جرائد العالم وأكثرها تأثيراً، وكذلك عدد من المجلات الأسبوعية، إضافة إلى إذاعة عالمية تبث بمعظم لغات العالم، ومنها اللغة اللاتينية، وهي اللغة الرسمية في دولة الڤاتيكان.
    مفيد العابد
يعمل...
X